الخليج والعالم
هل يتواجه الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة؟
تونس – روعة قاسم
للمرة الأولى منذ إجراءات 25 تموز/يوليو، يعلن الاتحاد العام التونسي للشغل -وهو الهيكل النقابي الوازن في البلاد- رفضه بشكل صريح وواضح للخطوات التي تقوم بها الحكومة التونسية في العديد من المجالات، لعل أهمّها ما اعتبره الاتحاد "الإصلاحات المؤلمة" التي تنوي الحكومة تقديمها لصندوق النقد الدولي في سياق المناقشات المقبلة من أجل الحصول على قرض جديد.
جاء هذا الإعلان خلال خطاب للأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي مؤكدًا خلاله أن الاتحاد النقابي مستعد للتصدي لهذه "الإصلاحات اللاشعبية والتي لم تأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاجتماعية للتونسيين".
واعتبر الطبوبي أن "الوثيقة التي أرسلتها الحكومة إلى صندوق النقد الدولي والمتضمنة لسلسلةإصلاحات لم تراع تداعيات جائحة أزمة كوفيد-19 ولم يتم تحيينها وفق تأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا".
كما عبّر الطبوبي عن "رفض قطعي للتفويت في المؤسسات العمومية"، مؤكدًا أن الاتحاد يدعو دومًا إلى الحوار.
وأبرز الإصلاحات المرتقبة التقليص من كتلة الأجور في الوظائف الحكومية ومراجعة سياسة دعم المواد الغذائية الأساسية.
وتُثير هذه الإصلاحات التي اشترطها الصندوق من أجل منح قرض جديد لتونس المخاوف من أن تمسّ القدرة الشرائية للمواطنين خاصة في ظل الظرف الاقتصادي الراهن والذي وصلت فيه نسبة الدين الى أكثر من 100 بالمئة من الناتج الداخلي الخام وتجاوزت نسبة التضخم 6 بالمئة.
وبعد ساعات من خطاب الطبوبي، أصدر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية -والذي يمثل أرباب العمل في القطاع الخاص- بيانا حمل تحذيرًا هو الأول من نوعه منذ حراك 25 تموز / يوليو، وعبّر خلاله عن عدم رضا عن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة، خاصة فيما يتعلق بالحرب المعلنة على المحتكرين والمضاربين والتي اعتبرها اتحاد الأعراف انها أدت الى شيطنة لكامل القطاع الخاص.
وأكد بيان اتحاد الأعراف أنه يعبّر عن انشغاله الكبير من أزمة الثقة التي تعيشها البلاد ويجدد التأكيد على انه ضد كل أشكال الاحتكار والمضاربة والتهريب.
وقال إن الأزمة الراهنة ليست أزمة إنتاج أو توزيع بل هي أزمة نقص في المواد الأولية الأساسية التي تستوردها الدولة عبر دواوينها.
وأدان في بيانه المداهمات التي طالت المؤسسات وشيطنة القطاع. كما دعا السلطة التونسية الى تفهّم استياء المهنيين وغضبهم والتفاعل الإيجابي مع مطالبهم.
وفي خضمّ كل هذه التفاعلات والمواقف المتصاعدة، فإن البلاد تبدو أمام مواجهة جديدة بين الحكومة من جهة وبين المنظمات الوطنية الكبرى والتي تمثل قطاعات شعبية واجتماعية واقتصادية واسعة من جهة أخرى، وهذا من شأنه أن يزيد من تأزم الوضع السياسي الذي تعيشه البلاد ويُفاقم من حدة التحديات الصعبة.