الخليج والعالم
كيف بدّلت التطورات الأخيرة أهداف الولايات المتحدة في سوريا؟
رأت الكاتبة انكيل فوهرا في مقالة نشرتها مجلة "فورين بوليسي" أن "الزعيمين السابقين لتنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم القريشي كانا قد اتخذا من محافظة إدلب السورية ملاذًا لهما، على الرغم من أن المحافظة تقع تحت سيطرة منظمة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا).
وقالت الكاتبة :"إنّ وجود شخصيات بارزة من تنظيمي "داعش" و"القاعدة" في إدلب، يؤكّد أن هذه المحافظة أصبحت بمثابة المخبأ الذي تختاره بقايا "المجموعات "الجهادية" السورية من كافة الأطياف"، واعتبرت أن "إدلب على ما يبدو حلت مكان باكستان كالملاذ الذي يفضله الإرهابيون، ما يطرح تساؤلات حول الخطوات المطلوبة لمعالجة هذا الموضوع".
الكاتبة أكّدت أن بإمكان الولايات المتحدة أن تواصل دعم الوضع القائم في شمال سوريا، حيث تسيطر تركيا على المنطقة وتتمتع واشنطن في الوقت نفسه بحرية مطلقة لتنفيذ عمليات ما أسمتها بـ"مكافحة الإرهاب"، وأضافت أن "هناك خيارًا بديلًا لواشنطن، يتمثل بإعداد استراتيجية لوضع نظام إقليمي جديد بالتعاون مع روسيا، تضع إدلب تحت سيطرة الحكومة السورية".
وقالت :"إنّ وجود أعداد كبيرة من "الجهاديين" في شمال سوريا قد يدفع بالحسابات الأميركية نحو تبني الخيار الثاني".
وتحدثت فوهرا عن "قناعة راسخة بأنّ عناصر "هيئة تحرير الشام" تدعم المتطرفين"، مضيفًا أن "سمعة هذه الجماعة قد شوهت على ضوء التهم التي وجهت إليها باستهداف "المتمردين الموالين للديمقراطية" وخطف وتعذيب الناشطين والصحفيين وغيرهم".
وأشارت الكاتبة إلى أن " المبعوث الأميركي الخاص لملف سوريا جايمس جيفري خلال حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب، كان يرى في "هيئة تحرير الشام" أداة للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد"، لافتة إلى أن "جيفري فتح قنوات تواصل مع "الهيئة" عبر الوسطاء من المنظمات غير الحكومية".
وذكّرت بما قاله جيفري خلال مقابلة مع إذاعة "PBS" العام الماضي عن أن "الهيئة" ليست على لائحة المستهدفين لدى الولايات المتحدة، على الرغم من أنها ستبقى مدرجة على لائحة المنظمات الإرهابية"، مضيفة أن "جيفري قال في المقابلة نفسها إن السياسة الأميركية في سوريا تتمحور بشكل أساس حول الضغط على القيادة السورية".
وفي ما يتعلق بموقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قالت الكاتبة :"إنّ هذه الإدارة تعترف أن بعض الأهداف الأميركية السابقة مثل "استبدال الرئيس بشار الأسد" أصبحت غير واقعية"، معتبرة أن "سياسة بايدن حيال "الهيئة" لم تتضح"، سائلة "عما إذا كانت هذه الإدارة ستتعاون مع هذه الجماعة ضد "الجهاديين العالميين" أم أنها ستعتبر الجماعة جزء من المشكلة".
ونقلت الكاتبة عن الباحث آرون ستين استبعاده أن يكون هناك دعم واسع في الولايات المتحدة للانخراط مع "هيئة تحرير الشام"، مضيفًا أنّ "النظرة العامة على الأرجح تجاه هذه الجماعة تعتبر أنها مكونة من "الجهاديين الذين أيديهم ملطخة بدماء أميركيين"".
وبحسب الكاتبة، رأى دانيال ميلتون مدير قسم الأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الاميركية أن "لجوء اثنين من قادة "داعش" إلى ادلب من المفترض ان يدفع إلى اجراء عملية لإعادة تقييم العلاقات ما بين "هيئة تحرير الشام" و"القاعدة"و"داعش".
كما نقلت عن الباحث جوشوا لانديس قوله :"إنّ الولايات المتحدة خلال عهد ترامب اعتبرت أن "هيئة تحرير الشام" هي ورقة أميركية إضافية ضد الرئيس الأسد، وأنّ هذه الجماعة منعت الحكومة السورية من الإمساك بالمزيد من المناطق"، وأشارت إلى أنّ" هذا الموقف تغيّر كونه جرى قتل الزعيم الثاني لـ"داعش" في محافظة إدلب".
واعتبرت الكاتبة أن "الاعتراف الذي تسعى "هيئة تحرير الشام" لنيله تأجل على ما يبدو وربما إلى أجل غير مسمى، مع تحول المناطق الواقعة في شمال غرب سوريا إلى ملاذ لعناصر "القاعدة" و"داعش"".
وتابعت الكاتبة أن "تركيا تنسق وتتعاون مع "هيئة" ولا تلاحق "القاعدة" أو "داعش""، وقالت :"إنّ الولايات المتحدة لم يكن لها يومًا أي هدف نهائي في سوريا وإن إبقاء القوات الأميركية في سوريا إلى أجل غير مسمى هو لدعم الحلفاء الأكراد أو استهداف "الجهاديين المختبئين في ادلب" وهذا ليس حلاً".