الخليج والعالم
11 عامًا على ثورة تونس: إحياء الذكرى وسط تحوّلات سياسية كبرى
تونس – روعة قاسم
يُحيي التونسيون اليوم الذكرى الحادية عشرة لثورتهم وسط تحديات وتغيّرات كبرى تشهدها البلاد على الصعد السياسية والدستورية والاجتماعية.
وبناءً على قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد بتغيير تاريخ الاحتفال بذكرى ثورة 2011 من 14 كانون الثاني/يناير إلى 17 كانون الأول/ديسمبر من كل سنة على اعتبار أن شرارة الاحتجاجات انطلقت من سيدي بوزيد، يأتي الاحتفال بالثورة في خضم مرحلة استثنائية تعيشها البلاد على الصعيد السياسي خاصة بعد إعلان سعيد عن التدابير الاستثنائية يوم 25 يوليو/تموز الفائت، وتتعلق بتجميد أعمال البرلمان حتى إشعار آخر ورفع الحصانة عن النواب وإقالة رئيس الحكومة وتوليه السلطات في البلاد.
حصاد سياسي وصعوبات اقتصادية
صحيح أن أهمّ مكسب لهذه الثورة هو الحريات السياسية والفكرية، غير أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي لم يكن بمستوى آمال وتطلّعات التونسيين بحسب ما يؤكد النائب السابق في البرلمان التونسي الصحبي بن فرج.
ويضيف في حديث لـ"العهد" "ما تغيّر بعد ثورة 14 جانفي و17 ديسمبر هو مناخ الحرية الذي توفر لدينا في تونس، حيث انتقلنا من دولة مستبدة ومتعسّفة الى دولة الحرية والديمقراطية الى درجة ان الحرية باتت تقريبا منفلتة في بعض الأحيان ولم يترافق معها احترام القانون هذا من الناحية السياسية"، ويتابع "هناك كذلك مكسب الحريات الإعلامية وحرية التنظيم وتكوين الجمعيات والأحزاب، وتقريبا أغلب الحريات السياسية تحصّلنا عليها في تونس طيلة العشر سنوات الماضية".
ما لم يتغير - بحسب بن فرج - هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي بل بالعكس الوضع الاقتصادي ازداد سوءا رغم ان هناك فئات عديدة من المجتمع التونسي استفادت من الثورة وهناك مئات الالاف من الأشخاص الذين دخلوا للوظيفة العمومية وأصبح لديهم دخل وانتقلوا من وضعية الفقر المدقع الى وضعية مقبولة لكن في العموم الحالة الاقتصادية كانت صعبة".
ويرى بن فرج "نحن الآن في تونس نمرّ بمرحلة تأمل ومرحلة استثنائية ربما للتفكير في كيفية المرور الى جمهورية ثالثة تكون أفضل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ونتمنى ان تكون أيضا جمهورية ديمقراطية".
"تسقيف" المرحلة الاستثنائية
من جهته، يؤكد الناشط السياسي جمال مارس لـ"العهد" أن الاحتفاء بذكرى الثورة هذا العام يتزامن مع ظرف استثنائي على المستوى السياسي، ويقول: "بعد الانحدار الاقتصادي والاجتماعي الذي بلغته تونس و"ترذيل" الحياة السياسية بسبب صراع الفرقاء جاءت القرارات الأخيرة لتعيد الأمل للشعب التونسي من خلال تجميد البرلمان"، ويتابع إن "خطاب رئيس الجمهورية أتى في الذكرى الحادية عشرة للثورة وكان دوره بالأساس يتمثل في "تسقيف" المرحلة الاستثنائية من تاريخ تونس ووضع حدّ لكل محاولات الضغط الخارجية والداخلية باتجاه العودة للوراء".
وبحسب مارس "اننا نعيش اليوم ذكرى ثورة الحرية والكرامة وكل أملنا بدخول تونس مرحلة جديدة في تاريخها الحديث أساسها سيادة الشعب من خلال خوض استشارة شعبية واسعة حول الخيارات الكبرى على المستويين السياسي والاقتصادي بالأساس وتحديد ملامح المستقبل في هذا السياق، وتُتوّج هذه المرحلة باستفتاء شعبي ثم انتخابات تشريعية نأمل من خلالها أن يُمارس الشعب التونسي سيادته الفعلية وأن يتخلّص نهائيًا من التيارات السياسية العميلة للخارج".
واليوم تبدو تونس أمام منعطف تاريخي جديد ومرحلة مغايرة، وسط تطلّعات بأن تقطع مع كل ما شهدته العشرية الماضية من أزمات سياسية وصعوبات اقتصادية واجتماعية لكي يستعيد البلد استقراره المنشود.
.