الخليج والعالم
تهديد خطير للتحالف الغربي.. ما هو؟
حذّر الكاتب والصحفي البريطاني توم مكتاج في مقالة نشرت بمجلة "The Atlantic" من أن التركيبة السياسية في ايرلندا الشمالية يمكن أن تتحول إلى الأزمة السياسية الأخطر على الأمد الطويل داخل التحالف الغربي.
وأوضح الكاتب أن الموضوع يعود إلى الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي عام ٢٠١٩ بعد ثلاثة أعوام من التصويت لصالح بريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، اذ تضمن الاتفاق بندًا أساسيًا يحمل اسم "بروتوكول ايرلندا الشمالية" والذي يفترض من حيث الشكل أن يحمي التسوية السلمية السائدة منذ ابرام اتفاقية الجمعة العظيمة.
وبحسب الكاتب، هذه الاتفاقية التي تعود إلى ما قبل عشرين عامًا أبقت ايرلندا الشمالية داخل بريطانيا، لكن مع تشكيل آلية لمشاركة السلطة بين الاتحاديين المؤيدين للبقاء ضمن بريطانيا من جهة والقوميين المؤيدين للانفصال عن بريطانيا والالتحاق بجمهورية ايرلندا من جهة أخرى، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن جمهورية ايرلندا هي دولة عضو في الاتحاد الاوروبي. وتابع أن الاتفاقية مهدت لتخلي الجيش الجمهوري الإيرلندي عن حربه ضد الدولة البريطانية، وبالتالي سمح للأخيرة بإخراج معداتها العسكرية من ايرلندا الشمالية.
وأضاف الكاتب أن جوهر المشكلة هو التركيبة السياسية "الفريدة" في ايرلندا الشمالية التي تقوم على توازن السلطة بين الاتحاديين والقوميين، اذ يجب أن يوافق الطرفان على أي تغيرات كبرى قد تحصل.
وقال إن التاريخ قد أثبت أن السلطة في ايرلندا الشمالية إما تقوم بالمشاركة أو تفرض من قبل بريطانيا، وتكون النتيجة زعزعة الاستقرار والاضطرابات، مردفًا أن السلطة تُفرض من جديد من خلال التصويت لصالح بريكست وما حصل بعد هذا التصويت، الامر الذي يؤدي بالتالي إلى تهديد أسس اتفاقية الجمعة العظيمة.
وأشار الكاتب إلى أن بروتوكول ايرلندا الشمالية المذكور (ضمن الاتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي) ضمن عدم إقامة حدود بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا على الرغم من أن ايرلندا الشمالية ستخرج مع بقية الأطراف التابعة لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك من اجل تهدئة مخاوف القوميين الإيرلنديين على صعيد القدرة على التنقل والتجارة الحرة بين ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا.
واعتبر الكاتب أن المشكلة هي أن البروتوكول نقل الحدود بين ايرلندا الشمالية وبقية المناطق التابعة لبريطانيا، وهو ما يعني بالنسبة للعديد من الاتحاديين تعطيل قدرتهم التجارية داخل بلدهم.
وقال الكاتب إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ملتزم علنًا بالانسحاب من بنود أساسية من اتفاقية بريكست المبرمة عام ٢٠١٩ الا في حال استطاع ادخال تعديلات جوهرية، مشيرًا إلى أن جونسون يرى أن ذلك ضروري بسبب التداعيات المحتملة على صعيد الاجماع السياسي في ايرلندا الشمالية الذي نشأ من خلال اتفاقية الجمعة العظيمة. وتحدث الكاتب في المقابل عن انهيار الثقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سواء حول ملف بريكست او ملفات أخرى عدة، مضيفًا أن الاتحاد الأوروبي يرى أن بوريس جونسون يحاول التضليل.
وتابع الكاتب أن تصعيد حدة الخطاب بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي يضع الطرفين على مسار "العلاقة العدائية الدائمة"، جازمًا أن تنجر الولايات المتحدة هي الأخرى إلى هذا المأزق.
وبناء عليه، اعتبر أن القضية قد تتحوّل إلى تحدٍ جيوسياسي مستمر بين حلفاء غربيين "تاريخيين" تكون فيه كل الأطراف خاسرة.
كما اعتبر أن العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تستقر قبل أن تتم تسوية ملف ايرلندا الشمالية، ورأى أن التسوية لا تزال بعيدة المنال.
ونقل الكاتب عن مصادر مقربة من جونسون قولها إن حفظ الاستقرار داخل بريطانيا أصبح أولى الأولويات التي تحظى بأهمية أكبر بكثير من أي أزمة علاقات مع واشنطن.
وفي الختام، قال الكاتب إن الأمور عادت إلى المربع الأول وذلك يشكل فشلًا سياسيًا كاملًا لن تنحصر تداعياته بإيرلندا الشمالية فحسب بل ستطال بريطانيا وأوروبا والحلف الغربي عمومًا.