الخليج والعالم
تنديد عراقي واسع بتدخلات مجلس الأمن الدولي
بغداد - عادل الجبوري
أثار البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العراق ردود أفعال غاضبة لدى أوساط ومحافل سياسية وشعبية عديدة، والتي اعتبرت أن التقييمات المبكرة والمتسرعة لمجلس الأمن لمجمل العملية الانتخابية قبل حسم ومعالجة الاعتراضات على نتائجها جاء مخالفًا للسياقات الموضوعية، فضلًا عن كونه يعد تدخلًا سافرًا في الشؤون الداخلية للبلد.
تحالف "الفتح"
وقد أعرب تحالف الفتح في بيان له بهذا الخصوص عن تفاجئه واستغرابه من بيان مجلس الامن الدولي، قائلًا "فوجئنا ببيان مجلس الأمن الذي هنأ بنجاح الانتخابات قبل أن تحسم الطعون القانونية، على الرغم من الاعتراضات الكثيرة من غالبية القوى السياسية والمرشحين، وهو أمر يخرج المنظمة الدولية وبعثتها من الحيادية ويثير التساؤلات حول دورها في ما جرى ويجري، خاصة أن المراقبين الدوليين والمحليين لا سيما بعثة الاتحاد الاوروبي قد سجلت العديد من المخالفات في يوم الانتخابات وإعلان النتائج".
وشدد "الفتح" على ضرورة "الاستجابة لمطالب الجماهير والقوى السياسية بإعادة العد والفرز اليدوي لجميع المحطات"، باعتباره حقًا لا يمكن التنازل عنه، ناهيك عن رفض أي تدخل خارجي في كل ما يتعلق بالانتخابات.
"عصائب أهل الحق"
من جانبه، عبّر الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي عن استغرابه من استعجال مجلس الأمن بالتهنئة بنتائج الانتخابات العراقية مع عدم شرعيتها القانونية حتى الآن. وتطرق الخزعلي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر الى الأدلّة على فشل الانتخابات التي أدّت إلى رفضها من كل المكونات العراقية بالإجماع، ومن أكثرية القُوى السياسية، وما نتج من تظاهراتٍ في مختلف المحافظات، داعيًا المؤسسات الدولية إلى اعتماد الحيادية والمهنية في تعاملها مع ملف العراق وإلى احترام سيادته وقوانينه.
المجلس الاعلى الاسلامي العراقي
أما رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيخ همام حمودي فقد أوضح في بيان له "أن ما تخلل الانتخابات من خروقات وأخطاء وتلاعب أسفر عن رفض واسع للنتائج كان يستدعي من مجلس الامن الدولي حث ممثلية الأمم المتحدة في العراق على دعم المطالب الشعبية بفتح الصناديق والعد والفرز اليدوي، وفقا لما أقره القانون، لضمان ثقة المواطنين بنزاهة الانتخابات، وتعزيز المسار القويم للتجربة الديمقراطية العراقية". فيما استنكرت حركة كتائب حزب الله - العراق موقف مجلس الامن الدولي من الانتخابات الاخيرة، اذ جاء في تغريدة لمسؤول المكتب الأمني للحركة ابو علي العسكري "أن بيان مجلس الأمن سيئ الصيت يؤكّد أن الانتخابات مؤامرة دولية ساهمت فيها أطراف محلية".
التيار الصدري
في المقابل، أكد زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي حصدت كتلته المركز الأول في الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت في العاشر من شهر تشرين الاول/اكتوبر الجاري وفق النتائج الاولية لمفوضية الانتخابات "أن تأييد مجلس الأمن لنتائج الانتخابات العراقية وتبني نزاهتها، بل القول إنها فاقت سابقاتها فنيًا، يعكس صورة جميلة عن الديمقراطية العراقية من جهة، ويعطي الأمل لإذعان الأطراف التي تدعي التزوير في تلك العملية الديمقراطية من جهة أخرى".
وفي الوقت نفسه، حذر الصدر من "مخاطر جر البلد إلى الفوضى وزعزعة السلم الأهلي بسبب عدم قناعة بعض الأطراف بنتائجهم الانتخابية".
التظاهرات متواصلة
وبينما تواصلت الاعتصامات والتظاهرات السلمية في بغداد وبعض المحافظات، للمطالبة بإعادة عمليات العد والفرز لصناديق الاقتراع بصورة يدوية، بادر مجلس الامن الدولي الى اصدار بيان اكد فيه جملة نقاط منها:
- تهنئة الشعب العراقي والحكومة العراقية بإجراء الانتخابات، وترحيبه بالتقارير الاولية التي أفادت أن "الانتخابات المبكرة سارت على نحو سلس وتميزت عن جميع الانتخابات التي سبقتها بإصلاحات فنية وإجرائية مهمة".
-الاشادة بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ووصف اجراءاتها بالسليمة من الناحية الفنية، وكذلك الاشادة بالحكومة العراقية لتحضيراتها للانتخابات ولمنع العنف في يوم اجرائها.
-الاشادة بدور البعثة الاممية في العراق (يونامي) "لتقديمها المساعدة الفنية للمفوضية وتوفير فريق تابع للأمم المتحدة لمراقبة يوم الانتخابات الذي طلبته الحكومة لتعزيز العملية الانتخابية وتعزيز الشفافية".
-التعبير عن اسف اعضاء مجلس الامن "للتهديدات الأخيرة بالعنف ضد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، وموظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الى جانب آخرين".
-دعوة الامين العام لمنظمة الامم المتحدة للطب "من جميع الاطراف ذات العلاقة التحلي بالصبر والالتزام بالجدول الزمني الانتخابي، وحل اي خلافات انتخابية قد تنشأ بصورة سلمية من خلال الطرق القانونية المعمول بها.
حراك سياسي موازٍ
في غضون ذلك، يتواصل الحراك السياسي بمستويات واتجاهات متعددة، لا سيما من قبل أطراف الإطار التنسيقي للقوى الشيعية، من اجل الحفاظ على السلم والامن المجتمعي، ومنع حدوث الفوضى والاضطراب السياسي بسبب تداعيات الاداء السلبي لمفوضية الانتخابات والأخطاء الفنية التي وقعت فيها.
وفي هذا السياق، كشف رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي حصد ائتلافه 37 مقعدًا في الانتخابات الاخيرة عن اجتماع لقوى الاطار التنسيقي عقد مساء الاحد، بحث سبل الخروج من ازمة نتائج الانتخابات وموجة الاعتراضات التي اثيرت حولها، ومنع تداعياتها، واعطاء المتضررين حقهم بموجب الدستور والقانون حتى لا تخرج المطالبات عن سياقها الشرعي.
بالموازاة، حذر رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم من مخاطر الوصول الى مرحلة الانسداد السياسي، مؤكدًا أن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والسلطة القضائية، تتحملان مسؤولية النظر بجدية في الطعون والشكاوى المقدمة من المرشحين والقوى السياسية، لإعطاء صورة ناصعة عن الديمقراطية في العراق، وضرورة اتباع الطرق القانونية والسلمية من قبل الجميع في المطالبة بحقوقهم".