الخليج والعالم
مسلحو درعا والأفق المسدود
محمد عيد
تعكس موافقة المجاميع المسلحة في درعا على اتفاقيات التسوية ثم نكوصها عنها عند الشروع في تطبيقها حالة من الضياع والتخبط لديها مع انسداد الأفق الإقليمي أمامهم والمتمثل في قيام الجيش السوري في قطع اليد الصهيونية الممتدة لمساعدتهم عبر سيطرته على الحدود وقيام الأردن بتغيير استراتيجيته تجاههم عبر سعيه الحثيث للانفتاح على دمشق والتبصر بمصالحه الاقتصادية معها وما يستدعيه ذلك من جو آمن يحفظ مرور البضائع الاقتصادية والشاحنات والسيارات عبر معبر جابر الحدودي بين البلدين.
النهاية المحتومة
يرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد علي مقصود أنه ومهما كانت صيغة الاتفاق الذي تم التوصل اليه في درعا بوساطة روسية فهو يتضمن بلا شك محصلة نهائية ستصب في خانة نزع سلاح المسلحين وادخالهم في تسويات، وترحيل من لا يقبل منهم خارج مناطق المحافظة، وبالمحصلة انهاء حالة السلاح الخارج عن القانون والحالة الارهابية التي أصبحت أمام مستقبل مجهول وأفق مسدود.
وأشار العميد مقصود إلى أن من نافلة القول التذكير إن المسلحين الارهابيين لم يكونوا ليقبلوا بأي تسوية لو تلقوا دعماً من قوى خارجية حتى وإن كانت وعوداً أو ضمن حدود دنيا؛ فبعد تصريحات عاهل الاردن من واشنطن، والتي سبقتها بمدة تصفية غرفة الموك، وبعد أن ظهر أن تأثير الدعم الجوي الاسرائيلي المتمثل في الاعتداءات المتكررة لا يتعدى الجانب النفسي، وأن معادلات الردع والردع المضاد تمنع الاسرائيلي من الانخراط المباشر في دعم الارهابيين، أدرك الارهابيون متأخرين أن مشروعهم في درعا البلد في حالة موت سريري لا ينقصها إلا إعلان الوفاة، لا سيما ان السياق الاستراتيجي الاقليمي والدولي ينحو باتجاه فض الاشتباك الأمريكي ضمن الساحات التي تحولت الى "حروب مزمنة" تستنزف الامريكي سياسياً وعسكرياً دون أي أمل بالنصر.
متغير هام
وأضاف الخبير العسكري والإستراتيجي ان استعادة درعا البلد من سيطرة الارهابيين هي متغير هام جداً يصب في الاستقرار الامني والاقتصادي للمنطقة الجنوبية برمتها، لا سيما نتيجة وقوع المنطقة قرب المعبر الاساس ما بين سوريا والاردن، فضلاً عن الاهمية الاستراتيجية المتأتية من تحصين الجبهة وعمقها الاستراتيجي في مواجهة العدو الاسرائيلي، وقطع الطريق على استخدامه الحالي والمستقبلي لما كان متبقياً من الحالة الارهابية ضد الدولة والجيش السوريين.
ولفت مقصود إلى أن هذه المعادلات المركبة في هذه المنطقة لعبت بلا شك دوراً في تعقيد الحل، ولكن نجاح الدولة السورية وحلفائها في فرض طرد الارهابيين يعني ان الدولة السورية والدبلوماسية الروسية قد حققتا انتصاراً يستند بلا ريب الى تقدم استراتيجي حققه محور محاربة الارهاب، ونقاط تفوق استراتيجي سجلها ضد الدول الداعمة للإرهاب وفي طليعتها العدو الاسرائيلي، وهذا الدرس يجب أن يقرأ جيداً من قبل قسد ومسد، ومن قبل الارهاببين المشغلين تركياً على حد سواء.