الخليج والعالم
الولايات المتحدة تدفع ضريبة دعمها اللامشروط للكيان الصهيوني
توقف الكاتب "ستيفن والت" في مقالةٍ نُشرت بمجلة فورين بوليسي عند جولة القتال الأخيرة بين كيان العدو والمقاومة الفلسطينية، قائلًا إنَّها كشفت أكثر فأكثر عن ضرورة أن تكفَّ الولايات المتحدة عن تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي غير المشروط لـ "إسرائيل".
وأضاف الكاتب أنَّ الولايات المتحدة لا تحصل على أي مكاسب نتيجة هذه السياسة في الوقت الذي تدفع فيه ثمناً متزايداً نتيجتها، مشددًا على أنَّ الولايات المتحدة و"إسرائيل" تحتاجان إلى علاقات طبيعية وليس علاقات خاصة.
وأكَّد أنَّه لم تعد هناك حجة أخلاقية او استراتيجية لدعم "إسرائيل" بهذا الشكل خصوصًا أنَّ ثمن هذه العلاقات الخاصة يزداد، مُبيّنًا أنَّ الثمن الحقيقي الذي تدفعه الولايات المتحدة هو سياسي وليس ماليا، اذ إن الاحداث في الأراضي المحتلة أظهرت أن الدعم غير المشروط لـ "إسرائيل" إنما يقوِّض مزاعم واشنطن على الصعيد الأخلاقي، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنَّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد تحسين صورة الولايات المتحدة بعد حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتابع الكاتب إن "استخدام واشنطن الفيتو للقرارات حول وقف إطلاق النار في الأراضي المحتلة وتأكيدها على "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها وتزويدها السلاح بقيمة مئات ملايين الدولارات وإلى جانب الكلام الفارغ عن حق الفلسطينيين بالعيش بحريةٍ وأمنٍ إنما يكشف الولايات المتحدة بمظهر النفاق بينما تتحدث عن السياسات الأخلاقية".
كما رأى أنَّ هناك ثمنًا آخر يتمثل بالاهتمام الأميركي المبالغ فيه بالكيان الصهيوني مقابل ملفاتٍ أهم من السياسات الإسرائيلية بالنسبة لواشنطن، موضحًا أنَّ أمريكا منشغلة الآن في احداث الأراضي المحتلة وأن ذلك يشغلها عن مواضيع مثل التغير المناخي والصين ووباء الكورونا والانسحاب من أفغانستان والتعافي الاقتصادي وغيره.
كذلك اعتبر أنَّ الدعم غير المشروط لـ "إسرائيل" يعقِّد ملفات أخرى مرتبطة بالعمل الدبلوماسي الأميركي في الشرق الأوسط وأنَّ التوصُّل إلى اتفاقٍ جديدٍ حول ملف إيران النووي لكان أسهل بكثير لولا معارضة حكومة نتنياهو وكذلك المتشددين في اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
وأضاف الكاتب أنَّ "الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل ساهم في نشوء الخطر الإرهابي الذي تواجهه الولايات المتحدة، علمًا أنَّ زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن كان قد ذكر موضوع الدعم الأميركي لتل ابيب في إطار الأسباب الرئيسية لاستهداف الولايات المتحدة".
وذكر أنَّ الدعم للكيان الصهيوني يدخل أيضًا في التعيينات السياسية في الولايات المتحدة وأنَّ حتى الانتقادات المعتدلة لـ "تل أبيب" تُسبب المشاكل لأي مرشحٍ سياسي في أميركا، مسمياً في هذا السياق المدعو "تشاس فريمان" الذي كان قد اختاره الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما لمنصب مدير أجهزة الاستخبارات القومية عام 2009، بيد أنَّه انسحب في ظل حملةٍ شرسةٍ تعرَّض لها من اللوبي الصهيوني.
وتابع الكاتب أنَّ هذا الواقع إنما يمنع الإدارات الأميركية سواء الديمقراطية أو الجمهورية من تعيين الشخصيات الأكثر كفاءة.
وفي الوقت نفسه، أكد أن الفجوات بدأت تظهر في العلاقات بين واشنطن و"تل أبيب"، لافتًا إلى تقريرٍ نُشر بصحيفة "نيويورك تايمز" تناول تفاصيل النزاع الأخير في الأراضي المحتلة بشكلٍ غير مسبوق.
هذا وأردف أنَّ بعض أعضاء الكونغرس بدؤوا تخفيف دعمهم لـ "إسرائيل" مؤخرًا، أقله كلاميًا، غير أنه شدَّد على أن السؤال الأساس هو ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تغير حقيقي في السياسة الأميركية المتبعة.
وتوقع الكاتب أن لا تحصل تحولاتٌ كبيرةٌ في العلاقات بين واشنطن و"تل أبيب" خلال الأمد القريب، مشيراً إلى وجود جماعات ضغطٍ قوية تدافع عن "العلاقات الخاصة" وأيضاً سياسيين لا زالوا يتبنون الموقف التقليدي، إلا أنَّ التغيير قد يكون أقرب مما يتصور، وأنَّ ذلك ما يدفع بالمدافعين عن "العلاقات الخاصة" إلى تهميش من يقترح مقاربة بديلة.