الخليج والعالم
حراك تونسي واسع لتجريم التطبيع.. المعركة متواصلة
تونس – روعة قاسم
عاد الحراك التونسي المطالب بتجريم التطبيع الى دائرة الضوء مجددًا بعد إمضاء عدد من الفنانين والصّحفيّين والمثقّفين التونسيين على عريضة عبروا من خلالها عن مساندتهما اللامشروطة لنضال الشعب في فلسطين، وطالبوا نواب البرلمان بسنّ قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل بكل أشكاله سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وأكاديميًا ورياضيًا. في هذا السياق، تتهيأ شرائح تونسية واسعة وعدد من الأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني لتنفيذ وقفة احتجاجية يوم غد الثلاثاء أمام مجلس نواب الشعب وذلك بالتزامن مع تخصيص جلسة للبحث في تمرير مشروع قانون تجريم التطبيع. وتقدم بهذا المشروع 30 عضوًا بينهم أعضاء الكتلة الديمقراطية مثل "حركة الشعب" و"التيار الديمقراطي" وغيرهما إضافة الى مستقلين.
تجريم التطبيع.. أولوية
وتجدر الإشارة الى أن المعركة من أجل استصدار قانون يجرّم التطبيع ليست وليدة اليوم بل انطلقت منذ سنوات، وانخرطت فيها العديد من التيارات والأحزاب الوطنية التونسية، لكن في كل مرة كانت الأحزاب الحاكمة تسقط المبادرة تحت ضغوطات خارجية.
وكانت الكتلة الديمقراطية بمجلس نواب الشعب التونسي، قد أعادت تقديم مقترح قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. ويتضمن ديباجة و8 بنود تعرف جريمة التطبيع في مختلف المجالات السياسية والرياضية والفنية، وتضبط العقوبات على المطبعين التي تتراوح بين سنتين وخمس سنوات سجناً وبغرامات مالية تصل إلى 100 ألف دينار تونسي.
في هذا السياق يؤكد الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين لـ "العهد" إن القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان العام التونسي بصفة عامة والشعب التونسي قلبًا وقالبًا مع فلسطين. ويشدّد في حديثه لـ "العهد" على ضرورة إصدار قانون يجرّم التطبيع. ويضيف "انها لحظة مفصلية في تاريخنا واذا كنا نعتبر أن الوقوف الى جانب القضية الفلسطينية مسألة هامة في تاريخنا المعاصر وفي تاريخ الثورة التونسية، فإنه لا بد من قانون يجرّم التطبيع وبهذه الطريقة نكون قد ساندنا الفلسطينيين. ومن واجبنا أيضا مقاطعة كل المؤسسات الاقتصادية التي تتعامل جهرا وسرا مع الكيان الصهيوني. ولا بد من تحيين القضية الفلسطينية في برامجنا التربوية لكي تأخذ حيزا أكبر لتكون القضية حاضرة في وعي أولادنا واجيالنا الجديدة".
ويتابع: "اللحظة الراهنة تفترض أن نعود لوعينا، فالاحتلال يهدّد الوجود العربي ويهدّد كل الأمة العربية والإسلامية من المحيط الى الخليج. من هنا كلنا مستهدفون والخطاب العنصري الصهيوني يؤكد على ذلك. لذلك الحل الوحيد هو أن نضع استراتيجيات مقاومة تنطلق من المحلي الى الإقليمي فالعالمي. وعلى المستوى المحلي يجب أن تكون الجبهة الداخلية موحدة ويتحد الجميع حول مشروع وطني جامع يكون تجريم التطبيع أولوية فيه، ونميز بين أصدقائنا وبين أعدائنا وبين من يقف الى جانب قضايانا العادلة وبين من يعادينا ويقف مع أعدائنا. فالاحتلال لا بد من ان يواجه بالمقاومة مهما كانت المرجعيات التي نقف تحتها".
مرحلة جديدة والكيان الصهيوني الى الانهيار
ويضيف محدثنا: "لا بد من أن يكون هناك تكاتف لكل القوى الوطنية وأن نفضح كل المتعاملين والمطبّعين ومن يحاول أن يصفّي القضية. ونحن كشعب تونسي مع القضية الفلسطينية لا بد أن ننحاز الى الفلسطينيين وهي مسألة ليست للمساومة". وتوجه بالتحية الى المقاومة الفلسطينية التي - رغم تواضع العتاد العسكري - أدخلت الرعب في عمق العدو الصهيوني، معتبرًا أن "مرحلة ما قبل انتفاضة الأقصى ليست كما بعدها، وهذه الثورة ستستمر والآن بدأ العد التنازلي للكيان الصهيوني".
الأكيد اليوم أن مطالب تجريم التطبيع تتوسع لدى النخب التونسية والإعلامية والثقافية وحتى لدى الشباب حيث كان شعار تجريم التطبيع هو السائد والطاغي على كل المسيرات والوقفات التضامنية التي شهدتها الساحات التونسية طيلة الأيام الماضية. وهذا إن دلّ على شيء، فإنه يدلّ على أن قضية فلسطين تنتمي للهمّ اليومي التونسي ولاهتمامات التونسيين من كل الفئات العمرية شبابا وكهولا وأطفالا وغيرهم "فالشعب يريد تجريم التطبيع".