الخليج والعالم
تونس: شركات تجارية مطبّعة بالخفاء مع الصهاينة ودعوات للمقاطعة الشعبية
تونس – روعة قاسم
دعت أصواتٌ تونسية لمقاطعة الشركات التجارية التونسية التي بينت تقارير عديدة مؤخرا أنها ارتبطت بعلاقات تبادل تجاري مع الكيان الصهيوني بطرق ملتوية وبالخفاء، وهو الأمر الذي أثار حفيظة شرائح تونسية واسعة.
وتحت عنوان شركة "رندة" التونسية: القصّة الخفية للتطبيع الاقتصادي مع "إسرائيل" ، كشف موقع "الكتيبة" الإعلامي التونسي عن تورط الشركة المذكورة بتطبيع صهيوني من خلال تصدير حاويات محمّلة بطعام تونسي شعبي والتي تعبر سنويا من ميناء رادس، وصولا إلى ميناء أسدود التابع لما يسمّى بـ"إسرائيل". وهي -بحسب الصحفي التونسي محمد اليوسفي- مبادلات تجارية سريّة تشكّل أحد أوجه التطبيع الاقتصادي المسكوت عنه بين مؤسّسات تونسيّة وشركات صهيونيّة استفادت من غياب إطار تشريعي يجرّم مثل هذه العلاقات.
تطبيع خفي
ويكشف كاتب المقال بالدلائل والبراهين توقيت ومسار هذه العملية التي يبدو انها تجرى منذ سنوات بالخفاء. ويبدو ان الأموال التي تتلقاها الشركة التونسية لقاء تصدير منتوجاتها للكيان الصهيوني يتمّ تحويلها إلى حساب مصرفي سرّي على ذمة أصحاب شركة رندة في الخارج بحسب ما ورد في مراسلات رسمية بين الطرفين، وذلك منعًا لأيّة شبهات ممكنة قد تتسبّب في فضيحة لشركة رندة ذائعة الصيت في تونس التي باتت واحدة من أهم الشركات المزودة للسوق الإسرائيلية بالطعام الشعبي التونسي، بحسب ما يؤكد التقرير.
ويروي التحقيق الذي نشره" موقع الكتيبة " مؤخرا -والذي أثار جدلا واسعا في تونس وردود فعل عديدة، قصّة التطبيع التجاري بين شركة رندة التونسية التي تملكها مجموعة محسن الحشيشة، وهي واحدة من أكبر المجموعات الاقتصادية في تونس في العقود الأخيرة، وبين شركات إسرائيلية.
كما يؤكد موقع "الكتيبة" أن شركة رندة مكنت عددا من الحاخامات اليهود من زيارة تونس في السنوات الأخيرة. من بين هؤلاء الحاخام اليهودي الكندي الإسرائيلي ليفي تيتلباوم الذي سبق أن زار تونس بدعوة من شركة رندة.
وقد تسنّى لموقع " الكتيبة" التأكد من ذلك بناء على مصادر في إدارة الحدود والأجانب بوزارة الداخلية التونسية. وكانت آخر زيارة قام بها الحاخام تيتلباوم إلى تونس، بحسب ما توفر لدى " موقع الكتيبة" من معطيات مؤكدة، في 6 تشرين الثاني / نوفمبر 2018 عبر الخطوط الإيطالية قادما من مطار روما قبل أن يتّجه لاحقا إلى تل أبيب عبر نفس المسلك.
وكشف الموقع أيضا أن شركة سوديك، وهي عبارة عن فرع يتبع مجموعة الحشيشة، تشكل غطاءً قانونيا للمعاملات التجارية التي تنسجها شركة رندة بشركات إسرائيلية مهتمة بتوريد الكسكسي التونسي لا سيما منذ سنة 2017.
وبحسب التقرير، فإن عديد المنتجات التونسية يتمّ تمريرها عبر شركات فلسطينية أو عربية.
المقاطعة سلاح فعّال وضروري
وفي غياب قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني فإن العديد من النشطاء التونسيين يرون أن المقاطعة الشعبية للشركات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني هي أمر ضروري وملح، وذلك بالنظر الى تأثير المقاطعة النفسي والاقتصادي، وهي من بين أهم الأسلحة التي يتعين تحيين طرق استعمالها، وذلك حتى يتسنى تمرير قانون يجرّم التطبيع بمختلف أشكاله.
وقد دعت النائب السابقة في البرلمان التونسي والقيادية مباركة البراهمي الى القيام بحملة واسعة لدى الرأي العام التونسي لمقاطعة منتجات شركة رندة وكل من يتواطأ مع العدو الصهيوني.
من جهتها، ترى كوثر الشابي الناشطة التونسية المناهضة للتطبيع في حديثها لـ "العهد" أن المقاطعة سلاح فعّال وضروري ومن المهم تفعيله على أرض الواقع، وتضيف: "إننا نشهد في تونس تزايدا بوتيرة التطبيع في المستوى الاقتصادي، وبالتالي لا بد من ايقاف هؤلاء المطبعين عند حدهم من خلال مقاطعتهم الى جانب فضحهم وان اقتضى الأمر أيضا رفع شكاوى ضدهم لدى القضاء التونسي".
وتتابع محدثتنا أن "محاربة التطبيع هو همنا الأساسي كمجتمع مدني تونسي وقد كشفنا العديد من المطبعّين، وهذا ما لاحظناه حتى في ممارساتنا اليومية فقد اكتشفنا ان هناك منتجات تصدّر للكيان الصهيوني وان هناك شركات معروفة في تونس وتتعامل مع الكيان الصهيوني بطرق ملتوية حتى لا نقول بطريقة مباشرة. وهذا ما جعلنا -كتونسيين وكمجتمع مدني ومهتمين بمقاطعة الكيان الصهيوني- نقوم بحملة لنندد بهذه الممارسات التطبيعية، وندعو الشعب التونسي لمقاطعة هذه البضائع". وتضيف :" لكن في المقابل لاحظنا أن حملة المقاطعة لا تزال دون المستوى المأمول وربما بسبب المصاعب التي تمرّ بها البلاد سياسيا واقتصاديا. لذلك نحن رغم كل التحديات سنظل نندد ونقوم بالحملات التوعوية اليومية" .
قانون لتجريم التطبيع.
وتعتبر الشابي أنه ما دامت هذه الحملات لم تنجح في إصدار قانون يجرّم التطبيع ويجرّم كل مطبّع ويعاقبه عقابا جزائيا وقانونيا، فإنه لا يمكن تحقيق خطوات كبرى وهامة في اطار مقاطعة كل المطبّعين او مقاطعة المنتجات وتجريم الشخص المطبع او المؤسسة وغيره"، وتضيف "ما نسعى اليه هو ان ننجح في سنّ هذا القانون الذي كان مطلبنا منذ سنة 2012 وحتى اليوم، وأدعو كل المناضلين في المجتمع المدني وخاصة المشرعين الشرفاء الذين لا يزالون يعتبرون القضية الفلسطينية قضيتهم الأم، الى تركيز هذا القانون حتى ننجح في اصداره لمعاقبة كل من يطبّع مع الكيان الصهيوني بكل أشكاله على المستوى الاقتصادي والثقافي والمالي وكل أنواع التطبيع المباشرة وغيرها. وهذا أملنا، والى غاية تحقيق هذا الانجاز سنواصل كفاحنا ونضالنا لكشف كل المطبعين وكل الخونة لان كل مطبّع مع الكيان الصهيوني هو خائن لبلده وللأمة ولفلسطين أولا وأخيرا".