الخليج والعالم
هل تتجه تونس نحو السيناريو اليوناني؟
تونس – روعة قاسم
منذ العام 2011 وحتى اليوم تعيش تونس وضعا اقتصاديا صعبا زاد من تأزمه المناخ السياسي المضطرب الذي خيم بسبب التجاذبات السياسية والانقسامات الدائرة. كل هذا التعثر في الملف الاقتصادي، دفع الحكومات المتعاقبة منذ الثورة إلى الاقتراض من الأسواق الدولية والهيئات المانحة وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، كل ذلك مقابل تزايد المديونية الخارجية، إذ سجل حجم المداخيل والايرادات الداخلية تراجعا نتيجة تواصل الإضرابات وتعطل مؤسسات الدولة.
تونس تخوض مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للتفاهم حول صرف الحصة الثانية من القرض الممنوح لها منذ العام 2016، غير أنه وفي خضم عدم الاستقرار السياسي وحالة الإفلاس المتواصلة تتعمّق المخاوف من إمكانية أن تتجه البلاد الى السيناريو اليوناني في حال رفض صندوق النقد تمويل تونس مجددا.
وفي هذا السياق، يرى عدد من المراقبين أن البلاد اليوم أقرب الى سيناريو اليونان التي مرّت تقريبا بالمصاعب الاقتصادية والسياسية نفسها، من نفقات كبيرة سجلتها الميزانية وحكومات متعاقبة تطلق وعودا بإصلاحات دون تنفيذ، بالإضافة إلى مديونية كبيرة وصلت إلى حدود الـ 100 بالمئة من الإنتاج المحلي الخام، فضلا عن التجاذبات السياسية والاختلافات والاتهامات المتبادلة ونقص الخبرة في تسيير عجلات الدولة.
ورأت الصحافية والمحللة السياسية وفاء العرفاوي في حديث لموقع "العهد الإخباري" أن اللجوء الى صندوق النقد الدولي ضرورة لا تملك تونس خيارا آخر غيرها، وذلك أمام هذه الأزمة الاقتصادية المتفاقمة"، مضيفة أن "المفاوضات الجديدة تبدو صعبة وغير مضمونة النتائج".
وتابعت العرفاوي أن "التخوف اليوم هو من رفض صندوق النقد اقراض تونس مجددا بالنظر إلى ان كل الحكومات المتعاقبة لم تلتزم بحزمة الإصلاحات والتوصيات الموعودة، التي لطالما ذكّر بها صندوق النقد الدولي"، مشيرة إلى أن "المؤسسات الدولية المانحة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي وحتى مؤسسات الائتمان الدولي، تضع من بين الشروط لتنقية المناخ الاقتصادي شرط الاستقرار السياسي".
ولفتت إلى أن "حالة الاستقرار السياسي لا تملك لها الحكومة حلا لأنها جزء من الأزمة السياسية، المترتبة بعد رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد استقبال وزرائها الجدد لأداء اليمين الدستورية بسبب شبهة الفساد" .
واعتبرت العرفاوي أن "المفاوضات ستكون صعبة جدا مع صندوق النقد، وفي حال عدم اقراض تونس سنتجه بشكل سريع وحثيث الى الوضع اليوناني وستكون تونس عاجزة تماما عن الاقتراض من الأسواق الدولية بالنظر الى ارتفاع مستوى التداين الخارجي الذي يربو على 16 مليار دينار".