الخليج والعالم
تغريدات ترامب تضلّل واقع الانتخابات الرئاسية
يهاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقع "تويتر" مجددًا في تغريدة كتب فيها "إن تويتر يتأكد من وجود أي شيء سيئ عن الرئيس ترامب في المواضيع الرائجة على الموقع، بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أم مزيفة. من الواضح ماذا يفعلون.. الموضوع قيد الدراسة الآن".
تصعيد ترامب يأتي بعد لجوء "تويتر" إلى استخدام ميزة التحذير من بعض تغريداته على إثر موقفه السلبي من الانتخابات عبر البريد، والتشكيك دائماً بنزاهة النتائج محتملاً وقوع "تزوير" لعمليات الاقتراع عبر البريد.
واعتبر ترامب، أمس الخميس، أن نتائج السباق الرئاسي المقبل لن يتسنى تحديدها بشكل دقيق إطلاقاً، ما دفع "تويتر" لوضع علامة تحذيرية (علامة استفهام زرقاء) على تغريدته لتضمنها معلومات قد تكون "مضللة"، مع رابط يقترح على القراء "أن يحصلوا على حقائق بشأن عملية الاقتراع عبر البريد"، والذي يقود المستخدمين إلى صفحة تقول "يؤكد الخبراء والبيانات أن التصويت عن طريق البريد قانوني وآمن".
وقال في تغريدته "نظرا للكم الهائل الجديد غير المسبوق من بطاقات الاقتراع غير المرغوب فيها التي سيتم إرسالها للناخبين (بواسطة البريد)، أو لأي مكان هذا العام، قد لا يتم مطلقا تحديد نتيجة انتخابات 3 نوفمبر بدقة، وهو ما يريده البعض. إنها كارثة انتخابية… أوقفوا جنون التصويت عبر البريد".
متى بدأ الخلاف بين تويتر وترامب؟
وضعت "تويتر" العلامة التحذيرية لدى ترامب في شهر أيار الماضي بعد نشره تغريدة قال فيها "ليس هناك أي احتمال (صفر!) في ألا يكون الاقتراع عبر البريد (في الانتخابات) سوى احتيال بشكل كبير"؛ في تحذير واضح من احتمال وقوع "تزوير" لعمليات الاقتراع عبر البريد.
وأتت هذه الخطوة بعد تعرض الموقع لانتقادات تصفه بأنه لا يتخذ فعلًا بشأن تغريدات ترامب (الذي يمتلك أكثر من 86 مليون متابع على تويتر) المثيرة للجدل، والتي تتضمن هجمات شخصية على سياسيين منافسين ونشر معلومات تندرج ضمن نظريات المؤامرة.
وردَّ بدوره ترامب على هذا الإجراء، متهماً تويتر بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في تشرين الثاني، مبيناً أنَّ الموقع "يضيِّق الخناق كليَّا على حرية التعبير، وبصفته رئيسا (للولايات المتحدة) فإنه لن يسمح بذلك".
ما الطريقة التي يستنسبها الشعب الأميركي لإجراء عملية الاقتراع؟
في الولايات المتحدة 4 طرق رئيسية للتصويت في الانتخابات، وهي:
1- التصويت الشخصي: وهي الطريقة التقليدية والأوسع انتشارا في كل الانتخابات السابقة في مراكز الاقتراع.
2- التصويت الغيابي: يُسمح فيه للناخبين الذين لا تسمح ظروفهم بالحضور والتصويت في مقر الدائرة الانتخابية التابع لها، بالتصويت عن طريق البريد، كالعسكريين والدبلوماسيين ورجال الأعمال والطلاب وغيرهم.
3- التصويت بالبريد: تسمح بعض الولايات لجميع الناخبين المسجلين بالحصول على بطاقة اقتراع بريدي، في حين تشترط بعض الولايات وجود سبب أو عذر يمنع الناخب من التوجه شخصيا إلى مركز الاقتراع.
4- التصويت المبكر: تُتيح الكثير من الولايات التصويت الشخصي المبكر لناخبيها في مراكز اقتراع تَفتح أبوابها قبل أسابيع من موعد الاقتراع المحدَّد، ويتيح ذلك للكثيرين التصويت بعيدا عن زحام يوم الانتخابات.
ووضع تفشي وباء كورونا ضغطًا على الولايات الأمريكية لتوسيع استخدام الاقتراع عبر البريد، لأن الناس قلقون من احتمال تعرضهم للعدوى في محطات الاقتراع. فمع وصول مُجمل عدد المصابين بفايروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية عتبة الـ 7 ملايين مصاب، يؤيد أغلبية الأميركيين فكرة التَّصويت بالبريد، وفق استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في حزيران الماضي، فقد عبر 65% من الأميركيين عن دعم خيار التصويت المبكر أو التصويت الغيابي بالبريد، وطالبوا بضرورة توفره لكل ناخب من دون اشتراط تقديمه وثائق تدعم سبب الحاجة لهذا النوع من الاقتراع.
على إثر ذلك ستسمح 46 ولاية حتى الآن بالتوسع في التصويت عبر البريد بسبب انتشار الجائحة، إلا أنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصر على أن خطط بعض الولايات لمواجهة الوباء من خلال إرسال بطاقة اقتراع إلى كل ناخب، هي تمهيد لكارثة، وسوف يسبب ذلك حسب قوله الفوضى ويلقي بظلال من الشك على نتائج الانتخابات القادمة، وربما يؤخر إعلان نتائجها.
هل ما يفترضه ترامب صحيح؟
كشفت دراسة أكاديمية فحصت خلالها سجلات 250 مليون بطاقة اقتراع -خلال 20 عاما الأخيرة- وجود تزوير في 143 حالة فقط صدرت فيها أحكام قضائية، أي ما نسبته 0.00006%، وهي نسبة تقل كثيرا عن نسبة المخالفات في الاقتراع الشخصي، ويدل ذلك على تمتع التصويت بالبريد بتأمين جيد.
وسترتفع نسبة المصوتين الأميركيين إلى 70% عن طريق البريد في الانتخابات الرئاسية القادمة، حسب تقدير خبراء الانتخابات، ما يمثل قفزة من نسبة 40% شهدتها انتخابات 2016 بحدود 57.2 مليون ناخب. ويمثل ذلك بدوره ارتفاعا كبيرا في نسبة المصوتين بالبريد في انتخابات عام 2004 التي لم تتجاوز النسبة فيها 20% أو 24.9 مليون ناخب، ما يدحض فرضيات الرئيس ترامب ويضعها في خانة التضليل.