الخليج والعالم
نشطاء تونسيون لـ "العهد": هدف اتفاق العار تجريد القضية الفلسطينية من ظهيرها العربي
تونس – روعة قاسم
منذ الإعلان رسميًا عن تطبيع العلاقات بين الإمارات والكيان الاسرائيلي، سارع العديد من النشطاء والأحزاب التونسية إلى التنديد وإعلان رفضهم المطلق لاتفاق العار الإماراتي.
صحفيون وأكاديميون وسياسيون عبروا عن استنكارهم لهذه الخطوة التي تأتي ضمن حلقة من حلقات "صفقة القرن" المشؤومة التي كان عرابها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمباركة عدد من الدول الخليجية لتصفية القضية الفلسطينية، وملأت وسائل التواصل الاجتماعي في تونس عبارات الإدانة للخيانة الإماراتية لدماء الشهداء الفلسطينيين.
وأصدر التيار الشعبي بيانا عبر فيه عن إدانته لهذه الخطوة، معتبرا أن الأنظمة العميلة تحولت إلى داعم رئيسي للكيان الصهيوني أكثر حتى من الدول الغربية سواء فرنسا أو بريطانيا.
الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي اعتبر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن هذه الخطوة هي حلقة من حلقات تصفية القضية الفلسطينية ومسار التطبيع الذي انطلق منذ كامب ديفيد وأضاف: "تأتي هذه الخطوة في وضع إقليمي له خصوصية، ومن دولة خليجية لها إمكانيات وأذرع إعلامية، وهي تهدف إلى تثبيت صفقة القرن التي تموضعت فيها الدول الخليجية أساسا بقيادة الإمارات، وهي في سباق محموم نحو تصفية القضية الفلسطينية وتكريس "صفقة القرن"، ونحو الاعتراف بالكيان الصهيوني".
وأكد حمدي أن هذه الأنظمة وظفت كل إمكانياتها المادية لتصفية القضية الفلسطينية عبر كل المؤامرات التي أحيكت بالمشرق العربي ومغربه، وتأتي أيضا في سياق تهيئة المسرح لإبرام صلح مع العدو الصهيوني، وأضاف:"رأينا خلال المدة الماضية محاولة تفكيك الدولة السورية وإسقاط الجيش العراقي وإنهاك الجيش السوري، ثم أخيرًا الأزمة التي يعيشها لبنان باعتباره الحاضنة للمقاومة، وهي تمهيد المسرح لتمرير هذه الصفقة ".
ورأى حمدي أن هذه الأنظمة تحولت للأسف إلى رأس حربة وحليف عضوي للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية واستغلت هذه الدول كل طاقاتها وإمكانياتها وثرواتها - التي كان يجب أن توظف لتنمية المنطقة العربية وحل مشاكل شعوبها – لدعم الكيان الصهيوني وتكريس مسار التطبيع معه.
وأردف حمدي:"لكن هناك شعوب وجماهير متحفزة لرفض هذا المسار وإمكانية التفريط بأي شبر من الأراضي العربية والتمسك بخيار المقاومة كخيار استراتيجي لمواجهة الكيان الصهيوني".
الورقة الأخيرة لترامب
الناشط السياسي التونسي محسن النابتي قال لـ"العهد" إن ما حصل كان منتظرا باعتبار أن الأنظمة الخليجية هي الضامن الموضوعي لاستمرار الكيان الصهيوني، وكلما احتاجها كانت تحت الطلب.
وأضاف:"الكيان الصهيوني يعيش مأزقا حقيقيا بسبب عجزه عن تنفيذ بنود "صفقة القرن" أمام صمود الشعب الفلسطيني، والرئيس الأميركي يعيش أيامه الأخيرة، ونعرف أن الوضع في الولايات المتحدة كارثي بسبب فشل ترامب الذريع في مواجهة وباء كورونا وتضحيته بمئات الآلاف بسبب رعونته وسياسته الفاشلة، وكل مراكز سبر الآراء تؤكد أن لا حظوظ له بالاستمرار في حكم الولايات المتحدة".
وأضاف النابتي:"الورقة الأخيرة التي يريد أن يلعبها ترامب هي أن ينفذ كل ما يطلبه الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة والعالم كله، وسنشهد موجة جنونية من هذا الرجل للضغط على الأنظمة العربية الخليجية خاصة التي تعيش تحت رعايته من أجل تنفيذ أقصى ما يمكن من بنود "صفقة القرن" من التطبيع العلني والسافر والمفضوح إلى بيع الحقوق العربية بالمزاد، هذا كله سنشهده في الأيام القادمة ولن نتفاجأ به.
وتابع النابتي:"على كل أحرار العالم أن يعرفوا أن الإمارات وكل الرجعيات العربية لم تكن يوما في الصف الفلسطيني ولا في صف الحق في العالم ككل، والخيانة التي كانت تحدث سرا كشفت اليوم عن طريق الإدارة الأميركية وبطريقة مهينة وتنمّ عن أن هذه الدولة ليست لها من الكرامة وليست لديها الجرأة للإعلان عن فضيحتها بل أعلن عنها الرئيس الأميركي باعتباره إنجازًا أميركيا وأراد أن يسوقه كأحد إنجازاته لربح السباق الرئاسي الأميركي".
موجة من التطبيع العلني
الصحفي والناشط التونسي خليل رقيق قال لـ"العهد" إن "الإمارات تدعي أن هذه الخطوة هي مقابل توقف "إسرائيل" عن ضم أراض بالضفة إلى الاستيطان الصهيوني، لكن هذا الادعاء فنده رئيس الكيان الصهيوني رؤوفين ريفلين إذ قال إنه لن يتخلى عن المستوطنات، ولكنه اتخذ هذه خطوة بصفة مؤقتة بإيعاز من الإدارة الأميركية".
وتابع رقيق:"دخلنا اليوم في موجة من التطبيع المعلن والمكشوف وذلك بعد سنوات من قنوات الاتصال السرية مع الكيان الصهيوني، وهناك استهانة كبيرة بالقضية الفلسطينية وتصفية لها وسط أجواء مُستغربة يبدو أنها تهدف إلى خنق المقاومة في جنوب لبنان وخنق المقاومة الفلسطينية في الداخل وتجريد القضية الفلسطينية من ظهيرها العربي".
وأضاف:"حتى القرارات البسيطة وغير المجدية للجامعة العربية أصبحت لا تحترم مثل ما يسمى بمبادرة السلام العربية "، واليوم نسير في منعرج خطير لتصفية القضية الفلسطينية، وكل الشعوب العربية مسؤولة لمواجهة هذا الخطر عبر رفض التبعية الواضحة لترامب الذي قام بجريمة القرن عندما حاول نقل السفارة الأميركية إلى قدس".
وختم:"انعكاسات هذا القرار ستكون مزيدا من ضرب الحصار على المقاومة العربية، وهذا ما يؤكد الحاجة الملحة إلى سنّ قوانين لتجريم التطبيع الصهيوني بكل أشكاله لكي لا يكون التطبيع منفذا للأنظمة الرجعية لتحقيق تبعيتها المطلقة لـ"إسرائيل".