الخليج والعالم
الدعوات لحوار وطني جامع هل تُنقذ تونس من دوامة الصراعات السياسية؟
تونس – روعة قاسم
تتالت الدعوات في الآونة الأخيرة الى اطلاق حوار وطني جامع يضمّ مختلف الفاعلين السياسيين والكتل والأحزاب السياسية في تونس. وجاءت هذه الدعوات بعد عودة التجاذبات السياسية بقوة لتهزّ المشهد السياسي في بلد ما زال يعاني من تداعيات جائحة كورونا، مع كل ما فرضته من حجر صحي شلّ قطاعات اقتصادية وتنموية ومعيشية واسعة.
وكان رئيس المجلس الوطني التأسيسي السابق مصطفى بن جعفر أول من وجّه الدعوة للحوار الوطني، إذ دعا رئيس الجمهورية لتنظيم حوار وطني للمصالحة بين مختلف الفرقاء السياسيين.
كما أطلقت 5 أحزاب هي الحركة الديمقراطية وحركة مشروع تونس وحزب بني وطني وحزب آفاق تونس وحزب الأمل مبادرة تدعو الى حوار وطني يجمع المجتمع المدني والفاعلين السياسيين، وتهدف الى تجاوز الانقسامات السياسية الراهنة.
ويبدو أن الضغوطات على حكومة الياس الفخفاخ قد تصاعدت في الآونة الأخيرة خاصة بعد رفضه الصريح للمبادرة التي أطلقتها حركة النهضة بشأن توسيع حزام الحكم وإدخال حزب "قلب تونس" الى الحكومة، فقد أعلنت النهضة صراحة عن استيائها من تصريحاته وجددت في بيان تمسكها بـ"قناعتها بحاجة البلاد الماسة لتوسيع الحزام السياسي للحكم من أجل القيام بالإصلاحات الضرورية ومواجهة مطالب التنمية ضمن توافق وطني واسع".
ودعت النهضة أيضا كل القوى والفعاليات الوطنية لدعم الحكومة وإعطائها الفرصة للإنجاز ومواجهة تحديات الاصلاح بروح البذل والعطاء.
ومن المعلوم أن الائتلاف الحكومي الحاكم في تونس يتشكل من "حركة النهضة" و"التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب" وحزب "تحيا تونس و"كتلة الإصلاح".
وفي الحقيقة، فإن البلاد تبدو أحوج ما تكون اليوم الى حوار وطني شامل خاصة أمام تزايد حدة الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وما نتج عنها من عودة موجة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، التي انطلقت قبل أيام في ولاية تطاوين جنوب البلاد من قبل عاطلين عن العمل وسط تزايد حالة الاحتقان.
ويرى مراقبون أنه لا يمكن لحكومة الفخفاخ اليوم ان تواجه الكم الهائل من التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة جراء كورونا الا بحوار وطني جامع يتمّ فيه اشراك الأحزاب البرلمانية والمنظمات الوطنية المختلفة لوضع خطة انعاش اقتصادي عاجلة، وأهم شروط نجاحها هو توفر الحد المطلوب من الوحدة الوطنية، خاصة ان الحكومة تتجه قريبا الى مجلس نواب الشعب لعرض خطتها للإنقاذ تحت مسمى "خطة الإنقاذ وكسب الثقة" وتراهن عليها لتحقيق انتعاشة اقتصادية تعيد التوازن للحالة المالية المتأرجحة في البلاد، مع تراجع نسب النمو ونقص موارد الدولة الجبائية وضعف نسب الاستثمار بسبب كورونا التي انخفضت من 25 بالمئة الى 18.5 بالمئة.
كل هذا يجعل البلاد أمام وضع صعب يتطلب البحث عن حلول تقوم على توفير كل الظروف السياسية لاستقرار الوضع ودفع الاستثمارات الخاصة والخارجية كأحد أهم محركات التنمية خاصة مع اقتراب موعد فتح الحدود البرية والبحرية والجوية وما يفرضه من تحديات صحية واجراءات خاصة لتفادي حدوث موجة ثانية من وباء كورونا .