الخليج والعالم
أزمات أميركا الداخلية تهدّد نفوذها الخارجي
رأى ريتشارد هاس في مقالة نشرتها مجلة "فورين افيرز" أن "الأزمات الثلاث التي تواجهها الولايات المتحدة، والمتمثلة بوباء "كورونا" وتداعياته الاقتصادية والمظاهرات التي حصلت على خلفية مقتل الأميركي جورج فلويد، ستؤثر من دون شك على السياسة الخارجية الاميركية"، مشيرا إلى ان "ثقة الحلفاء بواشنطن باتت في وضع غير مستقر في الفترة الأخيرة".
هاس الذي يعمل رئيس مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز دراسات اميركي معروف، قال إن "هذه التطورات قد يكون لها تأثير كبير ومستمر على نفوذ الولايات المتحدة"، مضيفا إن "أصدقاء وحلفاء واشنطن قد يعيدون النظر في قرارهم وضع أمنهم في أيدي أميركية".
وأضاف أن "مراقبة العالم الخارجي للنموذج الذي تقدمه الولايات المتحدة في الداخل قد تعزز أو تقلص من قوة اميركا"، موضحا أن "العالم شاهد ما جرى من أعمال عنف من قبل الشرطة بحق المواطنين، إذ مكّنت العولمة من نقل هذه المشاهد إلى مختلف أنحاء العالم".
وتحدث هاس عن "مظاهرات نظمت قرب السفارات الأميركية في أوروبا وأماكن اخرى تندد بالعنصرية والعنف من قبل الشرطة"، وقال إن "الثقة بـ"النموذج الأميركي" تتراجع منذ اعوام، ومن أسباب ذلك العنف الناتج عن انتشار السلاح في الولايات المتحدة والادمان على المخدرات والوفيات الناتجة عن ذلك، فضلاً عن عوامل أخرى".
وأردف الكاتب أن "تعامل أميركا مع وباء "كورونا" عزز الشكوك حول عدم كفاءتها".
وقال الكاتب إن "ما جرى في العاصمة واشنطن في 1 حزيران/يونيو الجاري كان خطيراً جداً، إذ تم تشتيت المتظاهرين من امام البيت الابيض لأغراض سياسية وليس لأنهم كانوا يشكلون تهديدا للنظام العام".
وأضاف أن "ما تشهده الولايات المتحدة يطرح أسئلة حول مدى قوتها"، مؤكدا ضرورة التمييز بين "القوة المطلقة" و"القوة المتوفرة"، وقال إن "قوة أميركا "المطلقة" لا تزال كبيرة، إلا ان التساؤلات تطرح حاليا حول "قوتها المتوفرة".
الكاتب أشار إلى أن "عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة يبلغ 42 مليون شخص، فيما سجل تراجع الناتج المحلي الإجمالي وإغلاق للمصانع، وتفاقمت الانقسامات السياسية الحادة والمظاهرات"، وتساءل: "هل ستكون الولايات المتحدة قادرة على لعب دورها على المسرح العالمي في ظل هذه الظروف؟".
وقال الكاتب إن "الإجابة على هذا السؤال ليست واضحة أبداً"، مضيفاً أن ""القوة المتوفرة" لا تشمل فقط الأدوات العسكرية والاقتصادية، بل كذلك القدرة والاستعداد للاستفادة منها".
وتابع أن "اي استعداد أميركي متبقٍّ للتدخل في الخارج سيتقلص أكثر فاكثر نتيجة الاحداث التي تشهدها الولايات المتحدة في الداخل".
الكاتب عدّد التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة، من روسيا والصين إلى إيران وكوريا الشمالية، إلى جانب الخطر الإرهابي (حسب تعبيره) والتغير المناخي والاوبئة، وقال إن "أمريكا تواجه هذه التحديات بينما هي في حالة انقسام وانشغال، أدى إلى تراجعت قوتها"، مضيفا أن "هذه التهديدات لن تتغير أو تزول".