الخليج والعالم
في ذكرى "مجد أيار": تونسيون يدعمون المقاومة ويرفضون التطبيع
تونس - روعة قاسم
يوم تحرير جنوب لبنان هو يوم الأمل بتحرير فلسطين كلها وهذا الاستنتاج راسخ في عقول وأذهان العديد من التونسيين الذين لم ينسوا أمجاد المقاومة اللبنانية وبطولاتها والتي صنعت تاريخًا جديدًا للأمة بعد سلسلة الهزائم التي منيت بها على يد الاحتلال الصهيوني في نكبة 48 ونكسة 67.
فعيد المقاومة والتحرير في 25 أيار / مايو هو يوم تاريخي لا ينسى في ذاكرة كل تونسي وعربي حر، فيه تكسرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر على أيدي أبطال المقاومة، بعد أن انسحب جيش الاحتلال الصهيوني مذلولًا مدحورًا من لبنان. ولا يزال النشطاء في تونس يستذكرون هذا اليوم التاريخي ويحتفون به بوصفه عيدًا للنصر العربي.
التمسك بروح المقاومة
ويقول السياسي والناشط التونسي زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي في حديثه لـ "العهد" إنه رغم كل المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية، تبقى روح المقاومة هي الوجه المشرق التي ما انفكت تتعاظم وتقوى خلال السنوات الماضية سواء المسلحة من خلال هزيمة الكيان الصهيوني سنة 2006 في جنوب لبنان أو روح المقاومة الاقتصادية والسياسية الرافضة لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني. ويؤكد أن هدف هذا الكيان هو التمدد ككيان طبيعي في المنطقة وهو مسعى الأنظمة العربية والدول الاستعمارية الكبرى بأن ينعم بالأمان وان يحصل على الاعتراف الدولي. وأوضح محدثنا ان روح المقاومة بجميع أشكالها خاصة مقاومة التطبيع الثقافي والاقتصادي هي أهم ما يمكن ان تثبّته وتركزه الجماهير العربية خلال هذه المرحلة، ونحن في تونس جزء من هذه الجماهير والقوى التقدمية العربية".
تحول نوعي
أما الباحث التونسي صلاح المصري رئيس الرابطة التونسية للتسامح فقال لـ "العهد" إن الكثير من التونسيين ما زالوا يتذكرون جيدًا عيد المقاومة والتحرير أو يوم المذلة الصهيونية، وحتى داخل الكيان المحتل سمي بيوم المذلة، وهو اليوم الذي أذلّ فيه الجيش الصهيوني واضطر الى الانسحاب من دون أي اتفاق أو مكسب سياسي لهذا الانسحاب. وما زال التونسيون يتذكرون كيف استطاعت المقاومة اللبنانية أن تجبر هذا العدو على الانسحاب". ويرى محدثنا أن انسحاب أيار / مايو 2000 هو تحول نوعي في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني، لأن هذا الكيان قام على التمدد بالتالي فإن اضطراره الى الانسحاب والانكماش هو علامة في وعي العدو وفي وعي العرب والمسلمين عامة على ان النهاية بدأت. والكيان الصهيوني منذ عام 2000 وهو يحاول ان يثأر من المقاومة اللبنانية حزب الله، ولكنه في كل مرة يجد نفسه أمام هزيمة جديدة، مما يؤكد أن هذا العدو يعيش الآن نوعا من الشلل أمام المقاومة اللبنانية.
ويتابع المصري "اليوم بعد عشرين سنة، من المهم للعرب والمسلمين أن يقيّموا وأن يدركوا أن خيار المفاوضات وخيار الاستسلام لم يؤد الا الى مزيد من تفريط الحقوق ومزيد تقوية العدو، وهذا ما نراه اليوم للأسف الشديد سواء على مستوى اتفاقية كامب ديفيد أو وادي عربة الأردنية او على مستوى اتفاقية أوسلو. اذاً جميع الاتفاقيات والمفاوضات أدت الى مزيد من الاذلال بينما خيار المقاومة أدى الى تحرير الأرض وتثبيت التوازن بين العدو والأمة. نتنياهو نفسه كان يدخل الى بيروت وينفذ الاغتيالات، أما الآن فإن العدو الصهيوني لا يستطيع ان يرسل أي عميل أو أي جندي لاختراق لبنان. أي أننا أمام 20 سنة من العزة والكرامة للبنان والأمة، لذلك يتوجب علينا أن نثبت خيار المقاومة كطريق وحيد للانتصار وتحرير الأرض واستعادة الحقوق.
20 سنة من الانتصارات
ويتابع المصري: "يعقد في كل سنة مؤتمر هرتزل داخل الكيان الصهيوني ويحضره الخبراء والعسكريون وأصدقاء الكيان كل عام يتحدثون فيه عن المخاطر والأوضاع الجديدة التي يواجهها الكيان الصهيوني بسبب انتصار 2000 وما عكسه من روح جديدة وإرادة اكبر". وانتصار 2006 كان امتدادًا لتحرير العام 2000، والعصابات الإرهابية التكفيرية والفتنة التي اشتعلت في أمتنا سواء في سوريا او غيرها ومحاولة توظيف داعش الإرهابي... كلها جاءت ضمن الردود على ذلك الانتصار وكذلك محاولة اغراق المقاومة اللبنانية في وحل الفتنة الطائفية . ولكن من حسن حظ أمتنا العربية والاسلامية ان المقاومة تملك قيادة ومنظومة قوية على المستوى العلمي والتقني والأخلاقي والسياسي بشكل يؤدي الى تحويل كل محنة تواجهها المقاومة الى منحة وانتصار. واذ أراد العدو أن يجعل سوريا مقبرة لخيار المقاومة فإن سوريا تحولت الى منصة جديدة انتصرت فيها وانتصرت فيها المقاومة والأمة".
ويشير المصري الى ان "الاحتلال خلال كل الحروب التي وقعت بعد 2006 لم يحقق أي انتصار خاصة الاجتياحات المتكررة لغزة كانت فاشلة ونلاحظ ان قوى المقاومة في هي التي تحقق الانتصار تلو الانتصار".
من "سوسيولوجيا" الهزيمة الى "سوسيولوجيا" الانتصار
اما الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين فأكد لـ "العهد" ان يوم 25 أيار هو يوم تاريخي وقال: "انا لا أتحدث بمعطيات وجدانية أو عاطفية فلأول مرة في تاريخ الحروب العربية الصهيونية يخرج الكيان الصهيوني المغتصب تحت قوة المقاومة، من أرض عربية دون قد أو شرط، فتحول الوعي العربي من ما يمكن أن نسميه سوسيولوجيا الفشل والهزيمة الى سوسيولوجيا النجاح والانتصار". ويضيف: "ما وقع في سنة 2000 هو حدث استثنائي وتاريخي بكل المقاييس لان الكيان الصهيوني خرج تحت ضربات المقاومة الشعبية. اذ لم يكن هناك جيش نظامي بل مقاومة شعبية وبعض الآلاف من المقاتلين الذين آمنوا بقضيتهم وتسلحوا بالايمان قبل أن يتسلحوا بالعتاد العسكري ولم يكن هناك تكافؤ بالقوة العسكرية لكن إرادة الانتصار كانت أقوى وبدأت منذ ذلك التاريخ المشرق سلسلة جديدة ومرحلة جديدة من الانتصارات".