الخليج والعالم
ما هدف اليونان من تعيين مبعوثة خاصة لها في سوريا؟
أعلنت اليونان مؤخرًا تعيين مبعوثة خاصة للشؤون الخارجية في سوريا، وهي السفيرة السابقة لها بدمشق تاسيا أثاناسو التي شغلت المنصب بين عامي 2009 و 2012 قبل أن تشرف على إغلاق السفارة مع بدء الحرب على سوريا.
إزاء هذا التطوّر، كيف يمكن أن تؤثر اليونان في المسار السياسي للحل السوري؟ وهل لدورها أهمية؟ وما هدف أثينا من تنشيط الخط الدبلوماسي مع سوريا في هذا التوقيت؟.
المحلل السياسي السوري أسامة دنورة قال لموقع "العهد" الإخباري إنّ "اليونان وبحكم موقعها الإقليمي معنية بالأوضاع في الشرق الاوسط عموماً، وذلك تأسيساً على حقائق هامة في الجيوبوليتيك والثقافة والتاريخ، فاليونان هي بوابة أوروبا على الشرق الاوسط وآسيا، وهي تقع على خط الصدع الجيوبوليتيكي وهذا جعلها معنية بكل تفاصيل المشهد في المنطقة ماضياً وحاضرًا ومستقبلًا".
وأضاف: " لقد فرضت الحرب في سوريا نفسها على الأجندات السياسية لدول الجوار الإقليمي السوري، واليونان ليست استثناء، فكونها بوابة الاتحاد الاوروبي على آسيا فُرض عليها أعباء كبيرة فيما يتعلق بمسألة اللاجئين، كما أن تورط تركيا المباشر في الصراع في سورية، ودعمها للإرهابيين في الأراضي السورية يضاعف من أهمية الوضع السوري بالنسبة لليونان، فالمخاطر الأمنية المترتبة على كون تركيا حاضنة للإرهاب لا تقل أهمية عن الخطر الاستراتيجي المترتب على استخدام تركيا إردوغان لهؤلاء الإرهابيين كأداة لتحقيق مكاسب على مستوى محاولات استعادة المقاربة التوسعية الاستعمارية للإمبراطورية العثمانية البائدة".
وأكد أن "خصوصية الوضع اليوناني تبرر لأثينا أن تكون لديها إحداثياتها الخاصة في التعامل مع المسألة السورية، والتي يمكن أن تتمحور في اتجاهين رئيسين؛ موازنة الدور التركي الداعم للإرهاب والساعي لنشره عبر المتوسط، وهو ما يمثل خطرا يتهدد الأمن القومي اليوناني، والأمن الاتحادي الاوروبي، أما الاتجاه الآخر فيتعلق بكون اليونان مفتاحا ممكنا ومعبرا متوقعاً لفتح أبواب الاتحاد الاوروبي خصوصا، والغرب عموما، أمام استعادة التواصل مع الدولة السورية، وبالتالي لعب دور سياسي أوروبي في الأزمة السورية قائم على مقاربة اكثر واقعية واعتدالا، ولا سيما أن اليونان شكّلت نقطة تقاطع التقاء ممكنة بين الغرب وروسيا بناءً على انتمائها للاتحاد الأوروبي من جهة، وقربها الحضاري والتاريخي من روسيا من جهة أخرى".
تتقاطع مصالح سوريا واليونان في عدة ملفات أبرزها العداء لتركيا، وسعت أثينا خلال الفترة الماضية لحشد رأي عام متوسطي وإقليمي يناهض التوسع التركي في حوض شرق المتوسط، ومن هنا يقول الدنورة لـ"العهد": "مما لا شك فيه أن مواجهة تجدد النزوع الاستعماري التركي يمثل هدفاً مشتركاً لكل من سورية واليونان، لا سيما أن التنافس الجيوبوليتكي اليوم قائم على الأجندتين السياسية والاقتصادية في آن، فالتورط التركي في ليبيا لا يهدف لتدعيم حكومة تدور في فلك الإخوان المسلمين فحسب، بل لاستحضار مشروعية مزعومة للتنافس التركي مع باقي دول الإقليم بشأن الاستحواذ على الثروات الموجودة تحت قاع المتوسط، وفي هذا الإطار رأينا استقبال اليونان لخليفة حفتر، والذي يمكن أن يكون قد تم بضوء اخضر من بروكسل، وأيضا في المقابل كان هناك تبادل للعلاقات الدبلوماسية ما بين حكومة ليبيا المؤقتة ودمشق، مما يوحي بوجود خطوط توافق غير مرئية ما بين الأطراف والدول المتضررة من السياسات التركية في المنطقة بما فيها اليونان، فالأخيرة تمثل بحيثيتها الأوروبية وعلاقاتها مع روسيا وتشبيكها في البعد العربي ضلعاً من مثلث احتواء إقليمي يهدف الى محاصرة النزوع الاستعماري التركي الذي يتوسل العدوان المباشر في سورية وليبيا، وتوظيف الإرهاب في ساحات عربية عديدة لا تستثني مصر وشمال افريقيا ومنطقة الخليج".