معركة أولي البأس

 

الخليج والعالم

هل انتهى كابوس
30/04/2020

هل انتهى كابوس "كورونا" في تونس؟

تونس – روعة قاسم

أعلنت تونس سيطرتها على الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا المستجد وذلك بحسب ما أكد وزير الصحة عبد اللطيف المكي، مشيرا الى ان البلاد تفادت إصابة الآلاف بهذا الوباء ووفاة أكثر من ألف، لكنه نبّه الى أن هذه السيطرة ليست كلية، مشددا على ضرورة مواصلة جهود الوقاية لمحاصرة الوباء والانتصار عليه بالكامل.

وتزامن ذلك مع اعلان الحكومة التونسية البدء بتخفيف إجراءات الحجر الصحي الشامل، من خلال استراتيجية تقوم على الخروج التدريجي عبر ثلاث مراحل.

 ويوم الاثنين القادم الموافق لـ 3 أيار/مايو سيكون الموعد المنتظر لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية وسط تساؤلات حول نجاعتها.

وتشمل المرحلة الأولى من الحجر الموجّه فتح بعض القطاعات الاقتصادية والتجارية مع المتابعة الدائمة للحالة الوبائية في تونس، وذلك في محاولة للعودة التدريجية الى الدورة الاقتصادية الكاملة والعادية بعد أكثر من 40 يوما من الوقف شبه الكامل للأنشطة الاقتصادية ما عدا الأنشطة الغذائية.

ويستثنى هذا التخفيف او "الحجر الموجه" الفئات العمرية التي تتجاوز 65 عاما والأطفال والحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، على ان يرفع الحجر الصحي العام يوم 14 حزيران/يونيو القادم.   

كما تمّ الاعلان أيضا عن حزمة من القرارات الهامة والمصيرية منها انهاء العام الدراسي للمراحل الابتدائية والثانوية باستثناء امتحانات البكالوريا.

هذه القرارات لقيت ردود فعل متباينة في الأوساط التونسية بين مؤيد ومدافع عن ضرورة العودة الى الدورة الاقتصادية الطبيعية وحتمية التعايش مع هذا الفيروس المدمر. وبين متخوف من أن تكون القرارات متسرعة خاصة انها تعول على مدى وعي المواطن لإجراءات الوقاية والتباعد الجسدي، وهي نسبة تتفاوت بين مواطن وآخر ولا يمتلك الجميع نفس الدرجة من المسؤولية والوعي. وقد عرفت البلاد خلال مرحلة الحجر الصحي الشامل تسجيل العديد من حالات الخرق للحجر الصحي ونتج عنها حدوث كوارث صحية وتصاعد حالات الإصابات. فقد تسبب هروب أحد المصابين من الحجر الصحي من منطقة "جربة" الموبوءة في إصابة 22 شخصا من العائلة نفسها مع وفاة الأبوين.

هنا يبدو لجوء الحكومة الى الاعتماد على مدى وعي المواطن – بحسب البعض- نوعا من المجازفة بأرواح الآلاف.

وفي محاولة لطمأنة هواجس الشارع التونسي، أكد وزير الصحة أن هذه الإجراءات الحكومية الجديدة ستترافق مع متابعة دقيقة لمدى احترام المواطنين لإجراءات التباعد الجسدي.

وفي الحقيقة، أسبابٌ عديدة دفعت الحكومة الى هذه الإجراءات لعل أهمها الوضع الوبائي الصحي، فقد عرفت تونس  خلال  الأيام الماضية انخفاض وتيرة اعداد الإصابات وتراجع اعداد الوفيات وفي المقابل ارتفاع حالات الشفاء، فبحسب آخر الارقام سجلت البلاد 975 اصابة مؤكدة بالفيروس و40 حالة وفاة وارتفاع حالات الشفاء لتبلغ 279 حالة.  الا ان هناك مخاوف حقيقية وكبيرة من حدوث موجة ثانية من الوباء وانتكاسة في الوضع الصحي اذا ما تمّ خرق الإجراءات الصحية مثل التباعد الجسدي والالتزام بارتداء الكمامات  خاصة ان وزير الصحة أكد في تصريحه أن تونس "تسيطر على الموجة الأولى للجائحة...لكن هذا مؤقت وهش ونحن لسنا في منأى عن موجة ثانية".


ويرى الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي في حديثه لـ "العهد" الاخباري ان الحكومة تحاول إيجاد معادلة تقوم على التوفيق بين الحفاظ على صحة المواطنين وبين منع انزلاق الوضع الاقتصادي أكثر في حال استمر الاغلاق العام في البلاد، خاصة ان المؤشرات الاقتصادية شهدت تراجعا حادا خلال الآونة الأخيرة. فتونس، وبحسب الحاجي، كانت تمرّ بأزمة اقتصادية حتى قبل ظهور فيروس كورونا وقد زادت الإجراءات المتخذة لمنع انتشاره الطين بلة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فلا مفر من إيجاد معادلة توفيقية بين الحفاظ على صحة المواطن من جهة والمحافظة على جيبه وقدرته الشرائية من جهة أخرى".

ويضيف الحاجي: "على المواطن التونسي الآن ان يكون واعيا ويلتزم بقواعد رفع الحجر التدريجي ويستوعب أن الخطر ما زال قائما وأن الحياة لن تعود كما كانت في السابق، أي قبل انتشار فيروس كورونا، التهور وعدم الانضباط لا قدر الله سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه لأن تونس مهما بلغ تطور المستوى الصحي فيها مقارنة بالدول العربية فإنها لا ترتقي إلى مستوى البلدان الكبرى التي وجدت مصاعب جمة في مواجهة هذه الظاهرة بسبب الاستهتار في وقت ما و الاعتقاد أنها بمنأى عن الكارثة حتى في حال حصول بعض الإصابات".

وتزامنت الإجراءات الجديدة التي اتخذتها تونس مع اعلان تمديد حالة الطوارئ في كامل أنحاء البلاد، لمدة 30 يوما  بحسب بيان للرئاسة التونسية.


وتؤكد حالة الطوارئ أن تونس لا تزال في حالة حرب ليس فقط ضد الوباء المستجد ولكن أيضا ضد الإرهاب التكفيري الذي لا يدخر أية فرصة من أجل شنّ عملياته الإرهابية والمستهدف الأول فيها هو قوى الأمن والجيش الوطني .

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم