الخليج والعالم
أسواق النفط العالمية .. القرار لم يعد بيد واشنطن
تحدث الضابط الاستخباراتي السابق في قوات المارينز الأميركية سكوت ريتر في مقالة نشرتها مجلة "ذا أميركان كونسيرفاتيف" عن أزمة أسعار النفط في الولايات المتحدة، معتبرا أنها "بداية نهاية وهم استقلال أميركا في مجال الطاقة" و"انفجار الفقاعة الاقتصادية".
وقال ريتر إن "التاريخ سيسجل أن ازمة وباء "كورونا" شكلت لحظة مفصلية في قطاع النفط في أميركا، وأن فترة ما بعد الأزمة الاقتصادية الحالية ستختلف كثيرًا عن فترة ما قبلها".
الكاتب أشار إلى أن "الأزمة الاقتصادية الحالية كانت متوقعة، فلطالما قامت الولايات المتحدة على مدار العقود الماضية بإنتاج فائض من النفط وبمطالبة الدول المنتجة الأخرى بخفض إنتاجها من أجل إبقاء أسعار النفط مرتفعة"، مضيفا أن "الولايات المتحدة استحوذت على حصص في السوق العالمي من خلال فرض العقوبات على دول مثل فنزويلا وإيران.. وكل ذلك تم تحت شعار تحقيق الأرباح والسعي لتكون مستقلة في مجال الطاقة".
وتابع أنه "منذ العام 2018 قلصت الولايات المتحدة من العرض العالمي للنفط بنسبة حوالي مليوني برميل في اليوم من خلال فرض العقوبات على فنزويلا وإيران"، موضحا أن "إدارة الرئيس دونالد ترامب خططت أن تملأ هذا الفراغ بالإنتاج".
وذكر الكاتب أن "نسبة إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال العام 2018 وصلت إلى أكثر من 12 مليون برميل في اليوم"، لافتا إلى أن أميركا "اصبحت دولة مصدرة للنفط لأول مرة منذ 75 عاماً في اواخر العام نفسه".
الكاتب رأى أن "النمو الاقتصادي في الصين وما رافقه من زيادة طلب على النفط ساهم في إيجاد سوق نفطي حافظ على أسعار مربحة للمنتجين الأميركيين"، إلا انه قال إن "التحوّل بدأ بالحرب التجارية الاميركية مع الصين والتي بدأها ترامب عندما وصل إلى البيت الابيض عام 2017"، مضيفا أن "هذه الحرب ساهمت في إبطاء العجلة الاقتصادية للصين، ما أدى إلى تراجع الطلب العالمي على النفط بدءا من اواخر العام 2018، ما أدى إلى إنتاج فائض للنفط استمر حتى يومنا هذا".
ولفت ريتر إلى أن "فائض الإنتاج في الولايات المتحدة دخل في النهاية بصدام مع سياسات كل من روسيا والسعودية"، وقال إن "روسيا والسعودية كانتا تتعاونان على خفض إنتاج النفط بهدف رفع السعر واستقرار السوق، في وقت كانت واشنطن المستفيد الوحيد من ذلك، الأمر الذي أدى إلى حرب أسعار النفط الاخيرة بين روسيا والسعودية"، مضيفا أن "حرب الاسعار هذه وإلى جانب أزمة وباء "كورونا" أدت إلى الانهيار الاخير في أسعار النفط".
وشدد الكاتب على أن "إنتاج النفط في أميركا لن يتعافى أبداً"، وتحدث في هذا السياق عن "إفلاس الشركات وخسارة الثروات وغيرها من الاضرار الضخمة"، وقال إن "مفهوم استقلال الولايات المتحدة في مجال النفط سيتبخر، وأن العالم لن يعد يقبل السياسات التي مكنت الولايات المتحدة من ان تصبح "مستقلة" في مجال النفط".
الكاتب اعتبر أن "الكلام التفاؤلي لترامب حول إعادة تفعيل العجلة الاقتصادية في أميركا بوتيرة سريعة لم يكن في محله"، مشيراً إلى "دراسات جرت مؤخرا تفيد أن الاقتصاد الاميركي لن يعود إلى ما كان عليه قبل أزمة "كورونا" حتى عام 2023".
وحذر ريتر من أن "الاقتصاد الاميركي قد لا يعود أبداً إلى "اقتصاد السوق الحرة""، وقال إن "أيام النمو "غير المقيد" قد ولت، وكذلك الامر بالنسبة لإنتاج النفط "غير المقيد" (داخل أميركا)"، مؤكدا أن "الولايات المتحدة يجب أن تتعلم العيش في عالم حيث تحدد أسعار النفط بشكل جماعي واستناداً إلى نسب إنتاج متفق عليها بشكل جماعي".
وختم الكاتب قائلا إن "الولايات المتحدة ستصبح مجدداً دولة مستوردة للنفط، ما ينذر بنهاية مرحلة الاستقلال الاميركي في مجال النفط".