الخليج والعالم
هل سيضع "كورونا" العلاقات الأميركية الصينية أمام مرحلة مفصلية؟
رأى الكاتب بول هير في مقالة نشرها موقع "ناشيونال انترست" الأميركي أن هناك مؤشرات عدة تدلّ على أن العلاقات الأميركية الصينية تسير نحو المزيد من التدهور على خلفية وباء "كورونا"، لافتا الى خطاب تنافسي تمارسه الإدارة الأميركية حول كيفية التعامل مع انتشار الفيروس.
الكاتب الذي كان قد شغل منصب المسؤول عن منطقة شرق آسيا في جهاز الاستخبارات القومية الأميركية بين عامي 2007 و2015، قال إن "أزمة الكورونا تسلط الضوء على الفرصة والحاجة لتعاون بين بكين وواشنطن من أجل مواجهة "كورونا"، مضيفا أن "ذلك سيمهد بدوره إلى المزيد من التعاون وبناء الثقة بين الجانبين".
وتابع الكاتب أنه "على الرغم من أن المعطيات تفيد ان الفيروس نشأ في إقليم ووهان الصيني، إلا أن الازمة التي تواجهها الولايات المتحدة اليوم تعود إلى عدم جهوزيتها أكثر مما تعود إلى فشل بيكن باحتواء الفيروس".
وتطرق الكاتب إلى "الخطاب التنافسي الذي تمارسه واشنطن لناحية كيفية التعامل مع انتشار الوباء على صعيد العالم"، مضيفا أن "الولايات المتحدة كثفت حملتها الدبلوماسية في الآونة الأخيرة لتشويه سمعة "النموذج" الصيني، وتحميل بيكن مسؤولية انتشار الفيروس".
وأشار الكاتب إلى أن "هناك إمكانية لتحسين سمعة بيكن على المستوى العالمي بعد الوباء مقارنة مع فترة ما قبله، وإن كانت واشنطن لا ترى الامور كذلك".
وشدد على "ضرورة عدم المبالغة بطموحات بيكن الإستراتيجية وعدم تحريفها"، وتابع أن "الصين تسعى إلى توسيع نفوذها على حساب الولايات المتحدة لكنها لا تسعى إلى هزيمة الولايات المتحدة أو اخذ مكانها كمُهيمن عالمي"، على حد تعبيره.
الكاتب اعتبر أن "اهداف الصين براغماتية ومحدودة أكثر من ذلك، إذ تسعى بكين إلى تشريع نموذج الحكم والتنمية لديها لتأمين تعايش سلمي مع نماذج أخرى ولتلعب دورًا أكبر في رسم قواعد الحكم على المستوى العالمي".
ورأى أن بكين "تروج لحكم الحزب الشيوعي الصيني، وتسعى لتأمين بيئة خارجية تسمح لها بمعالجة اولوياتها"، مضيفا أن "وباء الكورونا اعطى لبكين الفرصة للعمل على تحقيق هذه الاهداف، من خلال اثبات أن نظامها كان فعالاً في السيطرة على الوباء في الداخل وتقديم المساعدات للدول الاخرى في مواجهة "كورونا"".
وبحسب الكاتب، هذا يؤكد وجود تنافس إستراتيجي مستمر بين نظامي الحكم الاميركي والصيني، ما يدفع الولايات المتحدة الى الترويج لنموذج حكمها.
ولفت الكاتب إلى أن "الصين تعد في وضعية متقدمة لناحية هزيمة الفيروس، إذ تفيد المؤشرات أن أسوا مراحل الوباء في البلاد قد انتهت"، مذكرا بأن "بكين تزود العالم بالمعدات الطبية والخبرات من أجل مواجهة الفيروس".
الكاتب اعتبر أنه" على الرغم من أن الوباء لم يصل بعد إلى ذروة انتشاره في الولايات المتحدة، إلا ان البلاد أُصيبت بحالة شللٍ شديدة"، مضيفا أن "هناك نقاط ضعف في النظام الاميركي تعرقل مواجهة الوباء، وتجعل من الولايات المتحدة دولة تحتاج المساعدات من منافستها الصين".
وحذّر الكاتب من "تصعيد أميركي ضد بيكن لجهة المطالبة بدفع تعويض بذريعة انها تسببت بانتشار الوباء أو تحقيق "الانفصال الاقتصادي" بين الطرفين"، مشيرا إلى ان "تصعيدا كهذا لن يكون مثمرا وقد يسبب المشاكل" .
وشدد الكاتب على ضرورة أن تستفيد الولايات المتحدة والصين من الوباء بغية وقف المزيد من التدهور في العلاقات الثنائية، وقال إن الوباء يشكل "فرصة نموذجية" لوضع الخلافات جانبًا وإدراك المكاسب الناتجة عن العمل الثنائي من أجل تحقيق اهداف مشتركة.
وختم قائلًا إن "العلاقات الأميركية الصينية ستجمع ما بين التنافس والتعاون"، مؤكدا ضرورة تكثيف التعاون إلى أقصى الدرجات في الوقت الراهن.