الخليج والعالم
تحرير المناطق الشمالية في سوريا متواصل
أكد الرئيس السوري بشار الأسد في كلمةٍ له يوم أول من أمس أن "معركة تحرير ريف حلب وادلب مستمرة بغض النظر عن الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرار معركة تحرير كل التراب السوري". لا وضوح و لا صراحة أكثر من ذلك، وبكل تأكيد يقصد الأسد بكلامه ريف حلب الشمالي ومناطق شمال شرق سوريا التي تحتلها القوات التركية والفصائل الإرهابية التابعة لها. وهذا يترك مجموعة تساؤلات، أولها ما الطريقة التي قد تستعيد الدولة السورية بها عفرين وباقي شمال حلب وشمال شرق سوريا؟ هل من الممكن أن نشهد مثلاً توسع اتفاق خفض التصعيد ليشمل تلك المناطق، ويكون مصيره كباقي المناطق التي استعيدت، مع استبعاد الاشتباك السوري التركي تماماً كما يحدث في ادلب مع نقاط المراقبة التركية أم أن التركي سيتعامل هناك بشكل آخر؟
المحلل الاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة قال لموقع "العهد" الإخباري إنّه " من المؤكد أن جميع مناطق الجغرافيا السورية هي هدف للتحرير، وليس لأحدها أي ميزة تفضيلية على الأخرى بالمعيار الوطني، ولكن ترتيب الأولويات والتوقيت يتعلق بالظرف العسكري والسياسي والاستراتيجي. ومن المؤكد أيضاً أن عمليات تحرير ادلب وغرب حلب التي تتم حالياً تمثل مشهداً يشير في تفاصيله العسكرية والسياسية الى ما يمكن أن يتكرر لدى الانتقال اللاحق والمؤكد لتحرير باقي الأراضي المحتلة حالياً من قبل الجماعات الارهابية وداعميها الأتراك. وتصريحات الرئيس الأسد تؤكد أن سوريا لن تتراجع أمام التهديد والوعيد والتهويل التركي، فهي صاحبة حق أكيد في التحرير، كما أن هذه التصريحات تشير الى ثقة كبيرة بالذات وبالحلفاء، وبصلابة الأرض التي تقف عليها الدولة السورية وجيشها في المواجهتين السياسية والعسكرية".
وأضاف أنّ "عملية تحرير المناطق الشمالية مستقبلاً كعفرين وسواها من المناطق التي يحتلها الأتراك اليوم، بواسطة جيشهم أو بواسطة إرهابييهم، ستتم على الأغلب وفق آليات مشابهة تقوم على المزاوجة ما بين التقدم العسكري والمسار السياسي الموازٍي، مسار قد يكون استمرارية أو بديلاً عن مسار استانا، فالترتيبات تراعي حساسية البيئة الجيوبوليتيكية لمناطق الشمال ستكون دوماً ذات أهمية حيوية، والحسابات التي تهدف الى طرد الإرهابيين وتحييدهم دون الانزلاق نحو مشهد حرب شاملة ستكون دائماً ضرورية ومطلوبة".
وأكد دنورة خلال حديثه أنّ "المصلحة الاستراتيجية التركية المتقاطعة مع مصلحة جميع دول الإقليم تكمن في إيجاد ترتيبات أمنية مشتركة ومتبادلة تعيد بناء منظومة الأمن الاقليمي، وتكون استمراراً أو تعديلاً أو بديلاً لتفاهم اضنة، فاذا كان الاتراك لديهم وهم أو كذبة وجود حاضنة شعبية تقبل وجودهم أو وجود ارهابييهم في بعض مناطق الشمال الغربي، فالمشهد شرق الفرات ينذر الأتراك بالتورط بحرب استنزاف تمثل عملياً توسيعاً لمأزق تركيا المزمن في مناطق الجنوب الشرقي التركي".
ولفت في نهاية حديثه لـ"العهد" الإخباري إلى أنّ " ذلك سينعكس سلبا بصورة إضافية على ركاكة الموزاييك التركي الداخلي، وعلى سمعة تركيا الدولية وعلاقاتها مع أوروبا وأمريكا، فضلاً عن إمكانية المواجهة مع قوات تابعة لهذه الدول على الأرض، أما في حال استعادة التفاهم مع الدولة السورية، فاحتواء هذه المخاطر سيكون ممكناً تأسيساً على واقع شرعية استعادة الدولة السورية لسلطتها وسيادتها على ترابها الوطني، وحقها في الحفاظ على وحدتها الوطنية، ومحاربة أي نزوع انفصالي لاشرعي، فبقدر ما ستكون أي معالجة تركية أحادية الجانب لهذا الملف مصدراً لمأزق استراتيجي واستنزاف غير معروف الأفق زمنياً واستراتيجياً، بقدر ما سيكون احترام السيادة السورية وتجديد التفاهمات التي تحترم هذه السيادة خياراً متوازناً يقوم على اساس معادلة رابح - رابح، ويصب في مصلحة الجميع".