الخليج والعالم
تركيا تواجه مأزقًا في محافظة ادلب السورية
مع كلّ شبرٍ جديد يستعيده الجيش السوري من محافظة ادلب يزداد المأزق التركي، استهدف الجيش فيهما نقاط تحرك تركية مشبوهة ورد على مصادر نيران تركية استهدفته، ووزارة الدفاع التركية تعلن عن أرقامٍ خيالية تزعم بها استشهاد أكثر من مئة جندي سوري بعمليات ردٍ تركية على القصف السوري، وهو أمرٌ منفي من مصادر ميدانية سورية في حديث لموقع "العهد" الإخباري. هذا على المستوى الميداني، أما على المستوى السياسي فتبدو موسكو متمسكةً بدعم الجيش السوري في عمليته العسكرية، مما يعني فشل المفاوضات الروسية التركية.
المحلل السياسي السوري والخبير بالشؤون التركية سركيس قصارجيان قال لموقع "العهد" الإخباري إنّه "خلال الأسوع الأخير ردّ الجيش السوري على هجمات الإرهابيين وقصف مواقعهم، وأدى ذلك لمقتل ثمانية جنود أتراك، ومنذ ذلك الحين يعتمد خطاب وسائل الإعلام التركية المدعومة من أردوغان على شحذ الهمم وشحن العواطف، وتحليلات تتحدث عن ضرورة الوجود التركي في سوريا وتدخل الجيش التركي، والجو الإعلامي العام لتبرير أي خطوة تركية لاحقة خاصةً وأنّ الرأي العام التركي بغالبيته ليس مستعداً لخوض مغامرات عسكرية في سوريا".
وأضاف قصارجيان أن "معظم المراقبين والأكاديميين الأتراك يقولون لدولتهم، نحن ماذا نفعل في سوريا وعن من ندافع؟، وينتقدون سياسات أردوغان في الملف السوري"، لافتًا الى أن "أردوغان حاول خلال الفترة الماضية تصحيح الأمور، والحديث عن الخطر الذي بات محدقاً بالدولة التركية والجيش التركي وضرورة الحفاظ على صورته وهيبته لأنه مؤسسة تحظى بتأييد من كل الأطراف السياسية التركية، ولذلك حاول أردوغان اللعب على هذا الوتر ومحاولة إقناع الرأي العام الداخلي وقام باتصالات عديدة لحشد تأييد خارجي وقام بزيارات عديدة ولكنه لم يتمكن بحسب المعلومات الواردة من الحصول على أي تأييد أمريكي أو أوروبي لخوض مغامرة عسكرية جديدة في سوريا"، معتبرًا أن "الروس بطبيعة الحال ضد أي فكرة من هذا القبيل والنتيجة كانت إعلانه عن ما أسماه تحييد خمسة وسبعين جندياً سورياً كرد على القصف الذي قام به الجيش السوري وقتل فيه الجنود الأتراك كعملية خلق بطولات للجيش التركي هي وهمية في الحقيقة".
وأكد قصارجيان لـ"العهد" أنّ "إعلان وزارة الدفاع التركية يوم أمس عن ما أسمته قتل مية جندي سوري كرد على مقتل خمسة جنود أتراك جدد أيضاً مؤخراً في استهداف سوري جديد يأتي في ذات السياق ويهدف أيضاً للضغط على الجانب الروسي الذي يرفض حتى الآن المساومة على موضوع الحملة العسكرية السورية في ادلب، وبالتالي حاول التركي خلق نوع من الأمر الواقع على الأرض وإحراج الروسي وإجباره على قبول الشروط التي يتحدث بها، ولكن الاجتماع بحسب المعلومات الواردة قد فشل ولم يتم التوصل إلى أي اتفاق، فالتعنت الروسي واضح".
ولفت قصارجيان خلال حديثه لـ"العهد" الى أنّ "معظم الصحفيين الأتراك والمحللين ومسؤولي مراكز الدراسات الذين تواصلت معهم متفاجئين من الرد السوري للمرة الثانية على مصادر النيران وإيقاع قتلى من الجنود الأتراك".
وختم حديثه بأنّ " أي عملية عسكرية جديدة في سوريا ستكلف تركيا أثماناً باهظة خاصةً وأنها تعاني من ركود اقتصادي وبالتالي أي حملة عسكرية ستتحول إلى حرب استنزاف وتكلف الاقتصاد التركي ما سيؤثر على مستقبل أردوغان السياسي ونظام حكمه في تركيا".