الخليج والعالم
ماذا يعني لقاء بشار الجعفري والمندوب السعودي في الأمم المتحدة؟
علي حسن
شارك مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري مؤخرًا بحفل خاص تلبيةً لدعوة خاصة من مندوب السعودية في الأمم المتحدة عبد الله بن يحيى المعلمي على شرف وزير الدولة السعودي فهد بن عبد الله المبارك.
ووفق بعض التسريبات، تقصّد المعلمي والوزير المبارك اللقاء بالجعفري خلال الحفل، وعبّرا عن محبتهما لسوريا وعن قناعتهما بأن ما جرى بين البلدين يجب أن يمر، مشدديْن على أنه سحابة صيف عابرة وأن العلاقات الأخوية لطالما جمعت سوريا والسعودية.
هذا الحدث يستدعي التوقف عنده فهو يطرح تساؤلات عديدة، أولها هل سيمهد اللقاء لعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميًا؟ وكيف ستؤثر عودتها إن تمّت على مسار الحل السياسي في سوريا؟
الخبير الاستراتيجي السوري وعضو الوفد السوري المُفاوض بمحادثات جنيف سابقًا الدكتور أسامة دنورة يغوص في تحليل هذا المشهد، فيقول في حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري إنّ " هذه المشاركة السورية، والتصريحات التي أطلقها المسؤولان السعوديان، وقبلها المبادرات الدبلوماسية والتصريحات من بعض دول الخليج، تُظهر جميعها أن هناك قناعةً ترسّخت لدى العديد من الدول الخليجية بأن هزيمة قوى العدوان على سوريا باتت أمرًا واقعًا، ويجب التعامل مع حزمة القضايا الإقليمية والعربية على هذا الأساس، ويمكن القول إن القناعة موجودة منذ زمن سابق، ولكن تظهيرها الى العلن الآن يعني أنها باتت بحكم السياسة الرسمية والتوجه العلني".
وأضاف أنّ "استعادة منظومة العلاقات العربية - العربية الى مشهد ما قبل عام ٢٠١١ ، ولو بصورة تدريجية، يؤكد القناعة التي تولّدت لدى الجميع بأن محاولات زحزحة سوريا عن ثوابت دورها الجيوبوليتيكي قد فشلت، وأن على كل من يمتلك القدرة على اتباع النهج البراغماتي والسياسي الواقعي أن يعلم أن التزام دمشق بخيارات المقاومة والتحرير هو التزام نهائي، وشعبي بقدر ما هو رسمي، وأنه لا بد من قبول سوريا على هذا الأساس، كون نهجها المقاوم ينطلق من خيارات تاريخية باستقلال القرار السياسي وتحرير الأرض المحتلة".
وبحسب دنورة، "لا يمكن فصل هذه المبادرات عن التصريحات الإيرانية الاخيرة، كالتي اطلقها مساعد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، بأن الفترة المقبلة ستشهد تحسنًا في العلاقات بين إيران والسعودية والدول العربية، فضلاً عن تصريحات ظريف وواعظي التي صبت في الاتجاه ذاته، حيث توحي هذه الأجواء برمتها بوجود منحى لإحداث فض اشتباك إقليمي قد تلعب فيه استعادة العلاقات السورية - السعودية دور نقطة الاتصال الأولى، ومثل هذه الأجواء تمثل مصلحة لجميع الأطراف، ولا سيما بعد أن أظهر محور المقاومة مدى قدرته الردعية، بعد الرد على استشهاد سليماني، وظهور محدودية الخيارات الأمريكية في التعامل مع إيران، وهي مفاصل توحي برمتها باهتزاز الالتزام الامريكي بعقيدة كارتر the carter doctrine سواء أتى ذلك من موقع تغير الأولويات الأمريكية أم أتى نتيجة لمحدودية خيارات الولايات المتحدة من حيث التعامل مع احتمالات التصعيد الشامل في المنطقة".
وأكد دنورة لـ"العهد" أنّ "هذه المعطيات برمتها تشير الى أن من مصلحة كل دول الإقليم أن تستعيد منظومة أمن إقليمي في حدودها الدنيا، وأن تسعى لتراجع أجواء الصدام، وأن الانفراج المنتظر والمأمول في الأجواء الإقليمية سيساعد بلا شك بحلحلة العديد من الملفات، وتأثيره في إطار الحل السياسي في سوريا قد لا يكون مستبعدا، فبغض النظر عمّا إذا كان التأثير الأكبر على ما يسمى بالمعارضة الخارجية سعوديًا أم تركيًا، فإن زوال حالة القطيعة وتحسن الأجواء بين سوريا وبعض الدول العربية سيكون عاملًا مساعدًا في تهيئة ظروف أكثر ملاءمة لتقدم المسار السياسي، ضمن تسليم خارجي سيتبلور عاجلاً ام آجلاً باستحالة التجاوز على السيادة السورية، إن كان في الشأن السياسي او الدستوري، كما أنه من المتوقع من جانب آخر أن تؤثر هذه التطورات إيجابًا على الحوار الذي يشهد مدًّا وجزرًا ما بين الحكومة السورية وبعض قوى الأمر الواقع السياسية والعسكرية الناشطة من خارج الإطار الشرعي في مناطق الشمال الشرقي السورية".