الخليج والعالم
مارتن انديك: على الولايات المتحدة أن تضع جانبا طموحاتها القديمة في الشرق الأوسط
رأى الدبلوماسي الأميركي السابق المعروف، مارتن انديك، أن الولايات المتحدة غير قادرة على حشد إجماع داخلي أو إتباع سياسة ثابتة على صعيد منطقة الشرق الاوسط، معتبرا أن سبب ذلك هو أنه لم يعد لواشنطن الكثير من المصالح الحيوية في هذه المنطقة، وبأن التحدي الآن سواء على الصعيد السياسي أو الدبلوماسي هو إستخراج "الإستنتاجات الضرورية" من هذا الواقع.
وفي مقالة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، تحدث انديك عن الفجوة بين الاهداف الأميركية في سوريا من جهة، والاستعداد الأميركي لتخصيص الموارد المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف من جهة اخرى، مردفاً بأن الفجوة لا تزال موجودة اليوم.
وأشار إلى أن البعض سيربط هذا الموضوع بمقاربة غير متماسكة في حقبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أو بالفجوة بين رغبة ترامب بالخروج من الشرق الأوسط من جهة، ورغبة مستشاريه من التيار المتشدد من جهة أخرى، مثل وزير الخارجية مايك بومبيو والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون.
ولفت الكاتب إلى إن تناقضات مماثلة برزت خلال حقبة الرئيس السابق باراك اوباما، لافتاً إلى أن الاخير كان ايضاً مصمماً على إنهاء الحروب الأميركية في الشرق الأوسط وتجنب حروب جديدة، مذكرا بأن اوباما دعا للاطاحة بالأنظمة في مصر وليبيا وسوريا رغم عدم رغبته تخصيص الموراد لتحقيق هذه الأهداف.
وذكّر الكاتب بأن اوباما أعاد إرسال آلاف القوات الأميركية إلى العراق بعدما سيطر تنظيم "داعش" على مناطق شاسعة من الاراضي العراقية، وذلك بعد ما كان قد سحب القوات الأميركية من هناك عام 2011، كما ذكّر بأن اوباما اختار عدم توجيه ضربات عسكرية ضد سوريا بعد مزاعم استخدامها الأسلحة الكيماوية في آب/أغسطس عام 2013 (في ظل عدم تأييد الكونغرس لتوجيه الضربات).
الكاتب قال إن كل ذلك يكشف عما أسماه "واقع في القرن الواحد والعشرين"، وهو أنه حصل تحوّل بنيوي في المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت تجد واشنطن صعوبة بالتكيف مع ذلك.
وتابع الكاتب بأنه كان لدى الولايات المتحدة أولويتين إثنتين في الشرق الاوسط، وهما إستمرار تدفق النفط بأسعار مقبولة وضمان بقاء "إسرائيل".. أما النفط، فبحسب الكاتب لم يعد الإقتصاد الأميركي يعتمد على النفط المستورد، وفيما خص "إسرائيل"، فإن بقاء الاخيرة "لم يعد موضع شك" (وفق تعبيره)، مضيفا بأن "إسرائيل" قادرة اليوم على "الدفاع عن نفسها" بعد عقود من الدعم الأميركي الإقتصادي والعسكري، إلى جانب "التعاون الأمني الوثيق".
كذلك تابع الكاتب بأن المصالحة بين "إسرائيل" و"جيرانها العرب" شكل في العقود الماضية أهمية حيوية على صعيد إستقرار المنطقة، مشيرا إلى "معاهدتي السلام" بين مصر و"إسرائيل" والأردن و"إسرائيل"، كما تحدث عن "تفكك العراق وسوريا"، قائلا إن العراق وسوريا "سبق وأن كانتا من ألدّ الخصوم لإسرائيل".
انديك أضاف بأن "إسرائيل" تتمتع اليوم بعلاقات إستراتيجية مع دول مثل السعودية ومصر، وذلك رغم عدم احراز اي تقدم في التوصل "إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، مشددا على أن "حل الدولتين" ليس مصلحة حيوية أميركية بل مصلحة حيوية إسرائيلية، وذلك إذا ما ارادت "إسرائيل" أن تبقى "دولة يهودية وديمقراطية".
وبينما قال إن على الولايات المتحدة أن تشجع "إسرائيل" على تبني خيار "حل الدولتين" من خلال عدم بناء المستوطنات في الضفة الغربية أو عدم ضم المزيد من الأراضي، أكد على ضرورة الكف عن تقديم "خطط سلام أميركية" سيرفضها أحد الطرفين أو كلاهما.
وبشأن محاربة "داعش"، اعتبر مارتن انديك أن التحدي اليوم هو القضاء على بقايا هذا التنظيم وأيضاً على بقايا تنظيم "القاعدة"، وفي نفس الوقت قال إنه يمكن القيام بذلك من خلال عديد صغير من القوات الأميركية إلى جانب التعاون الوثيق والدعم "للشركاء المحليين"، وسمى في هذا الإطار الاكراد والعراق والأطراف الشريكة في "التحالف الدولي ضد داعش".
وبالنسبة إلى برنامج إيران النووي، قال الكاتب إن إيران وخلافاً لدول مثل كوريا الشمالية وباكستان، لا تمتلك أسلحة نووية، مضيفا أن "كبح طموحات إيران" على الصعيد النووي و"الهيمنة الاقليمية" يتطلب عملا دبلوماسيا شاقا وليس الحرب.
انديك اعتبر أن المساعي الدبلوماسية الهادفة لوقف الحرب في اليمن وتثبيت الهدنة في قطاع غزة وإعادة اعمار سوريا يمكن ان تساهم في "الحد من قدرة إيران على التدخل في نزاعات المنطقة"، وقال إن على واشنطن أن تتعاون مع "إسرائيل" و"السنة العرب بقيادة السعودية" في هذه المساعي، بدلاً من مجرد دعم حق هذه الأطراف "بالدفاع عن نفسها".
وبينما شدد على ضرورة عدم التخلي عن منطقة الشرق الأوسط، أكد انديك على ضرورة أن تجد الولايات المتحدة سبيلاً للخروج من "دورة الحملات الصليبية والتراجع"، كذلك ضرورة تبني إستراتيجية "قابلة للإستمرار في الشرق الأوسط" تستند إلى "تقييم واقعي" للمصالح الأميركية.
كما أكد على ضرورة الكف عن الحروب ورسم الأهداف المضخمة، مثل طرد إيران من سوريا أو الإطاحة بالنظام في إيران أو تسوية "النزاع الإسرائيلي الفلسطيني"، داعيا في المقابل إلى رسم أهداف "محدودة أكثر" يمكن أن تتحقق عبر وسائل "متواضعة أكثر".
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024