الخليج والعالم
حجّ دبلوماسي الى طهران.. ماذا في تفاصيله؟
هبة العنان
بُعَيد اغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، شهدت الجمهورية الاسلامية حركة حجّ دبلوماسي كثيفة حملت الكثير من المعاني صبّ معظمها في سياق امتصاص الغضب الإيراني وخفض التصعيد حفاظًا على مصالح الدول الزائر مندوبوها قبل مصالح طهران.
قطر وباكستان أبرز الحاضرين في العاصمة الإيرانية. في البداية زارها وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ثم جاء أمير قطر تميم بن حمد على رأس وفد رسمي، ليجري "اجتماعات ونقاشات نشطة وجادة مع الجانب الإيراني، حسبما قال رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية محمود واعظي الذي أشار الى أن محادثات نشطة عقدت مع القطريين والمفاوضات غير الرسمية لم تقلّ أهمية عن تلك العلنية"، فهل هناك وساطة تقودها قطر لخفض التوتر وحمل رسائل بين واشنطن وطهران؟
الدبلوماسي الإيراني السابق محمد مهدي شريعتمدار أوضح لموقع "العهد الإخباري" أن الإدارة الأميركية حاولت توجيه رسائل تهدئة وسخّرت وساطات عدّة بعد ارتكاب جريمتها، لدفع إيران إلى عدم الرد أو الاكتفاء بالرد الذي نفذته طهران في قاعدة عين الأسد في العراق، لافتًا الى أن "واشنطن التي وجدت ان قواعدها العسكرية في المنطقة باتت تحت مرمى الصواريخ الإيرانية، تسعى قدر الإمكان لتهدئة الأجواء وعدم اللجوء إلى التصعيد، لذلك نلاحظ نوعًا من الصمت أو النأي بالنفس يتّبعه حلفاؤها في المنطقة لتحييد أنفسهم عن الصراع".
وأشار شريعتمدار في حديثه لـ "العهد" الى أن "دول المنطقة التي تستضيف قواعد أميركية على أراضيها أدركت أن الخطر الإيراني بات يهددها واستمرار التوتر بين واشنطن وطهران قد ينعكس عليه، خاصة بعدما أعلنت إيران أنها لن تتردّد في ضرب واستهداف المصالح والقواعد العسكرية الأميركية أينما وجدت".
واعتبر شريعتمدار أن "إيران التي رفضت التفاوض المشروط مع الإدارة الأميركية قبل وقوع الجريمة لن تقبل بأيّ محادثات من طرف ينظر إلى الآخر من موقع الضعف"، مؤكدًا أن "مستقبل هذه الأزمة يعود إلى مدى استجابة الطرف الأميركي لمطالب خروجه من المنطقة، خصوصًا بعد قرار البرلمان العراقي والرد الإيراني على قاعدة عين الأسد".
إيران لا تسعى إلى الحرب
شريعتمدار شدّد على أن "إيران لا تسعى إلى نشوب حرب مفتوحة في المنطقة، فعلى الرغم من اللغة والسياسات التصعيدية التي اعتمدتها بعض الدول الإقليمية، هي دعت في عدة مواقف إلى الحوار والتفاوض وحثّت على عقد اتفاقات أمنية مشتركة بعيدَا عن التدخلات الأجنبية"، مبيّنًا أن "إيران لن تتردّد في الاستجابة لأيّ مسعى يمكن أن يُحقّق مصلحة شعوب المنطقة، ما يعني أنها يمكن أن تستجيب للوساطات لكن ليس على حساب المبادئ التي تؤمن بها".
وأوضح شريعتمدار لـ "العهد" أن العلاقات التاريخية الطويلة الأمد بين إيران وقطر، شهدت تحوّلات هامة، فقد كان البلدان جنبًا إلى جنب في الظروف الصعبة، خصوصا خلال الأزمة الخليجية"، لافتًا إلى أن "لزيارة الوفود القطرية دلالات خاصة بعد قمة كوالالمبور، لجهة احتواء أي تصعيد محتمل وتخفيف الاجواء المشحونة بين طهران وواشنطن".
وحول زيارة وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي لإيران، والتي تأتي في سياق استكمال ما كان قد بدأ قبل جريمة اغتيال الشهيد سليماني من جهود ووساطات لخفض التوتر بين السعودية وإيران، قال شريعتمدار إن "على السعودية إعادة النظر في علاقاتها بإيران لحلحلة الأزمة اليمنية وإنهاء عدوانها على الشعب اليمني والقبول بالترتيبات الأمنية المشتركة"، منبّهًا الى أن "مبادرة هرمز للسلام التي أطلقها الرئيس الإيراني حسن روحاني التي استجابت لها بعض الدول كقطر وعمان، يمكن أن تكون أفقًا جديدًا لتعاون بين دول المنطقة".
الوجود الأميركي في المنطقة لا يخدم مصالح الشعوب
شريعتمدار استنتج أن "دول الخليج أدركت أن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة لا يخدم مصالح شعوبها، إذ بات سببًا للدمار والخراب والتوتر الأمني بغض النظر عن دور الطرفين في هذا الصراع، كما أدركت أن الولايات المتحدة خلافًا لما تدعي لا تقف إلى جانبها في أزماتها، فعندما واجهت بعض هذه الدول هجمات على ناقلات النفط وعلى منشآتها النفطية لم تُبادر الإدارة الإميركية للدفاع عنها"، وعليه أثبتت الأوضاع بالنسبة لها أن الوقت حان لتعيد النظر في علاقاتها الإقليمية والدولية".
كما أكد الدبلوماسي الإيراني السابق أن "طهران لم تُبادر إلى إيجاد حالة من التوتر في المنطقة، فقد تعرضت إلى الكثير من المؤامرات والحروب التي فرضها نظام صدام حسين لثماني سنوات وكانت مدعومة من الدول الخليجية والغربية، لكنها لم تُبادر إلى إيجاد حالة من التشنج والتوتر ابدا في المنطقة ولم تردّ على هذه السياسات، حتى حينما واجهت الكويت عدوانًا من قبل النظام الصدامي وقفت إيران إلى جانبها ودعمتها كما فعلت مع قطر خلال حصارها من قبل السعودية".