الخليج والعالم
خطةٌ أمريكيةٌ لتجنب الرد الإيراني .. واشنطن خاسرة في كل السيناريوهات المحتملة
علي حسن
الرد الإيراني الحتمي جعل الإدارة الأمريكية في حالة تخبط واضحة، بدا ذلك من الرسالة التي أرسلت إلى العراق يوم أمس والتي تفيد باتخاذ الجيش الأمريكي إجراءات خروجه من البلاد، ليخرج بعدها وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر ويقول إن واشنطن ليس لديها أي خطط للانسحاب من العراق، وبالتالي فإن هناك أصواتاً أمريكيةً تطالب بتجنب الرد الإيراني والخروج، وأخرى متعنتة، فإلى أين ستتجه الأمور؟
المحلل السياسي والاستراتيجي السوري الدكتور طالب إبراهيم قال في حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري إنّ "هناك معلومات يمكن اعتبارها موثوقة لدرجة محدودة بالنسبة له تفيد بأنّ هناك خطة أمريكية لتجنب الرد الإيراني على اغتيال القائد قاسم سليماني، وهذه الخطة ناتجة بالعموم عن تخبط في الداخل الأمريكي حيال ذلك"، مضيفًا "بعض الأمريكيين بدأوا ينادون بطرد وزير الحرب إسبر ووزير الخارجية مايك بومبيو من الحكومة على اعتبارهما المسؤولين الرئيسيين والمباشرين عن اغتيال سليماني، إضافةً إلى المطالبة بالانسحاب الفوري من العراق ورفع العقوبات عن إيران والعودة لتطبيق الاتفاق النووي"، لافتًا الى أنّ "معظم الجهود داخل واشنطن تنصب على تجنب الضربة الإيرانية لأنهم يدركون أنهم لا قبَل لهم بتحمل الرد الإيراني الواسع والذي قد يفضي لمقتل عشرات ومئات الجنود الأمريكيين وتدمير أية قاعدة أمريكية".
ورأى إبراهيم أن "الرد الإيراني المتوقع جعل أمريكا أمام أمرين الأول أن تبتلع الضربة وتُخرج قواتها من العراق مكسورة الهيبة، والثاني الذهاب لتصعيد سيقابله حينها بكل تأكيد تصعيد إيراني آخر، وأمريكا ليست جاهزة ولا راغبة أصلاً في الذهاب لذلك وبكلا الأمرين هي في مأزق ناتج عن قرار غبي من ترامب جرّه الصهيوني لفعله وجعله يوماً أسودَ على أمريكا أكثر مما هو على محور المقاومة، لأن الصهيوني لا يجرؤ على استهداف القائد سليماني فورّط الأمريكي بذلك وترامب ابتلع الفخ معتقداً أنّ إيران لن ترد".
وأكد إبراهيم لـ "العهد" أنّ "هناك حالة قلق وخوف حقيقي في الإدارة الأمريكية لأن الكثيرين من مسؤوليها قد أدركوا هول الكارثة التي وقعوا بها، ورأينا الرسالة التي تفيد بأن الأمريكي قد بلّغ العراق باتخاذه إجراءات خروج جيشه من البلاد، لأن البعض يريد الهروب وبدأ يحسب ألف حساب لعواقب جريمة اغتيال القائد سليماني، كما أنّ هناك بعضاً آخر متعنّت ويظهر نفسه غير آبه، وذلك جعل المشهد في حالة تخبط. فبعد الرسالة التي تفيد بالانسحاب خرج وزير الحرب الأمريكي مارك إسبر وقال إنّ واشنطن ليس لديها أي خطط لذلك، وبالتالي إنّ الداخل الأمريكي منقسم بشدة وهذا الانقسام ليس فقط بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي بل وصل لداخل الحزب الواحد وخصوصاً الجمهوري".
وأشار ابراهيم إلى أنّ " هناك معلومات عن توجه الكونغرس الأمريكي لسحب الصلاحيات العسكرية من ترامب بحجة حماقته ودفع الأمور بقراراته نحو الحرب، إضافةً لتسريع إجراءات عزله وإخراجه من البيت الأبيض. ولكن هذه التناقضات داخل واشنطن بين من يريدون الانسحاب وتجنب الرد الإيراني ومن يريدون البقاء والتصعيد، قد تدفع ترامب لإخراج الأمور على طريقته عبر الهروب للأمام وبالتالي التوجه لصراع كبير في الشرق الأوسط ما يضع العالم كله في مرحلة حساسة".
ولم يستبعد الدكتور طالب خلال حديثه لـ"العهد" الإخباري أن تكون الرسالة الأمريكية للعراق بالانسحاب عبارةً عن كسب الوقت لمحاولة استقطاب حلفاء جدد إلى الساحة لتخفيف التوتر، فالسعودية تنأى بنفسها والكيان الصهيوني كذلك، ولكن إذا كان أقرب حلفائها لم يعودو يثقون بها بعد ما حصل فلن تجد حليفاً آخر، كما لم يستبعد أيضاً في نهاية حديثه لـ"العهد" إقدام واشنطن على إعادة إحياء تنظيم داعش الإرهابي أو تكثيف غير مسبوق لنشاطه الإرهابي كحجة للبقاء في العراق وإعادة الأمور لسابق عهدها ولكن محور المقاومة سيفشل أية خطة أمريكية محتملة حول ذلك وسيسحق الإرهابيين إن أقدمت أمريكا على تنشيطهم، فهي معركة بلا رحمة سياسياً وعسكرياً والمحور بأكمله جاهز لكل السيناريوهات بدءاً من إيران والعراق مروراً بسوريا ولبنان وغزة وانتهاءً باليمن، وكما قال السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير فإنّ الجنود الأمريكيين جاؤوا عمودياً وسيعودون أفقيًا".