معركة أولي البأس

 

الخليج والعالم

دبلوماسي أميركي سابق: السياسة الأميركية وصلت إلى مفترق طرق
10/12/2019

دبلوماسي أميركي سابق: السياسة الأميركية وصلت إلى مفترق طرق

تحدث الدبلوماسي الأميركي السابق وليام برنز في مقالة نشرتها مجلة "ذا أطلنتك" الأميركية عن إجماع بين الجمهوريين والديمقراطيين لجهة معارضة قرار الرئيس دونالد ترامب خلال تشرين الاول/اكتوبر الماضي المتعلق بسحب قواته من سوريا، معتبراً ان هذا الاجماع هو "حالة نادرة" في قضية تتعلق بالسياسة الخارجية.

وشدد الكاتب على "ضرورة التخلي عن الفكرة التي تقول إن العلاج الوحيد لمساعي ترامب سحب الولايات المتحدة من المنطقة هو العودة إلى التفكير السحري"، مضيفًا أن "السياسة الأميركية في المنطقة بعد نهاية الحرب الباردة اصبحت مشابهة كثيرا لسمات هذا التفكير".

ولفت برنز إلى "قراءة أميركية خاطئة للتطورات في المنطقة وعدم وضع الوسائل المطلوبة لتحقيق الغايات المرجوة"، مشيرًا إلى ان "الولايات المتحدة اعتمدت بشكل أساسي على العنصر العسكري، دون أن تستثمر العمل الدبلوماسي كما يجب".

ورأى الكاتب أن "اميركا سمحت لنفسها أن تنجر وراء طموحاتها في المنطقة، وبالتالي فقدت البصيرة حيال ما يمكن تحقيقه على ارض الواقع"، مضيفا أن "مغريات "التفكير السحري" والميل إلى المبالغة في حجم النفوذ الاميركي والاستهانة بالعقبات وبلاعبين آخرين، أدت إلى "عدم الانضباط" و"خبيات الأمل""، وكل ذلك أفقد غالبية الأميركيين أي شهية لمغامرات في الشرق الأوسط.

واعتبر أن "السياسة الأميركية وصلت إلى مفترق طرق، اي انها لم تعد اللاعب الخارجي الوحيد الذي يقوم بدور بارز في الشرق الأوسط".

الكاتب أكد أن المطلوب من الإدارة الأميركية ليس العودة إلى "الطموحات المضخمة" والاعتماد على العنصر العسكري على غرار ما حصل عقب هجمات 11 أيلول/سبتمبر"، وقال إن "المطلوب ليس انسحاباً كاملاً من المنطقة".

كما رأى أن "المطلوب هو تغيير شروط الدور الأميركي في المنطقة"، موضحًا أن ذلك يعني تخفيف سقف التوقعات على صعيد احداث التحولات، وتغيير السياسات المتبعة حيال الشركاء والخصوم، وإيجاد مقاربة أكثر استدامة في موضوع محاربة الإرهاب. وتحدث في نفس السياق عن التركيز على العمل الدبلوماسي المدعوم بالورقة العسكرية، وليس العكس.

وتابع الكاتب أن "تشخيص ترامب لمشاكل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط يشبه تشخيص اوباما في بعض النواحي"، مضيفًا أن مواقف ترامب التي تتعارض مع المؤسسة الأميركية لقيت ترحيباً لدى العديد من الأميركيين". غير أنه اعتبر في الوقت نفسه أن المقاربة التي يتبناها ترامب "غير ناضجة" و"لم تنفذ كما يجب"، وقال إن "هذه المقاربة تعكس "التفكير السحري" الذي يتبناه ترامب".

وأضاف  برنز أن "ترامب وبدلاً من أن "يعيد التوزان" بين العمل الدبلوماسي واستخدام القوة، تخلى عن الأول وأساء استخدام الثاني، وتبنى إستراتيجية إنشاء تحالف ضد إيران يشمل الكيان الإسرائيلي ودول الخليج، ما أدى  إلى تآكل المصالح الأميركية".

وأشار الى أن "ترامب إنسحب من الاتفاق النووي مع إيران وشن حملة الضغوط القصوى ضد طهران، دون أن يربط هذه السياسة بأهداف واقعية".

الكاتب تحدث عن "ثلاثة مكونات" من أجل معالجة الوضع، عبر تحديد حجم مناسب للطموحات وإعادة تنظيم الادوات، موضحا ان "الشرق الاوسط لم يعد يشكل تلك الاهمية للولايات المتحدة كما كان الوضع قبل ثلاثين عاماً، وأن الإقتصاد الأميركي لم يعد يعتمد كما في الماضي على موارد الطاقة في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى "تحديات جيوسياسية أهم في مناطق اخرى".

وشدد على أن "ذلك لا يعني أن الشرق الاوسط لم يعد يمثل أي اهمية للمصالح الأميركية، بل يعني أن السياسة الأميركية يجب ان تتسم بالمزيد من الدقة والبصيرة لجهة "استثمار الموراد" و"المخاطرة".

كما اشار الكاتب إلى مصالح اميركية اساسية ستبقى موجودة في الشرق الاوسط على مدى المستقبل المنظور. ولفت في هذا السياق إلى تأمين حرية الملاحة في منطقة الخليج وتأمين الوصول إلى مصادر الطاقة في هذه المنطقة.

كما تحدث عن الحماية ضد جهة مهيمنة اقليمية أو خارجية قد تعرض الأصدقاء مثل الكيان الإسرائيلي وبعض الدول العربية  للخطر، وذكر بضرورة العمل مع لاعبين آخرين من اجل منع نشوء جماعات إرهابية تمتد إلى خارج المنطقة، ومن اجل منع انتشار اسلحة الدمار الشامل.

وتابع ان السياسات الأميركية المتبعة عقب هجمات 11 ايلول/سبتمبر والميل نحو مواجهة خصوم مثل إيران بدلاً من احتوائها، أدى في الكثير من الاحيان إلى تقويض المصالح الأميركية، مضيفا أن اميركا لم يعد بإمكانها "الحصول على كل شيء" وانها ليست بحاجة لذلك.

وأكد الكاتب ضرورة إعادة ضبط العلاقات مع اللاعبين في المنطقة، موضحا ان ذلك يعني عدم السماح للسعودية ودول خليجية عربية اخرى القيام بما يحلو لها. وتابع أن اميركا يجب أن تدعم هذه الدول العربية ضد "تهديدات خارجية" سواء كانت من إيران او اي جهة اخرى. وشدد على ضرورة دعم الاصلاحات السياسية والاقتصادية داخل هذه البلدان، ووقف الحرب على اليمن وعدم التدخل في عملية الانتقال السياسي في دول مثل ليبيا والسودان، وضرورة العودة إلى اتفاق نووي محدَّث مع إيران".

من جهة اخرى، اعتبر برنز أن التعايش بين السعودية وإيران يعتبر من أهم الامور، مشددا على ضرورة أن تشجع الولايات المتحدة الحوار بين البلدين بدلاً من تخريبه.

واعتبر الكاتب ان "مسألة حل الدولتين لا يخدم المصالح الإسرائيلية"، محذرا من أن "الاردن أكبر المتضررين من مساعي اليمين الإسرائيلي تصدير المشكلة الديمغرافية إلى الضفة المقابلة من نهر الأردن".

وشدد على ضرورة أن تنتبه الولايات المتحدة لهذا الموضوع، خصوصا لجهة التحديات التي تواجهها الدول المجاورة لسوريا.

وختم الكاتب مؤكدا ضرورة التخلي عن "التبجحات" في عهد ترامب دون العودة إلى "التفكير السحري".

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم