الخليج والعالم
"السباق نحو القاع" .. المجتمع الأميركي يدفع ثمن سياسة حاكميه
أكد المدير التنفيذي لموقع "بلاك أجندة ربورت" جلين فورد في مقال له، أنه على مدار العقود الثلاثة الماضية، فشلت السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الطبقة الحاكمة، المعروفة بسياسة "السباق نحو القاع" في الحفاظ على الأنشطة الاقتصادية وجذبها، مشيرا إلى ان هذه السياسة عملت على تدمير الطبقة العاملة وانتجت اقتصادا غير قابل للازدهار.
وأوضح فورد ان الاقتصاد الأميركي أنتج المزيد من الوظائف "السيئة" على نحو متكرر، بغض النظر عن الحزب الذي كان على رأس السلطة (الديمقراطي أو الجمهوري)، وذلك لأن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الطبقة الحاكمة منذ ذلك الحين، اعتمدت سياسة "السباق نحو القاع"، أي تقليص القوانين التي تنظم عمل الشركات والضرائب المفروضة عليها، للحفاظ على الأنشطة الاقتصادية وجذبها.
وذكر الكاتب ان دراسة أعدها مركز أبحاث "مؤسسة بروكينغز" تظهر أن 44% من العمال الأميركيين، يكدحون في وظائف "منخفضة الأجور"، مع متوسط دخل يبلغ نحو 18 ألف دولار سنويًا، موضحا أن معظم هؤلاء هم من البالغين الذين لا يزالون في بداية مسيرتهم المهنية، والذين لا توفر رواتبهم سوى احتياجات عائلاتهم الأساسية، ويعيش 20% منهم تحت خط الفقر.
وأضاف ان الدراسة تؤكد ان "الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية أو اللاتينية، هم الأكثر عملًا في الوظائف ذات الأجور المنخفضة، مقارنة بغيرهم من شرائح المجتمع الأميركي، ولكن أكثر من نصف هذه الوظائف "السيئة" مُدارة من قبل أشخاص بيض".
وأشار الكاتب إلى ان "تداعي الطبقة العاملة هو مركب أساسي في جوهر النظام منذ تصميمه". وذكر ان دراسة أخرى أجراها "مؤشر جودة الوظيفة" الأميركي، تظهر أن انتشار الوظائف منخفضة الأجور اليوم، ليس ناجمًا عن تداعيات الانهيار الاقتصادي عام 2008، بل هو سمة من سمات رأسمالية المرحلة المتأخرة، أي تلك التي بدأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ونقل عن أحد مؤسسي المؤشر قوله إنه "في عام 1990، كانت الوظائف مقسمة بالتساوي إلى حد كبير، واكتشفنا أن 63% من جميع الوظائف التي تم إنشاؤها منذ عام 1990 كانت منخفضة الأجر، أو جزئية".
وكشف الكاتب ان "البيانات توضح كيف سرّعت سياسة "السباق نحو القاع" وتيرة تفشي هذه الوظائف في كل من الإدارات المتعاقبة، أي تحت رئاسة كل من جورج بوش الأب والابن وبيل كلينتون وباراك أوباما وصولا إلى دونالد ترامب، الذي بنى حملته الانتخابية الساعية لتمكينه من السلطة مرّة أخرى العام المُقبل على "قوة الاقتصاد" في عصره".
وبحسب الكاتب، "يعد نظام الاحتكار الثنائي، آلية لضمان استمرارية حكم الشركات وسحق الطبقة العاملة، فعندما لا يُسمح إلا للحزبيين ذوي الشركات بحكم البلاد، وتفرض أبواق الشركات هيمنتها على وسائل الإعلام، يصبح البؤس الذي يتسبب به الرأسماليون (للطبقة العاملة) أمرًا طبيعيًا ولا مفر منه".
ونقل الكاتب عن دراسة "مؤسسة بروكينغز"، ان عدد الوظائف السيئة يبلغ نحو "مليون وظيفة في منطقة واشنطن العاصمة، و700 ألف وظيفة في كل من بوسطن وسان فرانسيسكو، و560 ألف وظيفة في سياتل". ويعد التعامل مع الدمج بين الأجور المنخفضة، وارتفاع أسعار المساكن مشكلة رئيسية في هذه الأماكن".
وذكر ان "القطاعات بأكملها أصبحت متداعية، حيث يحصل 75% أو أكثر من العمال على أجور منخفضة، وتشمل "العاملين في مجال البيع بالتجزئة، والطهاة والعاملين في إعداد الطعام، وعمال تنظيف المباني، والعاملين في مجال تقديم الأغذية والمشروبات، والعاملين في مجال الرعاية والخدمة الشخصية (مثل العاملين في رعاية الأطفال ومساعدي العاملين في رعاية المرضى)، وغالبا ما تكون العمالة في القطاع الأخير من النساء، وتحديدا من السود وذوي الأصول اللاتينية".
وقال إن "سياسة "السباق نحو القاع" تغذي تراكم الثروة والسلطة لدى أولئك الموجودين في أعلى الهرم الاجتماعي"، مدعيا ان "الاشتراكية هي الحل الوحيد، أي اشتراكية تضرب جذورها في تقرير مصير جميع الشعوب التي خضعت للرأسمالية منذ ظهورها في الاستعمار والعبودية، والتي تتميز بـ500 عام من السرقة الصارمة، والوحشية، والإبادة الجماعية، للأرض والعمل والشعوب"، على حد قوله.