الخليج والعالم
وسائل إعلام أميركية: حادثة فلوريدا قد تعيد أجواء هجمات 11 أيلول/سبتمبر
أثارت حادثة فلوريدا جدلاً واسعا في الأوساط الأميركية، ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين تخوفهم من عودة أجواء الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، عبر أعمال إرهابية يستهدف من خلالها سعوديون مختلف الولايات.
صحيفة "واشنطن بوست"
صحيفة "واشنطن بوست" تناولت تقريرًا حول الحادثة، وأشارت إلى أن المسؤولين يتعاملون مع الموضوع على أساس أنه عمل إرهابي.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأميركيين يحاولون معرفة ما إذا كان الجندي السعودي الذي أطلق النار وقتل ثلاثة أشخاص ينتمي إلى شبكة أوسع، وأردفت بالقول إن المحققين يعتقدون أن مطلق النار السعودي أحمد محمد الشمراني هو صاحب تغريدة تعكس العداء للولايات المتحدة كُتبت قبيل حادثة إطلاق النار.
ولفتت الصحيفة أيضا إلى كلام مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين في مقابلة مع قناة "سي بي أس"، إذ قال إن ما حصل يبدو عملا إرهابيا، مرجحا أن يكون الشمراني تبنى الفكر الراديكالي خلال وجوده في الولايات المتحدة.
وتابعت الصحيفة بأن حادثة إطلاق النار قد تفتح فجوة أخرى في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، مشيرة إلى أن العديد من أعضاء "الكونغرس" يعربون عن غضبهم من العدوان على اليمن.
وأضافت الصحيفة أن التحقيق حول مقتل الصحفي جمال خاشجقي لا يزال غامضا ولم يُستكمل حتى الآن، وأن ذلك جعل بعض أعضاء "الكونغرس" يشككون باستعداد السعودية للتعاون في التحقيق حول ما حصل في فلوريدا.
الصحيفة أشارت أيضا إلى كلام النائب الأميركي عن الحزب الجمهوري مات غيتز خلال مقابلة مع قناة "آي بي سي"، الذي قال فيه إنه أبلغ السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة ريما بنت بندر أن بلاده لا تريد تدخلاً سعودياً في التحقيق، لكنها تتوقع في الوقت نفسه تعاونا سعوديا كامل إذا احتاج المحققون الأميركيون لذلك.
ولفتت الصحيفة إلى أن غيتز طرح إمكانية أن يكون لدى الشمراني متعاونين في تنفيذ الهجوم، مضيفة أن النائب عن الحزب الديمقراطي آدم شيف قال خلال مقابلة مع قناة "سي بي أس" إن المسؤولين الأميركيين سيطالبون السعودية بالتحقيق في الموضوع، متهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"التراخي مع السعودية".
معهد "بروكينغز"
في السياق نفسه، تناولت الباحثة في معهد "بروكينغز" تمارا كوفمان وايتس الهجوم المسلح الذي نفذه الجندي السعودي في القاعدة العسكرية في ولاية فلوريدا، واعتبرت أنه قد يؤدي إلى توتير العلاقات الأميركية السعودية أكثر فأكثر.
وفي مقالة نشرت على موقع المعهد، رأت الكاتبة أن الهجوم قد يعيد أجواء هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، عندما تبين أن خمسة عشر خاطفا من أصل تسعة عشر الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من أيلول كانوا من التابعية السعودية.
كما قالت الكاتبة—التي شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بين أواخر عام 2009 واوائل عام 2012- إن هجوم فلوريدا يضاف إلى ملفات أخرى أضرت بالعلاقات الأميركية السعودية، والتي تعود إلى ما أسمته "سلسلة من التصرفات السعودية".
وأشارت وايتس في هذا السياق إلى الحرب على اليمن وعمليات خطف واحتجاز أفراد من الأسرة السعودية الحاكمة ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون، ولفتت إلى جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي وتعذيب ومحاكمة ناشطات سعوديات.
وتابعت الكاتبة بأن "كل ذلك كسر الثقة بين الرياض ورعاتها في واشنطن، وخاصة ولكن ليس حصرا داخل "الكونغرس""، وبينما تحدثت عن تحولات في السياسة الخارجية السعودية مؤخرا مثل دعم حل تفاوضي للحرب على اليمن وفتح قناوات تواصل مع قطر، أكدت وايتس أن هناك قضايا أساسية لم تعالج حتى الآن تقوّض ثقة أميركا بالسعودية.
الكاتبة رأت أن هجوم فلوريدا سيذكر الأميركيين بأن السعودية وبينما تجرب بعض الاصلاحات الملحوظة إلا أنها لا تزال "متجذرة بالفكر الديني-السياسي المتطرف"، وأردفت أن أجيالا من الشباب السعوديين حملوا هذا الفكر الذي تم تصديره إلى الخارج.
وقالت الكاتبة إن هجوم فلوريدا يشكل تحديًا لتلك الأصوات التي تحاول التخفيف من المخاوف حيال المسار الذي تتبعه السعودية، وتوقعت تصعيدا من قبل "الكونغرس" في موضوع قيام الحكومة الأميركية بتدريب الطيارين السعوديين الذين يقومون بقصف اليمن.
وتحدثت الكاتبة عن تأثير هجوم فلوريدا على موقف المسؤولين الأميركيين المنتخَبين، موضحة أن الهجوم يطرح من جديد بالنسبة لهؤلاء أسئلة حول ما إذا كانت العلاقات الوطيدة مع السعودية تنسجم والمصالح الأميركية، وأشارت إلى أن ذلك قد ينطبق خاصة على المسؤولين الأميركيين الذين تعتبر ولاية فلوريدا بالنسبة لهم ولاية أساسية في انتخابات عام 2020.
مجموعة "صوفان للإستشارات الأمنية والإستخبارتية"
مجموعة "صوفان للإستشارات الأمنية والإستخبارتية" لفتت بدورها إلى وجود مؤشرات قوية تفيد بأن الجندي السعودي الذي نفذ هجوم فلوريدا كان متأثرا بفكر تنظيم "القاعدة".
وأشارت المجموعة إلى حساب على موقع "تويتر" يُعتقد أنه للجندي السعودي، وإلى تغريدات على هذا الحساب تمجد زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن، كما أردفت أن حساب التويتر المذكور تضمن تعاليم للقيادي في تنظيم "القاعدة" أنور العولقي.
كما نبهت الصحيفة إلى أن أكثر من 3,000 مواطن سعودي سافروا إلى العراق وسوريا من أجل الالتحاق بصفوف "داعش" وغيرها من الجماعات الإرهابية، وذلك في الوقت الذي تقول فيه الرياض إنها تحارب التطرف داخل البلد.
وبينما قالت الصحيفة إن حجم تأييد "القاعدة" وجماعات متطرفة أخرى داخل الجيش السعودي ليس واضحا حتى الآن، أشارت إلى أن السعودية تبقى المصدر الأول للوهابية والتطرف "الديني" في العالم، مع كل محاولاتها تقديم صورة أخرى أقل تزمتا.
ولفتت المجموعة إلى أن أغلب الهجمات الإرهابية الأخيرة التي نفذت داخل أميركا والتي تعود إلى الفكر "السلفي الجهادي"، تعود جذورها إلى "داعش" وليس "القاعدة"، وقالت إن ذلك يجعل هجوم فلوريدا تطورا لافتا.
وأضافت أنه قد تكون هناك فرصة أمام تنظيم "القاعدة" كي يستغل الوضع ويروج لنفسه على أنه تنظيم لديه القدرات، وذلك في ظل التنافس مع تنظيم "داعش" وخسارة الأخير لدولة الخلافة المزعومة.