الخليج والعالم
اتفاق التجارة الأميركي الصيني.. بين القيود والتنازلات
لا شيء ينذر بقرب عقد الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فعوامل التوتر كثيرة، وآخرها توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانونًا بشأن أقلية الإيغور المسلمة، وقانونًا بشأن فرض عقوبات ضد مسؤولين صينيين متهمين بممارسة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان خلال الأحداث في هونغ كونغ.
ولم يكتفِ ترامب بذلك، بل دعا البنك الدولي إلى وقف منح الصين قروضًا ماليةً لأن بكين تملك أموالاً ضخمة، على حد قوله. وغرّد عبر حسابه على "تويتر" قائلًا: "لماذا يقوم البنك الدولي بمنح قروض للصين؟ هل يمكن أن يكون ذلك ممكنًا؟ الصين لديها الكثير من المال، وفي حال لم يكن لديهم المال، فسيخلقونها، توقفوا".
وكرر وزير الخزانة ستيفن منوتشين موقف ترامب بشأن البنك الدولي في الكونغرس، وأبلغ لجنة في مجلس النواب بأن الولايات المتحدة اعترضت على برنامج قروض خصصته المؤسسة المالية للصين على مدى سنوات، وفق "وكالة الصحافة الفرنسية".
وعلى الرغم من تبنّي البنك الدولي للبرنامج الخميس، فإنه يخطط للعمل على خفض القروض الممنوحة للصين. لكن لا يبدو أن هذا الخفض يكفي واشنطن التي تصر على أن ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم قادرة على تمويل نفسها من دون الاعتماد على قروض دولية الهدف منها تأمين موارد مالية للبلدان الفقيرة.
وهذا الموقف العلني لترامب يأتي وسط المفاوضات بين واشنطن وبكين لإنهاء الحرب التجارية المستمرة منذ 18 شهرًا بينهما، والتي تحاول الولايات المتحدة من خلالها الضغط على الصين لتقديم تنازلات بشأن حماية الأعمال التجارية الأميركية وخفض فائضها التجاري.
كودلو: المحادثات الجارية مع بكين "مُكثفة
في السياق، أعلن مدير المجلس الاقتصادي الوطني والمستشار الاقتصادي في إدارة ترامب لاري كودلو أن موعد 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري لا يزال قائمًا فيما يتعلق بجولة جديدة من الرسوم الجمركية الأمريكية والتي من المقرر أن يبدأ سريانها على بضائع صينية، لكن الرئيس دونالد ترامب راضٍ عن مسار محادثات التجارة مع الصين.
ووصف كودلو، في حديث لقناة "CNBC" المحادثات الجارية مع بكين بالـ "مُكثفة"، مؤكدًا أنها تحدث بشكل شبه يومي.
وأشار كودلو إلى حذر بلاده حيال مناقشة جولة التعريفات الجمركية التي ستبدأ في 15 كانون الأول، والتي تشمل ما قيمته 160 مليار دولار من الواردات الصينية، بما في ذلك المواد الاستهلاكية مثل الهواتف المحمولة وسط ادعاءات الولايات المتحدة أن شركة هواوي الصينية الرائدة في مجال تكنولوجيا الاتصالات السلكية واللاسلكية تشكل تهديدًا أمنيًا على الديمقراطيات الغربية.
وقال في هذا السياق "ليست هناك مهلة تعسفية"، مضيفًا إن القرار النهائي لترامب وحده.
وفي حال سريان التعريفات الجديدة في 15 كانون الأول/ ديسمبر، فإن جميع البضائع التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين ستكون مشمولة بالرسوم العقابية.
من جهتها، أفادت وكالة "بلومبرغ" أن البلدين يقتربان من الاتفاق على مقدار الرسوم الجمركية التي سيتم التراجع عنها خلال "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري، من دون تحديد موعد.
الصين تفرض قيودًا جديدة على الدبلوماسيين الأميركيين
وفي خضم هذه الحرب التجارية وادعاءات الولايات المتحدة حول الصين، فرضت واشنطن أيضًا قيودًا على بكين عبر خطوة جديدة تتمثل بمطالبة جميع الدبلوماسيين الصينيين بالتسجيل المسبق للاجتماعات مع المسؤولين، حتى المستوى البلدي وكذلك زيارات للمؤسسات التعليمية والبحثية.
وردًا على هذه القيود، أعلنت الصين أنها ستطلب من الدبلوماسيين الأميركيين أن يقدموا إشعارًا لمدة خمسة أيام قبل عقد اجتماعات مع مسؤولين أو أكاديميين صينيين.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ في مؤتمر صحافي إن هذه القاعدة كانت ردًا مباشرة على خطوة واشنطن.
وأكدت هوا تشونينغ أنه يتعين على الولايات المتحدة "تصحيح أخطائها، وإلغاء القرار ذي الصلة، وتقديم الدعم والراحة للموظفين الدبلوماسيين والقنصليين الصينيين في الولايات المتحدة لأداء واجباتهم".
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة المالية الصينية إعفاء فول الصويا ولحم الخنزير الأميركيين من رفع التعرية الجمركية بينما يتفاوض الجانبان على صفقة تجارية.
وتوعدت الصين برفع التعريفات، لكن لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل حول موعد سريان مفعولها. وقالت وزارة المالية إن بكين "تنفذ الاستثناء"، لكنها لم تذكر تفاصيل.
وأكدت وزارة التجارة الصينية إنه يتعين خفض الرسوم الجمركية كي يتم التوصل إلى "اتفاق المرحلة واحد التجاري" مع الولايات المتحدة.
وكان سفير الصين لدى الولايات المتحدة تسوي تيانكاي قال إن الدولتين تحاولان حل خلافاتهما بشأن التجارة، لكنه حذر من قوى قال إنها تسعى للوقيعة بين الجانبين دون أن يدلي بأي تفاصيل.
وذكر السفير خلال عشاء استضافه مجلس التجارة الأميركي الصيني، أن العلاقات الأميركية الصينية تمر بمفترق طرق خطير بسبب الخلافات التجارية، غير أنه أوضح أن من الممكن العودة إلى مسار أفضل.