الخليج والعالم
بالإحصاءات والأرقام .. مراسيم أربعينية الإمام الحسين (ع) لهذا العام
علي المؤمن
لم يظهر أي مؤشر جديد هذا العام أيضاً على تغيير موقف وسائل الإعلام العربية والعالمية السلبي من المراسيم السنوية لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين في العراق، وتعمدها التعتيم عليها، برغم أنها ـ وفق المقاييس المتعارفة دولياً ـ أضخم تجمع بشرى في ماضي الكرة الأرضية وحاضرها. وفرادته الأخرى أنه يكرر سنوياً. وعلى أفضل المحامل، نقول أن بعض هذه الوسائل يتقاعس في تغطية المراسيم، في حين أنه مستعد لبث تغطيات مباشرة وعلى مدار الساعة لأحداث أقل أهمية بمئات المرات .
وكعادتنا في كل سنة، نقدم إحصاءات وافية وشبه دقيقة عن المراسيم، بناء على معايشة ميدانية واستقصاءات حرفية وتواصل مباشر مع الجهات المعنية، كي لانعطي لوسائل الإعلام العربية والعالمية مبرراً بعدم وجود معلومات:
1- اشترك في المراسيم ما يقرب من واحد وعشرين مليون إنسان، في الفترة من 5 الى 20 صفر( 4ـ 19 تشرين الأول / كتوبر 2019)، بينهم (17) مليون عراقي من داخل العراق وخارجه، أي ما يقرب من 40 بالمائة من سكان العراق، أو حوالي 75 بالمائة من شيعة العراق. وهي بذلك أضخم وأكبر تجمع بشري في تاريخ العالم وحاضره.
2- اشترك في المراسيم ما يقرب من (500) ألف عراقي مغترب، وفدوا من حوالي (50 ) بلداً.
3- اشترك في المراسيم آلاف من المسلمين السنة، وكذلك المسيحيين والصابئة.
4- اشترك في المراسيم مايقرب من أربعة ملايين غير عراقي، ينتمون الى أكثر من (70) جنسية. بينهم ثلاثة ملايين ايراني، ونصف مليون باكستاني، ونصف مليون من باقي دول العالم، لا سيما الهند وآذربايجاني وتركيا وأفغانستان ولبنان والكويت والبحرين والسعودية وغيرها. أي أنه أكبر تجمع بشري أجنبي يجتمع في بلد واحد خلال أيام محددة.
5- انطلق المشاركون من أكثر من (500) مدينة وناحية وقرية عراقية، من جنوب العراق وشماله وشرقه وغربه، في مسيرات راجلة؛ أي مشياً على الأقدام باتجاه مدينة كربلاء، حيث مرقد الإمام الحسين. أي أنها المسيرة الوحيدة في العالم التي تتفرد بتتعدد مراكز انطلاقها بهذا المستوى الكبير.
6- مجموع طول الطرق التي قطعتها المسيرات الراجلة أكثر (2000) كم، أي أنها أطول مسيرة راجلة عرفتها البشرية.
7- سار المشاة لمدد متفاوتة، تبدأ بيوم واحد وتنتهي بخمسة عشر يوماً متواصلاً.
8- على مدى الأيام الـ (15) يوماً التي استغرقتها المسيرة، وعلى طول طرق الـ (2000) كيلومتر التي قطعها المشاة، تم نصب أكثر من (100) ألف سرادق وخيمة ومضيف وحسينية وجامع، متراصة، وكلها للخدمة. وقد قدمت مختلف أنواع الخدمات على مدار الأربع وعشرين ساعة يومياً، كالطعام والشراب والمرافق الصحية والمبيت والإستراحة والصلاة والعبادة والعلاج والإسعاف والإتصالات والنقل والنظافة والأمن وغيرها. وهي بذلك أضخم وأكبر مجموعة مرافق خدمية تعمل في وقت واحد وفي رقعة متصلة، على مستوى العالم.
9- قامت المرافق الخدمية بتقديم ما مجموعه (125) مليون وجبة طعام تقريباً، و(150) مليون لتر من مياه الشرب، وخمسة ملايين قنينة عصير، وحوالي (500) ألف طن من أنواع الفواكه والخضر. أي ما معدله سبعة ملايين وجبة طعام يومياً تقريباً. أي أنها أطول وأضخم مائدة طعام وشراب عرفتها البشرية حتى الآن.
10- قامت المرافق الخدمية أيضاً بتأمين حوالي (60) مليون خدمة مبيت للمشاة، على طول الطرق التي يقطعونها. أي أنها على مستوى العالم؛ أكبر استضافة مبيت في مساحة جغرافية متصلة و أوقات محددة.
11- اشترك في العمل في مجمل المرافق الخدمية أكثر من (600) ألف شخص، من مختلف الإختصاصات: طباخين، بنائين، تقنيين، عمال، علماء دين، مهندسين، أطباء، صيادلة، سائقين، مترجمين، مرشدين. ولم يستلموا طيلة عملهم فلساً واحداً؛ بل كان كثير منهم يساهم في الإنفاق على المراسيم. أي أنها أكبر كتلة متطوعين عرفتها البشرية حتى الآن.
12- رفعت في هذه المراسيم أكثر من ثلاثة ملايين راية وعلم صغير ومتوسط وكبير، يحمل معظمها الألوان السوداء والخضراء والحمراء. وبينها أيضا عشرات آلاف من العلم العراقي، وبضع مئات من أعلام الدول التي يفد منها المشاركون، سيما البحرين وايران ولبنان. وبذلك فهي أكبر كمية رايات وأعلام ثابتة ومتحركة ترفع في مناسبة واحدة وفي أماكن متصلة، وبأعداد لم تعرفها البشرية من قبل.
13- المشاركون في المراسيم كانوا ينتمون الى كل فئات المجتمع وطبقاته وشرائحه: متدينين وغير متدينين ( بالرغم من الطابع الديني للمراسيم )، أميين ومفكرين ومثقفين وحملة أعلى الشهادات الجامعية، أناس عاديون وكبار قادة الدولة، فقراء وثرياء، جهلة بالدين وكبار الفقهاء والمجتهدين. ولم يظهر أي فرق بين هؤلاء في تقديم كل أنواع الخدمة والبذل والعطاء المادي والمعنوي، بل وحتى في الزي، إذ ذابت جميع الفوارق في إطار الملابس السوداء التي يرتديها أغلب المشاركين.
14- لم تحدث طيلة أيام المراسيم، وفي كل المدن والطرق التي تواجد فيها المشاركون العشرين مليون، أية حوادث أدت الى اصابات، أو مشاجرات أو أعمال عنف أو حوادث مرورية؛ ولو بسيطة. وهي حالة فريدة تاريخياً وجغرافياً على مستوى العالم.
15- تحمّلت مدينة كربلاء العبء الأكبر في المراسيم، ككل عام؛ فهي المركز التي تتوجه اليها مسيرات المشاة المليونية، وفيها ختمت المراسيم بمشاركة أكثر من (15) مليون إنسان في يوم العشرين من صفر. وهي أكبر كتلة بشرية، على مستوى العالم، تشارك بمناسبة واحدة، في مكان واحد وفي يوم واحد.
16- تحمّلت مدينة النجف الأشرف، العبء الأكبر في المراسيم بعد كربلاء؛ كونها المدينة المؤسِسة لمراسيم مسيرة المشاة الأربعينية في التاريخ الحديث، وكذلك بحكم موقعها الجغرافي. ويتحمل النجف المسؤولية التاريخية في حماية الإنتفاضة معنوياً ومادياً. وقدر حجم إنفاق أهالي النجف على هذه المراسيم لهذا العام مايقرب من (100) مليون دولار، أي حوالي 20 بالمائة من مجموع ما ينفق على جميع المراسيم، وكلها تبرعات من الأهالي. فضلا عن أن معظم سكان مدينة النجف يتفرغ لإحياء هذه المراسيم لمدة تتراوح من 5 الى 15 يوماً متواصلة، وتكان تخلو المدينة من سكانها المليون ونصف المليون نسمة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من المراسيم (17 ـ 20 صفر).
17- مجموع ما أنفقه الأهالي على جميع المراسيم هذا العام، وبدوافع ذاتية محضة، بلغ حوالي (500) مليون دولار. وتراوح حجم تبرعات الأفراد بين 250 دينار عراقي (20 سنت أمريكي) و 650 مليون دينار عراقي (500 ألف دولار أمريكي).
18- المشاركون في المراسيم، وكذا المتبرعون بأموالهم ووقتهم وممتلكاتهم، كانوا يتحركون بدوافع ذاتية، لادخل فيها لدولة أو حكومة أو تنظيم أو مرجعية سياسية أو دينية، ولا علاقة لها بقرارات سياسية أو اجتماعية أو فتاوى؛ بل ترتكز هذه الدوافع على قاسم مشترك، هو الإيمان بنهضة الإمام الحسين وذكراه، وأنها جديرة بأن تُحيى وتستمر.
19- قامت الدولة العراقية من خلال الجيش والشرطة والإدارات المحلية والمؤسسات الصحية والخدمية، الى جانب قوات الحشد الشعبي ومنظمات المجتمع المدني، بتأمين الجانب الأمني للمراسيم، وجزء من الجانب الخدمي واللوجستي، وتنظيم حركة المرور والنقل.