الخليج والعالم
كاتب تركي: لهذا غزا أردوغان الشمال السوري
رأى الكاتب التركي سونر كاجابتاي أن تقييد العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا سيكون صعبا، وأحال ذلك لعاملَين أساسيين يرتبطان بالداخل التركي.
وفي مقالة نشرها "معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى"، أوضح الكاتب أن العامل الأول يتمثّل بامتعاض الشارع التركي من حزب العمال الكردستاني، لافتًا إلى أن الغالبية الساحقة منه تعتبر هذا الحزب منظمة إرهابية.
وقال الكاتب إن ثمة تأييدا واسعا للعمل العسكري ضد وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، لافتًا إلى أن نسبة كبيرة من الأتراك يعتبرون أن وحدات حماية الشعب هي فرع لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
أما العامل الثاني، فقال الكاتب إنه يتمثل بموضوع اللاجئين، مشيرًا إلى أن استضافة تركيا لـ 4 ملايين لاجىء سوري شكّل حالة من الامتعاض بسبب تراجع الوضع الاقتصادي الذي بدأ عام 2018.
وتابع كاجابتاي قائلًا إن الناخبين الأتراك من الطبقة العاملة يتهمون السوريين بسرقة وظائفهم والتسبب بزيادة الإيجارات، وأشار أيضاً إلى أن الناخبين الأتراك من الطبقة الوسطى يتهمون اللاجئين السوريين بنشر "قيمهم الثقافية المحافظة".
وقال الكاتب إن الحكومة التركية تدرك هذه الأمور وتشعر بالتالي أنها مضطرة للقيام بعمل ما عاجلًا وليس آجلًا، موضحا أن أنقرة اختارت بدء العملية العسكرية في مناطق حيث غالبية السكان هم من العرب، وسمّى في هذا السياق منطقة "رأس العين" ومنطقة "تل الأبيض".
ولفت كاجابتاي إلى أن نسبة كبيرة من العرب الذين يعيشون في مناطق تسيطر عليها وحدات حماية الشعب ممتعضون من سياسات الأكراد، ورجّح بالتالي أن يرحّب هؤلاء بالوجود التركي العسكري في المنطقة.
وإذ قال الكاتب إن أنقرة تنوي نقل اللاجئين السوريين إلى مناطق تخطط للسيطرة عليها بعد طرد وحدات حماية الشعب منها، لفت إلى أنه بمجرد إعادة بضعة آلاف من السوريين قد يساعد الرئيس رجب الطيب أردوغان على تخفيف حدة الغضب في الشارع التركي حول هذه القضية.
كاجابتاي تحدث عن هدف ديموغرافي لأنقرة يتمثل بتحويل مناطق حدودية سورية إلى مناطق عربية وبالتالي تقسيم المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب إلى كانتونات منعزلة.
وفي الوقت نفسه، قال الكاتب إن الحكومة التركية تريد استئناف محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني للتوصل إلى تسوية، غير أنه لفت إلى أن ثمة اعتقادا لدى أنقرة بوجوب القيام بعملية "إعادة توازن" للعلاقات بين حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية بالدرجة الأولى.
وأوضح الكاتب أن حزب العمال الكردستاني انسحب من محادثات السلام مع أردوغان بعد المكاسب الميدانية التي حققتها وحدات حماية الشعب في سوريا، كما أضاف أنه قام حينها بشن حملة عسكرية ضد الحكومة التركية في صيف عام 2015، حاول خلالها السيطرة على مدن في شمال شرق تركيا كما فعلت وحدات حماية الشعب في المناطق السورية الحدودية.
وفي هذا الشأن خلص الكاتب إلى أن أنقرة تريد إجبار حزب العمال الكردستاني على العودة إلى طاولة المفاوضات، وقال إن تقليص الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب يخدم هذا الهدف.
وفي ما يتعلق بالموقف الأميركي، أشار الكاتب إلى مطالبة "الكونغرس" إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات على تركيا بسبب العملية العسكرية التي تشنها في شمال شرق سوريا، واعتبر أن ذلك يعني أن الوقت محدود لتركيا كي تحقق أهدافها في عمليتها العسكرية، إذا ما أرادت تجنب العقوبات الأميركية.
كما قال كاجابتاي إن الإدارة الأميركية ستكون مستاءة في حال أدت العملية التركية إلى فراغ يسمح لـ"داعش" أو "محور إيران- الأسد" بالعودة إلى شرق سوريا، إلا أنه أوضح أن كل ذلك لا يعني بالضرورة أن البيت الأبيض سيحاول إيقاف العملية التركية أو تعطيل أهداف تركيا في سوريا.
وفيما ذكر الكاتب أن ترامب دعا نظيره التركي رجب طيب إردوغان لزيارة البيت الأبيض بتاريخ الثالث عشر من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، قال إن "هذا التاريخ قد يكون نهاية المهلة الزمنية التي مُنحت لأنقرة كي تحقق أهدافها في سوريا".