الخليج والعالم
خلفيات العدوان التركي على الشرق السوري .. ودور دمشق في ردعه
تحت مسمى "نبع السلام"، بدأ العدوان التركي على مناطق شرق الفرات. القصف التركي يطال كل شيء في الشمال الشرقي لسوريا في مشهد مماثل لما جرى خلال عملية إحتلال عفرين العام الماضي والتي كانت تحت مسمى "غصن الزيتون". مسمّيات عديدة للعمليات التركية، ولكن نتيجتها الدمار إذ لا يقتصر القصف التركي على النقاط العسكرية لـ"قسد" بل يطال المدنيين العزّل وبيوتهم، وكل ذلك وسط أنباء عن عودة باردة لخطوط الحوار بين دمشق وقوات سوريا الديموقراطية، فهل سينجح هذا الحوار ويكون طوق نجاة المنطقة الشرقية من المستنقع التركي أم أنّ الأمر ليس بيد مسؤولي "قسد"؟.
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق عقيل محفوض رأى في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ "ما يحدث اليوم مع مسؤولي "قسد" هو خسارة لهم في كل شيء"، وقال "أصبحوا ذراعاً بريّة لأمريكا وهنا كان سوء تقديرهم وخطأ فهمهم لمقتضيات السياسة"، وأضاف "كل المحاولات السابقة لردم الفجوة بينهم وبين دمشق أخفقت وكان هناك صعوبة في إيجاد أجندة مشتركة يمكن التفاهم حولها فيما بينهم لأنّ الولايات المتحدة أمسكت ولا زالت تمسك برهانات الكرد وأجنداتهم ودفعتهم لتبني مزيد من التطرف في الخيارات النافرة وهذا ما دفع العديد منهم الى مراجعة حساباتهم والالتفات الى رهانهم الخاطئ بالتعويل على الولايات المتحدة".
وتابع محفوض قائلاً: "هذا ما سبق وأن أشار إليه كل من (الأمين العام لحزب الله سماحة) السيد حسن نصر الله والرئيس السوري بشار الأسد في خطاباتهما، فالطريق الوحيد السالك الذي يوصل "قسد" لنهاية سعيدة هو الاتجاه صوب دمشق وهذا ما لم يدركه مسؤولوها حتى اليوم، إذ نراهم الآن وبعد العدوان التركي يطرقون كل الأبواب ويتحدثون إلى إيران وروسيا وفرنسا وغيرهم إلا أنهم لم يطرقوا أبواب دمشق".
وأشار الأستاذ الجامعي في جامعة دمشق إلى أنّ "قسد" ليست حرّة في خياراتها وهي تتبع ما تقوله أمريكا وما تمليه عليها"، وأضاف "بعض التحليلات تذهب إلى أنّ كل ما يحدث اليوم هو تفاهمات حتى قسد جزء منها بمعنى أنها خُيّرت مسبقاً بين أن يتم تفكيك مشروعها بالكامل وبين إبعادها عن الحدود التركية وأن تخسر شيء أفضل من كل شيء"، مرجحاً بأن تكون وافقت على ذلك "إذ رأيناها مسبقاً كيف وافقت على اتفاق المنطقة الآمنة بين واشنطن وأنقرة ولم تعارضه بل كانت جزءاً من الموضوع"، لافتاً إلى أنّه "يجب التدقيق في الوضع الحالي فلا الأمريكي أعلن عن إنسحاب كامل من شرق الفرات وتفكيك قواعده ولم يعلن أيضاً عن وقف دعم "قسد" بل إن ما يحدث هو إعادة ترتيب للوضع الأمني بتفاهم خفي"، واستدرك بالقول "لكن المخاوف تنبع من تنكر التركي لتفاهماته غير المعلنة تلك كعادته ويحاول خلق ظروف جيدة من أجل إعادة التفاوض".
ومن الناحية العسكرية، قال العميد السوري سعيد أحمد لموقع "العهد" أنّ "العدوان التركي يهدف لضرب القواعد والنقاط العسكرية لـ "قسد" ووحدات حماية الشعب الكردية في الشمال والمناطق الحدودية وفرض وجود عسكري واحتلال لاستنزاف خيرات المنطقة ومنع سوريا للعودة لوضعها الطبيعي"، ولفت الى أن العدوان التركي "لم يقتصر فقط على المواقع العسكرية بل استهدف المدارس و البيوت والبنية التحتية للمنطقة"، وتابع: "العدوان بدأ بتمهيد مدفعي وجوي كبير وتحديد مسارات الخرق البري في المناطق الحدودية وفقاً لخطة متفق عليها بين تركيا وأمريكا".
ولفت العميد السوري إلى أنّ "العمل العسكري العدواني التركي سيؤدي لإعادة "تدوير" وإنتاج الإرهابيين الداعشيين الأسرى لدى "قسد" والذين يصل عددهم إلى أكثر من اثني عشر ألف إرهابي لاستخدامهم مرة أخرى في خدمة سياسات الرئيس أردوغان".