الخليج والعالم
افتتاح معبر البوكمال: رسائلٌ سياسية وتكاملٌ اقتصادي بين دمشق وبغداد
علي حسن
افتُتح معبر القائم ـ البوكمال الحدودي بين سوريا والعراق. المعبر ذو الأهمية الاستراتيجية يعود للعمل بقرار سوري ـ عراقي مشترك له فوائده و نتائجه الهامة جداً للبلدين على المستوى الاقتصادي، ومما لا شك فيه أن لذلك رسائل سياسية أيضاً إذ كان المعبر لعدة سنين نقطة سيطرة استراتيجية للإرهابيين المدعومين قبل أن يُستعاد من الجيشين السوري والعراقي بعمليات سعى الغرب لعرقلتها خصوصاً من الجانب السوري.
بقرار وترتيبات مشتركة بين حكومتي دمشق وبغداد أٌعيد افتتاح معبر القائم البوكمال الحدودي أمام حركة المسافرين والبضائع التجارية ليعود بذلك شريان الضخ التجاري بين البلدين الشقيقين.
الخبير الاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة تحدث لموقع "العهد" الإخباري عن هذا الحدث الاستراتيجي وقال إنّ "أهمية المعبر من الناحيتين الاقتصادية والجيوبوليتيكية أكثر من حيوية وأكثر من ضرورية، فالتواصل البري بين البلدين حيوي على طريق البناء المتدرج للتكامل الاقتصادي، وهو أمر منعه الغرب عبر أدواته في المنطقة منذ مشروع الوحدة التي أفشلها النظام العراقي أواخر سبعينيات القرن الماضي"، مضيفًا "كما أن من شأن افتتاح هذا المعبر إضعاف مفاعيل الضغط والحصار الاقتصادي الذي يستهدف سوريا، وإسقاط محاولات تقطيع أوصال محور المقاومة، وهو ما كان في صلب نوايا رعاة الارهاب في سوريا، الذين خططوا ونفذوا هذا السيناريو بزرع داعش في هذه المنطقة، ثم بتغذية المجموعات ذات النزعة الانعزالية الانفصالية بعد أن ظهر واضحاً فشل مشروع داعش وتقويضه من قبل قوى محور المقاومة".
واعتبر دنورة أنّ "الاهمية الاقتصادية تتجاوز التبادل التجاري ولا تتوقف عند الترانزيت، بل تتعداهما الى السياحة وتنشيط الاستثمارات المتبادلة والتكامل في موضوع إعادة الاعمار في كل من البلدين، فضلاً عن إمكانية عبور أنابيب النفط من المنطقة الآمنة للحدود بين البلدين، وهو مشروع قد يشهد دفعة للامام بعد افتتاح المعبر".
في البعد الجيواستراتيجي الدولي فإن عودة التواصل البري بين البلدين تعزز إمكانية انخراطهما اللاحقة بشكل كامل في مبادرة الحزام والطريق، الأمر الذي يعني استقطاب الاستثمارات الصينية، ويعتبر قيمة مضافة لنفاذ التجارة الشرق آسيوية نحو مياه المتوسط وبالتالي أوروبا وشمال افريقيا، وببساطة فإن إيجاد منطقة تعاون اقتصادي تمتد من المتوسط الى وسط آسيا حتى حدود إيران وأفغانستان يمنح للدول في هذه المنطقة قدرات فائقة على التكامل والصمود والتنمية والتطوير بحسب حديث الدنورة الذي أكد لـ"العهد" أنّ "وجود تهديد جدي من قبل بقايا داعش على المنطقة هو احتمال ضعيف، لا سيما أن افتتاح المعبر سبقته جهود عسكرية أمنية قوية للقضاء على فلول التنظيم، ولكن بدون شك إنه بعد افتتاح المعبر ستحظى المنطقة بجهود وامكانيات عسكرية مضاعفة لتأمين منطقته لا سيما في ظل الاهمية الاستراتيجية لفتحه وضمان العمل فيه".
ولفت دنورة خلال حديثه لـ"العهد" الى أنّ "الأمريكي والاسرائيلي وحلفاءهما في المنطقة سينظرون الى افتتاح المعبر بوصفه نصرا كبيرا لمحور المقاومة والجانب السوري، وشاهدنا غارات وصفت بأنها مجهولة الهوية على منطقة البوكمال بغرض التأثير والإعاقة، ولكن محاولة استهداف المعبر أو حركته التجارية امر آخر قد يؤدي في حال أقدم عليه الأمريكيون أو الاسرائيليون الى تصعيد سياسي وعسكري كبير جداً".
دنورة أشار الى انّه: "في الآونة الأخيرة شاهدنا انكفاءً أمريكياً نسبياً عن الدور التقليدي في عرقلة وتخريب الحلول، فقد أحجمت "المجموعة المصغرة" عن التدخل لعرقلة اللجنة الدستورية، كما لم نلحظ تدخلاً أمريكياً مباشراً مؤخراً في موضوع فتح المعبر، وبتقديري يعود ذلك إلى حد بعيد إلى توقيت إعلان كلا الخطوتين، فالإدارة الامريكية مترنحة ومأزومة ورأسها ترامب تحت سيف العزل، وحلفاؤها الاسرائيلي والسعودي في وضع دقيق وحساس، الأول في انتخاباته المتعثرة، والثاني في مستنقعه اليمني الذي عجزت الولايات المتحدة عملياً عن إنقاذه منه، وبالتالي قدرة الأخيرة أو أي من حلفائها على فتح اشتباك سياسي أو عسكري في ملف جديد هي قدرة منخفضة جداً بل وغير ممكنة منطقياً".
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024