معركة أولي البأس

الخليج والعالم

المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية قيس سعيد لـ
05/09/2019

المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية قيس سعيد لـ"العهد": فلسطين ليست قابلة للبيع

 

روعة قاسم

تبدأ في 15 سبتمبر/أيلول 2019 الانتخابات الرئاسية التونسية المبكرة، والتي تقررت عقب وفاة الباجي قائد السبسي، أول رئيس‭‭‭‭ ‬‬‬‬منتخب ديمقراطيًا في تونس عن عمر ناهز 92 عامًا. وفيما يتنافس في السباق الانتخابي 26 مرشحًا، انطلقت الحملة الانتخابية في 2 سبتمبر/ أيلول.

موقع "العهد" الاخباري الذي يواكب الانتخابات التونسية بتغطية خاصة، كان له حوار خاص مع المرشح للانتخابات أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، الذي أكد أن برنامجه الانتخابي يرتكز بالأساس على جملة من الأهداف الوطنية المرتبطة بسيادة تونس وحمايتها من كل التحديات التي تواجهها. واعتبر في حديثه لـ "العهد" أن تونس دخلت مرحلة جديدة في التاريخ ولا يمكن مواصلة التعامل معها بآليات قديمة بائسة تجاوزتها الأحداث. وشدد على أن القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الشعب التونسي وأن تونس تقف دائمًا الى جانب القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، محذرًا من خطورة انتشار "ثقافة الهزيمة". كما أكد أن تطبيع العلاقات مع العدو الاسرائيلي يعد خيانة كبرى للوطن. في ما يلي نص المقابلة:

- لماذا ترشحت للانتخابات الرئاسية؟ وما هي أبرز نقاط برنامجكم الانتخابي؟

قدمت ترشحي للانتخابات الرئاسية التونسية انطلاقًا من شعوري العميق بالمسؤولية وليس انطلاقًا من تصورات باتت مألوفة وتقليدية في مثل هذه المناسبات. ترشحت لأنني مدين لوطني ولأنني أشعر بضرورة أن أقوم بالواجب في هذه المرحلة وأن أقدم جملة من الحلول للأوضاع التي تتردى يومًا بعد يوم في تونس. من هذا المنطلق اتخذت القرار منذ أكثر من سنة وأعلمت بذلك التونسيين والتونسيات عبر وسائل الاعلام.

الوطن لا يمكن أن يكون موضوع صفقة. الوطن ليس قرية أو حقلًا حتى يباع ويشترى

وكنت للأمانة قد قررت ذلك عندما اعترضني أحد الشبان في سنة 2017 صدفة ولا أعرفه وقال لي لماذا تخليت عن انتخابات 2014 ؟ لم انس ذلك الموقف ومنذ تلك اللحظة اعتبرت أنه من واجبي أن أقدم ترشحي لأن الكثيرين والكثيرات في تونس يبدو أن لهم ذات الموقف الذي أعلن عنه هذا الشاب.

- كيف ترون دور رئيس الجمهورية في السنوات الخمس القادمة؟

اعتبر أن تونس اليوم دخلت في مرحلة جديدة في تاريخها، وآن الأوان لأن يكون من يتم انتخابه معبرًا تعبيرًا كاملًا عن ارادة من اختاروه وان يكون مسؤولًا أمامهم في أي قرار يتخذه. دخلنا مرحلة جديدة في التاريخ ولا يمكن أن نواصل التعامل بآليات قديمة بائسة تجاوزتها الأحداث.

هناك بطبيعة الحال النص الدستوري الذي يحدد دور ومسؤوليات رئيس الجمهورية. فرئيس الدولة هو رمز لوحدتها وضامن لاستمراريتها ولكن له جملة من الاختصاصات الهامة تتعلق بالمبادرات التشريعية وبختم القوانين وبإمكانية المبادرة لتعديل الدستور. هو رئيس لمجلس الأمن القومي وهو الذي يتولى الخارجية وهو قائد للقوات المسلحة العسكرية. له العديد من الصلاحيات الأخرى مثل اعلان حالة الطوارئ أو اتخاذ التدابير الاستثنائية وغير ذلك. فدوره هام رغم أن البعض يتحدث عن أن السلطة التنفيذية في مجملها تعود لرئيس الحكومة المنتخبة عن الأغلبية التي ستفرزها الانتخابات التشريعية. القضية اذًا لا تتعلق بالاختصاصات بقدر ما تتعلق بالدور الهام والمحوري الذي يمكن ان يقوم به رئيس الجمهورية كرئيس للدولة وهو ليس بالأمر الهين ويمكن أن يتجه للشعب بخطابه كما يتجه لأعضاء المجلس النيابي في خطاب وغيرها من الوسائل التي تمكنه من التعبير عن اختياراته ودوره يستمده بالأساس - حتى لو كانت صلاحياته تبدو متقلصة بالنسبة للبعض - من المشروعية الشعبية التي يتمتع بها.

القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الشعب التونسي

اذًا هو دور محوري وهام، ويجب على رئيس الجمهورية أن يقوم بدوره كاملًا في بيان السياسة التي يريد أن يتبعها. واعتقد أنه يجب التركيز في هذا المجال على مفهوم الامن القومي. فالامن بمفهومه الواسع يشمل أمن الغذاء والصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والفلاحة، والى غيرها من القطاعات الاخرى التي تدخل في اطار الامن القومي. ويمكن في هذا الاتجاه أن يلعب رئيس الجمهورية دورًا محوريًا وهامًا في الحفاظ على الامن المذكور بالمفهوم الواسع.

- كيف تنظرون الى الوضع في المنطقة العربية خاصة الاعتداءات الصهيونية المتكررة على لبنان وسوريا في الآونة الاخيرة؟

بالنسبة للعلاقات الخارجية، تونس جزء من الأمة العربية وجزء من الامة الاسلامية، وقد حصلت انفجارات ثورية في عدد من الدول، لكن تحولت هذه الانفجارات الى مؤامرات لا على الشعب ولكن على الدولة. في سوريا على سبيل المثال، من تدخل من الخارج فهو قد تدخل لإسقاط الدولة، وهناك فرق بين النظام والدولة. فالنظام هو شأن لا يهم الا السوريين والسوريات وحدهم. والدولة تهم بطبيعة الحال السوريين والسوريات ومن اعتدى على سوريا كان هدفه تقسيم سوريا ووضعها في هذا الوضع الذي تعيشه اليوم. ليس لأحد أن يتدخل في اختيارات الشعب السوري وليس لأي كان أن يتدخل لضرب الدولة السورية من أجل اسقاطها.

- كيف ترون دور تونس الاقليمي والدولي وكيف سيكون تعاملكم خاصة أن تونس سيكون لها دور كبير من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الامن في مساندة القضايا الهامة في الوطن العربي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؟

القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الشعب التونسي وقضايا الأمة أيضًا ستبقى في وجدانه، والوجدان لا يمكن أن تغيره المعاهدات والاتفاقيات لأن هذه الاتفاقيات لن تمر ما دام الشعب ينتصر للقضايا العادلة. القضية الفلسطينية هي قضية الشعب الفلسطيني التي كانت توصف في القرن العشرين بمظلمة القرن. واليوم تتواصل هذه المظلمة وصارت مظلمة القرنين، وفلسطين ليست قرية حتى تكون موضوعًا لصفقة. فلسطين هي فلسطين وكل ما يؤذي الشعب العربي في فلسطين أو أي مكان يؤذينا وكل ما يفرحهم يفرحنا. قضايانا هي قضاياهم ولا يمكن أن تمر الاتفاقيات والمؤامرات والصفقات التي يتعرض لها هذا الشعب ما دام الشعب العربي يستبطن في وجدانه هذه القضايا. مهما كانت الظروف والصعاب والضغوطات التي يمكن أن تمارس من قبل بعض الأطراف، الا أن فلسطين ليست قابلة للبيع ولا يمكن أن تكون موضوع صفقة لأن فلسطين ليست بستانًا أو أرضًا للبيع. وللشعب الفلسطيني حقه التاريخي والمشروع وسيتمكن إن شاء الله طال الزمن أو قصر من حقه في أرضه وفي القدس الشريف.

لسنا اداة ولا يجب أن نكون أداة لأي طرف خارجي

- ما هي رؤيتكم لصفقة القرن؟

الشعوب لا يمكن أن تكون موضوع صفقة والوطن لا يمكن أن يكون موضوع صفقة. الوطن ليس قرية أو حقلًا حتى يباع ويشترى.

- كيف يمكن النأي بتونس عن سياسة المحاور الدولية؟
 
سياسة المحاور لم تجد نفعًا وهذه المحاور لم تؤدّ الا الى مزيد الاقتتال والتفرقة. المفروض أن تكون كل القرارات نابعة من ارادة الشعب. لسنا اداة ولا يجب أن نكون أداة لأي طرف خارجي. صحيح هناك توازنات في الخارج وتوازنات على الصعيدين الدولي والاقليمي ولكن هذه التوزنات لا يمكن أن تكون هي التي تحدد مبادئنا واختياراتنا، وتحدد الانتصار للقضايا العادلة أي قضايا الشعب العربي وخاصة الشعب الفلسطيني. لا يمكن لهذه السياسات أن تغير من مواقفنا والتاريخ سيثبت أن للشعوب حقًّا، حتى وإن وقّع بعض القادة اتفاقيات تتعارض في الواقع وستبقى متعارضة مع ما يستبطنه الشعب العربي في نفسه ووجدانه.

- بعض الدول الاقليمية تسارع الى التطبيع مع الكيان الاسرائيلي فكيف ترون ذلك؟

مفهوم التطبيع خاطئ أصلا ولم يكن موجودًا كمصطلح. بدأ في الظهور بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد. الأمر الطبيعي أننا في حالة حرب مع الاحتلال الاسرائيلي ومن يقيم علاقات مع عدو نحن في حالة حرب معه لا أعتقد أنه يطبع بقدر ما أن الأمر يتعلق بخيانة عظمى. كلمة التطبيع في غير محلها ولم تكن موجودة. وانا ارفض كلمة التطبيع، فالوضع الطبيعي انك في حالة حرب ومن يقيم علاقات مع عدو في حالة حرب معه فعمله يسمى خيانة للوطن وليس تطبيعا.

- كيف يمكن محاربة هذا التطبيع؟

بالاستناد الى الارادة الشعبية في الداخل. فنحن نتحدث عن تطبيع في حين ان الوضع الطبيعي اننا في حالة حرب. وهو نوع من الاستلاب الفكري. وانا سبق ان القيت محاضرة قانونية عن الدساتير في فلسطين وكيف تم وضع دساتير لفلسطين قبل وعد بلفور. وتحدثت عن ثقافة الهزيمة، هناك من يريد نشر ثقافة الهزيمة في الوطن العربي حتى نستبطن الهزيمة وتصبح كأنها أمر عادي. هناك حالة من الموت الفكري  وهناك فكر سياسي بالٍ يقوم على تمرير بعض المصطلحات حتى نستبطنها مثل "التطبيع". فالتطبيع هو خيانة عظمى.

- كيف تنظرون الى الأزمة الليبية؟

الأزمة الليبية هي أزمة يدفع الليبيون ثمنها. من حق الليبيين والليبيات أن يختاروا بكل حرية ومن حقهم أن يطالبوا بأن ترفع عنهم كل انواع التدخل. ليتركوا الليبيين والليبيات لاختيار ما يريدون بكل حرية. الازمة الليبية ليست ازمة الشعب الليبي بل هي نتيجة لتدخل القوى الاقليمية ومنها من يتحدث هكذا بكل صفاقة عن حقوق تاريخية في ليبيا. من كان له حق تاريخي في ليبيا هو الشعب الليبي فقط.

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم

خبر عاجل