عين على العدو
تخبّط نتنياهو يثير خلافات كبيرة داخل المؤسسة الأمنية
تناول المحلّل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، ارتفاع حدّة الخلافات بين المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، خلال الأسابيع الأخيرة، على خلفية الحرب في غزة وتفاصيل المفاوضات.
وأشار بن يشاي إلى أنه في "الأسابيع الأخيرة اشتدت حدّة الخلافات بين مسؤولي المؤسسة الأمنية، من بينهم وزير الحرب يوآف غالانت ورئيس الأركان هيرتسي هليفي من جهة، وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من جهة ثانية". وقال: "هم يطلبون منه بأن يحسم قراره في خمس قضايا استراتيجية مرتبطة ببعضها، يرونها ضرورية من أجل إنهاء حرب "سيوف حديدية" في الساحة الجنوبية والشمالية، لكنه -بحسب كلامهم- يمتنع عن اتّخاذ القرارات اللازمة". ونقل بن يشاي عن مصادر رفيعة في المؤسسة الأمنية قولها إن "نتنياهو يمتنع عن الحسم، وهو بذلك يمنع الجيش الإسرائيلي من التقدم لتحقيق أهداف الحرب".
بن يشاي ذكّر بحرب الأيام الستّة، وقال إن: "هذه الخلافات مشابهة لـ"تمرد الجنرالات" عشية حرب الأيام الستة. يتعلق الأمر بحادثة حصلت في الثاني من حزيران/يونيو 1967، قبل ثلاثة أيام من توجيه "إسرائيل" ضربة استباقية لأسلحة الجو التابعة لدول عربية. في جلسة الكابينت السياسي - الأمني طلب مسؤولو منتدى هيئة الأركان حينها - برئاسة رئيس الأركان يتسحاق رابين والضابطين أرييل شارون وماتي بيلد - أن يوعز رئيس الحكومة ليفي أشكول بالخروج إلى حرب ضدّ جيوش عربية، وخاصة مصر. أشكول ومعظم وزرائه تردّدوا، خاصة بسبب ضغط أميركي وخشية من وقوع ضحايا، لكن في نهاية المطاف أذعنوا لمطالب الضباط"؛ بحسب تعبيره.
وعدّد بن يشاي القضايا التي يُطالب نتنياهو بحسمها: "القضية الأولى تتعلق بالأسرى، ويطالب الجيش نتنياهو بأن يقرر إذا كان سيوقف الحرب لمدة غير محددة لصالح صفقة شاملة تُنفذ على عدة مراحل أو مرحلة واحدة. ويقول الجيش، بدعم من "الشاباك" لنتنياهو إن بإمكانه هزيمة حماس، سواء استمرت الحرب وجرى اجتياح رفح أم تأجيل الحرب إلى موعد آخر. ويعني ذلك أن الجيش يطالب بهدنة لكن نتنياهو يرفضها. في المحصلة، يقول المسؤولون لرئيس الحكومة: حققنا إنجازات تسمح لك باتّخاذ قرارات بطريقة أو بأخرى. قرّر فقط".
وتتعلق القضية الاستراتيجية الثانية وفقًا لما يقوله بن يشاي بـ"اليوم التالي"، حيث يعتبر الجيش بأن "عدم اتّخاذ نتنياهو القرار وعدم وجود خطوات سياسية لإقامة حكم مدني بديلًا لحماس في القطاع، يؤدي إلى عودة حماس إلى مناطق سبق أن "طُهّرت" وفكّكت فيها القدرات العسكرية والكتائب التابعة للمنظمات "الإرهابية". كما يرى الجيش أنه لا جدوى من اجتياح رفح من دون وجود حكم بديل لحماس؛ لأن المنظمة ستعود إلى السيطرة على منطقة الحدود مع مصر واستئناف نقل أسلحة إلى القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من رفح"؛ بحسب المحلل العسكري الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرونوت".
ونقل بن يشاي عن الجيش "وجود خيارين أمام "إسرائيل": الأول إقامة حكم عسكري يستوجب تجنيد فرقتين عسكريتين تبقيان بشكل دائم في القطاع وتديرانه. الثاني، أن يتوصل نتنياهو إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول تشكيل هيئة سلطوية في القطاع تكون مقرّبة من حركة فتح، بدعم ورعاية قوة عربية تشكّلها الإمارات ومصر والأردن، وربما السعودية والبحرين أيضًا. لكنّ حلًّا كهذا يحتّم على نتنياهو وحكومته الاستجابة لمطلب إدارة بايدن بالموافقة المبدئية على حل الدولتين. والجيش الإسرائيلي لا يتخّذ موقفًا حول هذه المسألة، لكنه يتوافق مع "الشاباك" على أن نتنياهو مطالب باتّخاذ القرار وتنفيذه".
القضية الثالثة وفقًا لبن يشاي هي الدخول إلى رفح. ويدّعي جيش العدو أنه: "أعدّ خطة قابلة للتنفيذ لإخلاء نحو مليون نازح في رفح، ويلي ذلك توغل بري إلى المدينة ومنطقتها على مراحل، بادعاء أنه بهذه الطريقة سيفكك كتائب حماس الثلاث التابعة للواء رفح وعناصر الجهاد الإسلامي الموجودين هناك. رئيس الأركان هليفي صدّق، منذ عدة أيام، على الخطط لإخلاء النازحين ولعملية عسكرية، لكن نتنياهو، بضغط من إدارة بايدن، ليس مستعدًا حتّى الآن لإصدار الأمر. ويقرّ الجيش أن قرارًا كهذا ليس سهلًا، بسبب الخشية على مصير الأسرى الذين من المحتمل أن يكون عدد كبير منهم في رفح، أو لأنهم يعرفون مدلولات الضغط الدولي".
ولفت بن يشاي إلى أن: "الجيش وجّه انتقادات شديدة لنتنياهو بسبب عدم إصداره أمرًا ببدء إخلاء المدنيين من رفح. لكن نتنياهو، في ظلّ الانتقادات الدولية، يرفض إعطاء الأمر ويمنع تفعيل رافعة الضغط العسكرية على حماس".
القضية الرابعة ترتبط بإنهاء المواجهة في الشمال. وكتب بن يشاي في هذا الإطار: "تزعم المؤسسة الأمنية أن استمرار الاعتياد على حرب الاستنزاف قد يثبّت الوضع، وقد لا يتمكّن سكان الجليل (المستوطنون) من العودة إلى منازلهم قبل عام أو أكثر. ويعتقد الجيش أن قرار الذهاب إلى حرب محدودة لإبعاد حزب الله عن الحدود، أو الانتظار لتسوية دبلوماسية وفقًا لقرار مجلس الأمن 1701، يجب أن يتخّذ فقط بعد أن يتحقق استقرار وحسم واضح في الجنوب".
القضية الخامسة بحسب بن يشاي: "هي ميزانية الأمن، والتي لا يوجد حيالها وضوح، وهي مهمّة خاصة حيال الاستعدادات لمواجهة محتملة مع إيران. أيضًا القرار حيال اليوم التالي في غزّة سيؤثر على المواجهة مع إيران، لأنه سيحدد ما إذا كان بالإمكان بلورة تحالف أميركي - إسرائيلي - عربي".
في هذا الإطار، رأى بن يشاي أن: "كل هذه القرارات الاستراتيجية مرتبطة ببعضها البعض، ولذلك المؤسسة الأمنية كلها، بقيادة غالانت وهليفي، وعلى ما يبدو أيضًا رئيس "الشاباك" رونن بار ورئيس "الموساد" دادي برنياع، يطالبون نتنياهو باتّخاذ القرارات اللازمة". ونقل عن مصدرين رفيعين قولهما لـ"يديعوت أحرونوت" إنه: "في حال لم يتخذ رئيس الحكومة والكابينت الموسّع قرارًا، فقد يلجأ قادة الجيش وغالانت إلى خطوات كانوا قد امتنعوا عن تنفيذها حتى الآن".
وقال أحد المصدرين إن: "كثيرين من ضباط الجيش قد يعلنون، خلال الأشهر القريبة، عن استقالات بسبب ضلوعهم في إخفاقات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأن هذه الحقيقة تسهّل عليهم توضيح موقفهم لنتنياهو. وبحسب زعمهم، يريدون إنهاء الحرب بالقضاء على حماس وإبعاد حزب الله عن الحدود الشمالية لإصلاح الضرر الاستراتيجي الذي لحق بـ"دولة إسرائيل" في يوم المذبحة. لكن إذا تردّد رئيس الحكومة في اتّخاذ القرار؛ فذلك سيؤدي إلى تفاقم المس بالردع، ويجعل من المستحيل تحقيق النتائج المطلوبة للحرب، عندئذ لا فائدة من مواصلة التخبط. هذه العقلية سائدة وسط قسم كبير من مسؤولي المؤسسة الأمنية، وفي الأيام الأخيرة هم أوضحوا ذلك لنتنياهو ولوزراء حكومته".
إقرأ المزيد في: عين على العدو
22/11/2024
كاتس يوقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين
21/11/2024