عين على العدو
"هآرتس": الاستعدادات "الدفاعية" في "إسرائيل" لا تكفي لتهديد يتوسع ويتطور
أشار الصحافي الصهيوني عاموس هرئيل في مقالة نشرتها صحيفة "هآرتس" "الإسرائيلية" إلى أن وسائل الإعلام "الإسرائيلية" المعادية تكرس بشكل يومي وقتها لعرض التهديدات التي يتعرض لها كيان العدو في الساحة الأمنية-الإستراتيجية، إلا أن تغطية عشوائية لعناوين الصحف خلال العام الماضي تكشف خلطة تهديدات "عادية" توجهها "تل أبيب" تبدأ بإيران ثم حزب الله، وبدرجة ثالثة لما يسمى بـ"الإرهاب الفلسطيني" (من إطلاق الصواريخ من غزة وحتى هجمات إفرادية من الضفة الغربية)"، مضيفًا أنّ "إسرائيل" اليوم تنظر أكثر لما وراء ذلك، مع تغيير بسيط يتمثل بعدم ذكر كلمة عن إيران".
عرب أكثر من اليهود
هرئيل ذكر أن "هيئتين أمنيتين أجرتا خلال العامين الماضيين على الأقل فحصين غير رسميين لمسألة حساسة، وهي "الديمغرافيا الإسرائيلية – الفلسطينية""، موضحًا أن "الفحصين اللذين استندا على جمع وتحليل بيانات من جهات مختلفة تعمل في الإحصاء، توصلتا إلى استنتاجين متشابهين يتمثلان بأنه "في وقت معين من العام 2020 حدثت نقطة الانقلاب"".
وقال الكاتب: "منذ ذلك الحين، وللمرة الأولى منذ عشرات السنين، أصبح هناك عرب أكثر من اليهود بين البحر المتوسط ونهر الأردن، إذ ان تنوع المجموعات العرقية ذات المكانة القانونية المختلفة، بين البحر والنهر، يشمل أكثر من 14 مليون نسمة"، مضيفًا "أننا عندما نجمع عدد اليهود والعرب ذوي الهوية "الإسرائيلية" والفلسطينيين الذي يحملون بطاقات الهوية "الإسرائيلية" في شرقي القدس، بالإضافة إلى فلسطينيين من الضفة الغربية ومن قطاع غزة، فإن الرقم سيكون تقريبًا متساوٍ (مع أفضلية عددية بسيطة) مع الجانب العربي".
واعتبر هرئيل أن "هذه نقطة انقلاب مهمة، لأن هذا الواقع قد يستمر لوقت أطول، وربما تزداد الفجوة قليلاً بسبب الفروق في الولادات بين القطاعات المختلفة (على الرغم من تقليص آخر متوقع في الولادة في أوساط العرب"، موضحًا أنه "على المدى الأبعد، سيزيد إدراك هذه الحقيقة في المجتمع الدولي".
ولفت إلى "أنه في هذه الظروف، ستجد "إسرائيل" صعوبة أكبر في تعزيز "احتلالها الأبدي" في مناطق واسعة في الضفة، حيث أن جزءا من أراضي الفلسطينيين هناك يقع تحت سيطرتها الكاملة، وجزء آخر تحت سيطرة فعلية جزئية (حواجز، اعتقالات، محاكمات)، وجميعهم محرومون من الحق في التصويت للمؤسسات المنتخبة في "إسرائيل"".
وأضاف هرئيل أن "الإدعاء بأن الأمر يتعلق بوضع مؤقت، إنما ينبع من ظروف أمنية غير قابلة للحل في هذه الأثناء، ويُنظر إليه بتشكيك متزايد في الغرب"، مؤكدًا أن "الاستطلاعات التي أجريت في أوساط الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية في السنوات الأخيرة تشير إلى تأييد متزايد لفكرة الدولة الواحدة، خصوصًا أن أبناء الجيل الشاب يتخلون عن تأييد فكرة الدولتين لافتراض حل الأمور من تلقاء نفسها لصالحهم في نهاية المطاف" على حد قوله.
وذكر أن "الأفضلية الديمغرافية ستخلق في النهاية ضغطًا دوليًا غير محتمل على "إسرائيل"، الأمر الذي سيجبرها على التنازل والاتحاد مع الأكثرية العربية".
عندما تنسحب "الدولة"
هرئيل تابع أن "التوتر في المناطق الفلسطينية كان واجهة الاهتمام في الأسابيع الأخيرة، لكن من الجدير التذكر كيف بدأت الموجة الحالية"، مضيفًا أن "المخربين الذين نفذوا العمليات في بئر السبع والخضيرة كانوا 3 عرب من مواطني "إسرائيل"، وهذه العمليات التي ظهر بعدها مقلدون من الضفة تعكس جزءًا من مشكلة أوسع بكثير، هي الانسحاب المتواصل لـ"الدولة" من كل نشاط، ومن الأعمال الشرطية، مرورًا بجباية الضرائب، وحتى العمل اليومي للوزارات الحكومية في البلدات العربية".
واعتبر أن "تداعيات سياسية طويلة الأمد، ظهرت في السنوات الأخيرة على صعيدين،؛ في "العنف" الشديد في المدن المختلطة خلال عملية "حارس الأسوار" في شهر أيار/مايو من العام الماضي، وفي ارتفاع حاد في عدد عمليات القتل على خلفية جنائية بين العرب أنفسهم"، لافتًا إلى أن "الحكومة الجديدة تهتم بذلك أكثر من سابقتها".
دافعية انتقائية
وتابع الكاتب أن "الجيش "الإسرائيلي" يبذل في السنوات الأخيرة جهودًا دعائية وتسويقية كبيرة، مخصصة للإثبات بأن زيادة ميزانية "الأمن" تترجم لتحسين واضح في قدراته، في مجالات مثل تفعيل النار، وجمع معلومات وهجمات سايبر"، مشيرا في هذا السياق إلى "الخطة المتعددة "تنوفا"، التي قادها رئيس الأركان أفيف كوخافي وأطلقت عمليات طموحة بعيدة المدى، من شأنها أن تعطي الجيش أفضلية واضحة على العدو في حالة حدوث حرب مع حزب الله أو "حماس"".
الكاتب ذكر أن "الخطة لا تحل مشكلتين من المشاكل الأساسية التي يعاني منها الجيش وهما: الانهيار التدريجي في نموذج التجنيد القائم، والحرج المفاهيمي المتعلق باستخدام القوات البرية في مواجهة مستقبلية، والتي ستحدث في معظمها في مناطق عمرانية مكتظة".
وبحسب الكاتب، فإن "أزمة القوة البشرية، هي التهديد الأساسي للجيش، إذا لم يكن لأمن "إسرائيل" بشكل عام"، وقال: "في الواقع الذي يتجند خلاله فقط حوالى نصف الذين يبلغ أعمارهم 18 عاما في "إسرائيل"، فإن الوضع لدى الأبناء اليهود أفضل، لكن هناك أيضاً يبلغ المعطى حوالى 70 % فقط، وليس هناك فائدة من الحديث عن المساواة في توزيع العبء" وفق قوله.
وأضاف أن "المشكلة أقل سياسية مما نتخيل، ففي الغالب هي لا تنبع مباشرة من الإحباط في ظل النسبة الكبيرة للحريديم الذين لا يتجندون (حوالى 15% من الملزمين بالتجنيد) أو التحفظات من القيام بنشاطات الشرطة في المناطق الفلسطينية، بل هي ترتبط أكثر بالتغييرات في المجتمع "الإسرائيلي" وبطبيعة المتجندين".
سرقة أسرار
ولفت الكاتب إلى "مسألة إضافية، لا تحظى تقريبا بانتباه، تتعلق بالكشف المتزايد عن هجمات سايبر، فـ"إسرائيل" تتفاخر بأن أذرعتها الأمنية، وجزء من الصناعة الخاصة، موجودة في رأس حربة التكنولوجية العالمية، سواء في مجال الدفاع أو في مجال الهجوم في السايبر"، مضيفا أنه "في بعض الأحيان يكون هناك تقارير، خاصة في وسائل الإعلام الأجنبية، حول نجاحات "إسرائيلية" في ضرب بنى تحتية مدنية إيرانية عبر هجمات سايبر".
الكاتب أكد أن ""إسرائيل" تواجه نطاقًا هائلًا من الهجمات المضادة، بعضها تقوم بها دول، والبعض الآخر تتم عبر قراصنة مرتبطين بشكل غير مباشر بدول أخرى تتم عبر مهاجمين مستقلين، سواء من عداء إيديولوجي أو بهدف إبتزاز أموال"، مؤكدًا أن "معظم التغطية الإعلامية في "إسرائيل" تُخصص للهجمات المنسوبة لإيران، وفي بعض الأحيان لحزب الله أو لـ"حماس"، اللذان يعتبران يملكان قدرات أقل محدودية" على حد تعبيره.
ولفت إلى أن "ما لا يتحدثون عنه علنًا هو أن "إسرائيل" قلقة من دول كبرى رائدة في مجال السايبر، وعلى رأسها الصين وروسيا"، موضحا أن "الصينيين مشغولون هنا، في السايبر وفي مجالات إضافية، خاصة في التجسس الصناعي-التكنولوجي، الذي لا يهدف إلى ضرب "إسرائيل" بشكل مباشر إنما سرقة أسرار منها، في حين أن النوايا الروسية تعتبر معقدة أكثر، وبعضها تنفذ من خلال مجموعات قراصنة تبدو مستقلة".
وختم الكاتب قائلًا: "إن تهديد السايبر يتزايد والاستعدادات "الدفاعية" في "إسرائيل" لا تزال بعيدة عن إعطاء جواب شامل لتهديد يتوسع ويتطور، وقد يجبي منها ثمنًا كبيرًا في السنوات القادمة".