عين على العدو
حزب الله.. الشغل الشاغل للعدو
هاجسُ حزب الله بالنسبة للصهاينة ثابتٌ. التأهّب الدائم على الحدود الفلسطينية اللبنانية يحكم تحركات الاحتلال وجنوده ويقيّدها هناك. المحلّل العسكري لموقع "والا" أمير بوحبوط عكس في مقال مطوّل كيف يخشى العدو أيّ حركة على الحدود يظنّ أن لحزب الله علاقة بها.
بحسب بوحبوط، قبل عام ونصف، أنشئ طاقم سري باسم '"كلانيت الجليل"، يتألف من ضباط وجنود استخبارات من تشكيلة الجليل، جنود من الوحدة 9900 للإستخبارات الصورية والوحدة 8200 التي تعدّ وحدة الجمع الأضخم والأقوى في الكيان الصهيوني، وذلك من أجل التركيز على المواجهة مع حزب الله وما يجري عند الجبهة الشمالية.
وفيما يلي نصّ المقال:
جنود طاقم "كلانيت هغليل" عثروا على أشخاص باللباس المدني وهم غير معروفين لديهم، يتحرّكون بشكل مشبوه بمحاذاة الحدود. دمج القدرات الاستخبارية المتنوّعة من الـ 8200 و 9990 في شعبة الإستخبارات، التي تقاطعت في الطاقم الخاص دفعت قيادة المنطقة الشمالية إلى إشعال الضوء الأحمر جرّاء تغييرات في المنطقة.
يعمل الطاقم السرّي في تشكيلة الجليل بقيادة ضابط استخبارات الفرقة 91 الذي تتداخل سيرته العسكرية جيّدا مع أنشطة حزب الله في العقدين الأخيرين، وهو يوضح بعض التحدّيات التي تواجه طاقم "كلانيت هغليل".
المقدّم ط'، في السابعة والثلاثين، بدأ خدمته كضابط استخبارات عادي في العام 2003 في تشكيلة الجليل. في العام 2005 كان في المنطقة أثناء محاولة الخطف في بلدة الغجر على الحدود مع لبنان، حين حاول مقاتلو حزب الله خطف جنود. بعد عام من ذلك، صيف 2006، وكان أصبح قائد لواء الأبحاث في شعبة الإستخبارات "أمان" وكان في "البور" في الكريا بتل أبيب، وصل التقرير المرعب عن تفعيل "إجراء حنيبعل". "كان هناك إنذار، وكانت في المنطقة قوات إسناد، وفي لحظة خفض التأهب والجاهزية فاجأنا حزب الله واختطف ايهود غولدفاسر والداد ريغف".
الثغرات الاستخبارية وإيصال المعلومات الموجودة إلى القوات الميدانية محفورة في رأس المقدّم ط' وترافقه في الفعل التنفيذي اليومي. في العام 2014، أصبح ضابط استخبارات اللواء 769 تحت قيادة العميد "دان غولدبوس"، عندما فجّرت أوّل عبوة ناسفة ضدّ قوة من الجيش الاسرائيلي.
في تلك الأعوام، بدأ يتبلور تقدير بأنّ لدى حزب الله أنفاق محفورة عميقا في باطن الأرض وفي الصخر أسفل الحدود. في ما بعد أصبح المقدّم ط' ضابط استخبارات عملية كشف وتدمير الأنفاق في فرقة الجليل. في العام 2018 أكمل دورة أو أغلق دائرة وتمّ تعيينه رئيسا لفرع لبنان في لواء الأبحاث وشارك مشاركة مهمة في حرب الأدمغة ضد نشطاء حزب الله على الحدود الذين كانوا يتحرّون انتقاما وثأرا لمقتل أحد عناصر الحزب في سوريا، بما في ذلك محاولة تنفيذ العملية في موقع رويسات العلم في مزارع شبعا(هار دوف) في العام 2020.
قبل عام ونصف، في ظلّ شروط صارمة من السرية أقيم بقيادته طاقم سري باسم 'كلانيت الجليل'. طاقم يتألف من ضباط وجنود استخبارات من تشكيلة الجليل، جنود من الوحدة 9900 للإستخبارات الصورية والوحدة 8200 التي تعدّ وحدة الجمع الأضخم والأقوى في "إسرائيل". " كلّهم يجلسون معا حول نفس الطاولة ويقدّمون معلومات استخبارية متعددة المجالات. أول عمل منظّم لهم تمثّل بكشف الأنفاق على حدود لبنان"، يوضح المقدّم ط' ويؤكّد أنّ التشابك في ما بينهم ينتج استخبارات بالغة القيمة ومهمة جدا بالنسبة لقيادة الشمال.
الفكرة وُلدت في العقل الثاقب للعميد ي' الذي كان سابقا ضابط استخبارات تشكيلة الجليل واليوم قائد الوحدة 8200 الذي أصبح معروفا باسم "ي' حزب الله" لدرايته الواسعة بـ"أسرار" الحزب وكان مَن طرح في البداية تقديرا ليس له أساس استخباري بأنّ حزب الله يحفر أنفاقا، قائد منطقة موازٍ له في تلك الأيام في الوحدة 8200 والمقدّم ط'، اللذين تعاونا معا. في مراحل التخطيط وُضع هدف للطاقم الخاص استيفاء المعلومات في الروتين، في الوقت الحقيقي ولمتطلّبات حرب في مجال الإنذار، ملاحقة وتعقّب نشطاء وتسلّم منطقة(سيطرة)، وإنتاج معلومات عن مخططات العدو، إنتاج أهداف، ومراقبة أنشطة حزب الله على طول الحدود. نالت الفكرة هذه موافقة ودعم رئيس أمان الحالي اللواء تامير هيمن.
يقول المقدّم 'ط': "عندما يصل قائد 8200 إلى هنا، ويقول لعناصره 'أنتم الأهمّ' فهذا يعبّر عن كلّ شيء. إنّه ينقل رسالة للجميع. الشراكة هنا تثمر نجاحات لا يمكن الحديث عنها كلّها. نحن نجمع معلومات عن مناطق سكنية، عن أحراش وعن مناطق مفتوحة. بعد محاولة استهداف ضابط وجندي على الحدود بواسطة نيران قنّاصة في شهر آب الفائت، ردّينا بمهاجمة أهداف نحن أنتجناها. هذه الاستخبارات تنتج في الفرقة. إحباط ما يجري على الحدود يتمّ بالتعاون بين "كلانيت الجليل، الشاباك والشرطة".
في غضون ذلك، يمضي حزب الله في إدارة حرب الأدمغة التي تتلف الأعصاب مع قوات الجيش وهو يتحرّك على طول الحدود في العشر سنوات الأخيرة. في بعض الحالات يضع في نقاط قرب الحدود أشخاصا بذريعة أنّهم من حماية البيئة، رعاة، متنزّهين لكنّ يشير قائد "كلانيت الجليل" إلى ظاهرة جديدة: قوة الرضوان. مقاتلو وحدة النخبة في حزب الله يتحرّكون على امتداد الحدود. يقول في هذا السياق" جنود 'كلانيت الجليل' لا يكشفون فقط عناصر حزب الله على خطّ التماس، بل يتعقبّونهم أيضا ويحاولون كشف أماكنهم. الحديث يدور عن عمل أشهر طويلة. إنّهم يتجوّلون قرب الحدود، يراقبون ويجمعون معلومات عن الجانب الإسرائيلي, في البداية لم يكونوا معروفين لدينا".
وفق تقديرات ضباط في قيادة المنطقة الشمالية، عناصر قوّة الرضوان يبنون قدرات عملانية لحرب مستقبلية. المقدّم ط' يؤكّد أنّه إلى جانب القدرات النارية التي بناها حزب الله والتي بلغت حجما يتراوح بين 130 و150 ألف صاروخ، يجمع الحزب معلومات استخبارية على الحدود كي ينفّذ تهديداته ويقوم بعمليات توغّل وهجمات داخل مستوطنات ومواقع على طول خط الحدود. حين يضع حزب الله خلية إطلاق صواريخ مضادة للدبابات في منطقة الحدود، يتوجّب علينا كشفها قبل أن تطلق الصاروخ"، ويضيف المقدّم ط' "وبعد أن كشفنا أنفاق حزب الله ودمّرناها يحاول إيجاد مسارات أخرى للتسلّل إلى إسرائيل".
في العام الفائت، تزايدت بوتيرة أشدّ جهود التسلّل إلى داخل "إسرائيل"، لكنّ المقدّم ط' وجنود الإستخبارات في تشكيلة الجليل يحذّرون بأنّ قوة الرّضوان وباقي عناصر الحزب سيتمكّنون ذات يوم من استخدام طرقات التسلّل تلك لتنفيذ عمليات.
ضابط الاستخبارات في تشكيلة الجليل روى قائلا: "حزب الله لم يعد ذاك الحزب "الإرهابي" الذين عرفناه سابقا. إنّه جيش بكلّ معنى الكلمة. إنّه تنظيم يتعلّم، يستنتج ولديه قدرات ما كانت لتُحرج جيشا نظاميا غربيا ورغم حجمه يعمل بسرية عالية جدا وصارمة".
جنود وقادة "كلانيت الجليل" يجلسون في غرفة العمليات على مدار اليوم ويتلقّون استخبارات الإشارات من الوحدة 8200(مكالمات هاتفية وتبادل رسائل من المنطقة)، صور مسيّرات وأقمار صناعية، بالونات مراقبة وأجهزة تحسّس إضافية بعضها يعود إلى كتيبة الجمع 869.
جنود وجنديات، متديّنون وعلمانيون وبينهم أبناء الطائفة الدرزية الذين يتكلّمون العبرية بطلاقة وقد عملوا خلال فترة التوتر التي كان حزب الله يبحث عن ثأر فيها عبر قتل جنود، على كشف تحرّكات الحزب في المنطقة وإحباط أي توّجه مشبوه. "كلانيت الجليل تعمل في الروتين وفي الطوارئ. في رأسي دائما صورة صديق طفولتي من كريات شمونه، ليران سعديا في وحدة ايغوز، الذي قُتل في حرب لبنان الثانية، خلال معركة مع خلية مخرّبين أصابه صاروخ مضاد للدبابات في بلدة مارون الراس وقتله. لم تكن لدينا قبل هذا معلومات تحول دونه. هدفنا هو إيصال المعلومات الإستخبارية إلى الميدان".
بحسب كلام ضابط استخبارات الفرقة، إنّهم يراقبون أنشطة أوسع ويبحثون عن قرينة لها على الأرض مثل الصاروخ المضاد للدبابات من الجيل الثالث الذي كشفته الصناعة الأمنية الإيرانية وقد يصل إلى المنطقة ويشكّل تهديدا على جنود الجيش والمستوطنات القريبة من السياج.