عين على العدو
"هآرتس": "حارس الأسوار" أكثر عمليات "إسرائيل" فشلًا
أكد رئيس تحرير صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية ألوف بن أن كيان العدو حقّق فشلًا عسكريًا وسياسيًا خطيرًا في جولة التصعيد الدائرة مع قطاع غزة والفصائل الفلسطينية، مشيرًا الى أن العملية كشفت عيوبًا في استعدادات الجيش وأدائه، وفي قيادة الحكومة الصهيونية المتعثرة والضعيفة.
وفيما يلي نصّ المقال كما ورد في "هآرتس":
أكثر عمليات "إسرائيل" فشلًا .. يجب وقفها الآن
تبدو عملية "حارس الأسوار" في غزة الحرب الإسرائيلية الأكثر فشلًا ولا ضرورة لها، وتتنافس مع حرب "لبنان الثانية"، وعملية "الرصاص المسكوب"، و"عمود سحاب"، و"الجرف الصامد" في غزة. نحن أمام فشل عسكري وسياسي خطير، كشف عيوبًا في استعدادات الجيش وأدائه، وفي قيادة الحكومة المتعثرة والضعيفة. وبدلًا من تضييع الوقت والسعي غير المجدي لـ"صورة انتصار"، من خلال القتل والدماء في غزة وتعطيل الحياة في "إسرائيل"، يتعيّن على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقفها الآن، والموافقة على وقف إطلاق النار، على أمل أن يستوعب الجمهور بسرعة التقصير كما في كارثة "ميرون". في عالم طبيعي كان يجب أن نضيف هنا "المطالبة بفحص داخلي جذري في الجيش الإسرائيلي"، لكن بالنسبة إلى المتهم الجنائي نتنياهو الذي يدافع عن بيته في شارع بلفور، ليس لديه أية صلاحيات أو قوة سياسية لقيادة مثل هذا التغيير الضروري.
فيما يلي المشاكل المركزية التي ظهرت في الإعداد للحرب وإدارتها:
1- "إسرائيل" تفاجأت تمامًا من اتخاذ "حماس" زمام المبادرة، ومن الجرأة والكفاءة القتالية اللتين أظهرتهما من خلال إطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
2- تركز الاهتمام الأمني في "إسرائيل" في العقد الأخير على "المعركة بين الحروب" في الشمال، وعلى الصراع ضد إيران. غزة اعتُبرت ساحة ثانوية يمكن احتواؤها بدمج وسائل اقتصادية- تمويل "حماس" من قطر بتأييد إسرائيلي وتسهيلات معينة في ظل الحصار، مثل إدخال مواد بناء، وفي توظيفات كبيرة ومبرّرة في وسائل التحصين، وعلى رأسها القبة الحديدية والعائق تحت الأرض على الحدود مع غزة، التي أثبتت قدرتها على إحباط عمليات تسلّل بري وقلّصت المسّ بالجبهة الداخلية.
بدت حماس مثل "جار" سيّئ، لكنه معزول وضعيف، والأمر الوحيد الذي أثار اهتمام الرأي العام الإسرائيلي هو استعادة "المدنيين" والأسرى وجثث الجنود. كما هو معلوم لم ينبّه أي شخص من "عناصر التقدير" من أن "حماس" قادرة بجهد بسيط على الخروج من القفص الذي وضعتها "إسرائيل" فيه، وأن تقف على رأس النضال الفلسطيني كمدافعة عن الأقصى، وتضخيم الفجوة بين حكومة نتنياهو والإدارة الأميركية الجديدة لجو بايدن.
3- إلى جانب الإخفاق الاستخباراتي الاستراتيجي والاستخفاف بنوايا "حماس" وقدراتها، برز أيضًا الفشل الاستخباراتي التكتيكي: لم يجمع الجيش الإسرائيلي ما يكفي من الأهداف النوعية في غزة، والتي يمكن أن يؤدي المسّ بها إلى انهيار الحافز وقدرة "حماس" على مهاجمة الجبهة الداخلية الإسرائيلية. صحيح أن سلاح الجو ضرب أهدافًا كثيرة ستضطر "حماس" للعمل على إعادة بنائها، لكن هذا لم يكن كافيًا. أيضًا لساعات الطيران والسلاح للجيش ثمن اقتصادي، مثل حفر الأنفاق والصواريخ لدى "حماس".
يمكننا أن نُقنع الجمهور بكل النشرات الإخبارية وبالكلام المتغطرس بشأن "الضربات المؤلمة التي تلقتها حماس"، ونعرض الطيار الذي قتل ضابطاً في الجهاد الإسلامي- يجب ألّا ننسى موازين القوة بين طائرة حربية متطورة مع سلاح دقيق ضد مبنى سكني. كل هذه الطبقات من المساحيق لا تستطيع أن تخفي الحقيقة: ليس لدى الجيش الإسرائيلي أي فكرة عن كيفية إسكات "حماس" وإخراجها من المعادلة. تدمير الأنفاق بالقصف الثقيل كشف قدرة عملانية استراتيجية، من دون المسّ فعلًا بالقدرة القتالية للعدو.
4- بعد عام الـ"كورونا"، اعتاد الجمهور الإسرائيلي على مدارس مغلقة، شوارع خالية، ومطار مشلول، وهو يُظهر قدرة على الصمود أيضًا عندما تُفرَض عليه القيود بسبب صواريخ من غزة أو وباء من الصين. الخوف العام يتركّز على انهيار الحياة المشتركة بين العرب واليهود داخل "إسرائيل" أكثر من المواجهة الخارجية. ومع ذلك، تسببت "حماس" بالمسّ بقوة بنسيج الحياة العادية في تل أبيب و"الجنوب"، ولا يبدو أن الجيش قادر على منع أو وقف ذلك حتى بعد أسبوع ونصف الأسبوع من تبادل إطلاق النار.
5- القوات البرية في الجيش الإسرائيلي تراجعت ولعبت دورًا هزيلًا كقوة خداع مهمتها إرباك العدو وجرّه إلى فخ الهجمات الجوية. من الجيّد أن أحدًا لم يفكر في عملية برية تنطوي على خسائر كثيرة في قطاع غزة. ليس لـ"إسرائيل" هدف يبرّر مثل هذه العملية. مع ذلك يتسلّل الخوف إلى القلب من أن سلاح البرّ غير مستعد للقتال.
6- من المفيد العودة إلى التنبؤات الغاضبة للواء في الاحتياط يتسحاق بريك الذي انتقد الجيش بشدة في الأعوام الأخيرة، وعاد وكرّر تحذيره من الحرب المقبلة التي ستدور في الجبهة الداخلية، إذ ليس لدى "إسرائيل" جواب على آلاف الصواريخ، والقوات البرية ليست مستعدة للقتال. لقد تطرق بريك إلى الحرب المقبلة مع حزب الله، الذي لديه قوة نار أقوى بكثير مما لدى "حماس"، لكن المواجهة الحالية يجب أن يُنظَر إليها كمناورة على الاختبار الحقيقي، والنتيجة ليست جيدة. لم يسبق للجبهة الداخلية أن تعرضت لهذا الكمّ من السلاح. عسقلان تحوّلت إلى مدينة أشباح، والمنازل التي لا يوجد فيها ملاجئ باتت مهجورة. وكل هذا يتضاءل أمام قدرات حزب الله الهجومية.
على ضوء "الإنجازات" الضئيلة هذه، حسنًا يفعل نتنياهو إذا أوقف العملية الآن، أو على الأقلّ أن يمنح بايدن إنجازًا صغيرًا يطلب فيه وقف إطلاق نار فوري. ليس هناك أي فائدة من الاستمرار في التخبط في رمال غزة وشلّ الحياة في "الجنوب" وفي وسط "البلد". إصلاح الجيش سينتظر، على ما يبدو، صعود زعامة أُخرى في "إسرائيل".
إقرأ المزيد في: عين على العدو
24/11/2024