معركة أولي البأس

عين على العدو

انتخابات رابعة غير حاسمة للكنيست.. هل تسقط نتنياهو
24/03/2021

انتخابات رابعة غير حاسمة للكنيست.. هل تسقط نتنياهو "الملك" أم تمهّد لدورة خامسة؟!

محمد أ. الحسيني
هاجس الإنقسام في التوازنات السياسية يسود بقوة داخل الكيان الصهيوني، بعد أن أظهرت الإنتخابات الرابعة للكنيست الإسرائيلي، التي جرت ـ في أقلّ من عامين ـ يوم الثلاثاء في 23 آذار/ مارس 2021، تعدّدية حزبية غير مسبوقة بفعل الإنشقاقات الحزبية والسياسية التي جرت بين حلفاء الصف الواحد بالأمس، والتحالفات الطارئة التي جرت بين الخصوم اليوم، ليواجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تحدّياً قد يكون الأقسى في تاريخه، ويقود إلى تقرير مصيره الشخصي والسياسي، لا سيّما بعد أن وضع نفسه في موقع المحور الرئيسي للتجاذبات، فتحوّلت العملية الانتخابية إلى معركة يخوضها معسكران، واحد مؤيد له وآخر معارض، فيما الهاجس الأكبر لديه هو الحفاظ على لقب "ملك إسرائيل"، نظراً لتحطيمه الرقم القياسي للفترة الزمنية التي قضاها في موقعه على رأس مؤسسات القرار الإسرائيلي.

توازن الأحلاف والأخصام

ومن الآن حتى موعد صدور الأرقام النهائية التي سترسو عليها بورصة الإقتراع، تبدو الصورة التي ستستقر عليها التحالفات الحزبية التي ستشكّل الحكومة غير واضحة، خصوصاً في ظل تساوي تحالف القوى بين المعسكرين المتناحرين على السلطة.. تناحر استخدم فيه الطرفان كل أنواع الأسلحة الإستقطابية، بدءاً من استثمار عملية التطبيع مع الدول العربية التي نجح نتنياهو في استغلالها في الداخل الصهيوني، مروراً بالأزمة الاجتماعية ـ الصحية الناشئة عن انتشار فيروس كورونا وفشل الحكومة في وضع حلول ناجعة وسريعة لمواجهتها، وصولاً إلى الإتهامات الموجّهة ضد نتنياهو بملفات فساد واستغلال السلطة، فيما تراجع ملف العلاقة مع الفلسطينيين والحلول السياسية المتعلّقة به إلى موقع متأخّر، فهذه القضية لم تعد تعطي ثمارها في التحشيد الانتخابي اليهودي أو العربي على حد سواء.

نتنياهو يعلن الانتصار

يأمل نتنياهو، الذي بكّر في إعلان "الإنتصار الكبير"، في أن يجمع أكبر قدر من المقاعد بما يؤهله لتشكيل الحكومة، منفرداً أو مع حلفائه، لكسر الإرتهان الذي ساد حكومته السابقة، والتخلّص من عقدة مشابهة لما جرى مع "شريكه اللدود" وزير الحرب بني غينتس رئيس حزب "أرزق أبيض"، ولكن خبراء في الشؤون الإسرائيلية يرون أن هذا الأمر لن يكون في متناول الرجل، بل أن "الأمور ذاهبة إلى تعقيدات كبيرة قبل تشكيل الحكومة العتيدة، ولن يكون بإمكان نتنياهو أن يحصل بسهولة على المقاعد الـ 61 (من أصل 120 مقعداً هي عدد نواب الكنيست) التي تؤهله لفرض تشكيلته الحكومية، حتى مع انضمام حليفه نفتالي بينيت رئيس حزب يامينا"، ويرجّح هؤلاء أن حظوظ نتنياهو قليلة في هذا السياق، إلا إذا استطاع استمالة الأصوات العربية، ولا سيما حزب "رام بلد" الذي يرأسه منصور عباس، التي "من المؤكد أنها ستلعب دور العناصر المرجّحة في ميزان القوى بين المعسكرين".

المستوطنون متعبون وغير واثقين

وكانت استطلاعات الرأي توقّعت فوز الأحزاب الأصولية واليمين المتطرّف والأشد تطرفاً، بثلثي مقاعد الكنيست، مع ضعف الإقبال على صناديق الإقتراع، ومردّ هذه الترجيحات يعود إلى أن الجمهور الإستيطاني الذي خرجت شرائح منه إلى الشارع للمطالبة برحيل نتنياهو "الفاسد والفاشل والمُتاجر بمصالح الناس"، قد تعبت من تكرار العملية الإنتخابية، ولم تعد تثق بالأشكال الحزبية التي ضجّت، منذ ما قبل انتخابات نيسان/ أبريل 2019، بتقلّبات وانقلابات وانشقاقات قابلها اندماجات وتحالفات لأطراف غير متجانسة، مما أعطى صورة سلبية عن الإستقرار السياسي في الكيان الصهيوني، أدى إلى الفشل في تأمين "الرفاه والأمن"، كما لم تعد تثق بالتركيبة الحالية التي أظهرت اتجاهاً واضحاً في السباق المحموم نحو الحفاظ على موقع السلطة، بدل الإهتمام بمعالجة الأزمات السياسية والإجتماعية والإقتصادية.

هواجس نتنياهو

التوقّعات ترجّح أن يبقى حزب الليكود ونتنياهو في مقدّمة الأحزاب الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست بأكثر أو أقلّ من 30 مقعداً، مع بروز نجم حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) الوسطي بزعامة يائير لابيد، ولكن بيضة القبّان ستكون لدى الأحزاب الأخرى وحصولها على مقاعد بأعداد متقاربة، بما يخوّلها تكوين جبهة قوية تحرم نتنياهو من قدرة الحسم وفرض توجّهاته في تشكيل الحكومة. وعلى الرغم من ازدياد المعادلة الرقمية للتعدّدية الحزبية إلا أن الصورة العامة لخارطة التحالفات السياسية المناوئة له بقيت على حالها، ولذا يضمر نتنياهو خشية فعلية من أن تمنح هذه الخارطة للمعسكر الآخر القدرة على إسقاطه، وكتابة فصول بداية النهاية له، بدءاً من إنزاله عن عرش ملكية "إسرائيل"، وصولاً إلى إخضاعه أمام دكّة القضاء حيث سيواجه المحاكمة في ملفات الفساد، ولن يكون بمقدروه التملّص منها كما في السابق بذرائع سياسية وأمنية واقتصادية وغير ذلك.

حكومة مناكفات أم انتخابات خامسة؟

ويشير الخبراء في الشأن الإسرائيلي إلى أن "عدم وجود فائز حاسم في الانتخابات سيقود إلى اجترار الواقع الذي كان سائداً خلال العامين الماضيين"، فإن تشكيل حكومة شراكة ستستعيد المناكفات بين الشركاء الأخصام، فضلاً عن استمرار سياسة الإقصاء التي يتقن نتنياهو ممارستها، وهو ما "سيؤدي حتماً إلى جمود سياسي جديد"، وبالتالي ـ يتابع الخبراء ـ "قد لا نفاجأ بحالة استثنائية تحتّمها الضرورة تفضي إلى انتخابات خامسة للكنيست، وسيكون هذا التطوّر مؤشراً خطيراً يعكس حالة التخبّط التي تعانيه إسرائيل منها، ولن تكون تأثيراتها وتردّداتها مقتصرة على السياسة حصراً، بل ستشمل كل المستويات التي تشكّل بنية المجتمع الإسرائيلي".

إقرأ المزيد في: عين على العدو