لبنان
"الاشتراكي" يهاجم "العهد" والقضاء.. والحكومة تستمر بلعب دور الضحية
رفع الحزب "التقدمي الاشتراكي" من لهجته تجاه فريق رئيس الجمهورية وصوّب نحو وزير الخارجية جبران باسيل والقضاء، موجهخا اتهامات بممارسة ضغوط في قضية قبرشمون.
وتحدث وزير الصناعة وائل ابو فاعور بسقف عالٍ، في حين لم يصدر أي ردّ عن قصر بعبدا أو تكتل لبنان القوي، في حين ينتظر أن يردّ الوزير جبران باسيل اليوم في احتفال للتيار الوطني الحر بذكرى السابع من آب.
هذا وتبقى الحكومة معلّقة منذ آخر حزيران الفائت، دون أن يدعو رئيسها سعد الحريري إلى جلسة تفاديا لمزيد من التأزيم.
"الأخبار": جنبلاط: انعطافة 6 آب 2019
صحيفة "الأخبار" قالت.. يَنْدُر أن نجد صورةً لوليد جنبلاط، يلبس بزّة عسكرية. صورته الأشهر، مدنياً، بجاكيت جلدية وجينز، وهو يحمل رشاش كلاشنيكوف. صورته الشهيرة الثانية، في حربه الثانية، فوق منبر 14 آذار، يُسدل على كتفيه شالاً أحمر وأبيض، صنعته زوجته نورا جنبلاط مع شركة «ساتشي آند ساتشي» في 2005. اليوم، لم يرسم رئيس الحزب الاشتراكي بعد، صورةً جديدة لتنال الشهرة في حربه الجديدة. لكنّ حزبه أمس، أعلنها في مؤتمره الصحافي، بعد أن كان قد مهّد لها لأسابيع.
جنبلاط، منذ أشهر، يعتمد رفع السقف في الخطاب لكشف الخصم الفعلي. أوّل الأمر بدأ بالهجوم على سوريا، ولم يسمع صدىً. ثمّ بدأ برفع سقف خطابه التدريجي ضد حزب الله، حتى تجرّأ على مزارع شبعا. ولم يسمع جواباً. وحين اشتدت اتهاماته، اضطر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إلى الردّ عليه، فوجد في كلامه مادةً لجرّ الحزب إلى سجال... ولم ينجح. ثمّ قبل أسبوعين بالضبط، اتهم الحزب بقرار شلّ الدولة اللبنانية وكرّر الحديث عن شبعا. الأسبوع الماضي، قال في موقف آخر إنه ينتظر موفداً من نصر الله. وهو، على الرغم من قناعته بأن حزب الله ليس خصماً، سوّق ويسوّق نفسه أمام السفراء العرب والغربيين، بأنه من يقف بوجه حزب الله في لبنان، لا الرئيس سعد الحريري ولا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. لكنّه يحاول منذ ما قبل جريمة قبرشمون، العودة إلى «تنظيم الخلاف» مع حزب الله، بعد أن نكث به مرّات عديدة. ولأجل ذلك، حيّد حزب الله في المؤتمر الصحافي أمس.
في كلّ المراحل، كان جنبلاط يهرب من تظهير الصّراع على أنه درزيّ - درزي. فلا هو يريد تكريس النائب طلال أرسلان ندّاً له، ولا يحتمل أن يزلزل أرض الجبل تحت طائفة الموحدين الدروز في اقتتال دموي يمتد داخل كل قرية بين الإخوة وأبناء العمومة.
لكنّه تصيّد الصراع الدرزي ــ المسيحي، بنسخة عهد الرئيس ميشال عون. انتظر جنبلاط عون قرب «الفخّ»، ليستثمر بتجاذب درزي ــ ماروني في شدّ عصب الجزء الأكبر من طائفته، فأتى رئيس الجمهورية إليه طوعاً، مستعداً للمواجهة ومسلّحاً باتهامٍ بمحاولة اغتيال الوزير جبران باسيل.
بالنسبة إلى جنبلاط، لم يعد مجدياً إخفاء حقيقة التجاذب مع عون: إنها حرب اتفاق الطائف. صحيح أن رئيس الجمهورية يلتزم الطائف في العلن، لكنّه في العمق، وضع الاتفاق الناقص على الطاولة، وبدأ بتفكيكه. إنه السلوك الطبيعي لخطاب «استعادة الحقوق» الذي يحمله التيار الوطني الحر ويدور به باسيل من منطقة إلى أخرى، وما المادة 95 وربطها بوظائف الدرجات المنخفضة وإهمال ربطها بإلغاء الطائفية السياسية، إلا دليل على ذلك.
وجنبلاط بذلك عملياً، يجد المعنى السياسي لحربه الجديدة، مسلّحاً بخطابٍ طائفي يبثّه العونيون في البلاد. يوم أمس، استهدف رأس السلطة السياسية، مهدّداً عهد عون بالفشل، وصوّب على الفريق الأمني والقضائي للعهد، ثمّ هدد بالشارع... وبالحلفاء.
بدا رئيس الاشتراكي في الشهر الأخير، مثل جنبلاط في خريف وشتاء عام 2004، يقود المواجهة مع الرئيس إميل لحّود، ويجرّ الرئيس الراحل رفيق الحريري إلى المعركة. وبرفعه السقف، يتقدّم فريق المتضررين من تحوّلات النظام الجديد/ القديم الذي يحاول عون تشكيله. وإذا كانت القوى الأخرى خجولة، ولديها حساباتها، فإن جنبلاط وضعها أخيراً أمام الأسئلة: هل نترك ميشال عون يحكم البلد؟ كيف سنتعامل مع عودة العصبية المسيحية إلى الحكم؟ ثم ألقى أجوبته وقطع الطريق في قبرشمون، وردّ على «نبش القبور»، بـ«حفر القبور»: لن يكون أمراً سهلاً أن يعود المسيحيون إلى الحكم بالشكل الذي كان قائماً قبل الطائف.
لا يخلو مؤتمر أمس من المظلّة العربية والأميركية التي لا ينفكّ جنبلاط يعمل عليها. المصريون اليوم أكثر تشدّداً من السعوديين في دعمه، وأكثر ضغطاً على الحريري لضمان دعمه وحماية «مكتسبات» طائفته في الطائف. ولا تخفي مواقف أمس زخماً يستمده جنبلاط من التفاف الجنبلاطيين حوله وجزء من الرماديين الدروز في لعبة «غيرة الدين»، ومن مجموعات مسلّحة من الاشتراكيين ومن مشايخ، يردّدون أنهم أعدّوا العدة كي لا تتكرّر هزيمة أيار 2008.
لكن، برأي كثيرين، يخطئ جنبلاط في حساباته. فانتصاراته لم تأتِ يوماً إلّا من تحالفاته، ومع سوريا تحديداً، التي يصدف اليوم أنّ عون يقف على ضفتها. ويخطئ أيضاً، وهو يرتكب انعطافته الجديدة متمرّداً على التحوّلات، في الهروب إلى الأمام بالهجوم على حزب الله لاستعادة الاتصال معه، في لحظة خوضه معركة الوجود ضد صفقة القرن.
"النهار": الحكومة في مهب التصعيد العوني - الجنبلاطي
وتساءلت صحيفة "النهار" الى أين تتجه البلاد في ظل تصاعد المواجهة السياسية بين العهد والحزب التقدمي الاشتراكي وحلفاء كل منهما، بعدما صار العهد فريقاً مباشراً فيها؟ وأي مرجع مؤهل لاحتواء الأزمة الخطيرة الآخذة في الاحتدام، خصوصاً بعد اتساع التعقيدات وارتفاع سقف التحدي بحيث يصعب "كسر" فريق يتهم رئيس الجمهورية وفريقه بالتدخل في القضاء لمحاصرته وتنفيذ حكم سياسي استباقي فيه، كما يصعب أكثر تراجع الحكم عن اتهامات كبيرة جداً للحزب التقدمي الاشتراكي بالاعداد لمكمن للرجل الأقرب والأكثر التصاقاً برئيس الجمهورية أي وزير الخارجية جبران باسيل بعدما بدل كلام الرئيس العماد ميشال عون الذي نشرته "النهار" قبل يومين الصورة الشاملة للازمة من خلال هذا الاتهام؟
والأهم من الاسئلة التي سبقت، أي مصير يترصد الحكومة ورئيسها سعد الحريري العائد ربما في الساعات المقبلة الى بيروت من اجازة عائلية في الخارج بحيث سيواجه زيادة تصلب التعقيدات التي شلت امكانات انعقاد مجلس الوزراء خشية انقسام يتسبب به مطلب احالة حادث قبرشمون على المجلس العدلي، فلما سقط هذا المطلب وباتت القضية أمام المحكمة العسكرية صارت الحكومة برمتها أمام خطر الانفجار بفعل اتساع المواجهة واحتدامها بين فريقين أساسيين فيها تحولت علاقتهما الى حرب سياسية واعلامية وقضائية بالغة الحدة والخطورة؟
مجمل هذه التساؤلات والمخاوف طرحت بقوة في الساعات الأخيرة بلا أجوبة وبلا أي آفاق حيال وساطات وجهود جديدة بعدما ارتفعت أصوات المواجهة وحدها وخلت الساحة من أي تحرك وسيط بما ينذر بتداعيات بالغة السلبية في الفترة المقبلة. وقد صحت التوقعات عن رفع الحزب التقدمي الاشتراكي سقف المواجهة ضد العهد وبعض وزرائه، كما لم يوفر التصعيد رئيس مجلس القضاء الأعلى جان فهد. ويمكن النظر الى المؤتمر الصحافي الذي عقدته قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي أمس والذي تحدث فيه باسمها وزير الصناعة وائل أبو فاعور بانه شكل تطوراً مفصلياً في المواجهة المباشرة مع العهد لجهة الرد أولاً على الاتهامات التي طاولت الحزب في الاعداد لمحاولة اغتيال وزير، ومن ثم لجهة اعلان ما يشبه المضبطة الاتهامية لفريق وزاري - قضائي لصيق بالعهد اتهمه الحزب بالتدخل السافر المباشر في القضاء.
"البناء": الاشتراكي يقلب الطاولة بأعنف هجوم على العهد والوزراء... والقضاء
ورأت "البناء" ان لا شك في أنّ التصعيد السياسي على الجبهات كافة دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى فرملة اندفاعته ومساعيه لحلّ أزمة قبرشمون، بعدما فشلت كلّ المبادرات في إحداث خرق في جدار أزمة الجبل المستعصية على الحلّ، علماً أنّ الرئيس بري التقى امس الوزير السابق غازي العريضي. كما دفع التصعيد رئيس الحكومة سعد الحريري الى الاعتكاف خارج لبنان وإطالة أمد إجازته العائلية، طالما انّ أبواب الحلّ لا تزال مقفلة والجمود يحيط بمجلس الوزراء الذي يبدو أنه لن يلتئم قريباً. وقد بلغ التصعيد السياسي مستوى خطيراً جداً أمس، مع فتح الحزب التقدمي الاشتراكي النار بالمباشر على رئاسة الجمهورية ووزراء تكتل لبنان القوي سليم جريصاتي وجبران باسيل والياس بوصعب، والقاضي جان فهد وإن كان الاشتراكي يعتبر وفق مصادره لـ البناء أن هذا التصعيد جاء بعد ما أسماه حملة افتراءات شنّها رئيس الجمهورية ولبنان القوي على النائب السابق وليد جنبلاط حيال ما قيل عن كمين كان يُراد منه استهداف الوزير باسيل. فرئيس الجمهورية بعث اول امس لنا برسالة ليست إيجابية على الإطلاق وكأن هناك مَن يريد توجيه الاتهامات لغايات في نفس صاحب الادعاءات، معتبرة ان الضغط على القضاء من أجل أن تأتي نتائج التحقيقات غب الطلب مع ما يريده التيار العوني .
وأعلنت قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي أنها تقدمت أمام قاضي التحقيق العسكري بدفع شكلي لعدم صلاحية القضاء العسكري بالنظر بالدعوى في ملف حادثة قبرشمون – البساتين، لافتة الى انها في انتظار اتخاذ القرار لاستكمال الإجراءات كما ينص عليها القانون، وقالت: تبين أن الادعاء تجاوز التحقيقات وتم تحويل المسار القضائي الى مكان آخر . ولفتت القيادة الى ان التحقيق نفى نظرية وجود الكمين المسلح نظراً لعدم توفر شروطه ، سائلة: لماذا الادعاء بجريمة القتل المتعمّد؟ .
وعن التسجيلات الصوتية، شدد محامي جرحى الاشتراكي نشأت الحسنية على أن لا قيمة قانونية للتسجيلات الصوتية لأن شعبة المعلومات استدعت جميع الأشخاص المعنيين وتبين ألا خلفية أمنية أو قضائية وراء التسجيلات.
وحمّل وزير الصناعة وائل أبو فاعور، الوزير باسيل المسؤولية المعنوية والسياسية والقانونية عن حادثة قبرشمون من ألفها الى يائها . وقال المشكل الاساسي هو زيارة رئيس تيار سياسي دأب منذ فترة على خطاب سياسي طائفي فتنوي استعدائي واستعلائي . وتوجّه ابو فاعور بسؤال الى رئيس الجمهورية قائلاً: هل تقدر المخاطر على لبنان وسلمه الأهلي واستقراره من الخطاب الطائفي التدميري؟ . ورأى ان ادعاء الكمين سخيف ولم يكن هناك محاولة اغتيال . واعلن ان شعبة المعلومات التي حققت الإنجازات في مكافحة الإرهاب سقطت الآن في الامتحان، لأنها لم تتهم التقدمي الاشتراكي بالتسليح والقتل وإقامة الكمين .
اضاف: أن القاضي كلود غانم نفى نظرية الكمين ومحاولة الاغتيال، وذلك رغم كل الضغوط التي تعرّض لها . واعلن ابو فاعور ان جريصاتي وبو صعب يضغطان على القاضي كلود غانم للادعاء على الموقوفين من الحزب التقدمي الاشتراكي بالمادة 2 و3 إرهاب، للحصول على اتهام سياسي .
وعقب المؤتمر، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر قائلاً: سنبقى صامدين في الحزب ومعنا اصدقاء كثر في وجه الإرهاب المنظم لقسم ممّن يدّعي الحكم ويعيش في الماضي المظلم المبني على منطق حروب الإلغاء .
"اللواء": بعبدا لا تعلق
من جهتها، رفضت مصادر مقربة من قصر بعبدا عبر «اللواء» اي اتهام يساق ضد رئيس الجمهورية بنسف مبادرة الحل بشأن قضية قبر شمون بدليل ان ما من مبادرة قدمت الا ودعمها كما ان ما من اقتراح الا وتجاوب معه في حين رفض الآطراف المساعي التي بذلت.
وقالت ان ما من تعليق على ما ذكره الوزير ابو فاعور لكنها سجلت ملاحظة مفادها ان الوزير ابو فاعور لم يقدم دليلا حسيا على كل ما ذكره في مؤتمره.
وافادت ان القصر الجمهوري امتنع عن التعليق لأن الرئيس عون. اكد ان الأمر متروك للقضاء لقول كلمته في حادثه قبر شمون وبالتالي هو من يفصل وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.
ولفتت المصادر نفسها الى ان الأحتكام الى القضاء هو الأساس واي تشكيك بحياديته مرفوض وفي كل الأحوال تحقيقات فرع المعلومات واضحة واعترافات موقوفي الأشتراكي كذلك.
وكررت المصادر القول بأن الرئيس عون لا يزال يردد ان أبواب قصر بعبدا مفتوحة، وهو سيظل يدعم كل مسعى للحل.
كما رد مجلس القضاء الاعلى على اتهامات الوزير ابوفاعور من دون تسميته، مؤكداً «أن ما ورد على لسان احد الوزراء حول مضمون الكلام المتداول بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل وقاضي التحقيق الأول لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، يفتقر إلى الصحة جملة وتفصيلاً».
"الجمهورية": خبراء يحذّرون
في هذا الوقت، وضعت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين تقريراً حول حراجة الوضع الاقتصادي، تضمّن في مستهله، اشارة الى الارباك في السوق المالي جرّاء التطورات السياسية والامنية الاخيرة، وتأكيداً بأنّ الملف الاقتصادي في هذه المرحلة ينبغي ان يعلو فوق كل الاولويات الاخرى لدى كل الطبقة السياسية، والعمل بجدّية على ايجاد حلول في أسرع وقت.
ويلحظ التقرير، أن تأخّر انعقاد مجلس الوزراء واستمرار الخلافات والتشنجات السياسية، امر لا يساعد على التقدّم نحو الحلول، بل يُفقد المواطن اللبناني ثقته بالطبقة السياسية، ويؤكّد عدم جدّيتها في التعامل مع الازمة الاقتصادية وهموم المواطنين الاساسية، والاخطر من ذلك انه يُفقد ثقة المراقبين والهيئات الدولية والاسواق المالية والمستثمرين بلبنان، خصوصاً انّ امام لبنان اختبار صعب مع موعد التصنيف المُرتقب له بعد اقل من اسبوعين.
واشار التقرير الى تراجع اسعار السندات اللبنانية في الأسواق العالمية وارتفاع كلفة التأمين على الدين اللبناني في الاسواق، وهذا مؤشر الى انّ الاسواق المالية تتعامل بتشكيك مع الوضع اللبناني، وانّها غير واثقة بقدرة لبنان على تنفيذ اصلاحات ومعالجات.
وخلص التقرير الى اقتراح المسارعة في انعقاد الحكومة ووضع خطة انقاذية فورية تتضمن كل الاصلاحات الاقتصادية والمالية والبنيوية التي باتت مطلوبة بإلحاح، وتشكيل خلية عمل اقتصادية تتواصل مع الاسواق المالية والمؤسسات الدولية والمستثمرين المحليين والعالميين لشرح هذه الخطة، بالتوازي مع الشروع في تنفيذها فوراً ومن دون ابطاء. فاستمرار الوضع على ما هو عليه يدفعنا الى افتراض صعب، وهو ان ما بعد التصنيف المرتقب للبنان غير ما قبله.