لبنان
التصعيد سيّد الموقف.. وبرّي يحذر من خطورة الوضع
أجمعت الصحف الصادرة اليوم في بيروت على اتخاذ الأمور في قضية قبرشمون ومتعلقاتها منحى تصعيديا، لا سيما من ناحية الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي زاد من وتيرة مهاجمته لرئيس الجمهورية في الأيام القليلة الماضية، كما يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا موجها فيه أصابع الاتهام للقضاء.
وعلى جبهة متصلة، كان التحذير من خطورة الوضع الراهن من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي سبق أن كان طرح مبادرة للحل، يبدو انها ذهبت أدراج الرياح.
"الأخبار": «قبرشمون»: استسلام آخر المفاوضين!
عزّزت حركة الاتصالات السياسية والتصريحات أجواء من السلبية بفِعل سقوط مساعي الإفراج عن الحكومة من قفص حادثة البساتين ــ قبرشمون (عاليه)، وإجراء المصالحات بين فريقي النزاع. فالمعطيات المتقاطعة تؤشّر الى استسلام آخر المفاوضين في هذا الملف، بعدَ أن أصبح مؤكداً أن المعركة الحقيقية فيه هي بين رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون من جهة أخرى. وقد تعزّز هذا الاقتناع بعد الحديث عن مبادرة يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه برّي بهدف تحقيق مصالحة بين جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي، قبلَ أن يأتي الرد من بعبدا على لسان عون بأنه «ليسَ شيخ عشيرة وأن المكمن أُعدّ لوزير الخارجية جبران باسيل». في غضون ذلك، فسّرت مصادر سياسية رفيعة المستوى الكلام المنسوب إلى عون وكأنه ردّ على مبادرة رئيس مجلس النواب للتعبير عن رفضها، ما دفع بري الى الجلوس جانباً بعدَ أن أظهر عون نفسه طرفاً مباشراً في النزاع. وإضافة إلى بري، «استسلم» أيضاً المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي اقترح أكثر من مبادرة في الأسابيع الماضية.
أوساط مطّلعة على أجواء بعبدا أكدت أن «كلام عون ليسَ رداً على برّي، بل على جنبلاط الذي رفض عقد لقاء مصالحة مع أرسلان في بعبدا، بحجة أنه لا يريد تخطّي رئيس مجلس النواب، وأصرّ على ذلك لأنه لا يريد تكبير حجم أرسلان، وهو مستمر في التعامل مع هذه الأزمة وكأنها اشتباك بينه وبين حزب الله ورئيس الجمهورية». وفيما تأكد من مؤشرات الساعات الماضية أن «الأمور مقفلة» بحسب أكثر من مصدر مطّلع، استقبل برّي رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وعرض معه آخر التطورات. واكتفى رعد لدى مغادرته عين التينة، رداً على سؤال عما إذا كانت الأمور تتجه إلى الحلحلة، بالقول «نحتاج إلى الدعاء»، فيما أكد بري خلال ترؤسه طاولة حوار لدعم الصناعة أن «الوضع الحالي الخطير لا يسمح لنا بالتقدم لا في الصناعة ولا في غيرها، ونأمل أن نتمكن من تجاوز هذا الوضع في أسرع وقت»، مضيفاً: «لا استثمار ولا نهوض بالاقتصاد من دون الاستقرار السياسي والأمني». وشدّد على «أننا نمر بفترة خطيرة جداً نأمل أن نتجاوزها قريباً جداً».
وفي هذا السياق، قالت مصادر مقرّبة من الحزب الاشتراكي إن «الأخير لم يتبلغ أي جديد من الرئيس برّي الذي سيلتقي اليوم الوزير السابق غازي العريضي في عين التينة». وقالت المصادر إن «الحزب يرى أن هناك مسارين للأزمة، قضائي وسياسي، وأن جنبلاط طلب عدم مهاجمة رئيس الجمهورية في خلال المؤتمر الصحافي الذي سيُعقد اليوم»، إلا أن المعطيات تبدّلت بعد الكلام المنسوب إلى عون الذي «أقحم نفسه في القضية وأدان فريقه وأهان حلفاءه، أي أرسلان، لأنه أكد أن المشكلة معه وأن أرسلان هو تفصيل». أضافت المصادر: «نعلم بوجود كمائن سياسية وقضائية ولن نقع فيها»، لافتة إلى أن «الحزب سيعمَد اليوم خلال المؤتمر الصحافي الى التشكيك في تحقيقات المحكمة العسكرية، وسيشرح تفاصيل تدخّل وزراء التيار الوطني الحر في مسار عملها من خلال استبعاد قضاة وتكليف آخرين، وسيطلب الطعن فيهم تحت عنوان الارتياب المشروع».
"اللواء": بري: الوضع خطير
ورأت صحيفة "اللواء" ان التصعيد السياسي والإعلامي المرتبط بحادثة قبرشمون - البساتين في الجبل اتخذ وجهاً بالغ الخطورة وينذر بمضاعفات واسعة، بعدما ارتفعت وتيرة التحدي إلى ذروة غير مسبوقة، بعد دخول رئيس الجمهورية ميشال عون على الخط من خلال كلام نقله عنه زواره واتهم فيه مباشرة الحزب التقدمي الاشتراكي بنصب مكمن لصهره الوزير جبران باسيل في بلدة البساتين، وليس للوزير صالح الغريب، بالتزامن مع نعي بعبدا لكل مبادرات الحلول لازمة الجبل، وتحول المعالجات لتداعيات الحادثة إلى صراع مكشوف على الصلاحيات الرئاسية، بشكل بات يُهدّد التوازنات السياسية والطائفية، ومعها التسوية الرئاسية، في ظل الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس عون لدعوة رئيس الحكومة إلى تحديد موعد لجلسة لمجلس الوزراء، بالتوازي مع إرسال رسالة إلى مجلس النواب لتفسير المادة 95 من الدستور، رغم ان المادة المذكورة واضحة وضوح الشمس بالنسبة لحصر طائفية الوظيفة بالفئة الأولى.
وعدا عن توقع اتساع رقعة المضاعفات الأمنية والسياسية مع المؤتمر الصحفي الذي يعقده الحزب التقدمي الاشتراكي ظهر اليوم الثلاثاء في مقر الحزب في المصيطبة، لعرض حقائق ووقائع ما حصل في البستاتين في ظل تأكيد للحزب الاشتراكي بأن المؤتمر سيكون تصعيدياً، فإن استمرار التصعيد في المواقف يؤشر بوضوح إلى ان التعطيل الحكومي سيطول مع غياب أي معطى جديد لحل قريب، باستثناء حديث عن مبادرة لرئيس المجلس نبيه برّي، الذي حذر أمس من «الوضع الحالي الخطير لا يسمح بالتقدم لا بالصناعة ولا في غيرها»، لافتاً إلى «ان الاستمرار في الوضع القائم حالياً، يبقي لبنان مشوه حرب ينتظر على رصيف المؤسسات الدولية وابواب الدول المانحة مستجدياً القروض والهبات».
ورأى برّي اننا «نمر في فترة خطيرة جداً نأمل ان نتجاوزها قريباً، مضيفاً لا استثمار ولا نهوض بالاقتصاد دون الاستقرار السياسي والامني».
وبدا واضحاً ان برّي يؤشر في حديثه عن الوضع الخطير في البلد، إلى اصطدام كل الحلول والمبادرات بالحائط المسدود، وإلى اقتناعه بأن الاستمرار في وضع الشروط والشروط المضادة وتصعيد المواقف والاتهامات المتبادلة، لا تخدم مصلحة أحد، بل بالعكس، من شأنها الاضرار بمصالح البلاد والعباد، ولذلك، فهو يرى بحسب ما قال وزير الصناعة وائل أبو فاعور مستلهما من اجوائه بأن على السياسيين التوقف عن نصب الكمائن لبعضهم البعض، وعن العبث بالمؤسسات القضائية والدستورية والتحدي، سواء في مجلس الوزراء أو مؤسّسة القضاء أو مؤسّسة المجلس النيابي والانصراف إلى ما ينفع اللبنانيين، ويؤمن النهوض بالاقتصاد وبالاستقرار.
ولم يأت برّي امام الوفد الصناعي الذي زاره في عين التينة على ذكر أي شيء بالنسبة لما يُحكى عن مبادرته، لكن استوقف الانتباه، استقباله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح، مكتفياً بالقول رداً على سؤال عمّا إذا كانت الأمور تتجه إلى الحلحلة: «البلد بحاجة إلى الدعاء»، في إشارة تعكس أيضاً، شعور الجميع بالوضع الخطير في البلد.
"النهار": تحذير خطير لبري واحتدام بين العهد والاشتراكي
وبحسب "النهار"، لم يكن غريباً ان تتصاعد في الساعات الاخيرة التداعيات السياسية الحادة لحادث قبرشمون بعد شهر واسبوع تقريباً من حصوله في ظل تشظي التفاعلات السياسية والقضائية المتضخمة لهذا الحادث بما ينذر بازمة لا أفق واضحاً لسقفها ما دامت كل محاولات الفصل بين تداعيات الحادث والواقع الحكومي المعطل قد باءت بالفشل حتى الآن. ولعل الحديث الذي نشرته "النهار" امس لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون دفع الواقع الناشئ عن هذا الحادث الى زاوية أشد تعقيداً وسخونة في ظل اعلانه مواقف زادت التوتر المتصاعد بقوة بين العهد والحزب التقدمي الاشتراكي الذي ستكون له اليوم محطة أساسية بارزة في توضيح موقفه القانوني من مجريات التحقيقات والاجراءات الجارية في القضاء العسكري من جهة والجانب السياسي المتصل بمجمل هذه القضية والافرقاء المعنيين بها من جهة أخرى.
ولعل أبرز المؤشرات لتصاعد الازمة في البلاد ظهرت بوضوح أمس في كلام لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يخف قلقه المتصاعد على مجمل الوضع الداخلي، الامر الذي أثار مخاوف جدية وتساؤلات عن مصير كل المبادرات والوساطات التي بذلت وكانت آخرها للرئيس بري نفسه ولم تؤد الى اختراق جدران الازمة. وقد أكد بري "ان لا إستثمار ولا نهوض بالصناعة أو الزراعة أو السياحة أو الإقتصاد من دون الإستقرار السياسي والأمني"، ملاحظاً ان "الإستمرار بالوضع القائم حالياً يبقي لبنان مشوه حرب ينتظر على رصيف المؤسسات الدولية وأبواب الدول المانحة مستجدياً القروض والهبات". وأضاف: "نمر بفترة خطيرة جداً نأمل ان نتجاوزها قريباً جداً". وجاءت مواقف الرئيس بري لدى ترؤسه أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حواراً لدعم الصناعة اللبنانية في إطار الحملة التي أطلقتها "النهار" بالتعاون مع وزير الصناعة وائل ابو فاعور تحت عنوان "كل نهار وصناعتنا بخير" وبمشاركة ممثلي مختلف الكتل النيابية والذي انتهى الى وضع الوزير أبو فاعور ورقة بالاقتراحات والتوصيات لدعم الصناعة حازت موافقة اجماعية من الكتل برعاية الرئيس بري. وتنشر "النهار" الملحق الخاص بهذه المبادرة الخميس المقبل.
"البناء": الاستعصاء يحكم الوضع الحكومي... وملف قبرشمون
صحيفة "البناء" قالت ان التصعيد سيكون سيد الموقف عند الحزب التقدمي الاشتراكي الذي سيعقد ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في المصيطبة لعرض ما يسميها حقائق ووقائع ما حصل في حادثة البساتين. وبحسب مصادر التقدمي لـ البناء ، فإن التسجيلات ستدحض كل ما يُحكى عن كمين وستضع النقاط على حروف مَن يحاولون رمي الاتهامات لغايات سياسية، خاصة أن ما يجري من تدخل من قبل بعض وزراء لبنان القوي في القضاء يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول دولة المؤسسات. وتستغرب المصادر ذهاب رئيس الجمهورية ليكون طرفاً بدل أن يعمل على ايجاد حل يكون منسجماً مع قسمه الدستوري، مشددة على ان ما يريده الحزب الاشتراكي عدم تحريف التحقيقات لغايات سياسية، لافتاً إلى ان ما يجري من لعب بالقضاء لن يمر، ونحن اليوم سنضع كل ما لدينا على الطاولة وأمام الرأي العام ليبنى على الشيء مقتضاه فنحن لن نسمح بالتطاول علينا، معتبرة ان ما يسرب في الاعلام ان التحقيقات انتهت الى ان مناصري الاشتراكي أطلقوا النار بهدف قتل الوزير صالح الغريب عارية عن الصحة، فهناك من يعمل على خلق روايات تنسجم مع مواقفه السياسية.
في المقابل، فإن أجواء تكتل لبنان القوي لا تعير اتهامات الحزب الاشتراكي للعهد أي اهتمام، وبحسب مصادره لـ البناء فإن كل التحقيقات تثبت ان هناك كميناً كان سيستهدف وزيراً، واياً يكن الوزير وهذا لا يمكن ان يمر مرور الكرام في عهد الرئيس العماد ميشال عون، معتبرة أن النائب السابق وليد جنبلاط لا يريد الاحتكام الى القضاء، فهو شيطن المجلس العدلي ورفض إحالة الحادثة اليه، وفي الوقت نفسه لا يريد ان تحال الى القضاء العسكري، معتبرة ان جنبلاط جل ما يريده أن تحل هذه القضية سياسياً، لكن ذلك لا يمكن ان يحصل. فالقضية يجب أن تعالج أمنياً وقضائياً ثم سياسياً، غامزة من قناة أن لا مصالحة او لقاء في بعبدا قبل أن تذهب هذه الحادثة الى القضاء، واكدت المصادر أن الوضع الراهن لم يعُد يحتمل فكل المبادرات يقابلها الاشتراكي بالرفض بالتصعيد وهذا لا يمكن أن يسمح رئيس الجمهورية باستمراره طويلاً لأن ما يجري هو تعطيل للبلد وللحكومة.
اما على خط مصادر المستقبل لـ البناء ، وبانتظار ان يعود رئيس الحكومة سعد الحريري، فالأمور ليست إيجابية فلا بوادر حلحلة، معتبرة أن لا بشائر لانعقاد مجلس الوزراء هذا الاسبوع، رغم أن الرئيس سعد الحريري نشط على خط الاتصالات لإيجاد حل يعيد العجلة الحكومية، لكنه يتريث نتيجة المواقف التي لا تزال متشنجة ومتوترة، فلا يريد ان ينتقل المشكل الى داخل مجلس الوزراء ولهذا يتريث في الدعوة على امل ان تنجز بعض المصالحات التي من شأنها أن تهدئ النفوس قليلا بين الوزراء.