لبنان
قضية قبرشمون .. الأمور تعود إلى نقطة الصفر
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على تعليق العمل بمجلس الوزراء حتى حلحلة قضية قبرشمون في جبل لبنان. واهتمت الصحف بما قيل إنه مبادرة طرحها النائب السابق وليد جنبلاط ورفض النائب طلال أرسلان لها ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر.
تعقيد على تعقيد... والموازنة عالقة في بعبدا !
بدايةً مع صحيفة "النهار" التي كتبت انه "كان ينقص التعقيدات التي تسببت بشل مجلس الوزراء منذ ثلاثة أسابيع نشوء عقدة طارئة اضافية، فجاءت من خلال خطر تعليق نشر قانون الموازنة الذي، إذا لم يترك يستكمل مساره القانوني والنيابي، سيعيد خلط أوراق داخلية من جهة والمغامرة بتحرك اللحمة والسوداء لخليط عجيب من جهة أخرى".
واضافت "اذ علقت الموازنة منذ 48 ساعة تحت وطأة "اكتشاف" مادة أثارت الجدل والاجتهادات في إمكان ان يجمد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نشرها أولاً ومن ثم بت مصيرها كلا بعد ايجاد مخرج للعقدة الطارئة التي لم يقتنع أفرقاء بوجاهة الاسباب المبررة لتعليق نشرها".
وتابعت "لعل المشهد السياسي والحكومي زاد غموضاً على غموض وتعقيداً على تعقيد بعدما خرج رئيس الوزراء سعد الحريري من قصر بعبدا أمس من غير ان يسهب كعادته في التصريح وشرح الاوضاع تفصيلاً. وبدا واضحاً ان محوري التعقيدات يتمثلان بملف إحالة حادث قبرشمون على المجلس العدلي وملف تأخير نشر الموازنة. "تفاءلوا بالخير تجدوه"، هي العبارة التي لم يجد غيرها الرئيس الحريري عند مغادرته القصر، ليعبر عن ضيقه بالمأزق المفروض عليه جراء مطالبته بإدراج احالة حادث قبرشمون على المجلس العدلي. فهو خرج من اجتماعه مع رئيس الجمهورية غير قادر على الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، ولا على تجاوز مطلب الاحالة والا دفع حكومته الى هاوية الانقسام والاصطفاف الحادين".
سقوط مبادرة جنبلاط
الى ذلك، قالت صحيفة "الاخبار" إنه "لم تفلَح تغريدة وليد جنبلاط والتي تحوّلت في ما بعد إلى مبادرة لحلّ قضية «البساتين» في فتح الأبواب المغلقة. الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري رحّبا بها. حزب الله لم يعترض. لكن النائب طلال أرسلان رفضها، ما أعاد الأمور إلى النقطة الصفر".
واضافت "ما هو الجواب على مبادرة زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الأخيرة؟ سؤال تصدّر المشهد السياسي في بيروت أمس بعدما اصطدمت كل المساعي الرامية الى إيجاد مخرج لملف حادثة «البساتين» بأبواب مغلقة، لم تسمح بالإفراج عن الحكومة واستئناف جلساتها المعلّقة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. حتى الآن، لا مخرج يسمح بحفظ ماء وجه الجميع، ويؤمّن نزولاً من أعلى الشجرة التي اعتلاها طرفا النزاع، بما يجنّب كلاً منهما الظهور بمظهر المنكسر. فتغريدة جنبلاط التي قال فيها إنه لا بد من دمج حادثة الشويفات بحادثة قبر شمون وإحالتهما معاً إلى المجلس العدلي، والتي تحولّت في ما بعد إلى مبادرة جدّية، لم يتلقّفها الفريق الآخر بالقبول، ما دفع بأوساط سياسية بارزة الى التعليق على حصيلة الاتصالات يومَ أمس بالقول إنها «خربانة»!
وفقَ المعلومات، لم يهدِف جنبلاط من تغريدته هذه إلى رمي صنارة لاصطياد حلّ. لكن مقربين منه سرعان ما أقنعوه بضرورة تحويلها الى مبادرة، وتكفلوا بإيصالها الى كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري، بالإضافة الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، على اعتبار أنها يُمكن أن تكون مخرجاً للأزمة.
وفقَ المعلومات، تلقف الثلاثة المبادرة بالكثير من الإيجابية، وتكثفت الاتصالات مع حزب الله الذي «لم يعارضها، لكن بشرط قبول رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان بها». الأخير، الذي التقى وزير المال علي حسن خليل يومَ أمس لم يعطِ ضيفه جواباً نهائياً، لكن ما نُقل عن مصادر الحزب الديموقراطي، وهو التمسّك بقرار «أن يُطالب الوزير صالح الغريب في أول جلسة لمجلس الوزراء بإحالة القضية على المجلس العدلي والتصويت على ذلك داخل الجلسة»، كان يكفي لتكوين اقتناع بأن المبادرة مرفوضة من قبَل أرسلان، وبذلك تكون المحاولة الجديدة قد تعطلت وعاد الجميع الى النقطة الصفر. على خط موازٍ، لم تتوقف محركات رئيس الحكومة الذي زار عون في بعبدا أمس، مؤكداً أنه «يريد الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، لكن رئيس الجمهورية لم يُجبه سلباً ولا إيجاباً»، بحسب مصادر أشارت الى أن «الحريري عادَ وأكد أن الحكومة لا يُمكن أن تتعطّل أكثر من ذلك، وأن لا لزوم لمجلس عدلي بما أن القضية تأخذ مسارها القضائي». ولفتت المصادر إلى أن رئيس «الحكومة مصرّ على الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً جداً»، لكن رئيس الجمهورية رفض الموافقة على عقد جلسة للحكومة من دون مخرج ملائم للقضية والوصول إلى اتفاق، ما انعكس سلباً على اللقاء الذي خرج منه الحريري غير مرتاح، فلم يدل بأي تصريح، مكتفياً بالقول «تفاءلوا بالخير تجدوه» ما أوحى بأن الأمور غير ناضجة.
مفاوضات حلّ قبرشمون تتجاوز عقدة الإحالة إلى المجلس العدلي نحو الشروط
من جهتها، رأت صحيفة "البناء" انه "في مناخ إقليمي متوتر رغم مسارات التفاوض غير المباشر التي يرسمها الوسطاء بتنقلاتهم من طهران وإليها، تضغط على لبنان الأزمات المحلية، ولا يبدو بيد المعنيين بالحكم سوى التجميد للأزمات المستجدّة مثل مفاعيل قرار وزير العمل حول العمالة الفلسطينية، وأزمة النفايات الناجمة عن قرار اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية والشويفات إقفال مطمر الكوستابرافا أمام النفايات الوافدة من مناطق أخرى، وجاءت الأزمة الناجمة عن رفض رئيس الجمهورية التوقيع على قانون الموازنة المحال إليه من رئيسي مجلس النواب والحكومة، بوجود مادة تحفظ حقوق الفائزين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، واعتبار المادة دخيلة على الموازنة، وما أثاره الأمر من تجاذب ونقاش وخلافات، واجتهادات، لم تخرج المداولات بعد بحل لها، رغم اللقاء العاجل الذي عقد في بعبدا وضمّ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة".
واضافت "قيل إنه كان مخصصاً لحادثة قبرشمون وتداعياتها، بينما هو في الحقيقة كما قالت مصادر متابعة كان مكرّساً للبحث في كيفية تفادي أزمة بتجنب رئيس الجمهورية التوقيع على قانون الموازنة، ما يستدعي لضمان توقيعها التفاهم على حل يتصل بالمادة موضع الاعتراض، يتمّ بموجبها إزالة المادة من النص باعبتارها سهواً طباعياً. وهذا يستدعي موافقة رئيس مجلس النواب على الحلّ، وهو ما لم يحصل بعد، أو قيام عشرة نواب بالطعن بالمادة أمام المجلس الدستوري باعتبارها من غير اختصاص المجلس النيابي في مناقشته للموازنة، بينما قالت مصادر نيابية إن البحث بإزالة المادة مقابل تضمينها لموازنة العام 2020 قيد التداول وربما يبصر النور.
مصير انعقاد الحكومة الذي قال عنه رئيس الحكومة سعد الحريري لدى خروجه من بعبدا تفاءلوا بالخير تجدوه، تفادياً للإحراج لكون الأمر لم يكن موضوع زيارته المستعجلة إلى بعبدا، لا يزال موضع أخذ ورد، حيث الربط بمستقبل الحلول لحادثة قبرشمون لا يزال قائماً، والفك بين انعقاد الجلسة الحكومية وحلول حادثة قبرشمون لم يتحقق، لكن بالمقابل تمّ تحقيق تقدم نسبي على خط الحل الرئيسي في قضية قبرشمون تمثل بالتفاهم على اعتبار الذهاب إلى المجلس العدلي بات موضوع قبول من الطرفين الرئيسيين بعد كلام رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط عن موافقته على إحالة القضية إلى المجلس العدلي شرط إحالة حادثة".