لبنان
موازنة 2019 على طاولة النقاش في المجلس النيابي
أفردت صحف بيروت مساحة واسعة للموازنة العتيدة الخاصة بعام 2019 والتي ستكون محل نقاش وتعليقات على ألسنة نواب الأمة في ساحة النجمة على مدى ثلاث جلسات تبدأ صباح اليوم.
ورغم أن هناك اتفاقا لتمريرها بسلاسة وعدم ايجاد صخب، إلا أن عدد طالبي الكلام ناهز خمسين ممثلا عن الشعب، ويأتي ذلك على وقع تحركات مطلبية في الشارع رفضا للزيادات المالية التي تمس المتقاعدين وغيرهم من الفئات المتضررة.
"البناء": الموازنة تحيد عن القضايا الساخنة
على وقع الأحداث المتلاحقة وفي ظل الغموض في المشهد السياسي الداخلي، تنطلق جلسات مناقشة الموازنة في المجلس النيابي اليوم برئاسة الرئيس بري، حيث يناقش المجلس على مدى ثلاث جلسات متتالية صباحية ومسائية المشروع المحال من لجنة المال الى الهيئة العامة.
وأكدت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» أن «الموازنة ستقر في المجلس النيابي الخميس المقبل كحد أقصى بمعزل عن انعقاد مجلس الوزراء»، لافتة الى «أننا وفور إقرار موازنة 2019 سيبدأ مجلس الوزراء فور انعقاده بدرس موازنة العام 2020 والتي يجب أن تأخذ وقتها الطبيعي»، مشيرة الى أن «الكتلة ستعارض اي اتجاه في المجلس النيابي لتمرير ضريبة المستوردات، بحسب مشروع الحكومة مضيفة أننا قدمنا اقتراحاً بديلاً هو فرض الرسم النوعي على بعض المستوردات التي يوجد بديل لها محلياً بما يؤدي الى حماية الإنتاج الصناعي اللبناني وبالتالي يرفع نسبة الاستهلاك المحلي ما يخلق فرص عمل ويخفض حجم الاستيراد، وبالتالي حجم خروج الدولار الى الخارج». ولفتت الى «أنها ليست الموازنة المثالية، لكنها حققت نوعاً من خفض العجز ولحظت بعض الإصلاحات التي يجب أن تستكمل في الموازنات المقبلة كالأملاك البحرية»، وعلمت «البناء» في هذه النقطة أن «اقتراح قانون الاملاك البحرية غير قابل للاستيفاء المالي في الموازنة الحالية ولا في الموازنة المقبلة بل يحتاج الى دراسة ومسح للأماكن التي تستحق الضريبة والغرامات».
ولفتت الى أن «الرئيس بري بانتظار إحالة الحكومة مشروع قطع الحساب عن العام الماضي، معبرة عن تفاؤلها بالمساعي المبذولة لمعالجة أزمة الجبل وبالتالي انعقاد مجلس الوزراء خلال أيام قليلة»، وفي حال لم ينعقد ترى المصادر بأنه في هذه الحال «يكون هناك تعطيل لمجلس الوزراء وبالتالي خلل في العلاقة بين المؤسسات الدستورية التي يجب أن تكون على درجة عالية من التعاون والتنسيق والتكامل في هذه الظروف الصعبة الراهنة»، موضحة أن الإشكالية ليست في الإحالة على المجلس العدلي بقدر ما هي وضع خطة كاملة لمعالجة الأزمة القائمة في الجبل ومنع تفاقمها وتطوّرها نحو الأسوأ». وأشار النائب حسن فضل الله الى أن «قطع الحساب لن يصل ونحن أمام مأزق قانوني دستوري وضعتنا فيه الحكومة التي قصرت في وضع قطع الحساب».
إلا أن الإشكالية الأخرى بحسب أوساط نيابية لـ»البناء» تكمن في حجم التباين الواضح بين مشروع الحكومة وتعديلات لجنة المال عليه، وبالتالي انخفاض نسبة العجز ولو أن اللجنة قدّمت بدائل للبنود التي عدلتها، فضلاً عن غياب التوافق داخل الحكومة نفسها على موقف موحّد من الموازنة لا سيما بعد موقف القوات اللبنانية التي تتجه للتصويت ضد الموازنة ومعارضة أطراف أخرى على بعض البنود لا سيما بند الرسوم على الاستراد 2 في المئة، وإشكالية أخرى تتمثل بإعادة إدراج بنود على الهيئة العامة سبق وسقطت بالتصويت في لجنة المال كالمادة 22 المتعلقة بضريبة الدخل على الرواتب التقاعدية فضلاً عن ضريبة على المستوردات».
وعلمت «البناء» ان «فريق الحريري مصرّ على هذا البند كما هو في المشروع الوزاري وسيدعو الى عرضه على التصويت ويسعى الى تأمين الأغلبية النيابية له ويعوّل على دعم نواب الحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر»، ففيما لا يزال هذا البند محل رفض من حركة أمل وحزب الله وعدد من الأحزاب الأخرى، أعلن تكتل لبنان القوي أمس، موافقته على الموازنة والتصويت لصالحها، رغم عدم رضاه على أمور في الموازنة لم تقر.
"الأخبار": اجتماع بعبدا: الوضع المالي خطير!
ورأت "الأخبار" أن جلسات مناقشة الموازنة العامة لن تكون يسيرة، مع ارتفاع احتمال عدم التوصّل إلى نشرها بعد إقرارها، بسبب غياب قطوعات حسابات الأعوام الماضية التي يُفترض أن تُقرّها الحكومة كمشاريع قوانين، قبل إرسالها إلى مجلس النواب. قطوعات الحسابات، أزمة ثالثة تُلقي بظلالها على الحياة السياسية في البلد، إذ إن هناك فريقاً سياسياً، يتقدمه تيار المستقبل، يرفض إرسال كلّ قطوعات السنوات الماضية إلى مجلس النواب، خاصة أنّها مرتبطة بالفترة التي تسلّم خلالها إدارة البلد مالياً.
في المقابل، تتمسك قوى أخرى، كالتيار الوطني الحرّ وحزب الله، بضرورة أن لا تقتصر القطوعات على العام 2017. وبما أنّ كل القوى مُتفقة على تنظيم الاختلاف وتقديم «التنازلات» لسريان منطق «التوافق»، فمن المُرجّح التوصل إلى تسوية بمنح الحكومة مهلة ستة أشهر جديدة، تنتهي خلالها من إقرار قطوعات الحسابات، بعدما تمكنت وزارة المالية من تكوين حسابات تعود إلى عام 1993.
ومن أبرز النقاط التي ستتم إثارتها في الجلسات النيابية ضريبة الـ 2% على الاستيراد. ومن الأفكار المطروحة رفعها إلى 3%، على أن تقتصر على الكماليات التي لا تؤثر على ذوي الدخل المحدود. وتُقرّ مصادر وزارية بأنّ هذه الضريبة لن يكون لها انعكاس إيجابي على الاقتصاد الوطني، بل تؤمّن نسبة من الواردات لفترة مُحدّدة، وهي أشبه بفرض ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع.
وبالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب اليوم، يُنفذ العسكريون المتقاعدون «حراكاً سلمياً حضارياً»، فيما دعا الأساتذة المتعاقدون إلى المشاركة الكثيفة في اعتصام للتذكير بحقوقهم «بالتثبيت، والضمان الفوري وبدل النقل والمراقبة أثناء الامتحانات المدرسية».
على صعيد آخر، عُقد في قصر بعبدا، أمس، اجتماعٌ مالي برئاسة الرئيس عون، ضمّ الوزراء باسيل ومنصور بطيش وسليم جريصاتي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، ومستشار الرئيس شربل قرداحي. خُصّص «الاجتماع الدوري»، كما سُمّي، لمناقشة الوضع المالي والنقدي والاقتصادي في البلد، بعدما تصاعدت ملامح الأزمة التي تعيشها البلاد. وبحسب المعلومات، فقد تناول المجتمعون ما ورد في الموازنة عن شراء مصرف لبنان لسندات خزينة بقيمة 11 ألف مليار، وفائدة 1 %، ستؤدي بحسب التوقعات إلى خفض كلفة الدين العام 1000 مليار ليرة. ولكن «تديين» المصرف المركزي الدولة سندات بفائدة متدنية، دفع صندوق النقد الدولي إلى التحذير من أنّ ميزانية «المركزي» غير قادرة على تحمّل هذا العبء، لا سيّما مع عدم قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في تغطية خروج مليار دولار من احتياطياته شهرياً.
وقبل أن يُصدر صندوق النقد الدولي تحذيره، كان «المركزي» يشكو من الوضع الدقيق في موازنته، بسبب النسبة الكبيرة مما «يتحمّله» من دين للدولة، والأزمة التي ستُخلق نتيجة خلق نقد جديد، أي طباعة كميات إضافية من الليرات. وعلمت «الأخبار» أن من الأفكار التي طُرحت، استبدال سندات دين قديمة مُستحقة بسندات الـ1% الجديدة، ما يعني أنّ المصرف المركزي لن يكون مُضطراً إلى طبع نقد جديد، بل يكتفي بتغيير نسبة الفائدة. الاجتماع عُقد في بعبدا، مع علم المجتمعين المُسبق بأنّ الوضعين المالي والاقتصادي وصل إلى مرحلة شديدة الخطورة تتطلّب اتخاذ اجراءات. وبسبب معرفتهم بخطورة الوضع، تقرّر أن لا يتمّ الاعلان مُسبقاً عنه.
"الجمهورية": الموازنة تنتظر «الحساب».. وجهود لمنع تمدُّد الإشتباك
وعلى عكس التمنيات التي سبقت جلسة المناقشة بانعقاد مجلس الوزراء لإحالة مشروع قانون قطع الحساب للعام 2017 الى المجلس النيابي، فإنّ التعطيل ما زال مستحكماً بالحكومة، بما يقطع الأمل من انعقادها خلال هذا الاسبوع. فيما انصرفت الماكينات السياسية الى محاولة ابتداع مخارج وحلول، تمكّن المجلس من إقرار الموازنة، الّا انّ هذه المحاولات لم ترسُ بعد على حلّ يخترق الإنسداد السياسي القائم.
تكثف الحراك الداخلي في الساعات الماضية على اكثر من خط. فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ركّز على متابعة الشأن المالي والاقتصادي عبر اجتماع صباحي عقده امس في القصر الجمهوري، مع مستشاريه الماليين والإقتصاديين في حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وخُصّص للبحث في التطورات المالية والإقتصادية من جوانبها المختلفة. كما تركّز البحث على نتائج التقارير الدولية التي صدرت عن البنك الدولي ومؤسستي «موديز» للتصنيف الدولي و«ستاندار اند بورز».
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ عون يسعى الى إجراء مقاربة مالية دقيقة للأوضاع، ويرغب بأن يكون على بينة من الكثير من الأرقام والنِسب الخاصة بالدين العام وكيفية تخفيف كلفته ليُبنى على الشيء مقتضاه. وتضيف المعلومات، انّ مشاركة سلامة كانت بهدف البحث في بعض الأرقام المالية التي تعني مصرف لبنان وتحديداً البدائل المُحتملة لإمتناع المصارف عن الإكتتاب بالأحد عشر مليار دولار بفائدة 1%. وقد جرى البحث في حضور سلامة حول البدائل التي يمكن ان تدخل الى الخزينة وما كان متوقعاً من هذا الإكتتاب، الذي يبلغ مردوده في خفض كلفة الدين العام الى حدود الـ 1000 مليار ليرة لبنانية منه، بالإضافة الى ما يمكن ان تأتي به التعديلات المقترحة في المجلس وفي اجتماعات السراي المالية على ضريبة الـ2% على المستوردات من الخارج في ضوء الرفض لصيغة ضريبة الـ2% كما اقترحتها الحكومة في مشروعها الأساسي.
عين التينة
في هذا الوقت، كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يواصل مساعيه لإنهاء ذيول حادثة قبرشمون، وعقد لقاءً في عين التينة وصفه بري بالايجابي جداً مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي جدّد انفتاحه على الحلول، فيما أمل رئيس المجلس ان تصل الجهود التي تُبذل الى الحلول المرجوة.
وفُهم من الأجواء المحيطة بحركة الاتصالات، انّ الانفتاح الذي عبّر عنه جنبلاط يبدو اكثر اتساعاً من السابق، بمعنى استعداده القبول بمقترحات مقبولة من قِبل جميع الاطراف. وتشير هذه الاجواء الى وجود ما يشبه «أجندة» حلول، يجري العمل على إنضاجها، بما يبدّد اجواء الخلافات الحالية، ويمهّد بدوره الى إعادة اطلاق العجلة الحكومية، التي انتقد بري واقعها التعطيلي الحالي، واصفاً ذلك بأنّ الحكومة مضربة عن الاجتماع.
الحريري
وكان لافتاً مساء امس، اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، عشية توجّه الاخير الى الولايات المتحدة الاميركية، فيما صدر عن الحريري موقف لافت للانتباه نهاراً حول موضوع ترسيم الحدود، حيث اكّد الالتزام بوضع خطة لتعزيز وتطوير قدرات لبنان البحرية، وإقرارها في مجلس الوزراء قبل 31 آب المقبل.
"اللواء": مواقف الكتل من الموازنة
صحيفة "اللواء" أشارت إلى مواقف الكتل النيابية، ورأت أن أغلب الظن انها ستكون كالآتي:
- موقف لجنة المال والموازنة الذي يُصرّ عليه رئيسها النائب إبراهيم كنعان واضح لجهة التمسك بالتعديلات وعدم الموافقة على قطوعات حسابات منقوصة، وقد يكون لرئيسها بعد تلاوة التقرير تحفظ على هذا الأمر.
- تكتل «لبنان القوي»، أعلن رئيسه الوزير جبران باسيل، بعد اجتماع استثنائي للتكتل، انه سيصوت مع الموازنة، ولن نتخذ كغيرنا موقفاً شعبوياً، في إشارة إلى «القوات اللبنانية»، مؤكداً على وجوب الانتهاء من الموازنة واقرارها بأمورها السيئة والإيجابية والذهاب لبحث موازنة الـ2020، مشدداً على انه ممنوع ارتفاع العجز عن الـ7 في المائة، وقد زار الوزير باسيل الرئيس الحريري ليلاً واطلعه على موقف التكتل عشية سفره اليوم إلى واشنطن.
- موقف كتلة «المستقبل» لن يغرد خارج سرب ما يرغب به رئيس الحكومة الذي ترأس مساءً اجتماعاً للكتلة أكدت فيه على وجوب عدم تجاوز نسبة العجز الذي توصلت إليه الحكومة لأي سبب من الأسباب، والتثبت من صحة التخفيض الإضافي الذي توصلت إليه لجنة المال وقدرة الجهات المختصة على الالتزام به.
- كتلة «الجمهورية القوية» سيكون موقفها انتقائياً تصوت على بعض البنود وتتحفظ على أخرى، مع الإصرار على خطوات إصلاحية حقيقية تحدث عنها رئيسها سمير جعجع في أكثر من مناسبة.
- كتلة «التنمية والتحرير» وكذلك كتلة «الوفاء للمقاومة» ستصوت مع الموازنة كما جاءت معدلة من لجنة المال.
- اما موقف «اللقاء الديمقراطي» فلن يكون معرقلاً، بل سيراعي المجلس والحكومة، مع التشديد على ضبط العجز، وأبلغ وفد كتلة اللقاء الرئيس الحريري، عندما زاره أمس، ملاحظاته على بنود المشروع، لا سيما لجهة توفير المداخيل للخزينة من دون المس برواتب الطبقات الوسطى والفقيرة ومعاشات التقاعد، لكن الوفد أكّد في الوقت ذاته انه لن يعرقل إقرار الموازنة خلال الجلسات النيابية، الا انه سيعرض ملاحظاته في الجلسة العامة على ان تكون موازنة العام 2019 تأسيسية واصلاحية لموازنة 2020.