معركة أولي البأس

لبنان

طرق بيروت مغلقة .. والحريري: نرفض
27/06/2019

طرق بيروت مغلقة .. والحريري: نرفض "صفقة القرن"

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم مواضيع كان أبرزها اعتصام المتقاعدين العسكريين اليوم الذي يُغلق شوارع العاصمة منذ ساعات الصباح الأولى، إضافة الى الجلسة التشريعية أمس في ساحة النجمة، مشيدة بموقف رئيس الحكومة سعد الحريري الرافض لـ "صفقة القرن".

مداخل العاصمة مقطوعة .. والمتعاقدون في الشارع مجدداً

بداية مع "الأخبار" والتي عنونت حول الاعتصامات المتفرّقة الني ينفذها العسكريون المتقاعدون منذ صباح اليوم، وتهدف إلى إقفال مداخل بيروت بالكامل أمام السيارات. وبحسب حراك العسكريين المتقاعدين، ستنفَّذ الاعتصامات في 4 نقاط، هي:

- قبل حاجز المدفون لجهة جبيل.
- مفرق طبرجا.
- جسر النملية (البقاع).
- أوتوستراد خلدة.

ويبدو لافتاً أن نقطتين من النقاط الأربع قد حُدّدت إلى جانب حواجز للجيش، بما يوحي أن الاعتصام ينفذ بحمايته. وهذه الخطوة التي يُفترض أن تستمر حتى العاشرة صباحاً، ستكون مهمتها إسماع مجلس النواب، كما مجلس الوزراء، الصوت الرافض بالكامل للإجراءات التي ستشملهم في الموازنة. كذلك ستكون الخطوة ما قبل الأخيرة قبل التصعيد الكبير المتوقع تنفيذه، في حال عدم التراجع عن تمرير المواد التي تكلّف المتقاعدين ضريبةَ الدخل، وتوقف التسريح لثلاث سنوات وترفع بدل الطبابة من 6 إلى 9 في المئة، عندما تنعقد الهيئة العامة لمجلس النواب لدرس الموازنة.

وفي ظل الاستعدادات التي بدأت لتنفيذ الاعتصامات، خرج موقف من وزير الدفاع الياس بو صعب، يعلن فيه رفضه للتحرك، إذ تمنى عدم قطع الطرقات وإغلاق المباني العامة، «لأن المواطن هو الذي سيدفع الثمن، وهو ما قد يؤثر سلباً في تعاطف الناس مع قضيتهم».

وفي سياق الإعتصامات ذكرت "الأخبار" أن أكثر من نصف الأساتذة المتقاعدين المعتصمين أمس في ساحة رياض الصلح الى ظل الأشجار الوارفة هرباً من شمس حارقة منعتهم من الانضمام إلى زملاء لهم تجمعوا حول المنصة. و«ما كنّا لنخرج إلى الشارع لولا أن السلطة تسرق قجتنا»، هكذا عللت الأستاذة المتقاعدة من التعليم الثانوي الرسمي، باسمة دهيني، اضطرارها وغيرها من المتقاعدين، رغم أوضاعهم الصحية، الى الاعتصام احتجاجاً على خسارة 50% من رواتبهم التقاعدية. والمقصود بـ«القجة» هو المعاشات التقاعدية، وهي عبارة عن وديعة وتراكم حسومات تقاعدية طوال سنوات الخدمة الفعلية تجمع في صندوق أمانة لدى خزينة الدولة، ولو استثمرت في صندوق خاص لمصلحة المتقاعدين كما تنص المادة 57 من القانون 47/1983 (إنشاء صندوق التقاعد) لتجمعت أموال تكفي لرعاية شاملة لكل المتقاعدين ومن هم على عهدتهم.

التحرك المقبل يجب أن يكون، بحسب عضو رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي حسن الموسوي، أمام منازل الرؤساء الثلاثة، فيما أكّد رئيس رابطة قدامى أساتذة الجامعة اللبنانية عصام الجوهري أن «نزولنا هو رد على إذلالنا».
روابط المتقاعدين في التعليم الثانوي والأساسي والإدارة العامة والجامعة اللبنانية أكّدت رفض فرض ضريبة دخل 3% على المعاشات التقاعدية وضرورة تطبيق المادة 18 من قانون سلسلة الرتب والرواتب التي نصّت على إعطاء المتقاعدين 85% من رواتبهم التقاعدية مجزأة على 3 دفعات. إلا انه بعد سنة من صدور قانون السلسلة، «حوّر وزير المال علي حسن خليل النص الواضح لمضمون المادة 18 من القانون المخصصة حصراً بزيادة غلاء معيشة على معاشات المتقاعدين»، بحسب النقابي محمد قاسم.

وفي ما يتعلق بضريبة الدخل على المعاشات التقاعدية، ذكّر رئيس رابطة الأساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي عصام عزام بموقف المجلس الدستوري عامي 1999 و2013 حين أعطى رأياً سلبياً عندما حاولت الحكومة إمرار الضريبة في مشروع الموازنة، وعليه أسقط المجلس النيابي الاقتراح، و«هذا ما نأمله اليوم».
رئيس رابطة المتقاعدين في التعليم الأساسي غطاس المدور قال إن «ما سمعناه من المسؤولين ولا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير التربية أكرم شهيب وكتلته والنائب علي فياض وكتلته بشأن حقنا في المادة 18 كان لتخديرنا. إذ لم نسمعهم يعترضون مجدداً خلال مناقشات مشروع الموازنة».

الحريري: لبنان ضدّ «صفقة القرن»

من جهتها أشادت "البناء" بموقف الرئيس سعد الحريري، وبموقف ساحة النجمة التي خطفت الاضواء يوم أمس، حيث عقد المجلس النيابي جلسة تشريعية لإقرار بعض البنود وانتخاب خمسة أعضاء من المجلس الدستوري، كما استكملت لجنة المال مناقشة الموازنة بجلسة مسائية.

وحضرت صفقة القرن ومؤتمر المنامة في نقاشات الجلسة التشريعية التي عقدت في المجلس النيابي برئاسة الرئيس نبيه بري وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اضطر مرغماً الى التطرق لهذا الموضوع بعد مداخلات عدد من النواب حذرت من «صفقة البحرين» ومن التوطين واستغربت عدم صدور موقف رسمي يرفض ذلك. فتدخل الحريري مؤكداً أن «دستورنا يمنع التوطين»، مستغرباً «كيف ان هناك أناساً يشككون في موقف الحكومة من مؤتمر البحرين او «صفقة القرن»، قائلاً: «الحكومة مع مجلس النواب ضد هذه الصفقة وموقف لبنان مع فلسطين». ودعا لعدم ربط دين الـ 90 مليار دولار بموضوع التوطين لأنّ الجميع مسؤول عنه، مؤكّدًا العمل على ايجاد حلول له وللأزمة الاقتصادية.

وفي ظل مناخ هادئ وتوافقي انتخب المجلس النيابي نصف أعضاء المجلس الدستوري على أن يعين مجلس الوزراء خمسة أعضاء آخرين، والمنتخبون خمسة وهم: طنوس مشلب 72 صوتاً وأنطوان بريدي 72 صوتاً محسوبان على التيار الوطني الحر، عوني رمضان حركة أمل 73 صوتاً اكرم بعاصيري تيار المستقبل 71 صوتاً ، رياض ابو غيدا 79 صوتاً الاشتراكي والديموقراطي. وهم الذين أوصت هيئة مكتب المجلس، التي اجتمعت قبل الجلسة، بانتخابهم.

الى ذلك، واصلت لجنة المال والموازنة جلساتها وعقدت أمس، جلسة مسائية برئاسة النائب ابراهيم كنعان وحضور الوزير خليل ووزيري الشؤون الاجتماعية ريشارد كيومجيان والصناعة وائل أبو فاعور وأقرت موازنتي الشؤون الاجتماعية والصناعة، وأكدت اللجنة «دعم جمعيات الرعاية الفعلية، بما يتناسب مع حاجاتها الانسانية». وطلبت «تدقيقاً شاملاً في كل الوزارات والادارات بمساهمات الجمعيات الأخرى».

وفي المقابل يستعد العسكريون المتقاعدون للتصعيد اليوم عبر تقطيع اوصال العاصمة. وقد حدد العسكريون الطرقات التي سيقطعونها، وهي: الطريق الرئيسي الأوتوستراد بالاتجاهين الذي يصل العاصمة بيروت بالمحافظات بقطع الأوتوستراد بالاتجاهين بعد نفق شكا في اتجاه بيروت، أوتوستراد طريق ضهر البيدر بالاتجاهين عند محلة النملية وأوتوستراد بالاتجاهين عند محلة خلدة.

وأشارت مصادر العسكريين لـ«البناء» الى أن «سنقطع هذه الطرقات لكن هناك تسهيلات لبعض المواطنين بسبب انتقال الطلاب للمشاركة في الامتحانات الرسمية»، موضحة أن «هذا التحرك ليس الهدف منه عرقلة انتقال المواطنين وحركتهم الى عملهم ونشاطهم المعتاد لكن للدفاع عن حقوقنا أمام اعتداء الحكومة والسلطة»، وشددت على «أننا لن نتراجع عن تحركنا حتى إعلان الحكومة عودتها عن قرارها بفرض ضريبة على دخل المتقاعدين والتقاعد المبكر ورسم الطبابة»، مؤكدة «الاتجاه الى التصعيد الموسع مع انعقاد الهيئة العامة».

جرعة نيابية للتسوية.. وخطاب للحريري اليوم يسبق المصالحة مع جنبلاط

بدورها قالت "اللواء" أن «الديمقراطية البرلمانية» أنجزت على طريقتها التصويت على توصية مكتب المجلس النيابي على الأسماء الخمسة من القضاة المرشحين لعضوية المجلس الدستوري من الحصة النيابية، في خطوة، قوبلت بانسحاب نواب الكتائب، ووصفها من قبل الرئيس سعد الحريري بأنها «هي الديمقراطية»، على ان تستكمل التعيينات سواء في المجلس الدستوري من حصة الحكومة، وفي سلال التعيينات الأخرى، على ان تواكبها حركة سياسية يقودها الرئيس نبيه برّي لإعادة وصل ما انقطع بين الرئيس الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، عبر ترتيب لقاء بينهما يرعاه مباشرة، بعد عودتهما إلى بيروت.

ولم تستبعد مصادر عليمة ان يعقد اللقاء في غضون الساعات الـ48 المقبلة، ولكن ليس اليوم بالتأكيد، بسبب انشغالات رئيس الحكومة والذي يرعى عند السابعة والنصف مساء حفل التخرّج لكليات الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت في جامعة الروح القدس- الكسليك.وسيلقي الرئيس الحريري كلمة سياسية، وصفت بأنها تتناول الأوضاع السياسية الراهنة، بما في ذلك ما يحيط بالمشهد السياسي من تقلبات، مؤكداً تمسكه بالتسوية السياسية، وميثاق الطائف. كما سيرأس الرئيس الحريري عند الساعة 11.30 قبل ظهر اليوم جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، والتي لن يكون على جدول أعمالها أية تعيينات.

وفي تقدير مصادر نيابية، بأنه لولا التوافق بين الكتل النيابية الكبرى، لما كانت الجلسة التشريعية قد مرّت بسلاسة من دون مواجهات كبرى، رغم ان الملفات التي احتواها جدول الأعمال، ملفات قابلة للاشتعال في الأوقات العادية، مثل تمديد الصرف على القاعدة الاثني عشرية، وتسوية مخالفات البناء أو مكافحة الفساد في القطاع العام، ولما كان المجلس النيابي قد فكّك تعقيدات التعيينات في المجلس الدستوري وانتخب حصته من هذا المجلس، وترك للحكومة العمل على تعيين حصتها، وان كانت بعض القوى السياسية تتمسك بآلية التعيينات وابعاد المجلس الدستوري عن المحاصصات السياسية، ما فسّر أسباب انسحاب عدد من النواب من الجلسة عند بدء عملية الانتخاب اعتراضاً على «ضرب آخر حصون القضاء والعدل»، في حين أكّد الرئيس سعد الحريري ان ليس هناك من صفقات في انتخاب أعضاء الدستوري، طالما ان الأسماء معلنة ومعروفة.

وبحسب المصادر نفسها، فإن مناخات التوافق التي خيمت على أجواء البرلمان، قد لا تنسحب على مجلس الوزراء، حيث ان قوى سياسية مشاركة في الحكومة، والمقصود هنا «القوات اللبنانية» تتسلح بملاحظات تعتبرها جوهرية، خصوصاً في ما خص مقاربة التعيينات وفق آلية معينة، بعيداً عن المحاصصة، والاعتماد على الكفاءة والنظافة والنزاهة، مما يعني ان تعيين الحكومة لحصتها مما تبقى من أعضاء لدى المجلس الدستوري، ربما لا يحصل اليوم، خاصة وان جدول أعمال الجلسة لم يتضمن أي بند يتعلق بهذا الشأن، وكأن هذا الملف ما يزال يحتاج إلى مزيد من المشاورات والاتصالات لتفكيك العقد الموجودة امامه.

 المحاصصة بقوة التسوية واليوم بيروت "معزولة" 

"النهار" صبت تركيزها على الجلسة التشريعية لمجلس النواب، وقالت أن الجلسة اكتسبت دلالات سياسية أغرقت المشهد الرسمي والحكومي والنيابي بمزيد من الهشاشة والتراجع والتقهقر بما يمعن اضعافاً في صورة دولة لا تقيم اعتبارات لالتزاماتها الاصلاحية التي لا ينفك رموزها يكررون الحديث عنها كأناشيد فارغة من المحتوى، موضحة أن ذلك لن يبرر بالتأكيد لاي فئة لبنانية تحمل لواء المطالبة بحقوق تعود اليها ان تنبري لمعاقبة المواطنين جراء تبادل عض الاصابع بينها وبين السلطة. فما سيحصل ابتداء من الساعات الاولى من صباح اليوم بفعل تصعيد العسكريين المتقاعدين تحركهم الاحتجاجي في وجه الحكومة ومجلس النواب في ملف الموازنة، سيشكل مهما قيل في تبريره ومحاولات تخفيفه، عقاباً قاسياً للناس عبر ما سمي "عزل بيروت" بقطع الطرق الرئيسية والاوتوسترادات الشرايين التي تصل العاصمة بكل المناطق الاخرى شمالاً وبقاعاً وجنوباً.

ولعل الغرابة القصوى في الامر ان هذه الخطوة التي تعتبر ذروة التصعيد الذي يلجأ اليه العسكريون المتقاعدون منذ بداية تحركهم الاحتجاجي رفضاً لاي اجراءات في الموازنة تطاول حقوقهم وتعويضاتهم، ولو انهم "اعتذروا" سلفاً من المواطنين عنه، اتخذ من خلال البيانات التي أصدروها طابعاً "عسكرياً نظامياً" تماماً سواء عبر "توزيع المهمات" أو عبر رسم "خطة التحرك " لقطع الطرق والاتوتسترادات بدءاً من الخامسة فجراً أو من خلال "النبرة" التي تنطوي عليها هذه البيانات كأنها اقرب الى نبرة "انقلابية". أما الاكثر اثارة للاستغراب فكان تجاهل السلطات الرسمية المعنية هذا التحرك النادر في عزل العاصمة وعدم المبادرة الى فتح قنوات الحوار أو التفاوض مع العسكريين المتقاعدين الامر الذي سيضع الناس اليوم في قبضة حصار محكم وشلل للتحرك وما يستتبعه ذلك من اضرار وتداعيات سلبية.

وعشية هذا التحرك لم تشكل نتائج الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب أمس واقعياً أي مفاجأة خصوصا لجهة "انتخاب" الاعضاء الخمسة الجدد في المجلس الدستوري الذين جاءت اسماؤهم مطابقة للمعلومات المعروفة سلفاً عن التوافق الذي أدى الى اختيارهم. وبدا واضحاً ان التعيينات الاولى من خلال انتخاب مجلس النواب الاعضاء الخمسة في المجلس الدستوري قد كرست واقع المحاصصة السياسية، والحزبية بين الكتل الكبرى برعاية هيئة مكتب مجلس النواب وبقوة التسوية السياسية علما ان المحاصصة ستستكمل من خلال تعيين مجلس الوزراء الاعضاء الخمسة الآخرين. والاعضاء المنتخبون أمس هم: طنوس مشلب 72 صوتاً)، عوني رمضان (73 صوتاً) اكرم بعاصيري (71 صوتاً)، أنطوان بريدي (72 صوتاً) رياض أبو غيدا 79صوتاً). والاعضاء الخمسة المنتخبون هم الذين أوصت هيئة مكتب المجلس بانتخابهم، علماً ان انتماءاتهم تتوزع على "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" وحركة "أمل" والحزب التقدمي الاشتراكي.
 

إقرأ المزيد في: لبنان