نصر من الله

لبنان

 العلامة الخطيب: تحقيق حلم "إسرائيل" الكبرى التاريخي انتهى إلى الفشل
24/01/2025

 العلامة الخطيب: تحقيق حلم "إسرائيل" الكبرى التاريخي انتهى إلى الفشل

حذّر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الدول التي تعهّدت بتطبيق اتفاق وقف النار، من العواقب التي ستترتب على الإخلال به، قائلًا: "إن العالم سيرى بأس شعبنا رغم كل الآلام، لأنه شعب يأبى الضيم والهوان والإذلال، ولن يترك لغازٍ ومحتل أن يستقر، ولا لاحتلال أن يبقى أو يدوم".

وفي خطبة الجمعة، دعا الشيخ الخطيب، إلى "الإسراع في تأليف الحكومة اللبنانية ليتسنى لها أن تقوم بمهامها الدستورية، ومن دون وضع العصي أمام التأليف، والتعاطي معها بالعقلية التي حاول البعض أن يتعاطى بها مع بيئة المقاومة عبر البروباغندا، بعقلية منتصر ومهزوم".

وكان العلامة الخطيب قد أمَّ الصلاة في مقر المجلس الشيعي الأعلى على طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة وجاء فيها:

قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولًا سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا".

في هذه الآية المباركة يحدد لنا الله تعالى قاعدة السير والانطلاق في كيفية معالجة القضايا والمشكلات التي تواجهنا أفرادًا وجماعات ومجتمعات وأمّة، وهي توسل القول السديد وما فيه تحقيق المصلحة في معالجة الأمور، وخصوصًا في القضايا الكبرى والمصيرية، وألا ينكفئ المرء المسؤول أو الجماعة المسؤولة عن لعب هذا الدور وإعطاء الموقف وتسديد الجهات التي تتحمل مسؤولية أخذ القرار، بسبب تضرر مصالحها أو خوفها من النتائج الخطيرة التي يمكن أن تؤدي إليها في القضايا الكبرى والمصيرية التي تتعلق بالكيان أو الأمة بدينها وعقيدتها ووجودها، والتي تعظم معها المسؤولية ويُعدّ معها التخلي عن أخذ الموقف خيانة للأمة ولمبادئها ودينها وقيمها،  وبالتعبير الديني خيانة لله ولرسوله". مردفًا: "ونحن من هذا المنطلق نأخذ الموقف حيال مشاكلنا، سواء على الصعيد الوطني العام في الشأن اللبناني، أو على الصعيد الوطني الإسلامي. وندعو إلى حل التناقضات الداخلية أو التخفيف منها إن لم نتمكن من حلها والخروج منها، ونشجع على إيجاد حالة من التفاهم العام لإنقاذ وحدة البلاد، أرضًا وشعبًا، والمهددة بفعل العامل الصهيوني، وعلى أساس أن الشعب اللبناني يمثل وحدة مجتمعية سياسية، وعلى أساس وحدة التراب اللبناني، وأنها وحدة غير قابلة للتجزئة لا المبطنة ولا المكشوفة".  

وأشار الشيخ الخطيب إلى أن أي محاولة استغلال من أي جهة أو مكوّن لظرف من الظروف من أجل تحصيل المكاسب، لا يعود بالخير على أحد كما أكدت التجارب المتعددة، وإنما كانت وبالًا على الجميع، وإن الطريق الوحيد لحل المشاكل الداخلية هو التفاهم والحوار، والخروج بحلول لمصلحة الجميع. وأما استغلال الظروف واللجوء إلى الاستعانة بقوى خارجية لفرض أمر واقع، فقد جُرِّب أكثر من مرة، ووصل الأمر بالبعض بالاستعانة بالعدو، ولكنه فشل في النهاية، لأن العدو وجد في هذا الأمر فرصته الثمينة في التقدم مرحلة من تحقيق حلمه التاريخي، "إسرائيل" الكبرى، الذي انتهى إلى الفشل، وأُخرج من لبنان مهزومًا يجر أذيال الفشل، بينما كان البعض يُمنينا بأن العصر أصبح عصرًا "إسرائيليًّا" وأن على الجميع أن يخضع لإرادته، خصوصًا أنه استطاع أن يجتاح لبنان ويحتل العاصمة بيروت في ثلاثة أيام. نحن اليوم نمر بمرحلة جديدة أراد العدو فيها أن يُعيد التجربة مطمئنًا إلى أن الظروف التي مرت فيها المنطقة، والتي كان عنصرًا فاعلًا في أحداثها، قد هيأت الأمور أكثر من أي وقت مضى للقضاء على العوامل التي شكلت تهديدًا وجوديًّا لكيانه، بعد الهزيمة المدوية التي تجرعها في العدوان الذي شنه على لبنان في عام 2006، ولكنه رغم كل ما أحدثه من مجازر وإبادة وحشية، فشل في تحقيق أهدافه التي وضعها لهذا العدوان الهمجي، ولم يستطع أن يتجاوز الحافة الأمامية للحدود، واضطر لطلب وقف إطلاق النار والقبول بالقرار الأممي الذي أصدره مجلس الأمن الدولي عام 2006، وعلى الرغم من حجم الدمار الهائل الذي أحدثه في المدن والقرى والمجازر بحق المدنيين، ولكنه فشل استراتيجيَّا فشلًا ذريعًا باعتراف قادة جيشه، وإن حاولت بعض القوى القبلية التي تُسمي نفسها سياسية قلب الحقائق واتهام المقاومة بأنها هُزمت بعد أن خاضت هذه القوى حرب العدو الإعلامية، وما زالت للأسف تحمل نفس العقلية ونفس الخطاب، وترى أن انتصار المقاومة هزيمة لها قبل أن تكون هزيمة للعدو".

tكيف كانت صورة الكيان أمام الرأي العالمي قبل طوفان الأقصى ومساندة قوى المقاومة لها، حين كان يرى فيها العالم الدولة الحضارية والديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأين أصبحت بعدها إذ انكشفت على حقيقتها من كيان متوحش وقاتل ومجرم يقدم قادته ويجرّمون بالإبادة الجماعية أمام المحاكم الدولية تحت ضغط الرأي العام الغربي، الذي لولاه لما تحقق هذا الإنجاز". معركة الرأي العام الدولي هي أساسية في هذه المعركة، ثم شعور العدو بأن هذه المعركة هي معركة وجودية التي أخذته إلى ارتكاب هذه المجازر وحرب الإبادة وعجزه وفشله في تحقيق أهدافه، ما ثبّت لديه هذا الشعور بأن كيانه إلى زوال، بعد أن كان يُهدد بتحقيق خرائط جديدة للشرق الأوسط التي بدا للبعض أنها بدأت تتحقق، وما هو إلا وهم كاذب سرعان ما ستكشف عنه الأيام والليالي، وافتضحت فيه بعض القوى على حقيقتها".  

أيها الإخوة، نحن من منطلق قوله تعالى "قولوا قولًا سديدًا"، ومع الوقائع الجديدة التي أنتجت مرحلة جديدة بفضل ما أنجزته المقاومة وبفضل دماء الشهداء من قادة ومقاومين، في الوصول إلى انتخاب رئيس للجمورية وتكليف رئيس للحكومة بفضل هذا الصمود للمقاومة والشعب اللبناني، ويجب أن نستغل هذه الفرصة ونمضي سريعًا بتأليف الحكومة ليتسنى لها أن تقوم بمهامها الدستورية، ومن دون وضع العصي أمام التأليف والتعاطي معها بالعقلية التي حاول البعض أن يتعاطى بها مع بيئة المقاومة عبر البروباغندا، بعقلية منتصر ومهزوم. فهذا عود على بدء وسيؤدي إلى فرملة العهد الذي بدأ بخطاب فخامة رئيس الجمهورية، واعدًا كما الرئيس المكلف، وما سمعناه مباشرة من فخامته لدى تقديم التهاني بانتخابه، ألّا تُثنيه الصعوبات والعراقيل عن السير به لبناء لبناننا الجديد الذي يتطلع إليه اللبنانيون بأمل كبير، وبناء الدولة القوية العادلة، دولة المواطنة، الأمر الذي يتطلب حنكة وصبرًا وجدية، وهي صفات متوفرة في فخامته، كما الحزم في تطبيق القرار 1701 وخروج العدو من الأرض التي احتلها وعاث فيها خرابًا ودمارًا، وأن تلكؤّه في الانسحاب موجّه بالدرجة الأولى لمصداقية العهد، وكذلك مهمة إعادة الإعمار والبناء وإعادة الناس إلى بيوتهم وقراهم التي احتلها العدو، والذين لن يستطيع أحد منعهم منها".

ونحذر الدول التي تعهدت بتطبيق الاتفاق من العواقب التي ستترتب على الإخلال به، فإن العالم سيرى بأس شعبنا رغم كل الآلام، لأنه شعب يأبى الضيم والهوان والإذلال، ولن يترك لغاز ومحتل أن يستقر، ولا لاحتلال أن يبقى أو يدوم، وتاريخ العدو الدامي شاهد على ذلك. فمدرسة شعبنا هي مدرسة أئمة أهل البيت، ومدرسة كربلاء وسيد شهدائها الإمام الحسين (ع) الذي يعتز به أهلنا ويتخذون منه نموذجهم الأسمى، تمسكًا بالقيم وحربًا على الظالمين والطغاة والمعتدين والطامعين، فكانوا على الدوام حماة الأمة عندما تتعرض للخطر، لا يعيرون اهتمامًا للومة لائم انتهازي باع ضميره ووجدانه وأمته وتخلى عن قيمه، عندما وجد فرصته لينتقم لأحقاد شخصية أو ليجد لنفسه موقعًا، وطالما وجدت هذه النماذج في حياة الأمة فباءت بالخسارة في الدنيا والخزي في الآخرة".

قال الله في كتابه الكريم:

"يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41). 
 

الشيخ علي الخطيب

إقرأ المزيد في: لبنان

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة