لبنان
شهيب ينصف طلاب الثانوية العامة..الحريري في بعبدا ومفاوضات الترسيم لا زالت معقدة
العجلة السياسية بدأت بالدوران، حول تسوية سياسية - رئاسية مصابة بشظايا السجالات الاخيرة بين تيار "المستقبل" والتيار "الوطني الحر"، حيث انحسرت العاصفة التي هبت الأسبوع الماضي وعاد النشاط السياسي الى طبيعته واستُئنف العمل في المقار الرئاسية كالمعتاد للبحث في الملفات الداهمة لا سيما مناقشة مشروع الموازنة في لجنة المال والموازنة وملف ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، التي ما زالت معقدة في ظل زيارات ساترفيلد إلى لبنان، وذلك على وقع انطلاق الامتحانات الرسيمة للشهادة المتوسطة، التي حرم منها مئات الطلاب نتيجة قرار من وزير التربية أكرم شهيب على خلفية خلاف مع المدارس غير المرخصة، ووسط ضغوط سياسية وشعبية، تراجع شهيب عن حرمان طلاب الثانوية العامة بفروعها الأربعة من الامتحانات، بانتظار تقديم حل عادل لطلاب الشهادة المتوسطة.
"الاخبار": شهيّب ينصف الطلاب
وحول ما تقدم، لفتت صحيفة" الاخبار" الى انه وسط ضغوط سياسية وشعبية، تراجع وزير التربية اكرم شهيب عن حرمان طلاب الثانوية العامة بفروعها الأربعة من الامتحانات الرسمية وسمح للمدارس - الدكاكين برفع لوائح بأسماء مرشحيها حتّى موعد أقصاه الخامسة من بعد ظهر الجمعة في 14 حزيران الجاري، من أجل التقدّم لإمتحانات الدورة العادية (الأولى) لهذه الشهادة للعام الدراسي الحالي. واشترط التعميم أن تكون هذه اللوائح مرفقة بالوثائق الّتي تثبت التسلسل الدراسي السليم والمبرّر لكلّ مرشّح، مع الأوراق الثبوتيّة المطلوبة لهذه الامتحانات".
وقالت الصحيفة "جيّد أن يكون شهيب فكّر بحل ينصف طلاباً لا ناقة لهم ولا جمل في بيزنس تجاري يتشارك فيه أصحاب المدارس - الدكاكين مع مسؤولين في الوزارة، بل أكثر من ذلك فإن طلاب «البريفيه» ينتظرون منه حلاً ينصفهم هم أيضاً بتحديد دورة خاصة بهم قبل الدورة الاستثنائية حفاظاً على مستقبلهم ولإعطائهم فرصة متساوية مع أقرانهم في المدارس الأخرى"، مضيفة "لكن الرهان ألا يعد تعميم الوزير تراجعاً عن محاسبة المسؤولين في المدارس والوزارة، عبر مساءلة الموظفين المتواطئين في وزارته وتنحيتهم، وتوقيف مديري المدارس المخالفة بتهم الاحتيال والنصب والتزوير وإقفال المدارس الوهمية وغير المرخصة".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "طيلة اليومين الماضيين، لم تتوقف «مافيا المدارس» عن بث الشائعات والتحريض ضد الوزير على خلفيات طائفية ومذهبية، وإعطاء قراره طابعاً سياسياً، واستخدام الطلاب وأهاليهم متاريس في المعركة لتبرير مخالفاتها. وعلمت «الأخبار» أن بعض الأهالي كانوا ينوون رفع دعاوى على بعض هذه المدارس لحفظ حقوق أولادهم".
وذكرت الصحيفة أنه "إلى جانب تفاعل قضية حرمان الطلاب من بطاقات الترشيح للامتحانات، سرقت كاميرات المراقبة في المراكز المعتمدة في اليوم الأول من امتحانات البريفيه الانتباه بعدما أثارت ضجة كبيرة في الأسابيع التي سبقت الاستحقاق لجهة التساؤل عن هذا «القرار ـ الصفقة» كما سمي، وما يمكن أن يشكله من ترهيب الأولاد «المتوترين أصلاً» في القاعات، ومدى فعالية الكاميرات في ضبط حالات الغش التي باتت وصمة تصاحب الاستحقاق منذ سنوات طويلة. التفاعل مع الكاميرات تفاوت بين المراكز. إذ تحدث بعض رؤساء المراكز عن تأثير إيجابي وانضباط شديد انعكس هدوءاً في القاعات، وقال آخرون إن المسألة تتعلق بمناقبية المراقب في القاعة والتزامه، ولا يمكن للآلة أن تضبطه وتحل مكانه".
انتفاضة نيابية في وجه الحريري
من جهة اخرى، ذكرت "الاخبار" أنه "يوم أمس، بدأ اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية مختلفاً عن الجلسات السابقة. بالنظام، تحدث أكثر من عشرة نواب معبّرين عن رفضهم وصف رئيس الحكومة لعملهم بالمسرحية. كان هؤلاء من كل الكتل النيابية. صحيح أن نواب «المستقبل» آثروا عدم الكلام، إلا أنهم أيدوا، كما كل زملائهم، تكليف رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان تسجيل تحفظ علني على كلام الحريري، مؤكدين «أنّنا لسنا للبصم ولسنا موظّفين عند أحد باستثناء الشعب اللبناني». ولأن ما قاله الحريري يشكل سابقة في تعامل السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية ومع مبدأ فصل السلطات، فقد ردّ عليه أعضاء اللجنة، عبر رئيسها، بالقول: «في ظلّ نظامنا الديمقراطي، أهمّ وظيفة يقوم بها المجلس النيابي هي الرقابة البرلمانية، بخاصّة عندما تُحال الموازنة على المجلس»، وبالتالي إن اعتبار ما يقوم به المجلس مسرحية، إنما يعني أن مفهوم الدولة غير موجود عند الحريري. وأكثر من ذلك، قال كنعان لـ"الأخبار" إنهم «إذا ظنوا أنهم بحكوماتهم التوافقية يلغون المجلس النيابي فهم مخطئون». كذلك لمّح كنعان في مؤتمره الصحافي إلى «الخدمة» التي قدّمتها اللجنة للحريري أثناء مناقشة موازنة 2018، حيث عملت بأقسى طاقتها لإنجازها قبل مؤتمر «سيدر»، مشيراً إلى أنه لولا إقرار موازنة عام 2018 مع توصياتها الـ38، التي لم يحترم منها شيء، لما كان «سيدر». وذكّره أيضاً بأن «المؤتمر ليس أرقاماً، بل إصلاحات، وبالتالي إن التحجج به لضرب عمل اللجنة لا يقع في موقعه السليم».
وقالت الصحيفة "ثبّت النواب قاعدتهم هذه في وجه الحريري، ثم عادوا إلى المشروع الذي بين أيديهم. أخذت المادة 22 ساعات طويلة من النقاش. تلك مادة إشكالية تتعلق بتعديل المادة 58 من قانون ضريبة الدخل. والتعديل ينقسم إلى قسمين: الأول يتعلق بوضع شطر جديد على الرواتب، هو شطر الواردات التي تزيد على 225 مليون ليرة (نسبة الضريبة 25 في المئة)، علماً أن التشطير الحالي يقسم الرواتب إلى 6 شطور ترتفع الضريبة عليها توالياً لتصل إلى 20 في المئة على الشطر الذي يزيد على 120 مليون ليرة".
واضافت انه "إذا كان النواب يجمعون على تأييد هذا القسم من التعديل، فإن إجماعهم جاء في المقابل ليرفض القسم الثاني من التعديل، وهو يتعلق بتطبيق هذه الشطور للمرة الأولى في التاريخ على معاشات التقاعد، وليس الرواتب والأجور فقط.
لكن مقابل هذا الإجماع أصرّ الوزير علي حسن خليل على الدفاع عن هذه المادة. حجته أنها لا تكلف العكسريين المتقاعدين على سبيل المثال أكثر من 3000 ليرة في الشهر، فيما يرتفع هذا المبلغ إلى 400 ألف ليرة بالنسبة إلى العمداء، سائلاً: أي دولة في العالم تعطي المتقاعد 85 في المئة من الراتب؟".
"البناء": ساترفيلد سيواصل التفاوض غير المباشر
من ناحيتها، تطرقت صحيفة "البناء" المبعوث الأميركي معاون وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، وكشفت أن "ساترفيلد يتولى ادارة تفاوض غير مباشر بين بيروت وتل أبيب، بدلاً من أن يواصل الإعداد لتفاوض ترعاه الأمم المتحدة، فالقضايا التي يناقشها تقع في صلب مواضيع التفاوض، لكن يبدو أن الإسرائيليين يخشون تحميله أجوبة إيجابية على الطلبات اللبنانية لبدء التفاوض برعاية أممية فتفهم الموافقة الإسرائيلية تراجعاً من موقع ضعف أو أن يبلغوا موقفاً سلبياً فيترتب وقف مهمة ساترفيلد وإغلاق الطريق أمام التفاوض في ظل قلق أميركي إسرائيلي من مترتبات أمنية تصعيدية على أي استثمار إسرائيلي في البلوكات النفطية التي يعتبرها لبنان من ضمن مياهه الإقليمية، في ضوء معاهدة الردع التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي مناخ إقليمي متصاعد، فينال حزب الله فرصة التصعيد بغطاء لبناني دفاعاً عن حقوق لبنانية، وهو ما تسعى واشنطن وتل أبيب لاستبعاده عبر فتح قنوات التفاوض".
ولفتت إلى أنه على خط الترسيم وأهميته كان كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي التقى ساترفيلد وقال في افتتاح مستشفى الزهراء، «الأهم هو ترسيم الحدود البحرية وإزالة التعديات الإسرائيلية ورفع العلامات التي تتعدّى على حدودنا وبخاصة إنشاء إسرائيل برجاً للمراقبة يطل على اراضينا، وأشكر هنا الجيش اللبناني الباسل الذي قرّر بناء برج بالمقابل من دون أن ننسى قضية تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من الغجر»، لافتا الى ان العدو الاسرائيلي لا يؤتمن له وهو يحاول بالتهرب بشتى الوسائل من التزاماته، فيتراجع اليوم عما التزم به بالأمس، فيما نحن لن نرضى ان نتنازل عن اي شبر من ارضنا".
وزار ساترفيلد برفقة السفيرة الأميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد، مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وتم استكمال البحث في موضوع ترسيم الحدود، للحصول على جواب واضح على الرد الإسرائيلي على مقترحات ترسيم الحدود البحرية والبرية. وأشارت مصادر عين التينة أن الأمور وصلت الى دقائقها ودقتها في الحفاظ على كامل الحقوق اللبنانية.
وقالت مصادر مطلعة على الملف لـ"البناء" إن «الأمور لا زالت معقدة ولم تنتهِ والأجواء الإيجابية التي تشاع عن بدء اول اجتماع في الناقورة خلال ايام قليلة غير صحيح»، ولفتت الى «ثبات الموقف اللبناني»، مشيرة الى «وجود حقائق علمية ثابتة في الحدود البرية كحدود دولية، وبالتالي سقطت مقولة وضع حدود جديدة»، وتشير الى «مراوغة اسرائيلية في البحر، فـ»إسرائيل» لم تسلم حتى الآن بمرجعية قانون البحار وتبحث عن حلّ خارج هذا القانون الدولي يخشى لبنان عبره هضم حقوقه». وتكشف المصادر أن «لا تقدم ملحوظاً بين الجولة الاخيرة لساترفيلد وجولته الحالية، وهذا ما استدعى عودته الى الأراضي المحتلة».
ويرى خبراء لـ»البناء» أن «المهل المفتوحة أو المغلقة ليست المشكلة الاساسية بل هو تفصيل تكتيكي، وتكمن المشكلة اولاً حول ماذا سيتفقون والثانية ما سيكون عليه تصرف الفرقاء في حال عدم الاتفاق».
من ناحية أخرى، تطرقت "البناء" إلى خط التسوية الرئاسية التي بدت عرضة للتساؤل في ضوء سجالات الأسبوعين الماضيين جاء لقاء قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، ليرسل إشارات إيجابية حول صمود التسوية وتمسك طرفيها بحمايتها، واعتبار كلام الرئيس الحريري آخر جولات المواجهة في الحرب الكلامية التي اندلعت بين طرفيها في الأيام الماضية.
ولفتت إلى أنه إذ تمكّن الحريري من ترميم وتثبيت التسوية الرئاسية مع «شريك التسوية» الأساسي رئيس الجمهورية، بات مؤكداً بحسب مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» أن «الرئيس الحريري يفصل في علاقته بين رئيس الجمهورية من جهة والوزير باسيل من جهة ثانية». وتشدد المصادر في هذا السياق، على أن «الحريري متمسك بالتسوية السياسية مع رئيس الجمهورية الى ما لا نهاية، خاصة أن هذه التسوية كما بات معروفاً من شأنها تثبيت الاستقرار». ولفتت المصادر الى أن «العلاقة مع باسيل في المقابل ليست على هذه الحال، ومردّ ذلك ما يقوم به الأخير على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الإقليمي والدبلوماسي»، وتعتبر «أن أخطر ما يفعله ويقوله باسيل هو لا يكون زلات لسان بل مقصود وتعدّ على صلاحيات رئيس الحكومة، وغايته باتت معروفة».
وعما إذا كانت زيارة الوزير سليم جريصاتي الى دار الفتوى، استدراك من رئيس الجمهورية، تؤيد المصادر المستقبلية ذلك، لكنها تشير الى أن «الاستدراك لا يكون من رئيس الجمهورية لأنه متمسك بالتسوية وكلام جريصاتي يؤكد ايجابية عون مع الطائفة السنية، لكن المفترض ان يستدرك باسيل ما قام به وكلامه عن السنية السياسية وصولاً الى هجومه المستمر على فرع المعلومات وقوى الأمن الداخلي لينتهي في المطاف بالهجوم على السعودية فيما يتعلق بالعمالة لا سيما السعودية وهو يعرف بوجود اكثر من 200 الف لبناني وضعهم في دائرة الخطر، وبالتالي ما يجري من باسيل سواء بتصريحاته او عن طريق بعض المسؤولين العونيين المحسوبين عليه لا شك سيستدعي ردود فعل، في حين ان المطلوب هو الاستقرار، لكنه هو المسؤول».
واستغربت المصادر موافقة وزراء التيار الوطني الحر على مشروع الموازنة بصيغته المحالة من مجلس الوزراء الى مجلس النواب، ومعارضته بعض البنود في مناقشات لجنة المال والموازنة، مضيفة: «الموازنة عرضت على وزراء التيار من قبل وزير المال قبل ان تصل الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبالتالي الاقتراحات الأخيرة هي في دائرة الاستعراض ولم تخفض العجز إلا 0.2 في المئة، كما لفتت الى أن «الجميع توافق على الموازنة في مجلس الوزراء، ولو طلب الحريري التصويت على الموازنة لكان أفضل لمعرفة من معها وضدها ولإيضاح الصورة اكثر في المجلس النيابي».
"الجمهورية": لقاء عون والحريري.. إنعاش وتفعيل
صحيفة "الجمهورية"، لفتت إلى أن العجلة السياسية بدأت بالدوران، حول تسوية سياسية - رئاسية مصابة بشظايا السجالات الاخيرة، وحكومة تتجاذبها خلافات وتناقضات مكوناتها. فقد شكّل اللقاء امس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في القصر الجمهوري في بعبدا، وهو الاول بينهما، منذ ما قبل عطلة عيد الفطر، نقطة انفراج ملحوظة على هذا الصعيد، وخصوصاً بعد الكلام الكثير الذي رافق الاشتباك السياسي العنيف بين «تيار المستقبل» و»التيار الوطني الحر» في الآونة الاخيرة وكاد يصل الى حد نعي التسوية السياسية.
وبحسب الأجواء المحيطة باللقاء، انه كان ودياً جداً وممتازاً وايجابياً بكل المواصفات السياسية والحكومية والوطنية. حيث عبّر الرئيسان عن الحاجة الى حماية التسوية السياسية التي شكّلت مدخلاً الى الأمن والإستقرار وضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لمتابعة الملفات ومعالجة العالقة منها على كل المستويات، بغية الإقلاع بمسيرة النهوض وتزخيم المبادرات التي تعزّز الثقة بين اللبنانيين وتجنّب ما يفاقم التفرقة وإثارة النعرات .
وبحسب مصادر معنية، فإنّ الرئيسين عون والحريري اتفقا على تزخيم العمل الحكومي على كل المستويات والإسراع في معالجة ما هو مطروح من قضايا وملفات، والعمل على عقد جلستين لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل للبت بالبنود العالقة في أدراج الأمانة العامة منذ اكثر من شهر عدا عن تلك المرجأة من قبل.
ولفتت الصحيفة إلى أن موضوع الحدود كان محل بحث بين الرئيسين عون والحريري، حيث وضع رئيس الحكومة رئيس الجمهورية في جو لقائه مع ساترفيلد وما نقله من أجواء وشروط، لافتاً الى انّه لم يأتِ بعد بما يؤدي الى الآلية التي يمكن ان تسلكها المفاوضات بعد الموافقة على عقدها.
وفور عودته الى «بيت الوسط» عكس الرئيس الحريري ارتياحه امام زواره. ولفت الى النتائج الإيجابية للقائه مع رئيس الجمهورية وطمأن الى انّه كان شاملاً ولم يوفّر اي موضوع على الساحتين اللبنانية والإقليمية، مكرراً ما عكسته مصادر بعبدا لجهة التفاهم على جلستين لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل وتزخيم العمل الحكومي.