لبنان
الشيخ الخطيب: فلسطين اليوم هي أهم ما سعت إليه كربلاء
أحيا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اليوم الأول من شهر محرم في مقره، برعاية رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، بحضور حشد من علماء الدين، والشخصيات، والفعاليات السياسية، والنيابية، والقضائية، والاجتماعية، والإعلامية، والمواطنين.
وفي كلمة له، أكد الشيخ الخطيب أن عاشوراء ليست حدثًا كسائر الأحداث المحدودة في الزمان والمكان، حتى تنتهي بانتهائها، وإنما هي حدث مرتبط فوق الزمان والمكان، لأنه مرتبط بمسيرة الإنسان في هذه الحياة، وبسلوكه كما أراد الله سبحانه وتعالى، وهو أمر دائم وثابت وغير جامد.
وتابع سماحته: "هذا الماضي غير منفصل عن زماننا، وفوق الزمان والمكان، ونحن بحاجة لنستعيد كربلاء، ولنستعيد هجرة رسول الله دفاعًا عن القيم وعن الدين والإسلام، ومن هنا فكل أرض كربلاء وكل زمان عاشوراء".
وشدد على أن "الحياة تصحُّ وتستقرُّ بالقيم وبالمعارف الإلهية ولكنها لا تستقرُّ مع الغرائز ومع المصالح سواءً كانت كبيرةً أو صغيرة، ولذلك نحن اليوم نعيش مرحلةً من مراحل هذا الصراع بين القيم المادية الحيوانية وبين القيم الإنسانية والإلهية والفطرية، لأن الحياة التي عنوانها المصالح والصراع والحصول على القوة الغاشمة، لم يؤد إلا إلى مزيد من التعاسة للإنسانية والحروب والمشاكل والقتل والدمار الذي يتمثل اليوم أمامنا في ما نراه في فلسطين".
ورأى أن فلسطين اليوم هي أهم ما سعت إليه كربلاء، وهي واجهة هذا الصراع بين الإنسانية وبين اللا إنسانية والحيوانية، وبين الحق وبين الباطل بين العدالة وبين اللا عدالة والظلم، ففلسطين اليوم هي تمثل واجهة الصراع بين أمتنا وبين الغرب، ولا مصالحة بين هذين الخطين، ولهذا كان هناك غلبة ووحشية، وكان هناك كسر للإرادة، فالغرب يتعامل بالقوة على قاعدة البقاء للأقوى.
وتابع: "لقد جنح شبابنا وأجيالنا في فترة من الفترات والظروف نحو الغرب، يتطلعون إليه مصدّقين شعاراته وأنه سوف ينشر العدل والديمقراطية في بلادنا، وكان هناك صورة ـ مع الأسف ـ انخدع بها شبابنا الذين تخرجوا خصوصًا من الجامعات الغربية أو حتى في جامعاتنا، ولكن الآن انكشفَ الغطاء، وانكشف ما يحصل في فلسطين وما حصلَ من قبلِه في العراق، وما حصلَ من قبلِه في لبنان، وفي كل المنطقة العربية التي استثمر فيها الغرب طاقاتنا وخيراتنا وأبناءنا في سبيل تحقيقِ مشروعه للاستيلاءِ على هذه المنطقةِ الغنية والثرية والتي يُدرِك بحقيقة نفسه وأمره وفي مراكز دراساته أن الخطر الحقيقي الذي يواجهه هو في هذه المنطقة، ومن هذا الفكر ومن هذا الدين ومن هذا الإسلام، الذي يراه اليوم حقيقة ثابتة في المواجهة التي يخوضها أبناؤنا وتخوضها أمتنا بعد صراع جدلي حاولوا أن يدخلونا فيه، وفي فتن طائفية تجاوزناها بحمد الله بوعينا جميعًا، فالمعركة ليست مع ما يسمى بـ "إسرائيل" وإنما هي معركة في أساسها ثقافية مع الغرب.
وأضاف الشيخ الخطيب: "نحن جزء من أمة رسول الله (ص)، وفي الاجتماع السياسي ليس لنا مشروع خاص، وليس هناك مشروع شيعي خاص، فمشروعنا هو مشروع الأمة، ونحن من جملة هذه الأمة ولكننا في الفداء وفي الدفاع عنها نكون في المقدمة، كما كنا بالأمس في مواجهة العدو "الإسرائيلي" واليوم في مساندة الشعب الفلسطيني، هؤلاء أخوة لنا، والقضية الفلسطينية هي قضيتنا، كما أكد عليها كل قادتنا وكل مراجعنا الذين كانوا يدعمون العمل الفدائي في مواجهة العدو الصهيوني وأفتوا بإعطاء الحقوق الشرعية للمقاومة كي تستطيع أن تقاوم هذا العدو، وأعطينا من أبنائنا وفلذات أكبادنا ومن بيوتنا ومزارعنا وأمننا وحياتنا، وأعطينا للقضية الفلسطينية لأنها قضيتنا، ولا نمنّ على الفلسطيني ولا نريد أجرًا على ذلك، إننا نريد أن يفهم المسلمون جميعًا أن العمل المذهبي هو عمل لتقسيم الأمة وشرذمتها والتآمر عليها لمصالح بعض الأنظمة ولمصالح أعداء الأمة بالدرجة الأولى، لذلك نحن اليوم في هذه المعركة التي نخوضها وتخوضها الأمة سواء في فلسطين، وفي غزة، وفي الضفة الغربية، وفي جنوب لبنان، وفي العراق، واليمن، فالأمة اليوم تتكامل".
وأكد أن العدو الذي يحتار اليوم كيف يخرج نفسه من هذا المأزق وكيف يسجل ولو انتصاراً ظاهريًا صوريًا لن يُترك له المجال، وسيتحقق الانتصار للقضية الفلسطينية، وهذا من ثمار عاشوراء، ومن أهداف أبي عبد الله الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه، ومنها وحدة الأمة ووحدة المسلمين في مواجهة أعدائهم والمحافظة على مصالحهم الإستراتيجية وكسر إرادة الشر التي هي ضد الإنسانية وضد كرامة الإنسان، وضد ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا الذي سنُعيده ونُعيده الآن من جديد.
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024