لبنان
جلسة ما بعد الراحة .. فهل تكون المفصلية ؟
غابت أخبار الجلسات يوم أمس بعد أن كان الوزراء في استراحة من الموازنة، ولو كانت لدراسة المقترحات، إلا أنها تعود اليوم بقوة، حيث يعقد مجلس الوزراء عند الواحدة والنصف ظهراً جلسته التي يصفها البعض بالمفصلية والحاسمة، بعد 17 جلسة متتالية، فهل تغادر الموازنة اليوم السراي الحكومي؟
هل حان وقت إقرار الموازنة؟
بداية مع "الأخبار"، والتي تساءلت هل سيشهد اليوم الجلسة الأخيرة من جلسات مناقشة الموازنة؟ موضحة أن أجواء يوم «العطلة» الذي أخذه الوزراء، تمهيداً لمناقشة «الأفكار الجديدة»، تشي بأن الموازنة ذاهبة نحو الإقرار. وزير الخارجية، الذي كان أول المعترضين على الاستسلام للسرعة على حساب الاقتراحات التي قدمها، سلّم بأن الأولوية صارت لإقرار الموازنة اليوم، على أن تبحث أي إجراءات جديدة لاحقاً. كتلة الوفاء للمقاومة، بدورها، دعت إلى إحالة المشروع بسرعة إلى مجلس النواب. كما دعا وزراء القوات إلى الانتهاء من دراسة الموازنة ووقف المزايدات، انطلاقاً من أن «ما توصلنا إليه لا بأس»، ويتكامل ذلك مع ما يكرره وزير المال من أن الموازنة انتهت.
وأضافت أنه قبل أن تقفل الحكومة ملف موازنة 2019، كسر الوزير علي حسن خليل حلقة التوتر القائم بينه وبين الوزير جبران باسيل على أولويات الموازنة، موجهاً تعميماً إلى الوزارات والإدارات للبدء بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020، مشيراً إلى أن من المرتقب أن يبدأ نقاشه الأسبوع المقبل. وقبل أن يسلّم باسيل بما تم التوصل إليه من إجراءات في الموازنة، عقد مؤتمراً صحافياً، بعد الاجتماع الاستثنائي لتكتل «لبنان القوي»، بدا أقرب إلى جردة حساب لكل السياق الذي سارت فيه المناقشات خلال 18 جلسة. وقال: «لسنا مصرين على أي أمر ولا نضغط في أي موضوع، بل نريد أن ننهي بسرعة وننتهي غداً (اليوم). هناك اقتراحات عملية مردودها المالي والإصلاحي والشعبي حقيقي، ولكن أخذها يتطلب بعض الجرأة. بعد ذلك، نصعد إلى قصر بعبدا لنتلقى دعماً قوياً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أجل القيام بالمزيد. وما لم نتمكن من إنجازه، نتركه لكم في مجلس النواب، بدءاً من لجنة المال، ولكن ليس لتخريب الموازنة وليس الإنقاص، بل لإضافة وإنجاز الأفضل».
واعتبر باسيل أن «الأمر الأساسي الذي اعترضنا هو وجود تفكيرين: تفكير يريد إرجاء 90 في المئة من المشاكل إلى وقت لاحق، ونحن نريد أن نحل أكبر عدد من المشاكل، لأن البلد في حاجة إلى هذه الدرجة من الإصلاح. هذه هي القضية بكل بساطة. الخلاف ليس مع شخص، بل مع أكثر من فريق في الحكومة، على هذا الموضوع وعلى التأجيل ورفض الخفض ورفض الإصلاح ورفض تطبيق القانون، وهذا الموضوع واسع ومتشعب».
وقال باسيل: «نحن فريق رافض لاستمرار الوضع على ما هو عليه منذ التسعين حتى اليوم، ويجدون حجة لكل ما نطرحه، مثلاً إذا طرحنا تطبيق قانون تملك الأجانب يجيبوننا بأننا نهربهم، وإذا طرحنا تغريم المؤسسات غير الشرعية، يقولون لا يمكن أن نزيد على الناس، وإذا طرحنا موضوع مرفأ بيروت والميدل ايست والاتصالات وإقفال مؤسسات، يكون الجواب أن ذلك في حاجة إلى دراسة، ونحن ندرس منذ عشر سنوات، ونؤجل من سنة الى سنة ...». وأردف: «في موضوع صندوق المهجرين أعطينا المثال، أننا نريد إقفاله، وقدمنا اقتراح قانون من أجل ذلك ومن أجل إلغاء الوزارة، فهذه الوزارة ستلغى، إذ من غير المعقول أن تزداد المدفوعات في كل عام كأن عدد المهجرين يزيد، عوض تخفيض الرقم المطلوب. لقد أظهر الوزير غسان عطا الله في دراسة أجراها أنه خفض من ألفي مليار الى ألف وثلاثمئة وخمسين ملياراً الى ستمئة مليار، وتصبح في النهاية وزارته صفراً، فهذا هو المكان الذي نجري فيه إصلاحاً حقيقياً. نحن نقفل ملفاً وطنياً وجرحاً وطنياً حقيقياً بألا نتحدث بعد الآن عن مهجرين في البلد. وفي المقابل، نجد مؤسسات وصناديق لا تتزحزح؟ وداخل مجلس الوزراء، هناك إقرار بأنه لا داعي لها».
وقال: «حتى في موضوع الجيش، نحن نقول نريد حلاً عادلاً، إذ من غير المعقول أن يطبق على دركي في مخفر أو عسكري في مستوصف بالبترون التدبير الرقم 3 كأنه واقف على الجبهة طوال حياته. أدرك أن هذا الكلام الذي أقوله مكلف، ولكن هذا ما يصلح البلد. وأعرف أنهم مستعدون للتضحية به، من القيادة والوزير، الى كل الأفراد، كي نتمكن من إنقاذ البلد وننجو جميعاً».
وتابع: «وصلنا الى إصلاحات عدة في هذه الموازنة، وهذا أمر جيد لكل الذين ساهموا فيه، بدءاً ممن وضع الموازنة وزير المال، وصولاً الى كل الأطراف التي تجاوبت، ولكن يبقى ذلك غير كاف، وحقنا أن نقول إننا نريد أكثر. لقد وصلنا إلى عجز مقبول مقابل ما كنا عليه، لكنه يبقى غير كاف، كأننا مرتاحون، نقبض على الاقتصاد ونجري هندسات مالية وأموراً حسابية من أجل خفض هذا العجز، ولكن نحن نريده بنيوياً وحقيقياً أكثر. إنه غير كاف ونستطيع خفضه أكثر بعد».
وأشارت "الأخبار" إلى أن كتلة الوفاء للمقاومة قد أشارت في اجتماعها الأسبوعي الى أنه «رغم معرفتها ببعض التحسينات التي طرأت على بنود مشروع الموازنة لعام 2019، إلا أن المقاربات بقيت بعيدة عن أن تجسد رؤية إصلاحية متماسكة، على الرغم من بعض التخفيضات في الإنفاق وإقفال بعض ثقوب الهدر للمال العام وزيادة بعض الإيرادات»، لافتة إلى أنها «مع ذلك تدعو الى إحالة المشروع بسرعة الى مجلس النواب لمناقشته وإقراره بعد تصويب ما يمكن تصويبه، لتلافي الخلل الذي يصيب انتظام الحسابات المالية للدولة مع كل تأخير في إنجاز الموازنة عن موعدها الدستوري المقرر».
جلسة الحسم اليوم!
من جهتها وصفت "البناء" مهلة الأمس بـ «استراحة المحارب» والتي أرادها رئيس الحكومة سعد الحريري فرصة أخيرة للوزراء لحسم موقفهم وقرارهم حيال الموازنة، كما توقعت بحسب المصادر الوزارية أن تكون جلسة اليوم جلسة الحسم لإنهاء النقاش في الموازنة في السرايا الحكومية وعقد جلسة أخيرة في قصر بعبدا لإقرارها وإرسالها الى المجلس النيابي لتصديقها.
إلا أنه وعلى الرغم من تأكيد رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل عقب الاجتماع الاستثنائي للتكتل أمس، بأن الموازنة ستقرّ وتحال الى البرلمان، إلا أن كلامه لم يوحِ بأن الموازنة ستخرج الى النور في وقت قريب. وقال باسيل: «اننا نريد حل أكبر عدد من المشاكل والبعض يكتفي بحجم إصلاح محدد، الخلاف ليس مع شخص محدد بل هو خلاف مع أكثر من فريق حول مواضيع محددة». وأشار إلى أنه «ربما يريد البعض في الداخل والخارج ترك البلد والعهد تحت وطأة الازمة»، مؤكداً أنه «سيكون هناك موازنة وسيكون هناك تخفيض للعجز والجميع يريد الاسراع بإقرار الموازنة». وأوضح أن «الكلفة تكون بوقف الهدر وخفض الامتيازات ووقف المساهمات ووقف الحالات الشاذة، وكل إصلاح لديه كلفة ونحن فريق يرفض استمرار الوضع على ما هو عليه»، مؤكداً «اننا امام فرصة لا تتكرر ويجب ان نتصرف لان الوضع صعب، ونحن كفريق لدينا خطة اقتصادية ولا نفرضها على أحد ونحن نتجاوب مع الجميع، اليوم نحن أكبر كتلة في الحكومة ولكن لا نملك الاكثرية في الحكومة».
وتابع: «منذ عشر سنوات وأنا اسمع في الحكومة دعوات الى تأجيل الأمور، فمتى يؤخذ القرار لإنقاذ البلد؟»، مشيراً إلى «أننا وصلنا الى اصلاحات عديدة في الموازنة. وهذا امر جيد، لكنها ليست كافية، ومن حقنا أن نقول نريد اكثر، وصلنا الى تخفيض العجز ولكن هذا ليس كافياً ويمكننا تخفيضه اكثر»، مؤكداً أن «الحل موجود ومتوفر وما نقوم به في الايام المقبلة سنكمل بعملنا الإيجابي ولسنا مصرّين على اي شيء وهناك اقتراحات عديدة ومردودها إيجابي وبحاجة الى الجرأة للقيام بها».
وإذ علمت «البناء» أن أكثر من جهة سياسية دخلت على خط الوساطة لتذليل الخلاف بين خليل وباسيل ومنع انفلات الأمور وعرقلة اقرار الموازنة، برزت إيجابية بكلام باسيل تجاه خليل بقوله «لست وزيراً للمال ولا يمكن لأحد في البلد أن يأخذ مكان أحد والجميع معبي مكانه». وأكّد مصدر وزاري رفيع المستوى في « التيار الوطني الحر » لقناة «المنار»، أنّ «لا معارك في مجلس الوزراء ولا شخصنة للأمور، إنّما جديّة في تقديم الاقتراحات، من دون ربطها بمواعيد نهائيّة».
في مقابل موقف باسيل بدا وزير المال علي حسن خليل مصراً على اعتبار موازنة 2019 بحكم المنجزة ولترجمة ذلك وجّه خليل أمس، تعميماً إلى الوزارات والإدارات حول البدء بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020 والذي من المرتقب أن يبدأ نقاشه الأسبوع المقبل.
ووفق مصادر وزارة المال فإنه لم يعد من حاجة لعقد جلسات اضافية لنقاش الموازنة التي نعتبرها منتهية منذ الجلسة الثالثة عشرة. في وقت حذرت مصادر نيابية من التأخير بإرسال الموازنة الى المجلس النيابي لا سيما أنها تحتاج الى شهر ونصف لدرسها، علماً أن الحكومة يجب أن تبدأ بدرس موازنة 2020.
ووفق معلومات «البناء» فإن الرئيس الحريري يعض على جرحه وممتعض مما آل إليه النقاش داخل الجلسات، وهو لن يكتفي بحثّ الوزراء على انهاء الموازنة وهو بصدد عرض مشروع الموازنة على التصويت كخيار أخير لفض الخلاف بين باسيل وخليل إذا ما استمرّ الواقع على ما هو عليه وهو لن يسمح بتجاوز صلاحياته الدستورية لا سيما في ادارة الجلسات من أي جهة كانت. فيما تداولت معلومات عن توجه الحريري الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية للاستعانة به على باسيل وعلى قضاء حاجة الموازنة. ورجحت المصادر أن تكون الزيارة في عطلة الأسبوع.
التدخُّل يُنهي نقاشات الموازنة في جُمعة الحسم اليوم؟
بدورها ركزت "اللواء" أن «استراحة» يوم أمس أسفرت عن إعادة مراجعة هادئة، لسلسلة المواقف «الاشتباكية»، والمتباينة بين الوزراء المعنيين بانتاج موازنة الـ2019، على قياس مواصفات مؤتمر «سيدر»، ومستلزمات البنك الدولي، وارشادات صندوق النقد الدولي، طمعاً بقروض ميسرة، قيمتها ما لا يقل عن 11 ملياراً لإعادة تأهيل البنية التحتية، وإطلاق ورشة نهوض اقتصادي. وكان من نتائج هذه المراجعة انعطافة جذرية لرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، الذي جمع تكتل لبنان القوي، ثم عقد مؤتمرا صحافيا، جنح فيه إلى التهدئة، في ضوء معلومات لـ «اللواء» عن تدخل جهة نافذة حزبية رغبت إليه التهدئة، ووصل ما انقطع مع حلفاء مشتركين، ليتمكن مجلس الوزراء من العبور إلى إقرار الموازنة في الجلسة المقررة اليوم، ورقمها 19، وعلى مشهد من تجمعات واعتصامات احتجاجاً على قضم الرواتب، وفرض الضرائب التصاعدية والمداخيل على معاشات التقاعد.
وأضافت الصحيفة أنه مع جلسة اليوم، تكون الحكومة أنفقت ما نسبته 70٪ من جلساتها الـ26 لإقرار الموازنة، مع انقضاء مائة يوم غداً، على منحها الثقة من قبل مجلس النواب في 15 شباط الماضي. وعشية الجلسة، نسبت المصادر المطلعة إلى الرئيس الحريري قوله: انه ليس في وارد المشاركة بأي سباق سياسي لا جدوى منه، وان دوره ينصب على التواصل إلى موازنة تترجم الشراكة الوطنية في تحقيق النهوض الاقتصادي والإصلاح المنشود.
وفي ضوء الاتصالات التي لم تنقطع سواء المباشرة أو عبر الوسطاء، أو بالهاتف، ارتؤي ان الإتجاه المتقدم لإنهاء المناقشات اليوم، جعل من الطبيعي إعادة النظر في زيارة الرئيس الحريري إلى بعبدا، على ان تكون عبر خلوة يعقدها مع الرئيس ميشال عون، قبل الجلسة التي ستقر الموازنة في القصر الجمهوري غداً أو مطلع الأسبوع.
ولاحظت مصادر وزارية لـ"اللواء" أن الرهان معقود حالياً على التفاهم المطلوب بين الرئيسين عون والحريري لإخراج مشروع الموازنة من عنق الزجاجة العالق فيها بفعل المناكفات السياسية والمزايدات الشعبوية، واقراره في الجلسة المفترض ان تكون الأخيرة اليوم، معربة من تخوفها من ان تصل الأمور إلى التصويت، فيما لو استمرت المناقشات تدور في دوّامة المراوحة، الا انها أعربت عن ارتياحها لما آلت إليه نسبة العجز بملامستها حدود 7،5 في المئة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الوزراء والقوى السياسية التي يمثلونها في الحكومة، خصوصاً وان أصداء إيجابية بلغت المؤسسات الدولية المهمة بلبنان وموازنته وارقامها.
لكن مصادر سياسية، أعربت من جهتها عن اعتقادها لـ «اللواء»، أن موضوع الإصرار على تخفيض نسبة العجز عن النسبة التي تمّ الوصول إليها، مرده، في نظر بعض الوزراء، ولا سيما الوزير باسيل، الإبقاء على هامش والتحسب من أي طارئ يدفع إلى رفع العجز.
وأكدت المصادر نفسها انه على الرغم من الجو المتوتر الذي ساد مناقشات جلسات مجلس الوزراء مؤخراً بشأن ملف الموازنة فإن هذا الملف سيقر وسيكون البلد امام موازنة جديدة مؤكدة ان الجلسة اليوم هي اختبار لحسن السير بها مع العلم ان اتصالات يفترض ان تكون سبقت هذه الجلسة لتهدئة الجو المشحون واعادة الأمور الى نصابها . وأشارت الى ان اطالة جديدة لأمد جلسات الحكومة تعني ان المشكلة لا تزال قائمة مشيرة الى ان التركيز على اقفال مزاريب الهدر أمر اكثر من مطلوب وان دراسة اي مقترح لذلك لا ينم عن ضرر انما المطلوب عدم تحول مجلس الوزراء الى متاريس.
ورأت انه اذا كان القرار متخذ بالأنتهاء من هذا الملف في جلسة اليوم فإنها تنتهي اما اذا كان غائبا فإن مسلسل الموازنة قد يتواصل إلى الأسبوع المقبل.