لبنان
لا جلسات للموازنة اليوم .. و48 ساعة لإقتراحات الوزراء
ربما تعوّد اللبناني على أخبار جلسات مجلس الوزراء حول الموازنة، ومع مرور نصف السنة يأمل هذا المواطن في أن تصل هذه الجلسات إلى حل، إلا أن المجلس يأبى إلا أن يأجل البت في الموازنة من جلسة لأخرى تحت ذراع دراسة الأرقام والمقترحات، وفي ضوء ذلك تحدثت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم عن ما تضمنته جلسة الأمس، وعن الانتظار المرتقب للجلسة 18.
الموازنة على كفّ عفريت
بداية مع "الأخبار"، والتي تساءلت هل لا تزال البلاد بحاجة إلى إقرار موازنة عام 2019، بعدما انقضى من السنة الحالية 5 أشهر؟ يفرض الدستور على مجلس الوزراء أن يحيل مشروع الموازنة على مجلس النواب عند بدء عقد تشرين الأول من كل عام، وأن تُقرّ الموازنة في مجلس النواب قبل نهاية السنة. أي إن موازنة 2019 كان ينبغي أن تحال على المجلس النيابي في تشرين الأول 2018، وأن تُقرّ قبل اليوم الأول من العام الجاري. كل الأرقام التي يجري تداولها عن العجز وتخفيضه ونسبته من الناتج المحلي باتت، نظرياً، أرقاماً بلا أي طائل. في الأصل، لم يشرح أحد بعد للرأي العام الجدوى من هذه الأرقام. لماذا تحتاج الحكومة إلى خفض العجز حتى يصبح معادلاً لنحو 7.5 في المئة من الناتج المحلي؟ لماذا يطالب البعض بأن يصل العجز إلى 7 في المئة لا أكثر؟ لماذا 7 في المئة، لا 6.9؟ أحجية لا أحد يعلم جدواها الاقتصادية. هي مجرّد أرقام حدد بعضها رعاة مؤتمر «سيدر»، فصار الوزراء يتسابقون على «تنقيصها»! يُضاف إلى ذلك أن ما يُبحَث حالياً، ويحتاج لنحو شهر لإقراره في مجلس النواب، هو مشروع موازنة لنصف سنة، وربما أقل. الدستور والقانون يوجبان صدور قانون الموازنة قبل انقضاء العام. ولأجل ذلك، يصبح السؤال مشروعاً عن جدوى كل هذا الصراخ والتأجيل وتضييع الوقت، فيما المطلوب من الحكومة أن تكون في طور الإعداد لبدء دراسة موازنة عام 2020 بعد أربعة أشهر على أبعد تقدير، إذا قررت احترام الدستور، ولو لمرة واحدة. الأمر بحاجة ربما إلى موقف شجاع من الحكومة ورئيسها، سعد الحريري، لا بهدف الهروب من الأزمة الحالية، بل لمحاولة وضع رؤية اقتصادية جدية للموازنة، لا الاكتفاء بإجراءات محاسبية لا هدف لها سوى إرضاء رعاة «سيدر». يمكن مجلسَ الوزراء إقرار موازنة كيفما اتفق، والذهاب إلى نقاش جدي في النموذج الاقتصادي المعتمد منذ 27 عاماً، وإعادة النظر بالسياسات الضريبية وبعلاقة الدولة بمصرف لبنان والمصارف، والبحث في ضرورة زيادة الإنفاق الاستثماري وإعادة تأهيل البنية التحتية المنهارة، ودراسة واقع القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية... البلاد بحاجة إلى ورشة تشريعية حقيقية، لا إلى مشروع موازنة حُمِّل بالعشرات من المواد القانونية التي لا صلة لها بالموازنة. وهذه الورشة لا يمكن إنجازها تحت سيف الوقت المُهدَر أصلاً، وفيما مسدّس «سيدر» موجّه إلى الرؤوس.
وأضافت "الأخبار" أنه لا مواعيد دستورية احتُرِمَت، ولا رؤية اقتصادية طرحها أحد من مكونات مجلس الوزراء. كل ما يجري حالياً تضييع للوقت والجهد، من أجل موازنة لأقل من ستة أشهر!، موضحة أن السؤال عن جدوى النقاش واجب لأسباب أخرى، تتصل بالنقاش نفسه. فمن تأجيل إلى آخر تنتقل الموازنة. هذه المرة يمتد التأجيل 48 ساعة. مهلة أعطاها رئيس الحكومة للوزراء كي يدرسوا اقتراحات جديدة قدمت أمس، وكي ينظر وزير المالية بانعكاساتها المالية. الوزير علي حسن خليل سبق أن عزل نفسه عن جزء من النقاشات، انطلاقاً من قناعته بأن «الموازنة قد أنجزت». وبالرغم من تعميم الأجواء الهادئة، إلا أن الخلاف بين خليل والوزير جبران باسيل استمر على حاله. وفيما كان وزير الخارجية يصرّ على أن يستكمل النقاش في الورقة التي قدمها، والتي وصف بنودها بالإصلاحية والتي «تساهم في خفض العجز بسهولة إلى 7 في المئة» من الناتج المحلي، كان وزير المالية يشير إلى تخطي الأصول في صياغة الموازنة، داعياً إلى إقرارها، ثم معالجة كل الأمور في جلسات لاحقة، فكان الحل بتأجيل الجلسة.
وفي السياق، أشارت "الأخبار" إلى أن اجتماعات الحكومة بدأت تتحول إلى مناقصة مفتوحة لكل من يبدع اقتراحاً إضافياً لزيادة الإيرادات وبالتالي خفض العجز، الذي أعلن وزير الإعلام أمس أنه وصل إلى 7.5%. إلى أي مدى هذه التقديرات دقيقة؟ تجربة العام الماضي تجعل التشكيك أمراً مشروعاً، خاصة أن العجز الفعلي ارتفع إلى 11.5 في المئة بعدما كانت التقديرات تشير إلى 8.5 في المئة. التشكيك بالتقديرات يصدر عن وزير معنيّ أيضاً، متسائلاً: من أين حصلوا على هذا الرقم؟ قبل أن يشير إلى توقعاته بأن الإجراءات التي نفذت حتى اليوم، إنما تساهم في وصول نسبة العجز إلى 8.5 في المئة. مع ذلك، فإن هذا الرقم قد لا يكون دقيقاً أيضاً، خاصة أنه لم يُعرَف مقدار ما تؤمنه زيادة الثلاثة في المئة على الفوائد، في ما يتعلق بتطبيقها على المصارف.
ومع تأجيل الجلسة إلى الجمعة، مع افتراض أن تكون الأخيرة، أعاد الرئيس نبيه بري الإشارة إلى تأخر الموازنة وإلى ضرورة إقرارها وتحويلها إلى المجلس النيابي، وقال إنه أعطى توجيهاته لدرسها بوتيرة سريعة في لجنة المال لإنجازها خلال شهر.
الحريري مستاء وأمهل الوزراء 48 ساعة!
من جهتها ركزت "البناء" أنه رغم بلوغ مشروع الموازنة سن الرشد مع انعقاد الجلسة 18 أمس، لكن الدخان الأبيض لم يتصاعد من السرايا الحكومية كما كان متوقعاً، ولا زال المشروع أسير المداولات في ورقة وزير الخارجية جبران باسيل.
ووفق معلومات «البناء» فإن قراراً اتخذ في جلسة الثلاثاء بالانتهاء من الموازنة أمس، لكن إصرار رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل على استكمال النقاش بالبنود الإصلاحية التي طرحها في مقابل اصرار وزير المال علي حسن خليل على الانتهاء من الموازنة وعدم النقاش بأمور سبق وأن ناقشها المجلس مطولاً، دفع برئيس الحكومة سعد الحريري الى إبداء استيائه ورفع الجلسة وأمهل الوزراء فرصة 48 ساعة للعودة الجمعة المقبل بتقديم مقترحاتهم الجديدة وإجابات نهائية على المقترحات الواردة في ورقة باسيل. مضيفاً أن لا يمكننا عقد جلسة اليوم الخميس وفي حال لم ننتهِ الجمعة فقد نعود لمتابعة درسها الثلاثاء المقبل. ما يعني أن يومي السبت والأحد لن تعقد جلسات. علماً أن مصادر وزارية في حزب الله أكدت أنه سيتم الانتهاء من الموازنة الجمعة بتوافق جميع مكوّنات الحكومة.
ولفتت إلى أن هناك انقسام بين فريقين داخل مجلس الوزراء بحسب مصادر وزارية: الاول يمثله وزير المال ويعتبر أن النقاش في الموازنة انتهى واستمراره عبثي، وفريق آخر يمثله باسيل ويرى ضرورة إدخال مزيد من التخفيضات في نفقات الموازنة لا سيما الوزارات التي لم يتم التخفيض منها وتأمين إيرادات جديدة لتخفيض نسبة العجز الى 7 في المئة وهو يعتبر أن الموازنة فرصة لتمرير هذه البنود الإصلاحية التي لطالما نادى بها التيار الوطني الحر في السنوات الماضية ولم يؤخذ بها». أما رئيس الحكومة الذي يؤيّد خليل فيعمل على التوفيق بين الطرفين وإيجاد مخرج يرضيهما معاً للانتهاء من الموازنة بأسرع وقت. ولهذه الغاية، عقد الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية المصغّرة لترطيب الأجواء. إلا أن المعطيات أفادت ان هذا الاجتماع لم يقدّم أي جديد بالنسبة للموازنة، وكلّ الكلام كان عن طروحات قديمة وعلمت «البناء» أن «الاجتماع المصغر بحث في النقاط الإحدى عشرة التي أثارها باسيل والنقاش كان ايجابياً، لكن لم ينته البحث بكل النقاط فطلب الحريري من اللجنة الانضمام الى جلسة مجلس الوزراء الذي تأخر انعقادها ساعة عن موعدها المحدد».
وقد حرص الحريري على عدم إشاعة أجواء الانقسام في الجلسة كي لا تؤثر على الثقة بأداء الحكومة وعودة الاضطرابات في الشارع، إلا أن التضارب في مواقف الوزراء ظهر واضحاً في الجلسة، وقد حصل سجال بين وزير الاشغال يوسف فنيانوس ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، على خلفية اقتراح فنيانوس لجنة ثنائية بين خليل وباسيل لنزع الخلاف على الموازنة وإلا سيستمر الجدل ما يؤخر ولادة الموازنة، فردّ جريصاتي رافضاً الفكرة مشيراً الى أن لا اجتماعات ثنائية بوجود مجلس الوزراء المكان الدستوري للبحث والنقاش. وعبّر مصدر وزاري لـ«البناء» عن قلقه حيال تأثر الأسواق بما يحصل في مجلس الوزراء. مشيراً الى أن باسيل «أعاد طرح مسألة الرواتب علماً أن سبق للمجلس أن ناقشها في خمس جلسات».
وفيما خيّم الهدوء والصمت على جبهة وزيري المال والخارجية، أفادت مصادر التيار الوطني الحر الى أن «الأجواء لم تكن سلبية في مجلس الوزراء ووزير المال لم يجلس في غرفة جانبية كما أشيع، بل جلس مع الموجودين ولا خلاف بالشخصي ولا بالسياسة معه»، كما أُفيد أن وزير المال وافق على عدد كبير من النقاط التي طرحها باسيل»، وقال الأخير بعد الجلسة: «يجب أن لا يكون هناك خاسر ورابح في الامر وسأتحدّث عن كل الأمور اليوم بعد اجتماع التكتل».
وخلال الجلسة أثنى باسيل على عمل خليل وجهوده الجريئة في تخفيض موازنات الوزارات، مشيراً الى أننا أيضاً نعمل بجرأة على تقديم بنود إصلاحية لتخفيض العجز، وعلمت «البناء» أن «باسيل طلب في الجلسة مؤازرة حزب الله وتأييده في الاقتراحات التي قدمها إلا أن الحزب بذل مساعي لإقناع باسيل بتأجيل البحث باقتراحاته الى ما بعد إقرار الموازنة».
كما علمت أن «خليل أكد في الجلسة أنه منفتح على كل المقترحات، لكن يمكن بحثها من خارج الموازنة في جلسات أخرى يعقدها مجلس الوزراء، ولا يمكن إصلاح كل شيء في هذه الموازنة طالما أنها تحتاج الى شهر وربما أكثر لإقرارها في مجلس النواب ما يعني عملياً الاقتراب من نهاية العام، وبالتالي يمكننا إدخال المقترحات الجديدة في مشروع موازنة العام 2020 وبالتالي علينا الإسراع في إنجاز هذه الموازنة».
من جهتها عبرت مصادر وزارية في القوات اللبنانية عن عدم ارتياحها للأجواء السائدة، معتبرة «أن هناك إجراءات يمكن أن تتخذ تزيد الإيرادات وتخفض العجز أكثر ولو تمّ خفضها حتى 7 ونصف بعد الرسوم على نمر السيارات من قبل وزارة الداخلية».
واستدعي الإعلاميون والصحافيون الى قاعة المؤتمرات لكي يعقد وزير المال مؤتمراً صحافياً إلا أنه عدل عن ذلك بعد حديث جانبي مع الحريري وخرج خليل من الجلسة ممتعضاً ولم يُدلِ بأي تصريح. علماً أنه كان قال لدى وصوله الى السراي إن «الموازنة خلصت» ولا أعلم سبب هذا الاجتماع ولا يمكن تحديد عدد الاقتراحات التي أضيفت، لأنها مواد بنيوية. اما وزير الصناعة وائل ابو فاعور فقال «نجتمع اليوم ضمن لجنة تسييرية قبيل مجلس الوزراء»، مضيفاً «اقتطاع نسبة من الرواتب والأجور لتخفيض العجز الى الـ 7 غير مطروح». أما فنيانوس فقال «لا ندري لماذا دعينا الى اجتماع لجنة مصغرة لمناقشة الموازنة بعد 17 جلسة لمجلس الوزراء». وتابع «جرى الاتفاق على أن يقتصر عمل وزارة الأشغال هذا العام على الاوتوسترادات الأساسية وذلك بفعل التخفيض في موازنتها ولا تلومونا بالتالي إذا حصل تقصير».
أما بخصوص التدبير رقم 3 فطرحت وزيرة الداخلية ريا الحسن في الجلسة البدء بتطبيق قانون الضمائم الحربية، لكنها اشترطت بألا يتأثر بدل الانتقال على أساس الراتب، لأن بدل النقل هو جزء من الراتب وتعويضات التقاعد. موضحة أن «التدبير رقم 3 يشكل 24 في المئة من أساس الراتب ويصبح 18 في المئة إذا ما اعتمدنا التدبير رقم 2 وينخفض أكثر مع تخفيض 3 بالمئة من الطبابة»، اما وزير الدفاع الياس بوصعب فأكد أن «ما طرحه في التدبير رقم 3 في الجيش يدخل في إطار الموازنة الحالية أما ما طرحته الحسن سيطبق في موازنة 2020، لذلك تطبيق التدبير في الجيش لا يطابق تنفيذه في قوى الأمن الداخلي».
في المقابل، شهد الشارع هدوءاً لافتاً خلال اليومين الماضيين، فقد أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة تعليق الإضراب العام مؤقتاً في كل الإدارات اعتباراً من صباح اليوم، ومواصلة تحركها بالوسائل القانونية المتاحة مع إبقاء كل الخيارات مفتوحة بما فيها العودة إلى الإضراب عند اللزوم». أما المساعدون القضائيون في قصور عدل بيروت والمناطق، فقرروا الاستمرار في اعتكافهم عن العمل يومي الخميس والجمعة في 23 و 24 أيار الحالي، وذلك إثر الاجتماع الموسّع الذي عقد أمس في قصر عدل بيروت.
الحريري إلى بعبدا لإخراج الموازنة من براثن «الإشتباك»
بدورها تمحورت صفحات "اللواء" حول أن لا راحة مجلس الوزراء من الجلسات اليوم، بينما يستكمل غداً الجلسة رقم 18 غداً، للتدقيق في الأرقام، ولرؤية موحدة لحجم التخفيض، أو البحث عن اشتباك سياسي، تحت ذريعة واهية «مقاومة الفاسد والنهب».
وأضافت أن المسألة تخطت الجدل الرقمي إلى اتهام مباشر لفريق سياسي، «بالمشاركة في النهب المنظم»، واليوم يحاول ان يقدم ممثله نفسه بطلاً في مكافحة الفساد؟ هذا الاتهام السياسي الخطير، والذي يستهدف على الارجح وزير المال وفريقه، من شأنه ان يفتح الباب امام تجاذب يُهدّد المناقشات، ويفتح ثغرة واسعة في الجدار الحكومي المترجرج وربما المهزوز..
الجلسة 18؟
وفي تقدير مصادر وزارية، انه من الصعوبة التكهن بموعد الانتهاء من إنجاز مشروع الموازنة، في ظل مخاض اتضح انه غير سهل كمعظم الاستحقاقات اللبنانية، حيث لم تصل مناقشات مجلس الوزراء امس الى الخاتمة السعيدة لإقرار مشروع موازنة، كما كان متوقعاً، بل تأجل اقرارها الى يوم غد الجمعة، بعدما رفعها رئيس الحكومة سعد الحريري إثر مناقشات مطولة لمقترحات قدمها وزير الخارجية جبران باسيل وبلغ عددها 12 اقتراحا، ورأى فيها العديد من الوزراء حسبما قالوا لـ«اللواء» انها دوران في الحلقة ذاتها ولم تقدم جديدا يُذكر الا في اماكن محددة لكنها لا توفّر مبالغ كبيرة للخزينة لخفض العجز، ولا تستأهل تأخير الموازنة اكثر من ذلك خاصة انه جرى بحثها مرارا، مثل خفض موازنات الوزارات اكثر ورواتب الموظفين الرسميين، وخفض التقديمات للجمعيات، وهو ما اثار جدالا بين باسيل وبين وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي رفض المس بالتقديمات للجمعيات بعدما اجرى التخفيضات اللازمة عليها، وطرح باسيل ايضا تعديل بعض قوانين البرامج لخفضها اكثر،والغاء وزارة المهجرين، وتعديل التدبير الرقم 3 للعسكريين، اخضاع مصرف لبنان للضريبة على الفوائد، وقف التهرب الضريبي والجمركي، رفع الرسم على البحص والرمل من الف الى 1500 ليرة، وضع سقف 10ملايين ليرة للمنح المدرسية للموظفين، فرض رسوم على اليخوت، والغاء التوظيفات الاخيرة التي حصلت خلافا للقانون وشملت نحو 5 الاف موظف. وذكرت المصادر الوزارية ان هناك مقترحات اهم جرى بحثها ويجب ترجمتها فوراً على الارض مثل مكافحة التهرب الجمركي والضريبي ورفع تخمينات مخالفات الاملاك البحرية وسواها من مقترحات.
وقد بذل الرئيس الحريري جهوداً قبل الجلسة للتوصل الى توافق يكون خاتمة للمناقشات امس، عبر جمع الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل في اجتماع ضم ايضا عدداً من الوزراء من كل اطياف الحكومة مثل محمد فنيش ووائل ابو فاعور ويوسف فنيانوس وكميل ابوسليمان، لكنه فشل في تحقيق التوافق على انهاء النقاش، بسبب تمسك باسيل بموقفه بمناقشة المقترحات الجديدة وخفض العجز الى 7 في المائة بدل 7 فاصل 6، لكنه تمنى عدم أخذ الأمر كصراع شخصي، معتبراً ان عامل الوقت ليس خانقاً، كما تمسك وزير المال بموقفه، وقدم مطالعة استمرت قرابة نصف ساعة، أكّد خلالها انه «تعاطى بإيجابية منذ البداية للوصول إلى تفاهم». لافتاً «النظر إلى ان كل هذه النقاشات لا علاقة لها بالموازنة، ويمكن استكمالها على طاولة مجلس الوزراء»، معتبراً ان كل الطروحات لا يُمكن ان تضيف شيئاً جديداً. ووافقته الوزيرة ريا الحسن في هذا الامر، واشارت الى اننا نعطي صورة سلبية للمجتمع الدولي ولا يمكن الاستمرار بادخال اقتراحات يمكن معالجتها لاحقا، ولفتت الى انه كان من المفترض ان نكون انهينا موازنة 2019، وبدأنا بدراسة مشروع موازنة 2020.
وفي في هذا الوقت، دخلت بعبدا على خط الخلاف على الموازنة، من خلال إعادة تظهير خطاب الإفطار الذي ألقاه الرئيس ميشال عون في 14 أيّار الحالي، باعتباره انه يرسم خارطة طريق تستدعي تعاون الحكومة فيها، بحسب مصادر سياسية في بعبدا، التي قالت ان الرئيس عون يتابع عن كثب المداولات الجارية في مجلس الوزراء حول الموازنة، وانه يترقّب مراعاتها للتوجهات الرئاسية، بمعنى انه يرغب في ترجمة النقاط التي طرحها في خطاب الإفطار في أداء الحكومة وفي مقدمها الإصلاح، إذ لا يُمكن الكلام عن وقف الهدر من دون الشروع بتفعيل أجهزة الرقابة، ولا يُمكن أيضاً الحديث عن مكافحة الفساد من دون محاسبة الفاسدين.
وبحسب هذه المصادر، فإن الرئيس عون يعتقد ان مهمة الموازنة الجديدة تكمن في تحديد مكامن الخلل والهدر والفساد والقضاء عليها وتظهير الوظيفة الاقتصادية للموازنة، بعد طول انكار وغياب لتبدأ بعدها معالجة حقيقية للعجز في شقيه المالي والتجاري في ضوء اعتبار واحد هو مصلحة الشعب اللبناني، من دون ان تحدد المصادر أين مصلحة الشعب ولا كيفية معالجة العجز، إلا انها حملت السلطة التنفيذية مسؤولية السير ما تعهدت به، في اتهام غير مباشر لهذه السلطة بالتقصير عن تنفيذ ما تعهدت به، مكتفية بالاشارة الي ان الرئيس عون لا يُمكن الا ان يكون الداعم لها عند تنفيذ الإصلاح الذي يعد الحجر الأساس في عملية بناء الدولة، وكأنه يقول بمعنى آخر، انه قد لا يدعم الحكومة عندما تتلكأ عن هذا الإصلاح، مع العلم ان رئاسة الجمهورية هي جزء من السلطة التنفيذية مع الحكومة وليست منفصلة عنها.
وشدّدت المصادر على انه طوال انعقاد جلسات الموازنة كان الرئيس عون يضع خطاب الإفطار امامه، فهو صارح الشعب بواقع يعرفه كثيرون، لكنه لا يرغب ان يطمس ولا تقوم توعية حوله، حتى انه يُدرك في قرارة نفسه ان هناك من ينتقد ما أشار إليه، إنما في المقلب الآخر بعث برسالة علّها تصل.
وعلى صعيد آخر، كشفت معلومات ان الرئيس عون ينتظر الانتهاء من إنجاز الموازنة للتحضير لورش متعددة في القصر الجمهوري في مختلف المجالات، وانه يدرس جدياً مسألة مشاركته في القمة الرئاسية الثلاثية المرجحة الشهر المقبل في قبرص بين لبنان واليونان وقبرص، للبحث في ملفات مشتركة وأهمها مسألة النفط، إضافة إلى ترسيم الحدود البحرية مع قبرص فيما يتصل ببلوكات بحر الشمال والتي تتداخل فيها هذه الحدود مع سوريا.