لبنان
شهيدتان في المنصوري.. والمقاومة تواصل عملياتها النوعية في الجنوب
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على أنّ "استمرار عمليات المقاومة على الجبهة الجنوبية يعمّق المأزق الإسرائيلي في إعادة المستوطنين إلى الشمال، لا سيّما في ظلّ تحميل المستوطنين الحكومة الإسرائيلية مسؤولية العجز عن تقديم ضمانات أمنية بالقوّة العسكرية".
ولفتت الصحف إلى أنّ "لا قدرة إسرائيلية على فرض انسحاب حزب الله ولا قوة الرضوان من الحدود باتّجاه شمال الليطاني بعمل عسكري جوي أو بري، لذلك جاءت الوفود الأميركية والأوروبية حاملة المطالب الإسرائيلية لانتزاع ما يمكن انتزاعه من مكاسب بالطرق الدبلوماسية والسياسية ما يعجز عنه الاحتلال في أي عدوان عسكري على لبنان مع التهديد بورقة الحرب الإسرائيلية على لبنان، لا سيما أنّ قادة الاحتلال يدركون بأنّ الحل العسكري غير ممكن ولا يحقق الأهداف الإسرائيلية على جبهة الشمال بل سيزيد المأزق ويستدرج "إسرائيل" إلى حرب كبرى مع حزب الله".
"الأخبار"| انزعاج أميركي وأوروبي أرجأ المؤتمر الفرنسي لدعم الجيش: إحباط مساعي باريس للاستثمار
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنّه: "بالتزامن مع بدء وفد من لجنتَي الخارجية والأمن في الكونغرس الأميركي زيارة لبيروت أمس، للبحث في أفكار ومقترحات لدعم الجيش اللبناني ربطًا بمستقبل التطورات في الجنوب، أُعلن عن تأجيل مؤتمر لدعم الجيش كانت باريس تُعدّ لاستضافته في 27 من الشهر الجاري إلى موعد لم يُحدد. وبحسب المعلومات أُرجئ المؤتمر بسبب "خلافات بين باريس وعواصم أوروبية، إضافة إلى واشنطن، في ظلّ استمرار الحرب وعدم اتضاح مسار الحل السياسي وكيفية تطبيق القرار 1701"، وفقَ مصادر دبلوماسية قالت لـ"الأخبار" إن "الفرنسيين حاولوا قطف الملف، فقرّروا عقد المؤتمر من دون التشاور مع أحد". وأوضحت أن "باريس تسرّعت في الكشف عن المؤتمر والدعوة إليه، ما أربك بقية الأطراف الأوروبية والغربية، خصوصًا أنّ من المبكر تحديد الدور الذي سيقوم به الجيش وما قد يحتاج إليه، وفي ظلّ عدم اتضاح معالم اليوم التالي في لبنان لأن الأمر كله مرتبط بتطورات الوضع في قطاع غزّة". لذلك "جرت اتّصالات مع الفرنسيين لتأجيل المؤتمر حتّى اتضاح الوضع في الأسبوعين المقبلين ربطًا بتطورات غزّة".
وبدأ وفد الكونغرس الأميركي الذي يضمّ السناتورين كريس كونز وريتشارد بلومنتال جولته، برفقة السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، من عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثمّ زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون. وقالت مصادر مطّلعة إن "الوفد ناقش مع بري وميقاتي تطبيق القرار 1701، والشق المتعلّق بانتشار الجيش في الجنوب ودوره هناك"، و"أكّد الرئيسان أن الجيش يعمل بحرية في الجنوب وموجود هناك، ولا اعتراض لدى أيّ من الأطراف على أن يكون له دور في ضبط الوضع. لكنّه يحتاج إلى الدعم ليتمكّن من القيام بمهماته"، في ما أكد بوحبيب للوفد أن "استمرار تمويل الأونروا هو في مصلحة لبنان والدول المضيفة والعالم، لأن ذلك يفتح الباب للاجئين الفلسطينيين للأمل بمستقبل أفضل".
ونقلت وكالة "رويترز" عن كونز أن "الأسابيع القليلة المقبلة نقطة تحوّل حقيقية، لغزّة و"إسرائيل" ولبنان والبحر الأحمر والعراق"، وأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة قد تكون له "تبعات إيجابية" للبنان. وأضاف أن ذلك "قد يتيح فرصة لمدة 45 يومًا، ويُرجح بشدة أن تكون خلال رمضان، ليتسنّى اتّخاذ الخطوات التالية لبدء بناء الثقة التي من شأنها أن تفضي إلى تنفيذ القرار 1701". وقال إن "على الطرفين أن يغتنما هذه الفرصة للتهدئة والانسحاب".
باريس تتصرف في "الخماسية" وفق أجندة مستقلّة وتأخذ هامشًا غير مرغوب به من واشنطن
وأمس، أوضحت بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة، ردًا على التهديدات التي أطلقها مندوب "إسرائيل" في المنظمة الدولية حول نية "إسرائيل" تنفيذ القرار 1701 بالقوّة في الأسابيع المقبلة، بأنّ "إسرائيل هي من يخرق القرار 1701، وخروقاتها البرية والبحرية والجوية التي تجاوزت الـ 30 ألفًا موثّقة لدى مجلس الأمن منذ عام 2006"، محذّرة من أن "التهديدات الإسرائيلية على لسان كبار المسؤولين والتبشير بالقتل والخراب والدمار تظهر نيات "إسرائيل" المبيّتة بتوسيع رقعة الحرب، ومحاولة للبحث عن ذريعة لشن عدوان على لبنان". وطالبت "الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة بإلزام "إسرائيل" بوقف اعتداءاتها وخروقاتها لسيادة لبنان، والبدء بمفاوضات من خلال الأمم المتحدة للالتزام بالقرار 1701 كاملًا، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، بحثًا عن الحل السياسي المنشود وحفاظًا على السلم والأمن الإقليمييْن".
سياسيًا، وصفت مصادر مطّلعة لقاء سفراء "الخماسية" في قصر الصنوبر، أول من أمس، بأنه "محاولة جديدة لتوحيد الرؤية حول الملف اللبناني"، مشيرة إلى أن "النقاش بين السفراء الخمسة، بحسب معطيات وصلت إلى جهات سياسية، تؤكد أن عمل اللجنة في الوقت الحالي محكوم بالفشل"، وأن "اللقاءات المتتالية هي لمجرد تقديم صورة بأن هناك تنسيقًا دائمًا بشأن لبنان". وأشارت المصادر إلى أن "النقاش أظهر خلافًا واضحًا وانقسامًا بين الأميركي والقطري من جهة والسعودي والفرنسي من جهة أخرى، في ما بدا المصري كمراقب أكثر منه فاعلًا". وأكدت أن السفراء لم يتحمّسوا لفكرة باريس بزيارة المبعوث الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان لبيروت، قبل شهر رمضان، وهو التوقيت المفترض للدخول في فترة هدنة في غزّة، وأن لودريان لا يمكنه التحدث باسم "الخماسية"، لعدم وجود برنامج مشترك متفق عليه بين العواصم الخمس، ولأن باريس، بحسب ما تقول المصادر، "تتصرف وفقَ أجندة مستقلة في كثير من الأحيان، وتتّخذ هامشًا غير مرغوب به من واشنطن".
"البناء": انفجار ضخم في طبريا والمستوطنات تحت النار وشهيدتان في غارات المنصوري
من جهتها، لفتت صحيفة "البناء" إلى أنّه: "على جبهة لبنان غارات إسرائيلية تتسبّب بالمزيد من الشهداء المدنيين كان آخرهم شهيدتين في المنصوري، بينما تواصل المقاومة ضرباتها النوعية وتضع المستوطنات تحت النار، في استهدافات اعترف بها جيش الاحتلال، بينما بقي حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن انفجار ضخم في طبريا غامضًا.
وسجلت الجبهة الجنوبية المزيد من التصعيد في ظلّ استمرار العدوّ الإسرائيلي باستهداف المدنيين الآمنين في قرى الجنوب، ما أدى إلى استشهاد المواطنة خديجة سلمان في العقد الرابع من العمر، والطفلة أمل حسين الدر (5 سنوات) جراء غارة على بلدة مجدل زون، في ما رد حزب الله بـ 12 عمليةً نوعية ضدّ تموضعات وتجمعات ومواقع العدوّ شمال فلسطين المحتلة.
كما وسّع العدوّ الإسرائيلي عدوانه على أطراف بلدات علما الشعب والضهيرة والجبين وطير حرفا ومجدل زون في القطاع الغربي جنوبي لبنان. وسجلّت غارة إسرائيلية على جبل صافي بين جزين وجباع. واطلق جيش الاحتلال نيران رشاشاته الثقيلة في اتّجاه جبلي اللبونة والعلام في القطاع الغربي.
في المقابل، أعلن حزب الله في بيانات متلاحقة، استهداف مبنيّين يتموضع فيهما جنود العدوّ في مستعمرة ""أفيفيم"". كما استهدف مجاهدو المقاومة مستعمرة "المطلة" وتموضع جنود العدوّ فيها وموقعي "زبدين" و"رويسات العلم" في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، بالإضافة إلى ثكنة ""زرعيت"" وتجمعًا لجنود العدوّ الإسرائيلي في محيط موقع "المرج" بالأسلحة الصاروخية. كما استهدفوا تموضعين عسكريين لجنود العدوّ الصهيوني في مستعمرتي "إيفن مناحم" و"شوميرا"، ومستعمرة متسوفا بصواريخ الكاتيوشا.
وأشارت مصادر مطلعة على الواقع الميداني لـ"البناء" إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية لن تمر من دون رد، وكلّ عدوان على المدنيين أو على بنى تحتية لبنانية سيقابل برد مماثل ومناسب، لأن المقاومة لن تسمح للعدو بفرض واقع ميداني جديد وقواعد اشتباك جديدة وكسر معادلة الردّ التي فرضتها المقاومة طيلة الحرب على غزّة. كاشفة أن ما قامت به المقاومة من عمليات نوعية في عمق الأراضي المحتلة، ليس سوى الرد الأولي ستعقبه ردود أخرى مؤلمة للعدو.
ولفتت جهات سياسية مقربة من المقاومة لـ"البناء" إلى أنّ "استمرار عمليات المقاومة على الجبهة الجنوبية يعمّق المأزق الإسرائيلي في إعادة المستوطنين إلى الشمال، لا سيما في ظلّ تحميل المستوطنين الحكومة الإسرائيلية مسؤولية العجز عن تقديم ضمانات أمنية بالقوّة العسكرية"، لافتة إلى أن "لا قدرة إسرائيلية على فرض انسحاب حزب الله ولا قوة الرضوان من الحدود باتّجاه شمال الليطاني بعمل عسكري جوي أو بري، لذلك جاءت الوفود الأميركية والأوروبية حاملة المطالب الإسرائيلية لانتزاع ما يمكن انتزاعه من مكاسب بالطرق الدبلوماسية والسياسية ما يعجز عنه الاحتلال في أي عدوان عسكري على لبنان مع التهديد بورقة الحرب الإسرائيلية على لبنان، لا سيما أن قادة الاحتلال يدركون بأن الحل العسكري غير ممكن ولا يحقق الأهداف الإسرائيلية على جبهة الشمال بل سيزيد المأزق ويستدرج "إسرائيل" إلى حرب كبرى مع حزب الله".
لكن بعد اليأس من إمكانية فرض التهدئة على الجبهة الجنوبية بالضغط الدبلوماسي والتهديد بالقوّة العسكرية الإسرائيلية وبعد رفض حزب الله النقاش بأي ملف على الحدود قبل توقف العدوان على غزّة، تضيف المصادر: "انتقل الموفودن إلى خطة ب، أي الضغط على لبنان لتخفيف العمليات العسكرية لحزب الله وتطبيق ما يمكن من القرار 1701 وفتح تفاوض على اليوم الثاني للحرب، وجرّ حزب الله والحكومة اللبنانية إلى اتفاق نهائي للوضع الحدودي يلبي المصالح الإسرائيلية يكون جاهزًا للتطبيق عندما تنتهي الحرب ويتضمن ضمانات أمنية لـ"إسرائيل"، لكن حزب الله رفض الانخراط بأي نقاش أو اتفاق قبل توقف العدوان على غزّة".
لكن لا مانع لحزب الله وفق الجهات "العودة إلى ما قبل 8 تشرين الثاني ووقف العمليات العسكرية شرط وقف العدوان على غزّة، ولن يحصل الإسرائيلي على اتفاق جاهز للتنفيذ يمنحه ضمانات قبل توقف العدوان على غزّة لكي يستفيد منها سياسيًا ومعنويًا في تهدئة غضب المستوطنين في الشمال، وأقصى ما يمكن التوصل إليه في أي نقاشات في ملف الحدود بعد توقف الحرب، هو تطبيق بنود في القرار 1170 لم تطبق من قبل أكان من حزب الله أو "إسرائيل"".
وشدّدت المصادر على أن "التلويح بالعدوان على رفح وتطبيق مشروع التهجير، يأتي في سياق التهديد والتهويل على المقاومة لانتزاع مكاسب في المفاوضات، لأن أي عدوان على رفح لن يحقق الإسرائيلي انتصارًا فيه ولن ينجح بالقضاء على حركة حماس ولا في تهجير الفلسطينيين، وبالتالي لن يدفع المقاومة الفلسطينية للتنازل عن حقوقها ومطالبها في المفاوضات الجارية، ولن تقدم التنازلات في النقاط الجوهرية، كما لن يدفع المقاومة في لبنان على خط الجبهة الجنوبية للتنازل قيد أنملة، لا سيما أن القرار 1701 لم يتحدث عن وقف لإطلاق النار بل للأعمال العدائية وبالتالي وقف إطلاق النار مشروط بجملة خطوات لم تتحقق، لا سيما فض النزاع في المناطق المتنازع عليها خصوصًا مزارع شبعا".
وكشفت المصادر أن "قيادة المقاومة الفلسطينية أبلغت قيادة المقاومة في لبنان أن لديها قدرة كبيرة على الصمود في الميدان لوقت طويل لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزال تمتلك القوّة التسليحية والصاروخية والتذخيرية والتموينية لذلك". علمًا أن معلومات "البناء" تشير إلى أن المفاوضات الجارية بين القاهرة وقطر لا زالت مستمرة وتدخل في تفاصيل المراحل وإن كانت تواجه العقد بسبب تشبث الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، لكن الجهود الدولية ستكون أقوى من الشروط وستتمكّن من إنجاز اتفاق على مراحل مع ترجيح التوصل لهدنة مؤقتة مع تبادل دفعة جديدة من الأسرى قبل شهر رمضان.
وأكّد نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، أنّ "وجودنا في المواجهة هو الذي يردع العدو، ودبلوماسية الغرب تريد تعطيل قوَّتنا في إزعاج "إسرائيل" وإرباك "إسرائيل" لتحقيق الأمن الإسرائيلي ولا تعمل لإيقاف الحرب على غزَّة التي كانت السبب وراء كلّ هذه المساندة التي حصلت في المحور".
ولفت إلى أنّه "إلى الآن أسقف المواجهة مع جبهة لبنان محدودة حتّى لو تجاوزت بعض الاستثناءات والردود على هذه الاستثناءات، ولكن عندما يتجاوز العدوّ إلى سقف أعلى سيكون سقفنا أعلى من سقفه، وبالتالي نحن لن نتراجع في الميدان بل سنجعل أي تطوّر مرتبط بالميدان وبالمواجهة بحسبه على قاعدة أنَّنا في موقع الردع للعدو الإسرائيلي والرفض لمخطّطاته والأمل بالنصر إن شاء الله تعالى".
وأشار قاسم، في كلمة له باحتفال للحزب في بيروت إلى "أننا قدَّمنا المساندة لغزّة بما يدعم ويربك العدوّ ويحقِّق الأهداف الممكنة في ظلِّ هذه المعركة القائمة، وفي آنٍ معًا دفعنا عن لبنان ما هو أعظم، ولعلّكم اطلعتم بعد 4 أيام من 7 تشرين بأنَّه جرت مكالمة طويلة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محورها بأنَّ "إسرائيل" تريد أن تخوض الحرب بشكل مفاجئ على لبنان وأميركا تعترض من أجل "إسرائيل"، من هنا مبادرتنا إلى مساندة غزَّة جعلنا في حالة حضور ولا نتفاجأ بأيِّ عدوان يمكن أن يقوم به العدو".
على الصعيد الدبلوماسي، وردًا على التهديدات التي أطلقها مندوب "إسرائيل" في الأمم المتحدة، حول نية "إسرائيل" تنفيذ القرار ١٧٠١ بالقوّة خلال الأسابيع المقبلة، أوضحت بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك في بيان، أن "لبنان أكد مرارًا وتكرارًا على لسان كبار المسؤولين بأنه لم يرد يومًا الحرب ولا يسعى إليها اليوم أو مستقبلًا"، وأبدى لبنان التزامه الكامل بالتفاوض والبحث عن حلول سلمية تحفظ حقوقه المشروعة من خلال التطبيق الشامل والمتوازن لمندرجات القرار ١٧٠١، كما ضمّن وزير الخارجية والمغتربين في خطابه أمام مجلس الأمن بتاريخ 23 كانون الثاني ٢٠٢٤ حول الوضع في الشرق الأوسط، تصورًا للحل المتكامل للوضع في جنوب لبنان ضمن سلة واحدة غير مجتزأة. وعليه يسأل لبنان ألم يحن الوقت لتعطي "إسرائيل" العقل، والمنطق، والسلام فرصة بدل الاستمرار بسياسة القوّة، والاحتلال، والتهديد، والقتل، والحرب؟ كما يطالب لبنان الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة، بالأخص مجلس الأمن، بإلزام "إسرائيل" بوقف اعتداءاتها وخروقاتها لسيادة لبنان، والبدء بمفاوضات من خلال الأمم المتحدة للالتزام بالقرار ١٧٠١ كاملًا، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، بحثًا عن الحل السياسي المنشود وحفاظًا على السلم والأمن الإقليميين".
وفي إطار الضغوط الدبلوماسية الأوروبية والأميركية على لبنان، أفيد عن تأجيل مؤتمر دعم الجيش اللبناني الذي كان مقررًا في السابع والعشرين من الشهر الحالي في باريس بدعوة فرنسية إلى موعد لم يحدد بعد. وربطت أوساط سياسية لـ"البناء" بين تأجيل المؤتمر وبين رفض لبنان المقترح الفرنسي للحل على الحدود لتطبيق القرار 1701 الذي نقله وزير الخارجية الفرنسية إلى الحكومة اللبنانية خلال زيارته الأخيرة للبنان منذ حوالي الأسبوعين، والذي تحدث عن انسحاب حزب الله مسافة 10 كلم وتعزيز قوات اليونفيل والجيش اللبناني ومنح مساعدات مالية خارجية للجيش لتعزيز عديده وانتشاره على طول الحدود وفي منطقة جنوب الليطاني.
ويستمرّ الحج الدبلوماسي باتّجاه لبنان، فبعد الوفود الأوروبية، حطّ وفد أميركي ضم السناتور ريتشارد بلومنتال والسناتور كريستوفّر كونز، وجال والوفد المرافق بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان ليزا جونسون على المسؤولين.
وزار الوفد عين التينة والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة لا سيما المستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة "إسرائيل" عداونها على قطاع غزّة والقرى والبلدات اللبنانية الجنوبية.
كما استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الوفد في دارته وتم خلال اللقاء البحث في الوضع المتوتر في جنوب لبنان والحرب في غزّة. وجدد رئيس الحكومة دعوته إلى استمرار الدعم الأميركي للجيش لتمكينه من القيام بمهامه. كما زار الوفد وزير الخارجية.
على خط الملف الرئاسي، وبعد اجتماع اللجنة الخماسية في قصر الصنوبر والذي لم يرشح عنه أي مستجدات، نقلت مصادر إعلامية عن جهات دبلوماسية أن "الجهود الخارجية الرئاسية ستتكثف قبيل شهر رمضان المبارك في خريطة طريق أصبحت شبه جاهزة".
وأشار زوار عين التينة وفق المصادر إلى أن الرئيس بري أكد أنه يؤيد أي جهود سواء كانت داخلية أو خارجية، وأعلن جاهزيته لفتح المجلس في حال عقد أي جلسة تشاورية أو لقاء.
وأوضحت المصادر أن المبادرة الرئاسية الداخلية تهدف إلى مواكبة المساعي الخارجية لتأمين مخرج لكل القوى للنزول عن الشجرة وتحفظ سيادة الموقف على الأقل، ولفتت إلى أن جدول أصحاب المبادرة مكتظ بلقاءات مع جميع القوى في مجلس النواب ودعوتهم لتكليف من يمثلهم في لقاء تشاوري في المجلس لا يرأسه أحد.
إلا أن مصدرًا دبلوماسيًا مطلعًا لفت لـ"البناء" إلى أن "الظروف المحلية والإقليمية والدولية غير ناضجة لإنتاج تسوية رئاسية في الوقت الراهن على الرغم من الجهود الدبلوماسية الخماسية"، ووضع المصدر حراك الخماسية في إطار ملء الوقت وتهيئة الأرضية السياسية والتمهيد لأي تسوية رئاسية عندما تحين ظروفها الداخلية والخارجية، موضحًا أن أي تسوية يجب أن تبدأ بتحالفات بين الكتل النيابية والسياسية اللبنانية وبانفراجات في جبهات الحرب القائمة في غزّة والمنطقة وحوارات بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة على الساحة اللبنانية لا سيما بين الأميركيين والإيرانيين. مضيفًا أن أغلب القوى الداخلية والخارجية لا مصلحة لها بانتخاب الرئيس بسبب تباعد المصالح بين القوى اللبنانيّة، والاشتباك بين القوى الإقليمية.
ويتردّد في الأوساط الدبلوماسية وفق ما علمت "البناء" أن الوزير السابق سليمان فرنجية لا يزال المرشح الأقوى والأوفر حظًا، وتولدت قناعة لدى مراجع دبلوماسية بأن لا فرصة لتسويق المرشح الثالث لا سيما بعد حرب غزّة والجنوب، وأن فرنجية لن ينسحب من المنازلة، وأن حزب الله لن يتخلى عن مرشحه ولا يمكن أن يتنازل تحت الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية أو تحت ضغط العدوان الإسرائيلي.
وأكّد النائب طوني فرنجيه أنّ "انسحاب رئيس "المرده" غير وارد حتّى هذه الساعة فهو المرشّح الجديّ الوحيد والثابت منذ بداية الشغور حتّى يومنا هذا، وحلفاء فرنجية يتمتّعون بشيمِ الوفاء وهم مستمرون في دعم ترشيحه". واعتبر أنّ "التعويل على اللّجنة الخماسية وحدها لإنتاج رئيس في لبنان غير كافٍ، فالدول المشكورة على سعيها لا يمكنها منفردة أن تملأ الشغور في بعبدا لذلك لا بدّ من مسعى داخلي وحوار صريح بين مختلف الأفرقاء يتمّ خلاله وضع مختلف الهواجس على الطاولة".
على صعيد آخر، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى جلسة حكومية عصر الجمعة المقبل في السراي الكبير، للبحث بمشروع القانون المتعلّق بمعالجة أوضاع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها.
"النهار": "إسرائيل" توسّع بنك الأهداف المدنيّة في لبنان
بدورها، لفتت صحيفة "النهار" إلى أنّ "الاستهدافات الإسرائيلية المتصاعدة للمدنيين اتّخذت في تطوّرات المواجهات الجارية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ابعادا شديدة الخطورة، إذ لم يعد ممكنا تجاهل العامل المتعمد في هذه الاعتداءات سواء كانت تستهدف أفرادا أم مؤسسات بعدما صارت الأهداف المدنية موازية تمامًا للأهداف القتالية. وعززت التطورات الميدانية الجارية في الأيام الأخيرة الانطباعات القاتمة لدى أوساط سياسية وديبلوماسية معنية من ان اخفاق الجهود الديبلوماسية حتّى الآن في التوصل إلى “هدنة رمضان” في غزّة، سيرتد سلبًا ومباشرة على الواقع الميداني الذي يحكم المواجهات المتصاعدة عند الحدود الجنوبية اللبنانية مع "إسرائيل"، علما ان الهامش الزمني الذي لا يزال متاحًا امام هذه الجهود لا يعكس تفاؤلا في إمكان تجاوز العقبات التي تحول دون التهدئة في غزّة وتاليا انسحابها على الجبهات الرديفة واولها وابرزها في جنوب لبنان.
وأشارت إلى تكثيف الرسائل الغربية التي تصل إلى المعنيين في لبنان حيال ضرورة ان يأخذ لبنان الرسمي وحزب الله بجدية قصوى، المعطيات التي تنقل إليهما حيال تعاظم المؤشرات إلى إمكان قيام "إسرائيل" بعملية عسكرية كبيرة في العمق اللبناني بما يوجب في الحد الأقصى الامتناع عن تزويدها الذرائع لدفع لبنان نحو الانزلاق إلى حرب مدمرة شاملة. وكشفت الأوساط نفسها ان تدقيقا عسكريا وديبلوماسيا اجري في الأيام الأخيرة للأهداف التي ضربتها "إسرائيل" في مناطق حدودية وجنوبية قريبة أو بعيدة عن خط المواجهات، اظهر بما لا يقبل شكا بان "إسرائيل" تتبع خطا بيانيا بتوسيع وتكبير بنك الأهداف تباعًا مع استهدافات مدنية متعمدة بما ينبئ بطبيعة الرسائل الاستفزازية التي توجهها، الأمر الذي يضع لبنان في مواجهة بالغة الجدية مع الاحتمالات التي تستبطنها الفترة المقبلة.
وكانت وتيرة المواجهات جنوبًا تصاعدت مع تكثيف الغارات الإسرائيلية التي تسببت باستشهاد امرأة وطفلة وتكثيف عمليات حزب الله في المقابل. وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة استهدفت أم التوت وشيحين، كما استهدف منزلا في حيّ المشاع في بلدة مجدل زون ونقلت سيارات الإسعاف التابعة لكشافة الرسالة الإسلامية إصابة متوسطة جراء الغارة، إلى أحد مستشفيات صور، في ما نقل الدفاع المدني اللبناني إصابة أخرى. على الاثر، افيد عن استشهاد المواطنة خديجة سلمان في العقد الرابع من العمر، والطفلة أمل حسين الدر (5 سنوات) جراء الغارة على البلدة. واستهدفت مدفعية الجيش الإسرائيلي أطراف بلدات علما الشعب والضهيرة والجبين وطير حرفا ومجدل زون في القطاع الغربي جنوبي لبنان. واعلن الجيش الإسرائيليّ “اننا قصفنا بالمدفعية مواقع في عيتا الشعب والضهيرة في جنوب لبنان لإزالة التهديدات”. وكانت سجلّت غارة إسرائيلية فجرًا على جبل صافي بين جزين وجباع. واطلق الجيش الإسرائيلي أيضًا، نيران رشاشاته الثقيلة في اتّجاه جبلي اللبونة والعلام في القطاع الغربي.
في المقابل، اعلن حزب الله انه رد على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية والمنازل المدنية وآخرها في قرى حولا وبليدا وعيتا وكفر كلا والخيم فاستهدف مبنيّين يتموضع فيهما الجنود الإسرائيليون في مستعمرة "أفيفيم" وأيضًا مستعمرة المطلة حيث يتموضع الجنود الإسرائيليون. كما استهدف تموضعًا عسكريًا للجنود في مستعمرة شوميرا واخر في مستعمرة إيفن مناحم وموقع رويسات العلم في مزارع وموقع زبدين وثكنة "زرعيت" ومستوطنة المطلة وتموضعا للجنود فيها وتموضعا للجنود في مستوطنة المطلة للمرة الثانية ورويسات العلم في مزارع شبعا وتموضع للجنود في مستعمرة افيفيم. ومساء اعلن الحزب انه ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمنازل المدنية وخصوصًا الاعتداء على المدنيين في مجدل زون استهدف مستوطنة متسوفا بصواريخ الكاتيوشا، وهي المرة الأولى التي تستهدف فيها هذه المستوطنة.
واحتدمت في مواكبة المواجهات الميدانية المعركة الديبلوماسية. وردا على التهديدات التي أطلقها مندوب "إسرائيل" في الأمم المتحدة، حول نية "إسرائيل" تنفيذ القرار 1701 بالقوّة خلال الأسابيع المقبلة أوضحت بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك في بيان “أن من يقوم بخرق القرار 1701 هي "إسرائيل"، وخروقاتها البرية، البحرية والجوية موثقة لدى مجلس الأمن منذ سنة 2006 وقد تجاوزت الـ 30 الف خرق إضافة للاعتداءات اليومية على القرى الجنوبية اللبنانية، التي أدت إلى قتل عشرات المدنيين، وتهجير عشرات آلاف المواطنين ودفعهم للنزوح عن قراهم، بسبب القصف المركز والغارات اليومية واستعمال المسيرات الهجومية الذكية، وقذائف الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا، والتي أتت على أكثر من مئة الف شجرة زيتون”. أضافت: “أكد لبنان مرارا وتكرارا على لسان كبار المسؤولين بأنه لم يرد يومًا الحرب ولا يسعى إليها اليوم أو مستقبلا وأبدى لبنان التزامه الكامل بالتفاوض والبحث عن حلول سلمية تحفظ حقوقه المشروعة من خلال التطبيق الشامل والمتوازن لمندرجات القرار 1701، وعليه يسأل لبنان ألم يحن الوقت لتعطي "إسرائيل" العقل، والمنطق، والسلام فرصة بدل الاستمرار بسياسة القوّة، والاحتلال، والتهديد، والقتل، والحرب؟ كما يطالب لبنان الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة، بالاخص مجلس الأمن، بإلزام "إسرائيل" بوقف اعتداءاتها وخروقاتها لسيادة لبنان، والبدء بمفاوضات من خلال الأمم المتحدة للالتزام بالقرار 1701 كاملًا، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، بحثا عن الحل السياسي المنشود وحفاظا على السلم والأمن الإقليميين”.
وفد الكونغرس
هذه التطورات حصلت تحت رقابة وفد من الكونغرس الأميركي يزور بيروت للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في تطوّرات الجنوب وملف دعم الجيش اللبناني. والتقى الوفد رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة لا سيما المستجدات السياسية والميدانية على ضوء مواصلة "إسرائيل" لعداونها على قطاع غزّة والقرى والبلدات اللبنانية الجنوبية.
ثم التقى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب الذي “طالب "إسرائيل" بإعطاء السلام فرصة بدلا من استمرارها بسياسة الحرب التي تنتقل من جيل إلى آخر وتزيد الحقد ولا تولد إلا المآسي”. واضاف: “تمويل الأونروا هو في مصلحة لبنان والدول المضيفة والعالم لأنها تفتح الباب للاجئين الفلسطينيين للحلم بمستقبل أفضل من خلال خدماتها التربوية والصحية والإنسانية”. كما التقى الوفد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي جدد دعوته إلى استمرار الدعم الأميركي للجيش لتمكينه من القيام بمهماته.
القطاع العام
بعيدا من هذه الأجواء بدا ان قضية القطاع العام تتّجه نحو تفاقم واسع في ظلّ تداعي المديرين العامين في عدد من الادارات والمؤسسات العامة إلى لقاء طارئ امس وإصدارهم موقفا متشددا “مما آلت إليه امور القطاع العام بأداراته ومؤسساته السياسة غير المسؤولة في التعاطي مع حقوق موظفي وعاملي هذا القطاع”، وخلص اللقاء إلى إعلان “الاعتراض على سياسة الالتفاف على مطالب القطاع العام المحقة واستنكارها، بعد ان وصلت رواتبهم إلى ما يقل عن عشرة بالمئة من قيمتها الحقيقية”. وحذّر المجتمعون “مما يمكن ان تنتّجه هذه السياسة غير المسؤولة على القطاع العام وتشرذمه وتحوله إلى جزر وظيفية لا تخضع إلى ابسط قواعد الانتظام”. ودعوا مجلس الوزراء مجتمعًا إلى “عقد جلسة طارئة واستثنائية في اسرع وقت بهدف تصحيح هذا الخلل الفادح والمجحف بحق القطاع العام جسمًا واحدًا موحدًا، وأن يكون هذا الأمر البند الأول على جدول اعماله واتّخاذ القرارات النافذة التي تؤمن حقوق جميع العاملين من مبدأ “المساواة والعدالة”.